IMLebanon

بوتين: الاقتصاد الروسي مستعد لمواجهة موجة جديدة من الأزمات

PutinEconomy
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة 14 نوفمبر/تشرين الثاني، عشية انطلاق قمة “العشرين الكبار” في أستراليا إن روسيا جاهزة لمواجهة موجة جديدة من الأزمات الاقتصادية.

وأضاف الرئيس الروسي خلال مقابلة مع وكالة “تاس” الروسية، إن روسيا مستعدة لـ”فض الختم” عن الاحتياطات المالية في حال تردي المناخ الاقتصادي لكنها لا تنوي إنفاقها بشكل طائش، مؤكدا أن الحكومة الروسية تنظر في مختلف السيناريوهات، بما فيها تراجع حاد لأسعار النفط.

ونوه بوتين إلى أن الحكومة الروسية لن تستثمر الاحتياطات المالية إلا في الحالات التي تأتي بمردود اقتصادي، ولن توجهها لحل القضايا الآنية.

وفيما يتعلق بالعقوبات الغربية المفروضة ضد روسيا، أعرب بوتين عن أمله أن تصبح من الماضي، مشيرا إلى أنها تضر كلا الطرفين وتتعارض مع القانون الدولي، مؤكدا إلى أنه لن يبادر إلى بحث مسألة العقوبات خلال مشاركته في قمة “مجموعة العشرين”.

إليكم نص المقابلة كاملا مع الرئيس فلاديمير بوتين:

سؤال: أنتم ستحضرون قمة مجموعة “العشرين الكبرى” (G20) إلى أي مدى ما يزال هذا الإطار مطلوبا ومهما؟ وإلى أي مدى يعتبر سعي دول مجموعة “العشرين الكبرى” (G20) للتعاون من أجل تطوير الاقتصاد العالمي وفرضها عقوبات على أحد أعضاء هذه المجموعة عملا منطقيا؟

جواب: بالرد على السؤال هل إطار (G20) مطلوب أم لا، أعتقد أن هذا الإطار مطلوب، لأن قمة “العشرين الكبرى” هي ذلك المكان أو تلك الساحة التي يمكن من خلالها اللقاء ومناقشة العلاقات الثنائية أو المشكلات العالمية، والتوصل على الأقل إلى تفاهم مشترك حول مضمون المشكلة وآلية حلها والإشارة إلى طريق العمل المشترك، وهذا هو الأهم، والتعويل على تحقيق كل ما يتم التحدث عنه أمر غير واقعي، أقصد أن قرارات القمة لا تحمل صفة إلزامية، وعلى الأغلب لا تنفذ، وكونها لا تنفذ في هذه الفترة أو تلك وفي هذا المكان أو ذلك فهذا لا يصب في مصلحة أي كان، والحديث يدور هنا، قبل كل شيء، عن مصالح اللاعبين العالميين. ومثال على ذلك اتخذ في إحدى قمم “العشرين الكبرى” (G20) قرار حول تعزيز دور الاقتصادات النامية في نشاط صندوق النقد الدولي وحول إعادة توزيع الحصص، لكن الكونغرس الأمريكي أوقف هذا القرار وانتهى كل شيء. والمتحدثون، أي شركاؤنا، قالوا: إن هذا لمن دواعي سرورنا لقد وقعنا واتخذنا هذا القرار ولكن الكونغرس أوقفه. وهذا مثال على كل القرارات.

وعلى أية حال فإن حقيقة أن مثل هذا القرار قد صيغ، وأن جميع المشاركين في الحياة الدولية ضمن “العشرين الكبرى” (G20) اعتبروا أن ذلك صحيحا وعادلا ويتناسب مع الواقع اليوم، فهذا يهيء، بصورة محددة، الرأي العام الدولي وعقول الخبراء وهذا ينبغي أن يؤخذ بالحسبان. وكذلك حقيقة أن الكونغرس الأمريكي رفض اتخاذ هذا القانون يتحدث عن أن الولايات المتحدة الأمريكية بالتحديد تنأى عن المضمون العام لحلول المشاكل العالقة أمام المجتمع الدولي. ولكن لا أحد يتذكر هذا. وبالاستفادة من الاحتكار لوسائل الإعلام العالمية تخنق هذه الأنباء وكأن شيئا لم يكن.

