IMLebanon

مستقبل التنقيب عن النفط والغاز في القارة السمراء

AfricaOil1
نعمت أبو الصوف
إن استمرار الاكتشافات الكبيرة الواعدة في أجزاء كثيرة من إفريقيا، جذب عديدا من شركات النفط والغاز إلى القارة السمراء. في الأشهر الأخيرة، تحولت الأنظار إلى جولات التراخيص الجديدة في المناطق البحرية النائية قبالة سواحل غرب إفريقيا، بما في ذلك تلك الحقول الصعبة تقنيا تحت طبقات الملح، إضافة إلى مناطق الإنتاج التقليدية في المنطقة.

أحد الاتجاهات الرئيسة التي برزت في عام 2013 هو استمرار تخلي الشركات العالمية عن مساحات كبيرة غير مطورة في نيجيريا لمصلحة شركات محلية مستقلة، والسماح لهم بالحصول على موارد بترولية مثبتة اقتصاديا. لقد أصبح هذا الاتجاه سائدا في جميع أنحاء إفريقيا، حيث الشركات المستقلة تحصل على اكتشافات تخلت عنها الشركات العالمية في وقت سابق.

تواصل المناطق التي أصبحت في دائرة الضوء، بعد النجاحات التي حققتها أخيرا في مجال التنقيب عن البترول تحقيق نتائج إيجابية، مثل المناطق البرية في كينيا. في الوقت نفسه، يتم العثور على مزيد من الغاز الطبيعي في المناطق البحرية قبالة السواحل الشرقية لإفريقيا قبالة موزمبيق. على الرغم من أنه لا يزال هناك عدة سنوات أمام الشركات قبل أن تتمكن من تصدير الغاز الطبيعي المسال من حقول الغاز العملاقة المكتشفة في شرق إفريقيا، التي تتطلب أيضا استثمارات كبيرة في البنية التحتية، إلا أن حجم هذه الاكتشافات يشير إلى أن الإمدادات ستكون وفيرة جدا.

في السابق كانت الآمال كبيرة بخصوص الاكتشافات الجديدة في مقاطعة Transform Margin غرب إفريقيا التي تمتد على طول الساحل من غانا وكوت ديفوار إلى سيراليون. لكن نتائج البحث الأخيرة التي كانت تأمل بالتوصل إلى اكتشافات كبرى مماثلة لحقل “اليوبيل” (Jubilee) جاءت مخيبة للآمال. وكانت هناك تساؤلات كثيرة حول ما إذا كانت مقاطعة Transform Margin غرب إفريقيا سترقى إلى مستوى التوقعات الأولى، مع عدم التوصل إلى اكتشاف كبير جدا غرب غانا حتى الآن.

مع ذلك، تعمل شركة تولو البريطانية على تطوير أحد حقولها، الذي من المقرر أن يبدأ إنتاجه خلال عام 2016، وفي الوقت نفسه تستمر في أعمال التنقيب في المنطقة. هناك اهتمام في بلدان مثل كوت ديفوار، كما أن الآمال بتحقيق بعض النتائج الإيجابية في مقاطعة Transform Margin غرب إفريقيا ستستمر، على الرغم من الإخفاقات الأخيرة.

تعتبر الحقول تحت طبقات الملح قبالة سواحل غرب إفريقيا هدفا آخر يحظى باهتمام متزايد من قبل الشركات. على الرغم من أن نتائج الاستكشاف الأولى كانت غير واضحة المعالم، إلا أن التقدم التقني في مجال المسح، والتصوير والحفر، سمح للشركات باستهداف تشكيلات معقدة تحت طبقات الملح لم يسبق لها مثيل من قبل.

كما أن هناك شركات أخرى تتحرك لتحصل على موطئ قدم في مناطق جديدة قبالة السواحل في إفريقيا.

إن الاهتمام المتزايد بمثل هذه المناطق الصعبة أصبح واضحا جدا للعيان، على سبيل المثال تم تحديد بلدين على وجه الخصوص، هما المغرب وجنوب إفريقيا على أنهما أهداف جديدة للشركات الاستكشافية.

إضافة إلى التحديات التقنية والتنظيمية، يتعين على شركات النفط والغاز في بعض الأجزاء من إفريقيا التعامل مع عدم الاستقرار السياسي على مستوى كبير. حيث إن الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار يمكن أن يتسببا في تأخيرات كبيرة للمشاريع. ومع ذلك، في بعض الحالات ظلت الشركات متماسكة ومصرة على إنجاز العمل، حيث إن التوقعات بوجود موارد كبيرة أبقتها ملتزمة مع الدول المضيفة حتى يستقر الوضع السياسي. لكن في مناطق أخرى، كان يجب على شركات الاستكشاف والإنتاج التراجع. غالبا ما تهيمن المخاوف على المناقشات حول تطوير موارد النفط والغاز في إفريقيا، حيث إن محاولة التوازن بين المخاطر والمكاسب تعتبر واحدة من التحديات الرئيسة التي تواجه شركات البترول في جميع أنحاء القارة السمراء.

على الرغم من أن وجود شركات النفط العملاقة واضح جدا في إفريقيا، ما يسلط الضوء على استمرار اهتمامهم الكبير في المنطقة، إلا أن صغار الشركات غالبا ما تقود عمليات الاستكشاف في المنطقة. ويتعين على مثل هذه الشركات الصغيرة تحقيق التوازن بين المخاطر الكبيرة والمردود العالي من الفرص الكبيرة في المناطق النائية من القارة. على الرغم من جميع التحديات والتكاليف الباهظة، إلا أن العمل في إفريقيا لا يزال خيارا جذاباً بالنسبة لهذه الشركات الصغيرة. لقد اعتمد عديد من هذه الشركات سياسة خاصة تتضمن التركيز على إفريقيا فقط، حيث اكتسبت الكثير من الخبرة على مدى سنوات طويلة من التعامل مع التحديات الخاصة بالقارة.

بالفعل، مع التقدم التقني الحاصل في الصناعة النفطية، وزيادة وسائل الاتصال، وتحسين الاستقرار السياسي، وتزايد الخبرات المحلية، من المتوقع أن يحقق قطاعا النفط والغاز في إفريقيا مزيدا من النجاحات خلال السنوات القليلة المقبلة. بالطبع لا يمكن إزالة جميع التحديات والعقبات التي تواجه الاستثمار في إفريقيا، لكن بيئة العمل من الممكن أن تصبح أسهل بكثير في المستقبل القريب، إذا ما حافظت شركات التنقيب والإنتاج على علاقات جيدة مع الحكومات المضيفة والمجتمعات المحلية.