IMLebanon

مَن يدعم مملكة النحل في لبنان لإبقائها مورداً لآلاف العائلات؟

Bees
عارف مغامس

في جمهورية النحل رئيسة واحدة تسمى ملكة، فيما جمهورية الفساد في لبنان متعددة الرؤوس، حيث يتكشف يوما بعد يوم حجم المخاطر التي تتهدد سلامة الغذاء نتيجة استشراء ثقافة الغش والمتاجرة بارواح الناس والمقامرة بحياتهم من أجل تضخم ثروات البعض. في حين يمتهن مئات اللبنانيين في كثير من المناطق اللبنانية تربية النحل، حتى بات قطاعا تعتاش منه آلاف الاسر، وباب رزق قابل للتطور والازدياد، إذا ما توفرت له مقومات البقاء وشروط الاستمرار، وفرص الاحتضان.

في راشيا والبقاع الغربي عشرات النحالين ممن يعرفون اسرار مملكة النحل، فيسعون إلى حماية هذا القطاع وتوسيع رقعة انتشاره وتوفير مقومات صموده وتأمين البيئة الحاضنة لتلك الممالك، بحسب ما أشار إليه رئيس الجمعية المتحدة لتعاونيات مربي النحل في لبنان سهيل القضماني، الذي أكد أن قطاع النحل في لبنان إلى ازدياد وتنام بوتيرة مقبولة، من اجل التنمية الاقتصادية، وتثبيت الاهالي في قراهم وخلق فرص جدية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي الحفاظ على التنوع البيولوجي، معتبرا ان النحالين يدفعون بهذا القطاع لمواكبة التطور الحاصل عالميا، رغم ضآلة الامكانات.

وأعرب القضماني عن ثقة النحالين بقرار وزير الزراعة أكرم شهيب الذي يولي هذا القطاع العناية اللازمة ويدفع نحو تطويره وازدهاره وحمايته، لما فيه من أهمية اقتصادية وبيئية، سيما أن هذا الاهتمام ينسجم مع توجهات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في القرار الذي اتخذ لحماية هذا القطاع عالميا ودعمه.

وتطرق الى المنتدى السادس لاتحاد نحالي حوض البحر المتوسط الذي أقيم في مدينة فورينو في ايطاليا، بمشاركة معظم دول حوض المتوسط، لافتا الى تمثيله لبنان في المنتدى مع وفد ضم ممثل نقابة نحالي الجنوب محمد حسين حيدر، وإميل زهر ممثلا اتحاد تعاونيات الشمال، حيث أكد أن المؤتمر شكل فرصة لحماية هذا القطاع ودعمه وتمويله وكان لافتا مشاركة ممثل الفاو في المؤتمر مبديا استعداده للشراكة في تطوير القطاع وحمايته ودعمه.

ولفت الى أن المشكلات تكاد تكون متشابهة في شمال المتوسط وجنوبه، وأصبح من الضروري العناية به والبحث الجدي عن حلول علمية تعالج تلك المشكلات، كونه يدر بشكل مباشر اكثر من 200 مليار دولار، وبشكل غير مباشر أكثر من 1300 مليار دولار على مستوى الغذاء،لأن معظم الزراعات مرتبطة فيه، ما جعل قطاع النحل مرتبطا بالأمن الغذائي للبشرية، فكان لا بد من زيادة التواصل، والمشاركة ليستفيد النحالون في لبنان من دعم الاتحاد الاوروبي ماديا وعلميا، حيث أقر هذا الامر في المؤتمر وسيكون لقطاع النحل في لبنان حصة من الدعم من ضمن الشراكة الأورومتوسطية. وأعرب القضماني عن خشية المشاركين في المؤتمر إزاء الصعوبات التي تواجه القطاع والمشكلات التي تتراكم نتيجة الاستخدام العشوائي للمبيدات، والامراض التي تصيب النحل، مشيرا إلى افتقار لبنان للمختبرات التي تستطيع أن تحدد أسباب وانواع الامراض وكيفية تشخيصها ومعالجتها، للوصول إلى تحسين جودة العسل وحسن انتاجه، فتم الخروج بتوصيات ومنها اقامة مختبر متطور جدا لحوض المتوسط. واشار الى أن وزير الزراعة يتابع شخصيا تفاصيل هذا القطاع لا سيما بعد الأزمة التي يواجهها لبنان نتيجة موجة الفساد الغذائي، لمنع تأثير ذلك على قطاع النحل الذي ما زال بمنأى عن تلك التأثيرات السلبية، سيما وأن مملكة النحل لا تقبل الفساد او الغش، لافتا إلى ان الوزير شهيب عقد اجتماعا للجنة العسل في وزارة الزراعة، تناول سبل حماية إنتاج العسل اللبناني، وضرورة وضع مواصفات واضحة، ليتم على أساسها السماح باستيراد العسل، وركز على حماية الانتاج المحلي وتوفير الحماية للنحالين، ودرس إمكان المساعدة في مجال الفحوص، وزيادة العينات، على أن يقدم مختبر كفرشيما دراسة عن حاجاته لزيادة فاعليته في مجال فحوص العسل.

