IMLebanon

أنظمة «الدفع» اللبنانية وتطوّر البطاقات المصرفية المتداولة في لبنان

MoneyATM
عصام شلهوب

شهدت أنظمة الدفع اللبنانية، والمترافقة مع التشريعات والقرارات المتعلقة بأدوات الدفع والمقاصة والتسويات تطورات مهمة ومتسارعة:
1- الأوراق النقدية في التداول: ففي نهاية تموز 2014، ارتفعت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع بالليرة وبالعملات الاجنبية إلى ما يوازي 174240 مليار ليرة، مقابل 173314 مليار ليرة في نهاية الشهر الذي سبق و167571 مليار ليرة في نهاية العام 2013 (161796 مليار ليرة في نهاية تموز 2013)، وبذلك تكون الكتلة النقدية الاجمالية قد ارتفعت بنسبة 4.0٪ في الأشهر السبعة الأولى من العام 2014 مقابل ارتفاعها بنسبة أدنى بلغت 3.3٪ في الفترة ذاتها من العام 2013. وفي الأشهر السبعة الأولى من العام 2014، ارتفعت الكتلة النقدية بالليرة بمفهومها الضيق (م1) بنسبة 6.9٪ في حين ارتفعت الكتلة النقدية بمفهومها الواسع (م2) بنسبة 3.7٪.
هذه المؤشرات تدل إلى تراجع أهمية اعتماد الدفع المباشر بواسطة النقد مقابل الوسائل الأخرى كالشيكات والبطاقات المصرفية وقد ساهمت في ذلك عوامل عدة منها: الثقة بالقطاع المصرفي وبالسلطات المصرفية، زيادة استخدام البطاقات المصرفية للقيام بالمدفوعات والسحوبات.
2- الشيكات المتقاصة: لا يزال الشيك الوسيلة التقليدية بامتياز المستعملة في لبنان للقيام بالمشتريات إذ بلغت قيمة الشيكات المتاقصة في تموز 2014 ما يعادل 6148 مليون دولار مقابل 6325 مليون دولار في الشهر الذي سبق و6451 مليون دولار في تموز 2013. وقد ارتفعت قيمة الشيكات المتقاصة بنسبة 2.8٪ في الاشهر السبعة الاولى من العام 2014 بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2013.
3- الشبكات: منذ سنوات عدة عرفت أجهزة الصراف الآلي ATM في لبنان توسعاً واضحاً وإضافياً، وذلك في مختلف المناطق اللبنانية، فارتفع عددها من 1140 جهازاً في نهاية العام 2008 إلى 1326 جهازاَ في نهاية العام 2011 فإلى 1016 جهازاً في نهاية العام 2013، بمعدل وسطي سنوي بلغ 6.8٪ في السنوات العشر 2004-2013 ليتراجع المعدل قليلاً إلى 5.9٪ إذا اعتمدنا السنوات الخمس 2009-2013.
وقد أدى ذلك إلى ارتفاع واضح وتدريجي لمتوسط عدد اجهزة الصراف الالي في لبنان لكي مليون شخص، بحسب التقديرات ليصل إلى حوالى 361 جهازاً في العام 2013، لكنه لا يزال أدنى من المستوى المحقق في غالبية البلدان المتقدمة.
4- بطاقات الدفع والائتمان: وصل العدد الاجمالي لبطاقات الدفع المصرفية المتداولة إلى 2.183.996 بطاقة في نهاية العام 2013. وفي نهاية العام 2013، كان المقيمون يحملون 95.4٪ من إجمالي عدد البطاقات، مقابل 4.6٪ من غير المقيمين.
وتتوزع البطاقات المتداولة في لبنان على أربعة أنواع هي: بطاقات الائتمان، بطاقات الدفع الفوري، بطاقات الدفع لأجل والبطاقات المدفوعة سلفاً.
5- حركة السحوبات والمدفوعات النقدية:
من ناحية أخرى، تُشير المعطيات المتوافرة إلى أن البطاقات تستخدم للقيام بالسحوبات النقدية عبر أجهزة الصرّاف الآلي أو صناديق المصارف أكثر منه لدفع المشتريات بواسطتها مباشرة.
