IMLebanon

القواعد القانونية والمالية والتقنية للنظام البترولي في لبنان

PetrolLebanon
أعدّت هيئة إدارة قطاع البترول، المنشأة بموجب قانون الموارد البترولية في المياه البحرية الرقم 131، ورقة تشرح فيها الأنظمة والقواعد المتعلّقة بالأنشطة البترولية وتجيب عن أبرز الأسئلة المتصلة بها، ولا سيما لجهة حصة الدولة الإجمالية

تشرح هيئة إدارة قطاع البترول، في ورقة أعدّتها لـ»الأخبار»، أبرز القواعد القانونية والمالية والتقنية للنظام البترولي الذي اعتُمد في لبنان. في ما يأتي أبرز النقاط الواردة فيها:
الإتاوة المعتمدة

في نموذج الاتفاقية

تبلغ الإتاوة المعتمدة في مشروع مرسوم نموذج اتفاقية الاستكشاف والإنتاج 4% على الغاز الطبيعي ومن 5 إلى 12% على النفط، تبعاً للنظام التعاقدي المبني على تقاسم الإنتاج، والذي يختلف عن نظام الامتياز، ويفرض إتاوة وضرائب على الشركات. ترتكز الإتاوة على كميّة الإنتاج أو إجمالي العائدات وتؤمّن تدفُّق العائدات للدولة في مراحل الإنتاج الأولى قبل استرداد الشركات للتكاليف التي تكبدتها. ومن المتعارف عليه أن الإتاوة على الغاز تكون ثابتة لأن إنتاج الغاز من الحقول يكون عادة مرتبطاً باتفاقيات بيع طويلة الأمد، بعكس ما هي الحال بالنسبة إلى إنتاج النفط الذي يتغيّر خلال مدة تنفيذ اتفاقية الاستكشاف والإنتاج.
يجب النظر إلى حصة الدولة المكونة من إتاوة وبترول الربح وضرائب ككل، فارتفاع نسبة الإتاوة يتزامن مع انخفاض حصة الدولة من بترول الربح، والعكس صحيح. وبمقارنة الأنظمة المالية البترولية المطبّقة في 64 دولة، بلغت نسبة معدل الإتاوة المعتمد في اتفاقيات تقاسم الإنتاج 3.4% على الغاز وفي أنظمة الامتيازات 8.9% على الغاز. لا تلحظ معظم اتفاقيات تقاسم الإنتاج أي إتاوة، فمن غير المنطقي اعتماد إتاوة بنسبة 12.5% في النظام المالي اللّبناني، لأن الإتاوات المرتفعة تؤثر سلباً في تطوير الحقول الصغيرة والمتوسطة في المناطق التي تُباشَر فيها الأنشطة البترولية للمرة الأولى وفي غياب البنى التحتية اللازمة لتطوير حقول الغاز، ما قد يُسهم في تقليص حصة الدولة بشكل دراماتيكي.

حصة الشركة وحصة الدولة

لا يمكن اعتبار أن بترول الربح يأتي بعد الإتاوة من حيث الأهمية، إذ إنه المكون الأساسي لاتفاقية الاستكشاف والانتاج؛ ويبين مشروع مرسوم دفتر الشروط أن الدولة اللبنانية اعتمدت قاعدة التنافس بين الشركات عبر المزايدة التي بنتيجتها تُحدَّد حصة الدولة وحصة الشركة. لم يجرِ تحديد الحد الأدنى المقبول والمعقول لحصة الدولة قبل المزايدة، لأن الأمر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحجم المكامن في رقعة معينة، وبمقارنة الحصة المعروضة من الشركات في المزايدة للدولة، ليقرر مجلس الوزراء تلزيم الرقعة البحرية أو عدمه، ليس بناءً على ذلك فقط، بل أيضاً على العرض التقني الذي يجب أن يتضمن حفر آبار استكشافية وموجبات الحد الأدنى للعمل، بالإضافة الى اعتبارات جيوستراتيجية مرتبطة بما يحصل في الجوار من أنشطة بترولية مماثلة.

