IMLebanon

نظام الأسد يستفيد من الضربات الجوية ضد “داعش”!

Kobaniii

بعد عدة أشهر من الغارات الجوية التي يقوم بها التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” في سوريا، أظهرت الغارات فشلها في القضاء على البنية القيادية للتنظيم.

أما المدنيون وقوى المعارضة فقد أصيبوا بالإحباط بعد التركيز الضيق للتحالف وقلة التخطيط والفشل الواضح في التدخل الأكبر لحل النزاع السوري الأكبر.

وفي أواخر الشهر الماضي أشار وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى أن الضربات الجوية الأميركية تنقصها الشرعية من دون موافقة من مجلس الأمن، ولكن في تصريحات للإعلام قال أيضاً إنه: “وفي كل الأحوال إن كان هدفهم ضرب داعش، فهذا مسموح.”

ولكن هل يعني هذا التصريح بأن الحكومة السورية تعتبر ضربات التحالف في صالحها للحفاظ على النظام؟ وهل يعد المثل العربي السائد “عدو عدوي هو صديقي” مطبقاً في هذه الحالة؟ وهل تعيشه البلاد على أرض الواقع؟

بشكل مختصر، إن التحالف الدولي يصب حتماً في صالح نظام الأسد، فالضربات الجوية العسكرية للتحالف تساعد على خروج مقاتلي “داعش” من الأراضي التي أحكموا سيطرتهم عليها في شمال سوريا وشرقها.

أما قوى المعارضة الأخرى، مثل الجيش السوري الحر، لن تمتلك القدرة على تحقيق أي مصلحة من هذه الضربات.

ويمكن للجيش السوري أن يكون تأثيراً أكبر بقوته الجوية العسكرية للقضاء على “داعش”، ورغم أن الدول الخليجية قد ترغب بأن يستلم القيادة السورية نظام معارض لداعش، في حال سقوط النظام، إلا أن أميركا وحلفائها الغربيين أوضحوا بأن هذا ليس هدفهم من الحملة العسكرية.

إذ لم تقم قوى التحالف باستهداف أي من القاعدات العسكرية السورية أو البنية التحتية التابعة للنظام، وبهذا فإن الحكومة السورية عثرت على حلفاء لها من أمريكا والغرب والدول العربية إلى جانب حلفائها الأصليين المتمثلين بروسيا وإيران، للعراك ضد أقوى تهديداتهم وأكثرها خطورة؟

ولسخرية القدر، فإن الدول ذاتها التي ساهمت في دعم نشأة “داعش”، تعمل الآن وبقواها العسكرية للقضاء عليه.

وإلى الآن لم ترجح موازين القوى بعد بين أي من الطرفين سواء لصالح كفة الحكومة أو حتى لكفة جماعات المعارضة.

ورغم أنه تم العمل على إبعاد “داعش” من بعض المناطق، إلا أن التنظيم تقدم في مناطق أخرى، فالتقدم الذي حققته قوى الحكومة في حلب، قوبل بقلة المصادر التي امتلكتها الحكومة لاستغلال الضربات الجوية كلياً، إذ يجب على الأسد استراتيجياً التفكير بأن يكون هدفه الأساسي إحكام حكومته السيطرة على المدن الرئيسية في البلاد.

معاناة المدنيين

وبشكل أساسي، فإن التحالف الدولي ضد “داعش” ساعد في تحويل الاهتمام بالنزاع القائم بين الحكومة السورية وبين الجماعات المعارضة المسلحة، وأثر ذلك النزاع على المدنيين.

إذ أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، عن تسبب ضربات النظام السوري بمقتل 221 مدنياً، وأن النظام “يستغل تركيز الإعلام على داعش وعلى منطقة عين العرب أو كوباني.”

وقد يتساءل المدنيون السوريون عن سبب التدخل الحاسم للمجتمع الدولي ضد “داعش” بعد تجاهل العنف الذي تسبب به النظام السوري، وعلى مر سنوات، بقتل أكثر من 190 ألف شخص وتهجير أكثر من 3.2 مليون لاجئ.

التدخل العسكري لا يقوم بتخفيف الأضرار على الشعب السوري، والضربات الجوية تأتي بتبعات، وأعداد الضحايا المدنيين في تزايد، مما يدفع بصرخة محلية ضد التدخل العسكري ضد “داعش”.

التعامل مع المرض

البعض ينتقد التحالف بعدم تدخله بالمرض وبالأساس الذي مهد لوقوع الحرب، بل شبه تعامل التحالف بها كمن يحاول علاج أعراض المرض دون المساس بأسبابه.

وعلى المدى الطويل ستتوسع عمليات التحالف ضد داعش في سوريا، وعلى الأرجح ستعمل على زيادة مستوى النزاع القائم في البلاد.

ومن غير المرجح أن تتغير خطط الهجوم لاستهداف أي قواعد عسكرية تابعة للنظام السوري، لأن في ذلك العديد من المخاطر الإقليمية والدولية، لكن قد يعمل التحالف على تحسين قدرات المعارضين العسكرية وتخطيطهم الاستراتيجي بتدريبهم تدريجياً، لكن حجم الاختلاف في موازين القوى بين المعارضة والحكومة السورية سيظل على ما هو عليه، كما أن اللاعبين المحليين والإقليميين والعالميين والجهات غير الدولية سيعملون على تحقيق مصالحهم الخاصة.

وفي خضم عدم الاستقرار والتنافس في تحقيق المصالح، ستبقى البيئة في سوريا صالحة لزراعة المزيد من التشدد الديني والتجييش، لتكتب النهاية ذاتها بالمزيد من الضحايا المدنيين.

وفي النهاية، فإن كلاً من نظام الأسد و”داعش” سيحققان مصلحتهما من الضربات العسكرية الجوية، وسيعملان على تحقيق مصالحهما السياسية في ظلها.

وبهذا يمكن أن نسمي إخفاق استراتيجية محدودة قصيرة المدى لمكافحة الإرهاب في الأخذ بعين الاعتبار الطبقات المتعددة للنزاع السوري، فشلاً.