يتحدث الجميع عن المشكلات الآنية بما في ذلك العقوبات والمشكلات مع روسيا ولكن في حقيقة الأمر وضمن الخطة العالمية فإن الولايات المتحدة الأمريكية لا تنفذ شيئا في هذه الحالة. وهذا أمر أساسي، ولكنه لا ينفذ.

ومع ذلك هذا لا يعني أن هذا الإطار غير نافع، فقد ذكرت السبب، وثمة فوائد منه.

سؤال: أليس من الأفضل إذا أن تكون هذه القرارات إلزامية؟

جواب: هذا غير ممكن، فأنتم تعلمون أن هذا غير موجود في التجربة الدولية، طبعا ما عدا قرارات مجلس الأمن الدولي فيما يتعلق بمسائل الأمن الدولي. علما أنه تم التوصل إلى ذلك في ظروف قاسية من إراقة الدماء في الحرب العالمية الثانية. واليوم فإن مجرد التفكير في الوصول إلى آليات جديدة مشابهة يمكن أن تساعد على تنفيذ القرارات وخاصة في مجال الاقتصاد أمر مستحيل. ولكن أكرر أن ذلك يحمل صفات أخلاقية وسياسية واقتصادية. وهذا أمر جيد بحد ذاته.

والآن بشأن أن بعض دول “العشرين الكبار” تفرض عقوبات على روسيا من جانب “العشرين الكبار”، فهذا بالطبع يتناقض مع مبادئ نشاط “العشرين الكبار”، وليس فقط نشاط “العشرين الكبار” ومبادئ عملها، وإنما مع القانون الدولي أيضا، لأن العقوبات يمكن أن تفرض ضمن إطار منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن فيها. وأكثر من ذلك فإن هذا يتناقض مع مبادئ منظمة التجارة العالمية، والاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة أو ما يسمى بـ “جات”. والولايات المتحدة الأمريكية هي من أنشأ هذه المنظمة، أما الآن فتقوم بخرق مبادئها بشكل فاضح. وهذا أمر ضار ويلحق بنا بالطبع أضرارا محددة، ولكنه ضار بالنسبة لها أيضا، لأن ذلك، ينسف كامل منظومة العلاقات الاقتصادية العالمية. وآمل في أن يكون هذا الأمر مفهوما في نهاية المطاف ويصبح في عداد الماضي.

سؤال: هل تعولون على طرح هذه المسألة خلال القمة أم أنها ستكون ثانوية أي إذا تم التطرق إليها فسوف تتحدثون عنها؟

جواب: إذا تم التطرق إليها، فسوف أتحدث عنها بالتأكيد. ولكني لا أنوي طرح هذه المسائل للمناقشة، فأعتقد أنه لا جدوى من ذلك. فالجميع يدركون ما يقومون بفعله أولئك الذين يفرضون هذه العقوبات. فلماذا يجب أن ألفت الاهتمام إلى ذلك أو أن أطلب شيئا؟ هذا غير مجد. إن مثل هذه القرارات يتخذونها على مستوى التحالفات، على المستوى القومي. هذه القرارات تتخذ من خلال كيفية إدراك شركائنا لمصالحهم الجيوسياسية. وأعتقد أن هذا خطأ حتى من وجهة نظر مصالحهم الجيوسياسية.

ولكن للأسف، العالم اليوم يعيش في ظروف أفق ضيق من التخطيط، وخاصة في مجال السياسة والأمن. والكل يعيش من الانتخابات إلى الانتخابات. وهذا أفق ضيق جدا للتخطيط ولا يعطي إمكانية للنظر في الآفاق المستقبلية الأبعد. وهذا سيء. وأنا أعول على أن نتحدث بهذا الخصوص. وها قد انتهت قمة التعاون لدول آسيا والمحيط الهادئ.. وعمليا ناقشنا، بشكل أو بآخر، المسائل الدولية والثنائية مع كل من حضر القمة، بما في ذلك حول العقوبات التي تحدثتم عنها الآن.

