IMLebanon

معادلة جديدة في أسواق صيدا.. استبدال العامل اللبناني بإثنين من السوريين

SaidaMarkets
ثريا حسن زعيتر

واحد بإثنين… معادلة جديدة في سوق العمل اللبناني، حيث أصبح استبدال كل عامل لبناني بإثنين من السوريين، إذ لم يعد النزوح السوري القسري يُرخي بتداعياته السياسية والأمنية والإغاثية على مختلف أوجه الحياة اللبنانية نتيجة طول أمد الأزمة السورية، وإنّما تحوّل إلى عبء إجتماعي وإقتصادي مع تزايد نسبة البطالة بين اللبنانيين، والسبب استبدالهم بعمّال سوريين بأجرٍ أقل ودوام أكثر…
والمصيبة أنّ كثيراً من أرباب العمل يطردون العمّال اللبنانيين من شركات ومؤسّسات كبيرة، ليحل السوريون مكانهم، إنّما بسعر أقل، كون العمّال السوريون – لا سيما النازحون منهم – على استعداد للقبول بأي أجر، وإنْ لساعات دوام طويلة… وبعيداً عن العنصرية، والاتهامات باللاإنسانية وعدم الشعور بالآخر، لا يسع اللبناني إلا التململ من تدفّق العمّال السوريين، كونهم باتوا يأخذون من دربهم الكثير، وخاصة لقمة عيشهم، وهم الذين يعانون من الضيق الاقتصادي أصلاً… واللبناني لطالما عانى من أزمة بطالة دفعت بشبابه إلى الهجرة حيث كان ثلث الشباب اللبناني عاطلاً عن العمل قبل تدفّق اللاجئين السوريين… فما بالك باليوم؟…
ففي الماضي، كان الكثيرون يدافعون عن العمالة السورية الكثيفة بالقول بأنّهم يعملون في مهن يمتنع اللبنانيون عنها، لا سيما عمّال البناء والتنظيفات والزراعة وغيرها، لكن اليوم لم يعد لمهن النازحين السوريين إطار مُعيّن، وباتوا يزاحمون اللبنانيين للعمل كموظّفين في الـ «سوبر ماركت» أو كنادلٍ في مطاعم ومقاهٍ راقية، أو في محال ألبسة وإكسسوارات ومراكز تجميل ومصانع وغيرها…
«لـواء صيدا والجنوب» جال في أسواق صيدا، وعاين هذه الظاهرة على أرض الواقع بين ظلم العامل اللبناني وتشغيل العامل السوري مقابله، وسمع صرخة المواطن اللبناني الذي يحمّل الدولة اللبنانية مسؤوليتها…

طرد… وبحث
وأنتَ تمشي في مدينة صيدا تشعر وكأنّك في سوريا، فالكثير من المحلات استبدلت موظّفيها اللبنانيين بالسوريين، وتستغرب وأنتَ تتحدّث مع الباعة في المحلات باللهجة، لقد أصبحت اللهجة السورية طاغية بالسوق… ولكن ماذا يفعل اللبناني؟ ومن أين يؤمِّن قوت يوم عائلته؟، فيما هناك فلتان في عمليات التوظيف في كافة القطاعات، الصناعة والزراعة وشركات وباعة ثياب وورشات نجارة.. فمَنْ المسؤول عن هذه الفوضى؟
{ الشابة (زينة ض.) إبنة 28 عاماً تبحث عن عمل بعدما استبدلها رب عملها بأخرى سورية، تقول: «كل يوم أقوم بجولة على المكاتب وللأسف أعود أدراجي خائبة، كنتُ أعمل سكرتيرة في شركة، وفجأة قال لي رب عملي بأنّ الوضع صعب، ويريد أنْ يوفّر معاشي لأولاده، وكنت متجاوبة معه، ولكن للأسف وظّف مكاني نازحة سورية، وكأنّ السوريين ليست لديهم مساعدات ومونة، نحن نشعر بهم وبغربتهم، ولكن كل شيء مؤمّن لهم ونحن من يؤمّن لنا قوت يومنا؟!».
وتضيف: «نحن في لبنان فتحنا لهم بيوتنا، ووفّرنا لهم الرعاية الكريمة، ولكن هم بدأوا يأخذون رزقتنا من بلدنا، هم يعملون ونحن عاطلون، ما هو الحل أين وزارة العمل، إذا نحن كنّا في سوريا هل نقدر أنْ نعمل أو نفتح محلاً هناك؟».
اختيار وظلم
في العادة، يتوجّب على صاحب المحل أنْ يقترح على الموظف اللبناني أنْ يخفّض أجره إلى حد كبير، وعندما يرفض يهدّده بإمكانية استقدام عامل سوري ليعمل مكانه وبدوام أطول، عندها عليه الاختيار بين البقاء في العمل وتحمّل الحصول على راتب متدنٍّ للغاية، وترك العمل ليرى العامل السوري يحل محلّه في غضون دقائق، كون الأخير بحاجة ماسّة إلى العمل.
{ وبحسرة تقول (سناء خ.): «لقد خرب بيتي.. فأنا متزوّجة ولديّ طفلين، أعمل أنا وزوجي كي نساعد بعضنا البعض، لكن للأسف أوقفت عن العمل ليُستبدل مكاني بموظفة سورية، وتُعطى معاشاً أقل بكثير ممّا كنت أتقاضاه».
وتتساءل: «هل هذا عدل؟، أين دولتنا التي تحاول أنْ تحافظ على حقوق الأجانب من الخدم خصوصاً، ولا تهتم بنا إنْ أكلنا أو لا؟!، كنتُ في وظيفة في محل للثياب والآن أصبحتُ أبحث عن عمل آخر، لكن للأسف السوريين أخذوا رزقنا ونحن عاطلون عن العمل». والمصيبة لم تتوقّف عند سناء فقط، إنّما هناك أشخاص كثيرون تم تسريبهم من أعمالهم وهم فوق الخمسين من الرجال، وفي أي مجال عملوا…
{ ويقول (أبو يوسف ح.) وهو يُمسِك السيجارة، وينظر إليها علَّ هذا الدخان الأبيض الذي ينبعث منها يحمل معه أخباراً حلوة: «نفِّخ عليها تنجلي.. ولكن من أين؟ لقد أمضيتُ حياتي منذ الصغر وأنا أعمل في ورشة النجارة، والآن توقفت عن العمل بحجّة أنّ المؤسّسة تمرُّ بظروف صعبة من الوضع الاقتصادي، لكن تفاجأت بأنّه تم توظيف شخصين سوريين مكاني». ويضيف أبو يوسف: «ليعطونا كل المساعدات والإعاشات بدل السوريين ونقعد بالمنزل… لقد طفح الكيل فهم لديهم مساعدات وإعاشات، وأيضا يأخذون مساعدات مالية ويريدون أنْ يعملوا مكاننا، فكيف نعيش؟ ومن أين نُطعِم أولادنا؟ هل يريدون منّا أن نسرق؟!»…