IMLebanon

في ذكرى جبران تويني.. للعودة إلى الجذور إلى طريق 14 آذار 2005 (رولان خاطر)

gebran-main-1

 

بقلم رولان خاطر

يسود “الغزل” لغة السياسيين والقياديين هذه الأيام، وباتت كلمة “حوار” تتصدّر الشاشات ووسائل الاعلام، ومجالس القيّمين على مقدرات “السلطة”، وشوارع المواطنين، وبسحر ساحر، نسي من لُسعوا من خيبات الحوار السابقة أنّ الويلات لا تزال تحيط بنا، وأنّ عسكريينا مخطوفون بقدرة “النصرة” و”داعش” وبقرار من “حزب الله” بسبب عرقلته لهذا الملف كما بات معلوماً.

ونسي من “يُساقون” اليوم إلى “الحوار الصورة”، أنّ الهروب من الحيّة من دون قطع رأسها، لن يطفئ بركان الفتنة في لبنان، وسيبقى سلاح “حزب الله” غير الشرعي مصدر كل فتنة وشلل للدولة. وستبقى مشاركة “حزب الله” في الحرب السورية السبب لمزيد من المآسي الاجتماعية، والبطالة وهجرة الشباب، وانكسار هيبة الدولة، ولمزيد من التشريد واستقبال اللاجئين. وسيبقى تعطيل “حزب الله” للانتخابات الرئاسية السبب في بطلان كل الحياة الدستورية، وضرب الميثاقية، والهيمنة على القرار السياسي اللبناني، وطريقاً لتلاوة آخر “ترانيم وضع البخور” على المناصفة.

نسوا أن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات لا زال يهدّد اللبنانيين، وداخل المخيمات ينتظر لحظة تفجير معينة.

نسوا أن من انقلب على “إعلان بعبدا”، وأخضع لبنان للثقافة التكفيرية، هو من يريد أن يجالسه في حوار حدد حزب الله شروطه وعناوينه ونتائجه سلفاً.

نسوا أن هؤلاء هم من أخرجوا سعد الحريري من الحكم، وورثوا ممارسات سلطة الوصاية الأولى، ليفرضوا وصاية ثانية، على الاقتصاد، والأمن، والمؤسسات، والقرار الوطني.

نسوا أن “حزب الله” افتعل أحداث 23 كانون الثاني، والجامعة العربية. ونسوا من قتل الطيار سامر حنا، وبيار بشعلاني، وميلاد النداف… واعتدى على الجيش في مار مخايل، وجرّ الجيش إلى معارك في طرابلس وعرسال، وساهم بشكل أو بآخر في خطف العسكريين واستمرارهم في الاعتقال.

نسوا مقتل الزيادين، و7 أيار، وحصار السراي والاعتصام وسط العاصمة، وأحداث عائشة بكار وبرج أبي حيدر.

نسوا أسباب انعطافة النائب وليد جنبلاط السياسية في الثاني من آب 2009 وإعلان خروجه من 14 آذار إلى الوسط تحت عنوان “التسوية والحوار والسلم الأهلي”، ليكرّس في 24 كانون الثاني 2011 انتقاله إلى صفوف 8 آذار، تحت ضغط أصحاب البزات السود، معلناً قراره العودة إلى موقعه الطبيعي، موقع الدفاع عن العروبة والعلاقات المميزة مع سوريا، والثبات إلى جانب سوريا والمقاومة.

نسوا من غيّر الأكثرية البرلمانية، وقلب المعادلة السياسية، لاخراج لبنان من التزاماته تجاه المحكمة الدولية.

ونسوا من عطّل ويعطّل جلسات انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية. ومن دمّر ويدمّر الاقتصاد، والمجتمع، وهوية لبنان.

وكي لا نتحوّل إلى نواطير لذاكرة وطن يُحتضر، لا بدّ في النهاية من الحوار من اجل “المصلحة الوطنية”، ولكنّ ذلك، يتطلّب شروطا واهدافا:

– العودة إلى لبننة الخلافات السياسية، وعدم المراهنة على حلف من هنا، وتفاهم على نووي او تقاطع مصالح من هناك.

– الثبات على مبادئ وثوابت “انتفاضة الاستقلال” التي وحّدت اللبنانيين تحت راية الوطن، لإسقاط إرث كل نظام أمني أكان سورياً ام لبنانياً أم إيرانياً ام غيره.