سؤال: يتشكل الآن في مجموعة “العشرين الكبار” ميزان قوى محدد: من جانب “السبع الكبار” ومن جانب آخر دول مجموعة “بريكس” وبعض الدول المتصلة بها. وانطلاقا من ذلك، كما ذكرتم، كل يصر على مصالحه الخاصة، فكيف ترون ميزان القوى هذا: هل هو خلاف يمكن أن تولد منه الحقيقة أم أنه مجابهة جديدة مبدئية بين حلفين؟

جواب: أعتقد أولا أن ذلك سيكون سيئا للغاية في حال تم البدء مجددا بتشكيل تحالفات ما. وهذا غير بناء، حتى أنه يضر بالاقتصاد العالمي. فنحن الآن نتحدث عن الاقتصاد أليس كذلك؟

سؤال: عن الاقتصاد، الاقتصاد الذي تقتحمه السياسة أكثر فأكثر.

جواب. هذا صحيح. ولكن مجموعة “العشرين الكبار” هي منتدى اقتصادي قبل كل شيء. وأقترح أن نحول مركز ثقل حديثنا إلى هذا المجال. وأود أن أثير الانتباه إلى ذلك. فقد ذكرت منظمة التجارة العالمية التي وضعت قواعد محددة للعبة، وشكلت آلية، وهي صندوق النقد الدولي. وتدور النقاشات حول تحسين الآليات المالية الدولية وتحسين العلاقات التجارية. وتعلمون أن ما تسمى بجولة الدوحة للمحادثات ضمن إطار منظمة التجارة العالمية، هي الآن في طريق مسدود. لماذا؟ بسبب الاختلاف في المبادئ والاختلاف في المصالح بين الاقتصادات النامية والاقتصادات المتطورة، بين الاختلال الذي يظهر في حالة ما في مجال رأس المال، والاختلال الذي يظهر في حالة أخرى في مجال التدفقات التجارية. ففي الاقتصادات المتطورة هناك رؤوس أموال حرة كثيرة، والمسألة في تشغيل رؤوس الأموال هذه بفعالية وأمان في تلك المناطق واقتصادات العالم التي يمكن أن تعزز الاستقرار وتحمي الملكية وتضمن أرباحا ما تعود بمداخيل أخرى للاقتصادات المتطورة. لذلك يقومون بتصدير رؤوس الأموال، بينما تقوم الدول النامية بتأمين التدفقات التجارية. فأحدهم يجب أن يكون واثقا من أن رؤوس أمواله تشغّل بصورة آمنة، والآخر، الذي يتلقى رؤوس الأموال هذه، يجب أن يكون واثقا من أن قواعد اللعبة لن تتغير بالصورة التي يريدها من يصدر رؤوس الأموال، بما في ذلك ما يخص الاعتبارات السياسية.

ولكن على الجميع أن يدرك أن الاقتصاد العالمي والأموال معتمدة حصرا، أحدها على الآخر. وفي حالتنا، لنفرض أن شركاءنا سدوا الطريق أمام مؤسساتنا المالية إلى أسواق المال العالمية. وانطلاقا من أننا نجذب رؤوس الأموال من أسواق المال العالمية، تقوم مؤسساتنا المالية بتمويل رؤوس أموالنا التي تشتري البضائع الجاهزة من هذه الاقتصادات المتطورة وتدعم هناك فرص العمل والمجال الاجتماعي والنمو الاقتصادي. وإذا لم نقم بذلك هذا يعني حدوث خلل هناك. وهذه الأمور الجوهرية لا تطفو من النظرة الأولى على السطح.

فمن خلال عملنا المشترك مع ألمانيا يتم توفير 300 ألف فرصة عمل، وإذا لم تكن هناك طلبيات هذا يعني انتهاء كل شيء. نعم، من الممكن أنهم يعيدون ارتكازهم (توجههم) على شيء ما آخر ولكن لا بد من فهم على أي شيء. فهذا أمر ليس بالسهل.