تنص المادة 35 من نموذج الاتفاقية على أنّه «يجب أن تبقى هذه الاتفاقية وجميع المعلومات سرية»

نصّت المادة 77 من المرسوم 10289/2013 على وجوب «تقاسم بترول الربح بين الدولة وأصحاب الحقوق وفق مقياس يتغيّر بحسب تغيّر العامل – ر(R Factor) الذي يرتبط بالتدفقات النقدية الواردة التراكمية فصلياً والنفقات الرأسمالية التراكمية فصلياً». وبالتالي يُعتبر النظام المالي المعتمد تصاعدياً، فكلما ارتفعت أسعار البترول أو ازداد الإنتاج أو انخفضت تكاليف الاستكشاف والتطوير والإنتاج، كبرت حصة الدولة من بترول الربح. حصرت هيئة إدارة قطاع البترول عدد العناصر الخاضعة للمزايدة بعنصرَي سقف استرداد بترول الكلفة وتقاسم بترول الربح بين الدولة والشركة بالاستناد الى العامل- ر، وذلك بهدف تحصيل الحصة الأكبر من عائدات البترول، كذلك إن جعل سقف استرداد التكاليف عامل مزايدة يمكّن الدولة من الاستحصال على حصة أكبر من بترول الربح بالإضافة إلى الإتاوة منذ بدء الإنتاج.
إعفاء الشركات من بعض الضرائب

لم يُصدر مجلس النواب قانوناً خاصاً بالضريبة على الأنشطة البترولية ينص على إعفاء الشركات من بعض الضرائب المتوجبة عليها كمستثمر، لكن وُضعت مسودة لقانون ضريبي يتعلق بالأنشطة البترولية بعد إجراء دراسة مقارنة مع الأنظمة الضريبية البترولية المعتمدة في ثماني دول هي قبرص ومصر وفلسطين المحتلّة «إسرائيل» وليبيا والموزامبيق ونيجيريا وتنزانيا وترينداد وتوباغو.
لا تجوز مقارنة النظام البترولي اللبناني بأنظمة فلسطين المحتلة والغابون والأرجنتين والجزائر وأنغولا والنروج، لأن الارجنتين والنروج وفلسطين المحتلة لديها أنظمة امتياز، وليس لدى الجزائر بترول ربح بل علاوات Bonuses قابلة للتفاوض وإتاوات وضرائب؛ وجرى خفض الضريبة في أنغولا من 50 إلى 35% في عام 2012، وذلك لتحفيز الاستثمارات. وفي حال إقرار مجلس النواب بعض الإعفاءات الضريبية للشركات، فإن قيمة هذه الإعفاءات ستنعكس زيادة في حصة الدولة من بترول الربح.

مبدأ الاستقرار الضريبي

تنص المادة 28 من نموذج الاتفاقية على مبدأ الاستقرار الضريبي الذي اعتُمد ليس بهدف ضمان ضرائب منخفضة للشركات، بل لضمان الاستقرار الضريبي؛ فالشركات تبني عروضها للمزايدة على معدل الضريبة المعتمد في تاريخ المزايدة، وأي زيادة للضريبة خلال المراحل اللاحقة للتلزيم ستؤثر حكماً في حصة الشركات من الأنشطة البترولية، فقد تعمد الأخيرة الى الانسحاب واللجوء الى إجراءات التحكيم إذا ما اعتبرت أنه لم يعد هناك جدوى اقتصادية لاستثماراتها!

مراقبة الأنشطة البترولية

تحدد أحكام الملحق (D) المرفق باتفاقية الاستكشاف والإنتاج وعنوانه «الإجراءات المحاسبية والمالية للأنشطة البترولية» أصول مراقبة التكاليف الرأسمالية والتشغيلية التي تتكبدها الشركات في كافة مراحل الاستكشاف والتطوير. على الشركات بموجب الاتفاقية تقديم تقرير مفصّل شهرياً وفصلياً وسنوياً إلى هيئة إدارة قطاع البترول، مع تقارير سنوية مصدقة من شركات تدقيق عالمية، ويعود للدولة الحق في تدقيق حسابات الشركات في أي وقت من الأوقات؛ ويجب أيضاً أخذ موافقة الدولة المسبقة قبل التوقيع على عقود توريد السلع والخدمات التي تفوق قيمتها مبالغ معينة، بما في ذلك عقودها مع شركاتها المترابطة.
المشاركة بالأنشطة البترولية

وإنشاء شركة وطنية

نصّت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون 132/2010 على أنّه «يمكن عند الاقتضاء، وبعد التحقق من وجود فرص تجارية واعدة، إنشاء شركة بترول وطنية بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير بالاستناد الى رأي الهيئة». لم يستبعد المشترع إمكانية إنشاء هذه الشركة، إلا أنه توخى ضرورة تحقيق اكتشافات بترولية قبل إنشائها، وذلك لعدم تحميل الدولة اللبنانية تكاليف باهظة قبل تسجيل اكتشافات تجارية، علماً أن دور الشركة الوطنية هو دور تجاري بحت، في حين أن دور الهيئة إداري ورقابي، وهي صاحبة الرأي التقني الذي ترفعه إلى وزير الطاقة والمياه.

