IMLebanon

وزير الاقتصاد: نحن في حال طوارئ اقتصادية … وتحذيرات ديبلوماسية بسحب استثمارات أجنبية من لبنان

AlMustakbal
الفونس ديب
رسم وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم صورة سوداوية عن الوضع الاقتصادي ومستقبله في ظل ما يمر به لبنان في هذه الايام، فـ«الاقتصاد اليوم في حال مزرية» و«نحن اليوم في حال طوارئ اقتصادية ومالية»، و«الصمود امده قصير جدا»، منبها الى «اننا لا نستطيع ان نستمر على هذا المنوال». ولم يكتف حكيم باطلاق تحذيراته هذه عن هشاشة الوضع، لا بل انه كشف انه سمع تحذيرا من «أهم السفراء الذين لبلادهم مصالح تجارية مع لبنان، بسحب استثماراتهم من لبنان، وتوجيه الاستثمارات الجديدة الى وجهات اخرى أكثر امانا واستقرارا». كما كشف تراجع الاستثمارات الأجنبية في لبنان بواقع 23 في المئة في هذه المدة.

حكيم، المتفائل عادة في تصريحاته، عدّد الدعائم التي من شأنها اعادة النهوض بالاقتصاد، وهي ثلاثة اساسية: ثقة، واستقرار، واستمرارية، «وهذا غير متوفر الآن في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية، وشلل العملية السياسية»، وبالتالي «طالما ان هذه الدعائم غير متوافرة، فان كل الاصلاحات والمبادرات والأفكار العملية والقانونية وغيرها لن تعطي نتيجة».

وإذ اشاد حكيم بانتاجية الحكومة ودور رئيسها في هذه المرحلة لتأمين الاستمرارية، اشار الى ان «المشكلة موجودة خارج الحكومة، حيث لا وعي ولا مسؤولية تجاه وضع البلد».

وأشار الى مبادرات التي تقوم بها وزارة الاقتصاد لفتح آفاق جديدة امام الاقتصاد الوطني في الخارج، معلنا ان وزارته ستطلق في غضون اسبوعين ميثاقا وطنيا للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

ولفت الى تلقي وزارة الاقتصاد الكثير من الشكاوى حول حصول تزوير في المنتجات، مؤكدا ان المواطن اللبناني لا يبدي اهتماما بكل ما له علاقة بحماية المستهلك، خصوصا ان تنزيل التطبيقات الالكترونية التي اوجدتها الوزارة في هذا الاطار لا يزال محدودا.

كلام وزير الاقتصاد جاء في حديث شامل الى «المستقبل» تناول فيه اوضاع الاقتصاد اللبناني والضغوط التي تتعرض لها القطاعات، والمبادرات التي تقوم بها وزارته لتمرير المرحلة بأقل خسائر ممكنة، فضلا عن قضايا لها علاقة بحماية المستهلك وتزوير المنتجات، وغير ذلك، وهنا نص الحوار:

[ كيف تقوم الوضع الاقتصادي اليوم؟ وما هي ابرز التحديات التي يواجهها؟

– نحن اليوم في حال طوارئ اقتصادية ومالية. وهو امر يبدو جليا في انعكاسه على القطاعات كما على مالية الدولة. فالاستثمارات الخارجية في لبنان هبطت 23 في المئة، في حين تنامى العجز في الموازنة العامة. لكن، من ناحية أخرى، هناك نقاط ايجابية تجعلنا نقول ان الاقتصاد في حال صمود، فمثلاً وضع قطاع السيارات المستوردة لا بأس به مع تحقيق زيادات في مبيعاته. وهو الامر نفسه بالنسبة لقطاع العقارات. كما ان الاستهلاك الداخلي زاد بنسبة 4 في المئة، كذلك لدينا أهم قطاع هو قطاع اللبنانيين العاملين في الخارج والاغتراب الذي يساعد كثيرا في تقوية صمودنا.

[ تحدثت عن الناحية الايجابية، لكن ماذا عن مجمل الوضع الاقتصادي؟

– اتحدث عن ايجابية القطاعات التي تساعد على النمو. وقلت ان الاقتصاد في حال لم نكن نريده أن يكون فيها، وهو في حال مزرية، مقارنة مع السنوات التي كان يحقق فيها 8 أو 9 في المئة نموا، في حين ان معدل النمو في احسن الاحوال يبلغ 1،5 في المئة.