لذلك لا بد من حل جميع هذه المسائل معا، بغض النظر عن الصعوبات وهي كثيرة. وفي حال سلكنا مسلكا آخر، والآن الولايات المتحدة تتحدث عن تشكيل اتحادين: الأول عبر المحيط الأطلسي والآخر عبر المحيط الهادئ. وفي حال أنشأت هاتين المجموعتين المغلقتين فإن ذلك سيؤدي، في نهاية المطاف، ليس إلى إزالة وإنما زيادة الاختلال وعدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي. وبالطبع نحن مع إزالة الاختلالات هذه لنتمكن من العمل معا. ولكن يجب أن تحل هذه المسائل بصورة مشتركة حصرا.

فالأوضاع منذ 20 – 30 – 50 عاما كانت مختلفة، ولماذا أتحدث بثقة بأننا معا حصرا يمكن أن نحلها بفاعلية؟ فوفق تعادل القوة الشرائية الناتج المحلي الإجمالي المشترك لدول مجموعة “بريكس” أصبح أكثر بكثير وفق هذا المعيار من مجموعة “السبع الكبار” فإذا كان هذا المعيار لدى “بريكس” يعادل 37.4 ترليون دولار، فهو لدى “السبع الكبار” يعادل 34.5 ترليون دولار فقط. وإذا أردنا القول الآن: “سنقوم بفعل هذا وذاك بصورة منفصلة، أما أنتم فكما تشاؤون” فلن نحصل مستقبلا إلا على عدم الاستقرار.. لذا إذا أردنا الحل يجب أن نجده معا.

س. في الوقت الحالي يتحدثون عن “سبعة كبار” جديدة تضم دول “بريكس” وإندونيسيا وتركيا والمكسيك… هل أمام هذه المجموعة آفاق برأيكم؟

ج. قد قلت إنه يجب أن نحل سوية لأن كل الأمور مترابطة في العالم المعاصر. وفي حال تأسيس منظمة إقليمية كما نؤسس الآن الاتحاد الأوراسي مع بيلاروس وكازاخستان فيجب أن تكون هذه المنظمة فقط إضافة إلى الادوات العالمية الموجودة وينبغي عليها أن تعمل وفق هذه القواعد العالمية.

س. تحدثتم عن عدم التوازن في الاقتصاد العالمي وتأثير صندوق النقد الدولي على ذلك، وإمكانية نشوء “فقاقيع الصابون” جديدة. هل يعتبر الاقتصاد الروسي جاهزا لمواجهة موجة جديدة من الأزمة؟

ج. نعم، جاهز… نفكر في كل السيناريوهات بما فيها ما يسمى بالهبوط الكارثي لأسعار موارد الطاقة. وهذا الأمر محتمل ونفترضه. وتحسب وزارة الاقتصاد ووزارة المالية والحكومة بأكملها تنمية الاقتصاد وفق كل من هذه السيناريوهات.

ما هو لب القضية؟ قد تحدثت عن عدم موازنة الرأسمال من ناحية وعدم موازنة البضاعة من ناحية أخرى. وعندما يظهر عدم الموازنة ويشتد وذلك لأسباب سياسية أيضا فإن الدول، وخصوصا ذات الاقتصاد النامي تواجه صعوبات وتقع في حالة حرجة. وحالة البلد مثل بلدنا أقل صعوبة. لماذا؟ ينتج بلدنا النفط والغاز. وكنا نحافظ على احتياطاتنا بما فيها احتياطات الذهب والعملة الاجنبية واحتياطات الحكومة. احتياطاتنا كبيرة بما فيها الكفاية. وهذا يعطينا ثقة من تنفيذ كل تعهداتنا الاجتماعية بشكل كامل والمحافظ على كل العمليات الميزانية والاقتصاد في حدود معينة. ومن لا يملك كل ذلك فسيواجه صعوبات كبيرة في هذه الظروف. ولكنني – أعيد القول – أعتقد أننا سنجري مناقشة مشتركة ونتوصل إلى حل مشترك حول تغيير الوضع نحو الأفضل وإلغاء هذه الاختلالات.