أما نائب رئيس الجمعية المتحدة في البقاع ورئيس تعاونية مربي النحل في القرعون وجوارها إيلي أبو فارس، فاعتبر أن البيئة الحاضنة للنحل كانت نقية قبل سنوات وهي اليوم تشهد تحولا سلبيا نتيجة الإفراط في استخدام المبيدات الضارة، وتفشي ظاهرة التلوث، رغم ان مناطقنا في راشيا والبقاع الغربي، لا تزال تتمتع بشبكة أمان بيئية وصحية تحمي هذا القطاع المرتبط بالطبيعة التي تشكل الميزان والمؤشر على نمو قطاع النحل وتطوره أو تداعيه نتيجة انتشار بعض الامراض مثل التعفن الاميركي أو حشرة الفاروا. وأكد أن العسل هو دواء قبل أن يكون غذاء وهو صيدلية المواطن، إضافة الى كونه المنتج الرئيسي الذي ترتكز عليه غالبية الاغذية، ومن واجبنا أن نحافظ على الجودة والنوعية، وعلى خصوبة النحل، معتبرا ان لا منافسة في الكمية والانتاج بل في الجودة والنوعية، لافتا إلى ان لبنان لا ينتج كميات كبيرة من العسل بل يعد انتاجه متميزا بالجودة وبالنوعية التي لا تزال محافظة على نقائها وصفائها.

وحذر أبو فارس من العشوائية في استيراد العسل الأجنبي، الذي يستغله بعض التجار لمزجه مع العسل اللبناني وبيعه باسعار تنافس السعر الحقيقي للعسل، معتبرا أن لبنان بلد مستهلك للعسل رغم اننا نصدر قسما من انتاجنا الى دول الخليج كونه يتمتع بمواصفات عالمية، مشيرا أن لا مشكلة في الاستيراد المنظم والذي يخضع لرقابة الجهات المختصة، بل المشكلة في التهريب من جهة وفي اتفاقية التيسير العربية التي يدخل عبرها العسل من دون جمرك مما يؤثر سلبا على انتاجنا وعلى نوعية العسل الذي يغزو السوق المحلية، مشددا على أهمية أن تتخذ وزارة الزراعة الخطوات التي من شأنها حماية هذا القطاع الناشط في لبنان وأن تحدد هوية النحل المستورد، ودعم مربي النحل وتوفير مقومات صموده بوجه السموم والامراض والتهريب.

وإذ أمل أن تكون المواسم الثلاثة القادمة واعدة ومبشرة بالخير نتيجة الامطار والطقس الملائم، اعتبر أبو فارس ان جودة العسل تتأثر بشكل ايجابي بالمناخ المعتدل، لافتا الى أن الاعشاب الموجودة في لبنان أكثر ملاءمة لانتاج العسل الجيد ، حيث نجد عسل زهر الليمون في الجنوب في فصل الربيع، والعسل الجبلي أو الجردي في راشيا والبقاع الغربي في الصيف والذي يعتمد على الاشواك المتنوعة، وعسل السنديان الأسود في تموز وآب في جبيل والدبية وبعض المناطق الحرجية، لافتا الى أن العسل الاسود كان جيدا هذا العام، بينما الجبلي اقل من الوسط لشح الامطار، والليمون مقبول نسبيا.

من جهته اعتبر النحال رشراش ناجي من راشيا، أن قطاع النحل في راشيا ناشط ويشكل باب رزق لعشرات العائلات، رغم انحساره وتراجعه في عدد من المناطق اللبنانية، وعسل راشيا مطلوب محليا وعربيا ، كونه لا يزال محافظا على جودته، نتيجة البيئة النظيفة والنائية عن التلوث وعن وجود الأدوية الزراعية التي تفتك بقطاع النحل، سيما ان معظم الزراعات في المنطقة بعلية، ومصادر المياه غير ملوثة وتملك المنطقة مناخا ملائما اضافة الى وجود الاعشاب والاشواك واشجار السنديان التي تسهم في تأمين غذاء النحل، اضافة الى اننا نبحث عن الأماكن الآمنة والنظيفة في فصلي الشتاء والربيع في الجنوب.

واعتبر ناجي أن النحل ثروة وطنية ويجب المحافظة عليها لأن مجرد فقدان النحل يعني فقدان الطبيعة والحياة، كون النحل عنصرا مهما ولا يمكن للحياة ان تستمر من دونه، حيث تتأثر به معظم الكائنات، وهو يخصب النباتات والاشجار والبساتين، ويحافظ على التوازن البيئي والتنوع البيولوجي. واشار الى الفوائد المتعددة للنحل، حيث يستخدم في مجال الطب لمعالجة عشرات الامراض والالتهابات، اضافة الى القيمة الغذائية الكبرى وادخاله في مجال التصنيع الغذائي. وأكد ان سلامة الغذاء تنطلق من سلامة العسل وبالتالي واجب الدولة ان تحمي هذا القطاع وتدعم مربي النحل وتكثف الندوات الارشادية لا سيما للمزارعين للتخفيف من بث السموم في الارض، داعيا الى حماية الانتاج المحلي من العسل المستورد والذي يدخل بطرق غير شرعية، معتبرا ان اللقاء الذي عقد للجنة قطاع النحل في وزارة الزراعة مهم لمعالجة المشكلات التي تواجه القطاع واساسي لتطوير الانتاج وحمايته ولدعم مربي النحل.