دور الوزير والهيئة في لجنة الإدارة

تنص المادة 16 من الاتفاقية بعنوان لجنة الإدارة على أنّ «للوزير وهيئة إدارة قطاع البترول تعيين ممثلين يكون لهم الحق في الحضور كمراقبين في اي اجتماع للجنة الإدارة وأية لجنة فرعية تمّ إنشاؤها من أجل الأنشطة البترولية. على المشغل أن يرسل الى هيئة إدارة قطاع البترول نسخاً عن جميع الإشعارات والمستندات والمعلومات والمحاضر المتعلقة بهذه الاجتماعات. تقتصر عضوية المراقبين المعينين على حق المراقبة فقط»، وذلك في حال عدم ممارسة الدولة حقها بالمشاركة في الأنشطة البترولية، أمّا اذا مارست ذلك الحق، فتتمتع بعضوية لجنة الإدارة مع حق التصويت كأي صاحب حق. أما ما جاء في الفقرة السابعة من المادة 16 حول أن الوزير والهيئة لا يحق لهما حضور اجتماعات اللجان، فذلك ينطبق فقط على الاجتماعات بين أصحاب الحقوق المخصصة لأهداف وضع خطة للأنشطة، ويحق للوزير والهيئة مراجعة التقارير التي ترفعها هذه اللجان الى لجنة الإدارة(!).
هل اتفاقية الاستكشاف

والإنتاج سرية؟

تنص المادة 35 من نموذج الاتفاقية على أنّه «يجب أن تبقى هذه الاتفاقية وجميع المعلومات والبيانات والتحليلات والتفسيرات التي تم جمعها والحصول عليها والمتعلقة بالأنشطة البترولية أو الناتجة منها بموجب هذه الاتفاقية سرية ولا يجوز إفشاؤها أو نقلها من قبل أصحاب الحقوق الحالي الى أي شخص ثالث من دون الموافقة المسبقة الخطية للوزير بناءً على توصية هيئة إدارة قطاع البترول». وتنص الفقرة الثانية من المادة 35 أنه «على الدولة أن تُحافظ على سرية جميع المعلومات ذات الطبيعة التجارية السرية (كصيغ التسعير)، وأن لا تقوم بإفشاء هذه المعلومات الى أي طرف ثالث دون موافقة صاحب الحق أو أصحاب الحقوق المعنيين، وكذلك جميع المعلومات المتعلّقة بملكية التكنولوجيا أو بالملكية الفكرية العائدة لصاحب الحق أو للشركات المرتبطة به، وذلك في كل حالة من الحالات التي يجري عرضها على الدولة في ما يتعلّق بالأنشطة البترولية».
تُلزم المادة 35 أصحاب الحقوق بالسرية لاعتبارات تقنية، ولأن المعلومات التي تحصل عليها الشركات تُعتبر ملكاً صرفاً للدولة اللبنانية، فيما سيُنشر نموذج الاتفاقية في الجريدة الرسمية قبل التلزيم، وستكون أسماء الفائزين بالاتفاقية معروفة وكذلك حصة الدولة وحصة الشركات من الأنشطة البترولية؛ كذلك إن الرخص البترولية العائدة لأصحاب الحقوق ستُسّجل لدى السجل البترولي الذي يُعتبر وسيلة نشر أيضاً.

انعكاس معدل الإتاوة المقترح على حصة الدولة

قد لا يكون تحديد الأرقام قبل البدء بالاستكشاف دقيقاً، أو قد يُعطي نتائج خاطئة، لأن العوامل في عملية الاحتساب متغيرة ومبنية على فرضيات، ومن هذه العوامل كلفة الاستكشاف وأحجام المكامن المقدّرة والتكاليف الرأسمالية والتشغيلية وأسعار الغاز في الأسواق وحصّة الدولة والشركات. وقد أجرت الهيئة محاكاة عبر استخدامها نموذجاً اقتصادياً لتحديد حصة الدولة الإجمالية من الأنشطة البترولية، وذلك عند زيادة معدّل الإتاوة من 4% إلى 12%، فتبين أن ذلك سيؤدي إلى نقصان حصة الدولة من بترول الربح، ونقصان الحصة الإجمالية للدولة في المحصلة.
(هيئة إدارة قطاع البترول)