IMLebanon

كآبة سوق الائتمان تتسرب إلى أسواق الأسهم: الأموال السهلة فوق الحد رفعت أسعار الأصول

CrisisBrokersStock

هيني سندر

أكثر من 21 مليار دولار من الصفقات الجديدة جاءت إلى سوق السندات من الدرجة الاستثمارية في الولايات المتحدة في اليوم الأول من كانون الأول (ديسمبر)، في مقدمتها عرض بقيمة 17 مليار دولار من شركة صناعة الأجهزة الطبية “ميدترونك”. لقد كانت ثاني أكبر جلسة سوق أولية على الإطلاق، بحسب “إل سي دي”، التابعة لستاندرد آند بورز.

لكن الأمور في سوق العائدات الكبيرة لم تكُن جيدة تماماً بالقدر الذي كانت عليه، حيث تم تأجيل بعض الصفقات، ولا سيما في قطاع الطاقة، إلى أجل غير مسمى، واتسعت الهوامش في السوق الثانوية. ووفقا لـ “إل سي دي”: “كثير من السندات كانت لا تزال تتداول بمنتهى القوة خارج مجال الطاقة وسط التقاء عاملين: إعادة شراء الأوراق المالية المقترضة لتغطية التعاملات على المكشوف، واختيار السندات ذات الأداء الجيد من قِبل المستثمرين الجريئين”. وأسعار السندات تتأرجح عند أدنى مستوى لها منذ 29 شهرا.

كان أداء الائتمان، خاصة في سوق السندات الخطرة، دون المستوى المعهود في الأسابيع الأخيرة، حتى مع أن الأسهم وصلت إلى مستويات قياسية. علاوة على ذلك، من الصعب رؤية أي تحسن في سوق الائتمان في أي وقت قريب. لذلك، مع بدء تقارير نهاية العام بالتدفق من شركات الوساطة والاستثمار، السؤال المُلّح هو ما إذا كانت كآبة سوق الائتمان سوف تؤثر في الأسهم، أو ما إذا كانت العوامل التي تؤثر في الائتمان سيتبيّن أنها عابرة وسوف تتحرك السوقان بحبور جنباً إلى جنب مرة أخرى. لكن على الأقل النقاش لم يعُد مجرد انتقاد الاحتياطي الفيدرالي وسياسته النقدية. هناك اتفاق عام على أن الاحتياطي الفيدرالي الذي أوقف عملياته لشراء الأصول، لن يزيد أسعار الفائدة في أي وقت قريب. ويعتقد معظم المحللين أن أسعار الفائدة ستبقى سلبية من حيث القيمة الحقيقية لأعوام مقبلة. وفي الواقع بعض المؤمنين بالسوق الكلية الهابطة بدأوا يتساءلون بالفعل ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي قد خرج من برنامج شراء الأصول في وقت مبكر قبل الأوان.

وبالنسبة لبعض المستثمرين الدراما التي تتكشف الآن في سوق السندات الخطرة هي إعادة تشغيل لأحداث وقعت قبل 15 عاماً. في ذلك الوقت كانت أسهم الاتصالات ووسائل الإعلام والتكنولوجيا – شركات الاتصالات بالدرجة الأولى – تعتبر بمثابة جزء من معظم المؤشرات، واتسعت الهوامش وارتفعت حالات الإعسار بين الشركات. في أي وقت ينمو فيه قطاع واحد بهذا المعدل، يعتبر هذا علامة تحذير. وقطاع الطاقة فعل ذلك بالضبط، فهو يشكل الآن نحو 16 في المائة من المؤشر. لكن الطاقة ليست القطاع الوحيد الذي جذب المخاوف. آفاق شركات التعدين والمعادن (التي تشكل نسبة أخرى تبلغ 5 في المائة) تبدو أيضاً أقل إشراقاً بكثير، كما حدث مع بعض متاجر التجزئة – كيف يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك – إلى جانب عمليات الاستحواذ ذات الرفع المالي المفرط في فترة الطفرة. وذكر جولدمان ساكس أن الهامش بين الشركات ذات الجودة العالية (أي التي تتمتع بتقييم ائتماني من مستوى BB) وبين الشركات ذات الجودة المنخفضة (أي ذات التقييم الائتماني CCC) اتسع من 250 نقطة أساس في تموز (يوليو) إلى 400 نقطة أساس في أوائل كانون الأول (ديسمبر).

