IMLebanon

عندما يقدّم وليد جنبلاط عرضاً جديّاً للمقايضة! (بقلم رولا حداد)

walid-jounblat-riad-seleh

توقفت الأوساط السياسية مطوّلا عند تغريدة وليد جنبلاط السبت الماضي التي قال فيها: “آن الأوان للسماح لزراعة الحشيشة، وإلغاء مذكرات التوقيف بحق المطلوبين في هذا الحقل”.

هذه الأوساط توقفت عند عناوين عدة لتغريدة جنبلاط في الشكل والمضمون.

ففي الشكل أتت هذه التغريدة خارج سياق كل المواضيع التي كان يغرّد حولها حين أطلقها، وبالتالي لم تكن ردّاً على سؤال ما، أو متابعة لموضوع ما. ولذلك لا يمكن اعتبارها قنبلة دخانية أو صوتية جنبلاطية، بل هي عبارة عن كلام محدد وغير عبثي ينتظر ردوداً واضحة.

أما في المضمون فحدّث ولا حرج. فتغريدة جنبلاط تأتي بعدما أعلن أنه مع المقايضة من دون قيد أو شرط، وبعدما حاول زج اسم الرئيس نبيه برّي في الموضوع معلناً أنه وبري متفقان على ذلك، فأتاه الردّ سريعاً من برّي بأنه لا يؤيده في هذا الموضوع.

لذلك فإن جنبلاط عمد الى تغريدة هي بمثابة مبادرة سياسية شاملة لحل موضوع العسكريين المخطوفين من خلال تقديم عرض متكامل، يتم فيه دفع الأثمان المطلوبة لبرّي ولـ”حزب الله” ليمشوا بالمقايضة الشاملة. وهنا لا بدّ من سلسلة أسئلة واقعية:

ـ لماذا توقيت هذه التغريدة؟ ولماذا أعقبت تمايز بريّ النادر عن جنبلاط وإعلانه رفض تأييد المقايضة من دون قيد أو شرط كما أعلنها جنبلاط؟

ـ لماذا ربط جنبلاط السماح بزراعة الحشيشة، وهو أمرّ أقرّه عدد من الدول المتطورة ويمكن مناقشته علمياً بجدية وقد تكون له فوائده وإيجابياته، بـ”إلغاء مذكرات التوقيف بحق المطلوبين في هذا الحقل”؟!

ـ من تشمل عملياً مذكرات التوقيف في هذا الحقل؟ ومن هم المطلوبون بأكثريتهم الساحقة؟

ـ وهل يشمل مبدأ السماح بزراعة الحشيشة، السماح بترويج المخدرات من حشيشة الكيف الى الكوكايين والهيرويين وكل أنواع السموم الملحقة؟

ـ وهل يشمل مبدأ السماح بزراعة الحشيشة، والتي يجب أن تكون لأسباب محض طبية، ضرورة إطلاق جميع تجار المخدرات الذين يعيثون بلبنان وبأجيالنا فساداً وقتلاً بابشع أنواع السموم المخدّرة؟

ـ وهل يشمل مبدأ السماح بزراعة الحشيشة السماح بتصنيع الكابتاغون وترويجها بين طلاب الجامعات والمدارس وأمكنة السهر والملاهي الليلية وتصديرها الى الخارج؟

من يعرف وليد جنبلاط يدرك جيداً أنه لا يطلق الكلام عبثاً، ولو أن كثيرين ينتقدون التقلبات الجنبلاطية عند كل منعطف. فزعيم المختارة مسكون هذه الفترة بملف العسكريين المخطوفين، وهو يسخّر كل طاقاته وطاقات وزيره الأقرب إليه وائل بو فاعور لمحاولة إنهاء هذا الجرح الوطني النازف من 2 آب الماضي، وهو لن يفوّت أي فرصة لمعالجته والانتهاء منه. وليس سرّاً القول إن سبب الاهتمام الجنبلاط بهذا الملف تحديداً يعود الى وجود عدد من العسكريين الدروز بين المخطوفين، وهو ما يشكل عبئاً على الزعيم الدرزي يريد التخلص منه.

ولذلك فإن جنبلاط قد يكون يسعى عملياً الى إتمام المقايضة في مكانها الصحيح، أي مع المعرقل الفعلي: “حزب الله”! وعنوان المقايضة الفعلية هو التمهيد لقانون عفو جديد بين الإسلاميين الموقوفين في رومية، بهدف التمكن من إطلاقهم لإجراء المقايضة مع العسكريين المخطوفين، وبين الموقوفين والمطلوبين بمذكرات توقيف من تجار المخدرات في لبنان الذين ينتمون بأغلبيتهم الساحقة الى بيئة الثنائي الشيعي “أمل” و”حزب الله”. هكذا يكون تم دفع الثمن السياسي المطلوب لوقف العرقلة داخل الحكومة، فتتم المقايضة بنجاح وسلاسة!

يبقى سؤالان مشروعان: هل الثمن الذي يعرضه عمليا جنبلاط بإطلاق تجار المخدرات ووقف مذكرات التوقيف بحقهم وإطلاق يدهم عمليا في قتل شبابنا بأسوأ أنواع السموم هو ثمن مقبول لاسترجاع عسكريينا المخطوفين؟ وهل كان ليقدّم مثل هذا الاقتراح لو لم يكن من بين العسكريين المخطوفين 4 من أبناء طائفة الموحدين الدروز؟