– الإعلان بصراحة أن أي عيش بين اللبنانيين لا يمكن أي يَهنئ ضمن نظام سياسي لا يعترف بالمناصفة ولا يحترم التوازن بين المسلمين والمسيحيين، مهما كان عدد أولئك وتلك من الجماعات الطائفية.

– التقيّد بمؤسسات الدولة، الشرعية الوحيدة لأي قرار، وعدم الاستقواء إلا بسلاح الحق، والعدل، والشرعية، فلا “سرايا” إلا سرايا الجيش اللبناني، ولا هاربين من العدالة والقانون، ولا مربعات امنية تحمي المجرمين، ولا جيشاً مقابل الجيش الشرعي، فلا يمكن المساكنة بين جيشين.

– الاقتناع بأن عدم تسليم مرتكبي “جريمة بتدعي” وغيرها من الجرائم، والاعتداء على أراضي البطريركية المارونية، هي بذور الفتنة بحدّ ذاتها.

– الوفاء لدماء كل الذين سقطوا من اجل ان يبقى لبنان. وتكون دماؤهم عنوان مسيرة كل مرحلة آتية.

فأجيال 14 آذار ناضلت في سبيل وطن ضاقت به الأحلام، وهبت ربيع العمر واحلام المستقبل، وقدمت تضحيات لا حد لها، فيما الحصاد كان، دموع صامتة على احبة شهداء وخيبات لا تحصى.

آمنوا بأن طريق الحرية التي بدأت بالشهادة، تتطلب الثبات على المواقف حتى الشهادة إذا دعت الحاجة. فنحن أقوى الناس في حب الوطن والتضحية، وشهداؤنا تركوا لنا الشعلة ومن واجبنا ان نبقي هذه الشعلة مضاءة، لكي نكون حراسا لأحلام وطن يستحق الحياة.

فوطن، قدم رفيق الحريري، ووسام الحسن، وبيار الجميل وجبران تويني، وكل شهداء ثورة الأرز، وقبلهم بشير الجميل والمفتي حسن خالد ورينيه معوض، بالاضافة إلى قافلة من الشهداء لا تنتهي، يستحق منّا الوقوف والتصدّي لمواجهة الانقلابات التي يقوم وسيقوم بها ذوو القمصان السود، من اجل تغيير هوية وثقافة هذا الوطن.

المطلوب مواجهة الانقلابات التي قام بها “حزب الله”. ومحاولة تكريسه سلطة وصاية ثانية يجب أن يؤدي إلى ثورات أرز لا نهاية لها. فنحن “لسنا قلة عابرة ولن نكون، ولا أكثرية وهمية ولن نكون، بل نحن أبطال الحرية والسيادة والاستقلال، ونحن قديسو هذا الوطن، فيما هم قداسة وهمية. وبالنسبة إلينا، لا قداسة ولا قدسية إلا الوطن لبنان. وإذا كان النسيان مستحيل فإن التسامح مستحيل ومستحيل ومستحيل”. هكذا قال النائب وليد جنبلاط في الـ2005، وهكذا يجب ان يكون في كل يوم من ايام لبنان.

وفي الذكرى التاسعة لاستشهاد جبران تويني، ووفاء لكل دم شهيد سقط من اجل أن نبقى ويبقى لبنان، المطلوب العودة إلى الجذور، إلى طريق 14 آذار 2005، لنقول ألف لا للقهر والظلم والجريمة. وألف لا لاستمرار الخضوع لنظام أمن “حزب الله”، وسياسة ولاية الفقيه، ومزاجية نظام ورئيس مجرم في سوريا. وألف لا للغدر والفتنة ولوصاية السلاح. وألف لا لجمهورية من دون رئيس ماروني.

المطلوب من شعب ثورة الأرز، ان يشمخ كشموخ الأرز، ويثور على مستوى الثورة، وينتفض على قدر الانتفاضة، ليثبت أن التسويات على حساب الوطن مرفوضة لا بل هي خط أحمر. ويؤكد ان الارادة الحرة والتصميم والمثابرة تستطيع التغلب على الاكراه والضغط والتسلط وعلى إجرام الأرض برمته. فثورة الأرز يجب أن تجتاح كل شبر من مساحة الوطن.