س. تحدثتم عن الاحتياطات.. وأن الصناديق المتوافرة مكنتنا من تجاوز أزمة عامي 2008-2009. ألا تعتقدون أنه حان الوقت لاستخدام هذه الصناديق لدفع أو تسخين الاقتصاد؟

ج. لا، لا أعتقد. وقد كنا مستعدين لاستخدامها قبل حلول كل الأحداث المأساوية المتعلقة بتذبذب سعر صرف الروبل أو انخفاض أسعار النفط. وكنا قد تحدثنا عن استخدام أموال صندوق الرفاهية الوطنية. ولم نتحدث عن هذا الأمر في الأمس فقط. وكنا نتحدث عن ذلك منذ سنتين. ولكن في الوضع الذي يواجهه الآن الاقتصاد العالمي واقتصادنا أيضا يحدث هذا دائما. وماذا يحدث بالذات؟ تُصرف الأموال في اتجاهات مختلفة. وأحدها تنمية البنية التحتية. وكنا نريد توظيف الأموال لهذا الهدف بالذات. منها بناء طريق دائري إضافي حول موسكو وإقامة معابر مريحة على خطوط سكك الحديد والبناء وتوسيع امكانية حركة البضائع نحو الشرق في الخط الحديدي العابر لسيبيريا والخط الحديدي بين بحيرة بايكال ونهر الأمور وسكك الحديد الفائقة السرعة وبناء الموانئ البحرية والجوية. في الحقيقة كنا نخطط لذلك سابقا. وسنعمل هذا في الظروف المتدهورة. ولكن هذا لا يعني أننا سنصرف هذه الاحتياطات عشوائيا وبلا تفكير ودون انتظار المردود الاقتصادي المناسب بل لحل القضايا الآنية فقط. لن نعمل هكذا.

س. طبعا يدور الحديث عن إصلاحات هيكلية ينقصها دائما المال والوقت.

ج. لا تتطلب الإصلاحات الهيكلية أموالا هائلة. ولكنها تتطلب الإرادة السياسية واتخاذ قرارات إدارية معينة فقط. وهذا يتعلق بالاقتصاد والضمانات الاجتماعية.

س. ما رأيكم في اقتراح شركة “روسنفت” بتخصيص الأموال لها من صندوق الرفاهية الوطنية؟

ج. لو كنت مديرا لشركة “روسنفت” لطالبت بأموال أيضا. من الذي لا يطالب يا ترى؟ الكل يطالبون بأموال وينتظرون استلامها. على ما أعرف، سوف تتخذ الحكومة هذا القرار، انطلاقا ليس من احتياجات ومتطلبات الشركة، التي نحرص عليها وسنساعدها بلا شك، ولكن انطلاقا من نمط تصرفاتها الإدارية وأين ستوظف هذه الأموال وما هو مردود هذه الأموال على الاقتصاد الوطني، هذا سيكون تقييما واقعيا، ولا أستبعد أن شركة “روسنفت” ستستلم بعض الأموال ولكن ما حجمها ومدة استخدامها هذا الأمر يتطلب بحثا إضافيا، بدون استعجال.

سؤال: بما أن القرار إلى هذه اللحظة لم يتخذ هذا يعني انهم لم يقنعوكم؟

جواب: إذا فرضنا أن “روس نفط” خلال زيارتي إلى الصين – اتفقت مع أصدقائنا الصينيين على أن تدخل واحدة من الشركات الصينية الرائدة في حقول “فانكورسكوي” بنسبة 10%. في نفس الوقت الصينييون يحصلون على مقعد في مجلس الإدارة، وأيضا نتفق على أن تتم تجارة النفط في هذا الحقل، حيث توجد فيه كميات كبيرة من النفط، باليوان. في هذه الشروط شركاؤنا الصينييون سيكونوا مستعدين لتقديم القروض وتمويل الكثير من الصفقات. وثانياً نحن نتخلص من إملاءات السوق حيث جميع التدفقات النفطية يجري تقيمها بالدولار وبهذا نوسع إمكانية استخدام العملات الوطنية: الروبل واليوان. وثالثاً هذا يجعل الوضع المالي للشركات أكثر استقراراً.