ويرتبط ذلك جزئياً بتقاليد المجتمع اللبناني، حيث لا يزال هناك تفضيل أو اتجاه للدفع نقداً أو بواسطة الشيك. فالشيك لا يزال مستخدماً بشكل رئيسي في لبنان لسداد ثمن المشتريات، لا سيما الكبيرة منها، إذ بلغت القيمة الإجمالية للشيكات المتقاصة أكثر من 72 مليار دولار أميركي في العام 2013 (كما في العام 2011) مقابل 1.7 مليار دولار لقيمة المشتريات المدفوعة بواسطة البطاقات في العام 2011، حسب آخر المعطيات المتوافرة على هذا الصعيد. كما يفضل اللبناني الدفع نقداً (Cash)، خصوصاً إذا كانت قيمة المشتريات صغيرة نسبياً. وقد شكلت حصة الأموال المسحوبة من الصرّاف الآلي حوالى 77٪ من القيمة الإجمالية للأموال المسحوبة وللمشتريات التي تمت بواسطة البطاقات داخل لبنان في العام 2011 (آخر المعطيات المتوافرة)، مسجلة تراجعاً من حوالى 83٪ في العام 2006 و86٪ في العام 2003، ما يُشير بوجه عام إلى أن التطور الأكبر في السنوات الماضية جاء لناحية استعمال بطاقات الدفع كأداة للقيام بالمشتريات أكثر منها كاداة لسحب النقد، وهذا أمر إيجابي.
ومن المتوقع أن تشهد عملية الدفع بواسطة البطاقات تطوراً ايجابياً في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن أجهزة نقاط البيع في ازدياد مستمر، وأن هذه المدفوعات لا ترتب أية عمولات على حامل البطاقة (سوى عمولات القطع في بعض الحالات)، وهي طريقة سهلة وآمنة للدفع بدل حمل المال، كما انها طريقة مضمونة بالنسبة إلى التجار لتحصيل اموالهم، بعكس الشيكات أحياناً، علاوة على دخول مفهوم الدفع بواسطة البطاقة أكثر فأكثر في الحياة اليومية لدى الأفراد والمؤسسات.
في ما يتعلق بحصة السحوبات النقدية للمقيمين بالليرة، فقد بلغت حوالى 67٪، في كل من العامين 2011 و2010 (آخر المعطيات المتوافرة)، ما يُشير إلى أن الليرة تُستخدم كعملة رئيسية في الدفع النقدي (cash).
اما بخصوص حصّة المدفوعات بالليرة من إجمالي المدفوعات التي يجريها المقيمون في لبنان بواسطة البطاقات، فهي تُعتبر متدنية ولا تزال بحدود 11 و13٪. وهذا يدل على أن اللبناني يفضل الدفع بالعملات الأجنبية أكثر منه بالليرة عند القيام بمشترياته بواسطة البطاقات (كما هي الحال عند الدفع بواسطة الشيك). وهذا مرتبط بعوامل عدّة، منها أن معظم بطاقات الائتمان – المستخدمة غالباً للدفع وليس للسحب النقدي – تُمنح عادة بالدولار، علاوة على معدل الدولرة المرتفع لحسابات الشيكات والحسابات الجارية للمقيمين (بحدود الـ80٪)، ما يرتب عليها فروقات قطع في حال تمّ الدفع بالليرة، مع العلم أن الدولار ما زال عملة المدفوعات الكبيرة نسبياً، إذ يتم التسعير في السوق بالدولار الأميركي.
لا يزال النقد الورقي cash يُستخدم كأداة دفع رئيسية في لبنان، وبخاصة في المبادلات ذات القيمة الصغيرة نسبياً، ويُعتبر الشيك، من جهته، الوسيلة الرئيسية المستخدمة في المدفوعات غير النقدية cashless (نعني بذلك الدفع بواسطة الشيك والبطاقات). اما بطاقات الدفع، وعلى الرغم من تطورها الجيد واتساع نطاق الترويج لها في السنوات السابقة، فهي تبقى ضئيلة الانتشار في لبنان عند المقارنة مع واقعها في الدول المتقدمة. لذلك، من المتوقع أن تشهد السنوات المقبلة مزيداً من النمو في مجال عدد بطاقات الائتمان وبطاقات الدفع الفوري المتداولة، وايضاً وبخاصة في مجال ازدياد عمليات الدفع بواسطة هذه البطاقات على حساب الدفع نقداً أو بواسطة الشيك.