[ أمام هذا الواقع، هل برأيك هناك امكانية للصمود؟

– الصمود أمده قصير جداً، واني اناشد مجددا كما ناشدت في محافل عدة اننا لا نستطيع ان نستمر على هذا المنوال. صحيح ان الاستهلاك زاد 4 في المئة لكنه زاد على المواد الضرورية الأولية والاساسية. وصحيح ان هناك قطاعات تحقق نتائج ايجابية وتساعد على الصمود، لكن في المقابل فان نتائج قطاعات كثيرة سلبية ايضاً. اليوم نحن امام مشكلة حقيقية يجب أن نجد حلا لها، خصوصا ان الاستثمارات الأجنبية في لبنان هبطت 23 في المئة في هذه المدة، وهذا تراجع مهم جداّ لسنة 2014 ويؤثر سلبا في الاقتصاد. بالاضافة الى ذلك، فان انفاق الدولة بدل أن يبقى على المستوى الذي هو عليه، ازداد بشكل كبير. ناهيك عن سلسلة الرتب التي ستزيد الطين بلة.

[ مما يخاف وزير الاقتصاد؟

– اهم دعائم الاقتصاد ثلاث: ثقة، استقرار، استمرارية، وهذه النقاط الثلاث لا يمكن أن تتحقق الا بوجود رئيس جمهورية وبوجود الحلقة السياسية الكاملة: رئيس جمهورية، حكومة، مجلس نواب، انتخابات، قانون انتخابي، اي عندما يكون هناك استمرارية للحكم وللسياسة في لبنان. وطالما هذا ليس موجودا فكل الاصلاحات وكل المبادرات والأفكار العملية والقانونية وغيرها لن تعطي نتيجة.

[ هل اقتربنا من انهيار اقتصادي؟

– اخاف من انهيار الوضع السياسي، أخاف الانهيار على الصعيد استمرارية الحكم، على صعيد الفراغ. فنحن منذ 155 يوما من دون رئيس جمهورية وما زلنا نتلهى بأخبار التلفزيون وبموضوع حماية المستهلك.

[ هل راضون عن اداء الحكومة؟

– دائماً كنت اقول ان الرئيس تمام سلام رجل الحكمة والساعة، واستطيع ان أؤكد ان هذا الكلام صحيح ولم يكن مجاملة وكثير من الناس أكدوا لي هذا الكلام، لكن أقول امرا واحدا انه من حظ البلد في هكذا مرحلة ان يكون هذا الرجل على رأس الحكومة. أما من ناحية الحكومة، اقول ان هناك جهودا جبارة تحصل داخل الحكومة لإبقائها متوافقة ومتناغمة.

[ لكن الاجتماعات تستغرق حوالى 8 ساعات؟

– حقيقة انا ضد هذا الموضوع، فأنا رجل مهني واتيت من القطاع الخاص ولا افهم ان يدوم الاجتماع 8 ساعات.

[ المهم هل هذه الاجتماعات منتجة؟

– أكيد توجد انتاجية لأنه كل اجتماع ننجز بين 40 و50 بندا، ويبقى بعض البنود تؤجل وهذا يحبطني. لكن في كل الاحوال انتاجية اجتماعات مجلس الوزراء يجب أن تكون أعلى، ونتمنى أن يكون وقتها محددا بساعتين أو ثلاث ساعات، على ان نبدأ بالبنود وننتهي بالمواضيع السياسية، كما يفعل الرئيس سلام حاليا. لكن كنجاح هذه الحكومة اقول بكل تواضع ليس هناك نجاح انما ثقة واستمرارية.

[ برأيك هل هناك وعي لدقة الوضع الاقتصادي؟

– أؤكد أمرا واحدا، من ناحية الحكومة ومسؤولياتها وتعاونها وتكاتفها هو كامل، لكن المشكلة موجودة خارج الحكومة، ولا يوجد وعي ولا مسؤولية تجاه وضع البلد، وأنا أؤكد كلامي.