قمنا منذ فترة قريبة بفحص الوضع المالي لشركة “روس نفط”، لا وجود لأية مشاكل فيها، ولا وجود لأية مشاكل مالية نهائياً. وفي حال حاجتهم إلى أموال إضافية.. أؤكد مرة أخرى يجب عليهم ان يثبتوا في حال انهم حصلوا على هذه الاموال فيجب ان تستخدم في اهداف محددة، وعليهم ان يثبتوا ما هي الردود التي يمكن ان تحصل عليها ليس فقط الشركة وانما الاقتصاد الروسي ككل.

سؤال: واحدة من اقتراحات استراليا في مجموعة العشرين – هي تشكيل مركز للاستثمار في البنية التحتية. بالنسبة لروسيا التي وضعت مشاريع البنية التحتية من بين الاولويات فهل هذا الامر ايجابي بالنسبة لها؟ ام ان هذا لا يتفق مع عملنا اذا اخذنا بعين الاعتبار العقوبات المفروضة؟

الجواب: هنا غير مطلوب التنسيق، ولا الاتفاق مع احد على اي شيء. هذا يظهر بشكل بسيط، ومن الصعب عدم الاتفاق مع التمثيلية الاسترالية حول هذا الامر، يظهر بأننا على الدرب الصحيح واننا ونعمل بشكل مطلق ضمن التيار الاساسي كما يسمى، والمجتمع الدولي والاقتصادي منه في هذه الحالة متمسك بالنظرة نفسها تجاه عمل الحكومات في حالة التي يمر بها الاقتصاد العالمي وهذا يؤكد صحة موقفنا. وهذا دائما امر يسرنا ومفيد.

سؤال: بالنسبة لروسيا هل سيكون هذا على الاغلب مساعدة ام انه سيكون ساحة لمشاطرة الخبرة الذاتية؟

الجواب: اعتقد انه على الاغلب هي ساحة لتبادل الخبرة ولتحضير الكوادر على سبيل المثال هوامر ليس بالسيء. وعدا كل شيء فهو ولدرجة ما يعتبر استمرار لاقتراحاتنا التي قمنا بصياغتها خلال قمة العشرين في روسيا سان بطرسبورغ.

سؤال: في روسيا عدد من مشاريع البنية التحتية والتي قمتم بتعدادها يجري تنفيذها وعدد آخر جرى تأجيل تنفيذها، بما في ذلك الجسر عبر “نهر الينا” في ياكوتسك، ومرفأ “تمان”. فما هو مستقبل هذه المشاريع؟ هل هناك توقعات حولها ام ان الامر لا يزال ضبابيا؟

الجواب: الامر غير متعلق بالضبابية – وانما بالجدوى. هل مطلوب بناء جسر في ياقوتيا ام لا؟ نعم مطلوب. وما بعد ذلك؟ في ياكوتسك 300 الف نسمة. ومن الطبيعي وجوب وجود جسر لكي يستطيع الناس التحرك بدون مشاكل. وخط السكك الحديد ايضاً يصل مباشرة الى المدينة. هل هناك رغبة في ذلك؟ نعم هناك رغبة. انا نفسي احب ياكوتيا كثيراً. الناس هناك رائعون. والجمهورية غنية بالثروات الباطنية المختلفة. ويجب تطوير كل شيء. ولكن عندما نناقش هذا الامر مع زملائنا، يقولون: الامر لا يتعلق بالمدينة ذات الـ 300 الف نسمة فقط، وانما الجسر ضروري لمد الطريق الى اماكن وجود الثروات الباطنية ولكي يكون هذا المشروع ليس فقط اجتماعي، رغم هذه الاهمية، ولكن كي يكون ذا جدوى اقتصادية ايضاً. وهذا يعني مد الطريق لكي تصل البضائع في اطار تأمين الشمال والوصول الى حقول الموارد الطبيعية المحددة. وهذا يتطلب القيام بكل هذه الحسابات. الموضوع يكمن في الدراسة المهنية العميقة للسؤال. ولكن بشكل عام هذا التحرك هو بالاتجاه الصحيح.

