IMLebanon

إنخفاض سعر النفط بين الايجابيات والسلبيات على لبنان: زيادة النمو وتراجع التحويلات والايرادات الضريبية

OilPriceDollar
سلوى بعلبكي

منذ حزيران الماضي تراجعت أسعار النفط 30%، إذ بلغ سعر البرميل 110 دولارات الى ما دون 70 دولاراً في نهاية تشرين الثاني من السنة الجارية. وانتظر العالم اجتماع المجلس الوزاري لمنظمة “أوبيك” علّه يتخذ قراراً بخفض الانتاج، الا أن الدول الاعضاء اتفقت في اجتماعها الذي عقد في 27 تشرين الثاني الماضي على الاستمرار في الانتاج عند مستوى الثلاثين مليون برميل نفط يومياً. وقد سبّب هذا القرار صدمة لأسواق النفط إذ هوت الأسعار في اليوم التالي للاجتماع 10% مسجلة اكبر خسارة يومية منذ اكثر من خمس سنوات. فأين لبنان من هذا التراجع؟ وما هي انعكاسات هذا التراجع على اقتصاده؟
بما أن لبنان بلد غير منتج للنفط، بل هو مستهلك له، لذا فإنه من المتوقع أن يكون لهذا التراجع آثار ايجابية كبيرة يفندها أستاذ المالية العامة في الجامعة اللبنانية الدكتور مروان القطب كالآتي:
– زيادة النمو الاقتصادي: تشكل المحروقات جزءاً اساسياً من كلفة النشاط الاقتصادي، وتراجع هذه الكلفة سيؤدي الى زيادة الارباح، بما يساهم في توفير موارد جديدة يمكن استخدامها في توفير فرص استثمارية جديدة داخل الاقتصاد وايجاد فرص عمل تقلّص من حجم البطالة المتفاقمة. مع الاشارة الى أن صندوق النقد الدولي توقع أن يؤدي تراجع أسعار النفط الى حصول نمو في اقتصادات الدول غير المنتجة للنفط، الا ان ذلك يتوقف طبعاً على مدى توافر الاستقرار الأمني والسياسي، اضافة الى ايجاد حل لمشكلة اللاجئين السوريين التي تثقل كاهل الاقتصاد اللبناني.
– تقليص العجز في الموازنة العامة: تتحمل الخزينة العامة عبء العجز الحاصل في مؤسسة الكهرباء الذي بلغ في نهاية 2013 حدود الملياري دولار. ومن المتوقع في حال حافظت أسعار النفط على انخفاضها أن يتراجع هذا العجز بمقدار 650 مليون دولار، ما يساهم في تحسين اوضاع المالية العامة، وتقليص حجم الانفاق الجاري بحدود 5%، كما سيؤدي حتماً الى الحد من زيادة العجز في الموازنة العامة. كل ذلك شريطة عدم تزايد الانفاق بصورة غير مدروسة كإقرار سلسلة الرتب والرواتب من دون تغطية كافية من الايرادات.
– تراجع العجز في الميزان التجاري: بلغت قيمة المحروقات المستوردة في العام 2013 نحو 5 مليارات دولار، وفقاً لارقام ادارة الجمارك، اي ما يشكل 24% من اجمالي السلع المستوردة وذلك على اساس متوسط سعر برميل النفط 109 دولارات، وتالياً فان انخفاض الاسعار بمعدل 30% سيؤدي الى تقليص كلفة المستوردات من النفط، ما سيساهم في تراجع العجز في الميزان التجاري. وهذا الأمر من شأنه أن يخفف الضغط عن الليرة ويحافظ على ثبات سعرها ويحد من كلفة المحافظة على استقرارها، فالمدفوعات لشراء المحروقات تتم بالعملة الأجنبية خصوصاً اذا اضفنا مشتريات الكهرباء من المحروقات. كذلك من شأن ذلك تمكين مصرف لبنان من زيادة حجم الاحتياطي بالنقد الاجنبي المكون لديه.
هل من آثار سلبية رغم هذه الايجابيات؟ لا ينكر القطب وجود سلبيات عدة يقتضي من الدولة أخذها في الحسبان والعمل على تدارك تداعياتها، وهذه السلبيات يفصلها القطب كالآتي:
– تراجع تحويلات المغتربين: يعتمد الاقتصاد اللبناني بصورة أساسية على تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج، والتي تبلغ وفقاً لتقديرات البنك الدولي نحو 8 مليارات دولار، وقسم كبير من هذه التحويلات يأتي من دول الخليج التي ستعاني اقتصاداتها من تراجع في الايرادات النفطية ما يشكل تهديداً مهماً لنموها الاقتصادي وتطور الاستثمارات فيها، ويخشى ان يؤثر ذلك سلباً على قيمة التحويلات الى الاقتصاد اللبناني.
– تراجع الايرادات الضريبية: يخشى بعض المحللين من تراجع حصيلة الضريبة على القيمة المضافة لأن هذه الضريبة تحتسب على اساس سعر مبيع السلعة وكلما انخفضت الاسعار انخفضت قيمة الضريبة. الا أنه يتوقع أن لا يكون لهذا التراجع تأثير كبير لأن انخفاض اسعار المحروقات سيوفر قوة شرائية جديدة لدى المواطنين قد تؤدي الى زيادة معدلات الاستهلاك وتعويض تقلص ايرادات الضريبة على أسعار المحروقات. اضف الى ذلك، الى انه من المتوقع زيادة قيمة ضريبة الدخل على الارباح على اعتبار أن انخفاض كلفة المحروقات سيؤدي الى زيادة الارباح الخاضعة للضريبة. اما في ما خص ضريبة البنزين فان حصيلتها لا تتأثر لأنها تفرض كمبلغ مقطوع على كل ليتر بنزين مستهلك (222 ل.ل / ليتر بنزين) ومن المتوقع زيادة حصيلتها ما دام النمو الاقتصادي وزيادة الاستهلاك لدى المواطنين متوقعين.
– التأثير على الدين العام: ان انخفاض العجز في الموازنة العامة من شأنه الحد من الاستدانة، الاّ أن خدمة الدين العام القائم الذي تجاوز عتبة الـ65 مليار دولار ترهق المالية العامة، ومن حسن حظ اللبنانيين ان اسعار الفوائد العالمية منخفضة نتيجة الركود الذي يصيب اقتصادات الدول الغربية خصوصاً الاوروبية منها. الا انه من المتوقع مع تراجع اسعار النفط حصول نمو لدى هذه الاقتصادات، ما يستتبع زيادة معدلات الفوائد التي سيكون لها تأثير سلبي على خدمة الدين العام.