ويعتقد كثيرون أن الأموال السهلة فوق الحد عملت على رفع أسعار الأصول إلى حد انعدام التناظر، وأن هناك جانبا سلبيا أكثر بكثير من الجانب الإيجابي الآن. وبالنسبة لهؤلاء المستثمرين، هذا هو الوضع نفسه الذي مروا به في 2007. مثلا، في شركة جوجنهايم بارتنرز يقضي سكوت مينرد، كبير الإداريين الاستثماريين، الكثير من وقته وهو يبحث عن نظام تقييم داخلي يحتسب درجة المبالغة في التقييم في مختلف القطاعات. وفي حين أن الهوامش اتسعت، وفقاً للمعايير التاريخية، إلا أنها لا تزال ضيقة نسبياً. علاوة على ذلك، وفقاً لبعض المقاييس، الرفع المالي الآن أعلى بكثير مما كان عليه في ذلك الحين. هناك مخاوف جديدة أيضاً، إذ يوجد كثير من الرفع المالي الخفي في أمور مثل الصناديق التي يتم تداولها في البورصة. وكثير من المصارف الخاصة تقرض المستثمرين في هذه الصناديق، لذلك في حين أن المنتجات نفسها قد لا تكون مدعومة بالرفع المالي، إلا أن حامليها هم كذلك. وتدفقات نقود التجزئة نحو الصناديق ذات العائد المرتفع أصبحت سلبية بشكل عميق، بعدما بلغ صافي عمليات الاسترداد 859 مليون دولار في الأسبوع الذي انتهى في الثالث من كانون الأول (ديسمبر)، وفقاً لشركة ليبر. وتمثل الصناديق التي يتم تداولها في البورصة 32 في المائة من التدفقات الخارجة، أو ما يُقارب 279 مليون دولار.

إضافة إلى ذلك، هناك المخاوف التي يتحدث عنها الجميع حول “وهم السيولة”. ويقدر الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أن تعاملات الوكلاء في سوق الائتمان بحدود 61 مليار دولار، ما يعني أن مقتنيات أكبر خمس مجموعات استثمارية هي الآن أعلى 138 مرة من مقتنيات الوكلاء، وفقا لبحث من سيتي جروب. ويقول بعضهم إن أي تصحيح ينبغي أن يعتبر فرصة للشراء، فيما يقول آخرون إن التدفقات المالية التي لم تعد تدخل في الائتمان ستصب بالتأكيد، بدلا من ذلك، في سوق الأسهم في عالم من أسعار الفائدة الصفرية، رغم أن هناك غيوما في هذا المجال كذلك، خصوصا في الوقت الذي يُترجَم فيه الدولار القوي على شكل خسائر في أرباح الشركات الأمريكية في الخارج. بالتالي أكثر الملاحظات أمنا هي أن الأسواق لن تعود تتحرك في اتجاه واحد. ويقول محللون في باركليز كابيتال: “لأن هناك المزيد من الفرص المحدودة أمام التشديد ذي القاعدة العريضة، فإن ارتفاع حدة التقلبات يوجد أكبر التحديات والفرص لعام 2015”.

لسنوات كثيرة، كانت التعاملات على المكشوف تتلقى ضربات قوية. لكن عند النظر إلى المرحلة المقبلة، من المرجح أن المؤمنين بالسوق الهابطة يُلقون ظلاًّ فعليا للمرة الأولى منذ زمن.