IMLebanon

الاستحقاقات المالية الكبيرة أبرز تحديات العام 2015 في لبنان

lebanon-money
عدنان الحاج

تميز هذا الأسبوع، إضافة إلى التطورات الأمنية وقضية العسكريين المخطوفين والفراغ الرئاسي وشلل عمل الحكومة والمؤسسات، بحضور وفد من صندوق النقد الدولي، لمتابعة الأوضاع المالية والمصرفية، ومتابعة أداء السلطات المالية والنقدية في لبنان من جهة ثانية. وكان النمو الكبير للدين العام، مقارنة بتراجع النمو الاقتصادي، أبرز النقاط التي توقف عندها الوفد.
وقد شملت جولة وفد صندوق النقد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي اعتبر الزيارة استطلاعية حول الأوضاع المالية والاقتصادية. كما زار الوفد رئيس الحكومة وبعض الوزارات والمسؤولين عن القضايا المالية والاقتصادية، إضافة الى جمعية المصارف اللبنانية، التي أشارت إلى أهمية أداء القطاع، الذي يحقق نمواً مقبولاً في العام 2014، يصل إلى 6 في المئة في ظل ظروف تشغيلية صعبة.
وعلم أن الوفد أشاد بأداء القطاع المصرفي وسياسة «المركزي»، في ظل المرحلة الدقيقة. كما سمع الوفد كلاماً من المعنيين، حول صلابة الوضع المصرفي والنقدي نتيجة الاحتياطات الكبيرة المحققة، والتي حدت من الانعكاسات على الوضع اللبناني، في ظل توسع أزمات الدول المجاورة، والانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية لنتائج النزوح السوري، التي لا يستطيع لبنان تحملها في غياب المساعدات. كما سمع تأكيدات حول متابعة العمل لضمان الاستقرار النقدي وارتفاع حجم الاحتياطات لدى القطاع المصرفي ومصرف لبنان، في مواجهة الصعوبات القائمة في المنطقة. مع الإشارة إلى أن الاحتياطات والموفورات في القطاع المصرفي تبلغ حوالي 54 مليار دولار تقريباً، إضافة إلى استمرار نمو الودائع، ولو بوتيرة أقل من العام الماضي، مع التأكيد على ثقة المودع اللبناني بالقطاع المصرفي وأدائه، مما يجعل الودائع أكثر صلابة، كونها تستند إلى قاعدة من المودعين اللبنانيين.
وأكد رئيس «جمعية مصارف لبنان» الدكتور فرانسوا باسيل أن وفد الصندوق زار الجمعية وأثار بعض النقاط المتعلقة بثبات الودائع واحتياطات القطاع المصرفي، في ضوء التطورات في المنطقة، والتخوف من الانعكاسات على الوضع في لبنان. وسمع وفد الصندوق من أركان «جمعية المصارف» كلاماً حول صلابة القطاع المصرفي وتمسك المودعين اللبنانيين بصلابة هذا القطاع، على اعتبار أن القسم الأكبر من المودعين اللبنانيين، (أكثر من 80 في المئة من المودعين)، هم من المقيمين، وبالتالي يشكلون الدعم الأساسي لحركة الودائع، لذلك فإن خيار القطاع المصرفي هو تماسك الوضع النقدي و ثبات سعر صرف الليرة.
وتطرق الوفد الى موضوع استمرار الدولة في الاستدانة من القطاع المصرفي، وحجم الاحتياطات الموجودة لدى القطاع، التي يعتبرها القطاع المصرفي في مستويات مطمئنة، وبالتالي فإن المشكلة هي في الوضع المالي للدولة والخزينة، نتيجة انعكاسات الاحداث وتراجع القطاعات الاقتصادية، التي تؤثر في نتائج الوضع المالي، وتزايد العجز في الخزينة في غياب الموازنة.
كما تطرق وفد صندوق النقد إلى موضوع تسليفات المصارف ومصرف لبنان إلى الدولة التي سبق أن حذر من تزايدها بشكل كبير، خلال الفترة الماضية. وقد ابدى وفد صندوق النقد الذي اشاد بأداء القطاع المصرفي وصلابته حتى الآن، مخاوفه من المرجعيات السياسية، محذراً من تجاهل نتائج الأوضاع المالية والاقتصادية ونمو المديونية العامة بشكل كبير في منطقة مهزوزة امنياً وسياسياً.
صعوبات العام 2015 أبرز التحديات
يبدو أن الوضع المالي للعام 2015 سيكون اكبر مهمات الدولة اللبنانية ووزارة المالية، في ظل ظروف لن تكون سهلة في طريقة تمويل الدولة، واحتياجات الموازنة للعام المقبل التي تستحق تباعاً منذ الشهر الأول من السنة، في ظل غياب وجود موازنات، مع استمرار نمو عجز الخزينة ومؤسسة كهرباء لبنان، في غياب المعالجات من جهة، وعلى الرغم من إيجاد التشريع الذي يسمح للدولة بالاستدانة بالعملات الأجنبية، لتغطية مستحقات سندات «اليورو بوند « للعام 2015، بما قيمته حوالي 2.5 مليار دولار، بينما المستحقات تفوق 3500 مليون دولار .
يضاف إلى ذلك تجديد الديون بسندات الليرة، وهي كبيرة جداً، من دون احتساب عجز الموازنة العامة للعام 2015، والمقدر بحوالي 7700 مليار ليرة.
هذا من دون احتساب ديون متعهدي الاشغال والمقاولين بحوالي 400 مليون دولار، إضافة إلى ديون المستشفيات و»صندوق الضمان الاجتماعي» المقدرة بحوالي 1200 مليار ليرة.