[ ماذا عن سمعة لبنان الاقتصادية خارجيا؟

– من خلال علاقتي مع عدد من السفراء لا سيما أهم السفراء الذين لبلادهم مصالح تجارية مع لبنان، سمعت تلميحات بوجود تلويح ضمني بسحب استثماراتهم من لبنان، وتوجيه الاستثمارات الجديدة الى وجهات جديدة (اي دول اخرى) أكثر امانا واستقرارا. فما من شيء يشجعهم كي يستثمروا في هذا البلد في ظل عدم وجود توافق سياسي وفراغ في مؤسسات الدولة.

[ هل من اجراءات تقومون بها لترميم هذا الوضع ولتقوية صمود الاقتصاد؟

– بالتأكيد، بدأنا بالديبلوماسية الاقتصادية، ثم وقعنا اتفاقيات مع بلدان عدة وفتحنا الأبواب مع بلدان اخرى، ان كان مع أميركا اللاتينية وافريقيا واليوم روسيا بمساعدة غرفة التجارة والصناعة والزراعة وبالتنسيق مع رئيسها محمد شقير، ونحاول اليوم الوصول الى دول غير تقليدية في أوروبا كبلجيكا وهولندا ورومانيا وهذا ايضاً بالتعاون مع غرفة التجارة وبالتنسيق نوعا ما مع وزارة الخارجية.

[ وماذا عن الداخل؟

– الوزارة تعمل حاليا على اطلاق ميثاق وطني للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقد انجزنا المشروع وسيتم اطلاقه خلال اسبوعين. ويهدف الى تعريف المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ووضع خطة شاملة لتحسين وضع الموجودة والبالغ عددها 67 ألف مؤسسة وكيفية التعاطي معها، بالاضافة الى تسهيل انشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة جديدة.

الموضوع الثاني الذي نعمل عليه، هو عقد مؤتمر وطني يضم جميع الافرقاء للتوصل الى ميثاق شرف اقتصادي. وفي هذا الاطار احاول ان اميّز بين الميثاق السياسي والميثاق الاقتصادي، فالميثاق السياسي بصراحة عندما يحصل لا يدوم اكثر من 7 اشهر وكلنا نعلم ذلك. انما الميثاق الاقتصادي سنعمل على ديمومته بقناعة كل الاطراف لضمان النهوض بالركائز الاساسية للاقتصاد (الخدمات، الصناعة، والزراعة) من ضمن رؤية خاصة بكل قطاع، لتوفير استقراره واستمراريته والنهوض بالاقتصاد عامة.

[ برأيك الى اي حد فقد لبنان من ميزته الخارجية؟

– بالتأكيد فقدنا الكثير، عندما تنخفض الاستثمارات الخارجية 23 في المئة في لبنان، والسياحة شبه معدومة. هذا دليل انه لا توجد ثقة بالأسواق اللبنانية، فيما السفارات التي لديها مؤسسات رسمية تهتم بالاستثمارات في الخارج، تقول لنا نحن على المدى القريب سوف نفكر بتحويل استثماراتنا الى بلدان أخرى.

[ كم فقد لبنان من تنافسيته مقارنة مع دول المنطقة؟

– بالتأكيد، فقدنا كثيراً على هذا المستوى، لكن على مستوى جودة الانتاج وجودة السلع ما زلنا منافسين بقوة في الداخل والخارج.

[ كثر في الآونة الاخيرة الحديث عن تزوير منتجات، هل تلقيتم مراجعات وشكاوى في هذا الاطار؟

– الحدود اللبنانية اليوم مباحة ولا أحد يعرف من اين يدخل المنتج ويخرج ما يسبب ضغطاً على المنتجات اللبنانية والاستيراد الشرعي، ولدينا الكثير من الشكوى في هذا الموضوع.

[ ماذا عن المؤسسة السورية التي تفتح بشكل غير شرعي؟

– لا جديد في هذا الموضوع، يقولون انه توجد خطة شاملة لمعالجة هذا الموضوع وسوف نرى. وفي السابق اتخذنا اجراءات واقفلنا مؤسسات، لكن اعيد فتحها من خلال اللبنانيين. إذا الموضوع في النهاية يعود الى الحس الوطني لدى كل لبناني.