IMLebanon

قلق بالجزائر من تراجع أسعار النفط

OilAlgeria1

ياسين بودهان

توقع خبراء جزائريون لجوء حكومة بلادهم إلى سياسة التقشف بإعادة ترشيد النفقات، والسبب استمرار تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، واعتماد الجزائر بشكل كبير في تمويل موازنتها السنوية على العائدات النفطية.
وكان المدير العام بالنيابة لشركة سوناطراك الجزائرية توقع الأسبوع الماضي -خلال حديثه للإذاعة الرسمية لبلاده- تراجع إيرادات مبيعات النفط والغاز بواقع 5.2% إلى 60 مليار دولار، في حال استقرار أسعار الخام في مستواها الحالي حتى نهاية السنة.

تخوف
ويشكل تراجع أسعار النفط مصدر تخوف للحكومة الجزائرية التي تعتمد بنسبة 95% في تمويل خططها الاقتصادية ومختلف المشاريع الاجتماعية، على العائدات البترولية التي جنبت البلاد أزمات اجتماعية.
ومنذ يونيو/حزيران الماضي، خسر النفط أكثر من 25% من قيمته، ووصل سعر برنت إلى 86.16 دولارا للبرميل، بينما وصل سعر الخام الأميركي الخفيف إلى 82.75 دولارا للبرميل نهاية الأسبوع الماضي.
وخلال اجتماعها منذ يومين في مقر حزب “جيل جديد”، حذرت التنسيقية من أجل الحريات والانتقال الديمقراطي -التي تضم عدة أحزاب وشخصيات سياسية معارضة- في بيان، من “التراجع المخيف لأسعار المحروقات، الذي لم تتنبأ به الحكومة الجزائرية، مما يؤثر -بحسب البيان- سلبا على التوازنات الاقتصادية والأوضاع المعيشية للجزائريين في حال استمرار هذا التراجع، بسبب ارتباط الاقتصادي الجزائري بالمحروقات”.
وكانت وكالة أنباء الأناضول التركية نقلت عن مسؤول كبير في وزارة الطاقة الجزائرية أن الجزائر اتفقت مع الإمارات خلال زيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان للجزائر الخميس الماضي على إقناع الدول الأعضاء لمنظمة أوبك بخفض الإنتاج بمتوسط يومي يصل إلى 1.5 مليون برميل، لوقف انهيار الأسعار في الأسواق العالمية.
وأكد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن بن خالفة للجزيرة نت أن انخفاض أسعار البترول المستمر منذ ثلاثة أشهر أمر يقلق الجزائر، ولفت إلى أن سعر البترول والغاز أصبحت تتحكم به متغيرات سياسية وجيوستراتيجية وأمنية أكثر من المتغيرات الاقتصادية، وهي المتغيرات التي قال إنها “تسببت في انكماش اقتصادي رافقه أزمة طلب في الأسواق الدولية”.

أوبك
لذلك يعتقد بن خالفة أن الجهود التي تبذل على مستوى الأوبك لرفع الأسعار هي جهود غير كافية، لأن هذه المؤسسة التي كانت برأيه جدارا مانعا دون انخفاض الأسعار لم تعد بالقوة التي كانت عليها في التحكم بالأسعار سابقا، كون بعض الدول المؤثرة فيها والتي تحكمها مصالح داخلية وخارجية تسعى للحفاظ على حصتها السوقية أكثر من الحفاظ على السعر.
ورغم تأكيده على أن الجزائر لن تتأثر على المدى القريب من تراجع الأسعار، بسبب امتلاكها مدخرات بالعملة المحلية والأجنبية تكفيها خمس سنوات قادمة، فإنه دعا الحكومة إلى ضرورة ترشيد النفقات، مع عدم استهلاك موازنة السنة القادمة مدخرات السنوات السابقة التي يجب أن توجه للاستثمار، كما يجب على الحكومة أن “تحقق أدنى عجز للموازنة من خلال ترشيد الميزانية ومنحها نجاعة أكثر للإنفاق العمومي”.
واعتبر أن تخفيض الجزائر نسبة اعتمادها على مداخيل النفط من 95% حاليا بنسبة 10% بعد خمس سنوات، أمر لا مفر منه، على أن تصل إلى 80% مطلع 2020. تخوف الجزائر من انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية، وتوجهها للاستثمار في الغاز الصخري، يدل -بحسب الصحفي المختص في الاقتصاد ورئيس تحرير صحيفة المقام عبد النور جحنين- على حالة الاستنفار التي تنتهجها الجزائر لإيجاد بدائل عن البترول.
ولفت جحنين إلى تقديرات خبراء بنفاد الاحتياطي الجزائري من النفط بحلول 2030، وكشف بأن مناقصات التنقيب 131 التي أطلقتها الجزائر منذ عامين لاستكشاف النفط والغاز لم تستقطب سوى أربعة شركات.
ورغم تأكيده أيضا على أن الجزائر في منأى حاليا عن أزمة يسببها تراجع أسعار النفط، كون الحكومة تعتمد سعر 37 دولارا للبرميل كسعر مرجعي في قانون المالية منذ سنوات، لكنه يشير للجزيرة نت إلى أن حجم الاستثمارات المقدرة بـ285 مليار دولار ضمن مخطط 2015-2019 والصناديق الخاصة التي تمولها الدولة والصناديق الخاصة بالحالات الطارئة، ينذر بتأزم مالي خلال سنوات في حال استمرار أسعار النفط في التراجع، مما يؤثر برأيه على القدرة الشرائية للفرد في الجزائر.
إلى جانب ما سبق، كشف جحنين أن فاتورة الواردات قد تفوق 65 مليارا مع نهاية السنة، وهي مرشحة للارتفاع بنحو 20%، بينما تتوقع الحكومة عائدات نفطية بـ60 مليار دولار، مما سيخلف عجزا في تغطية الواردات للصادرات.