إشارة إلى أن قيمة مستحقات العام 2015 تتخطى 10 مليارات دولار، بما فيها سندات الخزينة بالليرة وبالعملات الأجنبية. وإذا ما أضيفت كلفة عجز الموازنة المقدرة بحوالي 5.4 مليارات دولار، تصل المستحقات إلى أكثر من 15 مليار دولار بين ليرة وسندات العملات. هذا من دون كلفة سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام والمقدرة، بعد حسم سلفة غلاء المعيشة، بأكثر من 1000مليار ليرة (كلفة غلاء المعيشة المدفوعة وغير المغطاة تقدر بحوالي 890 مليار ليرة).
في التفصيل تقدّر استحقاقات الدولة بالعملات الأجنبية للعام 2015 بحوالي 3250 مليون دولار، يستحقّ القسم الأول منها في كانون الثاني 2015، بما قيمته حوالي 250 مليون دولار، والباقي بين نيسان (حوالي 2000 مليون)، وشهري حزيران وآب، بما قيمته حوالي 500 مليون دولار لكلّ شهر.
مع الإشارة إلى أنّ الدولة أمّنت باكتتاباتها من خلال وزارة المالية خلال العام 2014 كامل المستحقات، وكان آخرها في شهر أيار الماضي بحوالي 178 مليون دولار. وبقي حوالي 400 مليون دولار تمت تغطيتها من قبل مصرف لبنان .
أما الاستحقاقات بسندات الليرة للعام 2015 فتقدّر بحوالي 10634 مليار ليرة، تمتدّ من كانون الثاني حتى شهر كانون الأول من العام 2015. غير أنّ الاكتتابات بالليرة لا تشكّل صعوبةً في ظلّ استمرار المصارف ومصرف لبنان بتجديد الاكتتابات بالليرة بحدود الاستحقاقات السنوية وتغطية العجز.
ولكن تبقى المشكلة في سبل تمويل عجز الموازنة للعام المقبل، المقدّر بحوالي 7700 مليار ليرة (حسب آخر مشروع لموازنة العام 2014)، وهي لم تقر بعد تأمين تمويل احتياجات ما تبقى من العام 2014. وكذلك الأمر بالنسبة للعام 2015 الذي لم تنجز موازنته وحجم عجزها. هذا من دون كلفة سلسلة الرتب والرواتب، في حال إقرارها سنداً إلى تاريخ تنفيذها. يضاف إلى ذلك، أنّ كلفة التمويل تحتاج إلى تشريعات جديدة للعام المقبل، بعدما انجزت للعام 2014، لا سيما بالنسبة للمستحقات بالعملات الأجنبية للعام 2015.
بمعنى آخر، إنّ إجمالي استحقاقات الدولة للعام 2015، تقدّر بحوالي 9 مليارات دولار، منها حوالي 7.1 مليارات بالليرة، والباقي بالعملات الأجنبية، من دون احتساب قيمة عجز الموازنة للعام 2015 والمقدرة استناداً إلى أرقام مشروع موازنة العام 2014 والتي لم تقر، بحوالي 7700 مليار ليرة (5.3 مليارات دولار). وهو أمر يزداد صعوبةً في ظلّ تراجع النشاط والمؤشرات في أكثر القطاعات الاقتصادية، وانتشار الأزمات في المنطقة ودول الجوار .
عدنان الحاج
إيرادات الكهرباء أقل من تقديرات العام 2014
وضعت مؤسسة كهرباء لبنان مشروع موازنتها للعام 2015، واحالتها إلى وزارتي الطاقة والمالية تمهيداً للموافقة عليها .
أظهرت أرقام الموازنة أن العجز المقدر للعام 2015 يبلغ حوالي 3023.3 مليار ليرة (حوالي الملياري دولار)، في حين كان العجز المقدر للعام 2014 حوالي 3096.8 مليار ليرة، أي بتراجع قيمة العجز حوالي 73 مليار ليرة بما يقارب 50 مليون دولار .
في التفاصيل ان أرقام نفقات العام 2015 تقدر بحوالي 4461.6 مليار ليرة (حوالي 2.97 مليار دولار) منها حوالي 3365.5 مليار ليرة ثمن فاتورة المحروقات من مادتي المازوت والفيول أويل والغاز، مقابل حوالي 4889.2 لموازنة العام 2014 أي بانخفاض قدره حوالي 550 مليار ليرة عن العام الماضي بعد تقليص النفقات بناء لطلب مجلس الوزراء في موازنة العام الماضي.
في موضوع الإيرادات، فإن التقديرات تشير إلى انخفاض الإيرادات من 1731 مليار ليرة في العام 2014 إلى حوالي 1375.2 مليار ليرة. ويعود تخفيض الإيرادات إلى تراجع الكميات المنتجة والموزعة والأعباء المستجدة، نتيجة توقف بعض المعامل من جهة، إضافة إلى استمرار عملية الهدرعلى الشبكات بنسبة تتراوح بين 19 و45 في المئة في المناطق المختلفة. أما نتائج شركات الخدمات فقد حققت تحسناً في الجباية بلغت حوالي 6.5 في المئة خلال العام 2014 ويرجح أن تستمر بالنسبة ذاتها على الرغم من تراجع حجم الإنتاج، نتيجة وضع معامل الجية والذوق القديمة التي تعثرت تلزيماتها وتوقف العمل فيها، وكانت موضوع مناقشة في مجلس الوزراء الذي أجَّل عرضها ومناقشة امكانية سد النقص بحوالي 100 ميغاوات من قبل الباخرة الموجودة في معمل الجية، بناء لاقتراح وزير الطاقة ارتيور نظريان. وعلى الرغم من قيام البواخر التركية بتأمين 300 ميغاوات، فهي تشكل حوالي ثلث الطاقة المنتجة حالياً والمقدرة بين 1400 و1500 ميغاوات.