اما بصدد “تامان” فينطبق عليه الامر نفسه، اي يجب النظر الى المشاكل المتعلقة بالبنية التحتية للمرفأ ككل، بما فيها الاستثمارات الخاصة. يجري بناء مرفأ جيد وحديث بالقرب من هذا المكان منذ عدة سنوات من قبل شركة خاصة، بما في ذلك بمشاركة اجنبية. علينا النظر بعناية. فهل نعمل على خلق المنافسة هناك؟ وما هو حجم الحمولات؟ هل اليوم حجم الحمولات كاف لتشغيل المرفأين؟ والبنية التحتية لسكك الحديد هل هي كافية لكي يتم نقل الحمولات بالاتجاهين؟ واين الآن الاموال التي علينا استخدامها لتطوير البنية التحتية هذه مع الاخذ بعنين الاعتبار اننا يجب ان نبني الجسر في القرم؟ وهذا ليس لأن هناك من يرغب أو من لا يرغب بذلك وانما لأن كل شيء يجب ان يتم على الاصول وبشكل عصري ويحسب باعلى الدرجات المهنية.

سؤال: بالعودة الى “مجموعة العشرين”. القمم أكانت “العشرين”، أم “آبيك”، أم الثماني السابقة، – هذا كله كان بالنسبة لكم امكانية للتحدث مع الزملاء وجهاً لوجه. القمة التي جرت في بكين كانت اول زيارة خارجية لكم بعد كلمتكم في “منتدى فالداي” حول قضايا الامن و النظام العالميين. هل حصلتم على اية ردة فعل حول هذه الكلمة من قبل الشركاء الغربيين؟

جواب: طبعاً لا، اللقاء في منتدى فالداي كان مع الخبراء وعلى مستوى النقاش الحر. وحتى من الممكن انها، كما يجب عادة ان تكون على مثل هذه الساحات، ذات صفة حادة لتخلق جو النقاش ولكي تستفز الشركاء في النقاش بعض الشيء لينفتحوا ويبدوا رأيهم ووجهات نظرهم ولكي نبحث سويةً عن حلول المشاكل على مستوى الخبراء، ولكن عندما نجري اللقاءات الثنائية مع الزملاء حينها يتم على الاغلب مناقشة القضايا ذات الصفات البرغماتيكية.

سؤال: هذا يعني انه لم تظهر تغيرات في مواقفهم؟ الم تلاحظوا ذلك؟

الجواب: لا لم الاحظ. إذ لا يجري اي شيء بهذه السرعة. فإذا كان هناك احد اراد ان يسمع ما كنت قد تحدثت عنه، فيجب ان يمر وقت محدد لكي يتم ادراكه في البنى والهيئات الحكومية والرئاسية المختصة. في البداية يجري مناقشة هذه المسألة على مستوى المستشارين والخبراء وبعد ذلك اجراء النقاش بدون اية ضجة ويترافق ذلك مع ساحات نقاش على غرار منتدى فالداي، ولكن في المكاتب الهادئة يجري الحديث بين بعضهم البعض.

ساحات النقاش هذه جيدة من حيث امكانية الحديث المنفتح. وبعد ذلك على مستوى آخر كما كنت قد قلت في المكاتب الهادئة تجري العودة الى هذه المواضيع ومناقشتها. وهذا يتطلب الوقت.

س.: في قمة العشرين هل تخططونا للقاءات منفصلة؟

ج.: نعم، من المخطط اجراء لقاءات، مثلا مع المستشارة الألمانية ولقاءات كثيرة أخرى.

س.: يشير المتابعون الى أن علاقاتكم مع السيدة أنغيلا ميركيل أصبحت أكثر فتوراً وأقل وديةً. هل لاحظتُمْ ذلك؟

ج.: أنا لم أُلاحظ ذلك. وانتم تعرفون أننا نسترشد بالمصالح وليس بالعواطف تجاه شخص أو عدمها.

س.: ولكنكم في السابق كنتم تسترشدون بالمصالح؟

ج.: ليس في السابق، بل دائما. وهي أيضا تسترشد بمصالح بلادها، مثل أي شخص آخر من قادة البلدان والدول والحكومات. ولذلك لا أرى بهذا الصدد اي تغيرٍ جذريٍّ في طابع علاقاتنا معها. ليست هناك أية تغيرات جذرية.