IMLebanon

«فاينانشيال تايمز»: السعودية تملك احتياطات ضد تراجع النفط بـ 740 مليار دولار…والمخاوف من الانكماش عالمية

OilPriceDollar
كريس جايلز

فجأة العالم يفيض بالنفط. التصاعد المفاجئ في إنتاج النفط الخام والطلب العالمي عليه، الذي يعتبر أضعف من المتوقع، أديا إلى ارتفاع احتياطيات النفط وهبوط الأسعار. الانخفاض في أسعار النفط بنسبة 40 في المائة إلى نحو 60 دولارا للبرميل منذ حزيران (يونيو) هو إلى حد بعيد أكبر صدمة للاقتصاد العالمي هذا العام. نوبات مماثلة حدثت في الماضي تخبرنا بعواقب من المحتمل أن تكون عميقة وطويلة الأمد على حد سواء. عادة، الاقتصاديون يضيفون كلمة “إيجابي” إلى ما ذكر سابقا، لكن الشكوك تطفو على السطح كما لم يحدث من قبل.

من الصعب المبالغة في نطاق الصدمة النفطية الحالية. فبينما كان كل من الأسواق المالية والمحللون مهووسين بتصاعد التوترات الجيوسياسية وأحدث التقلبات في سياسات البنوك المركزية في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان، كانت هناك قوى أكبر تفعل فعلها في أسواق النفط ظلت مجهولة إلى حد كبير دون أن يلاحظها أحد. حتى وقت متأخر، هو تشرين الأول (أكتوبر)، كان “مصدر القلق الرئيسي” لصندوق النقد الدولي هو خطر ارتفاع أسعار النفط الناجم عن التوترات الجيوسياسية. بدلا من ذلك، ارتفاع الإنتاج ونمو الطلب الأضعف جعلا البلدانَ المنتجة للنفط تتنافس لإيجاد عملاء راغبين في الشراء.

لقد تحدت مخزونات البلدان الغنية بالنفط الخام بداية فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي وارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ عامين، وفقا للوكالة الدولية للطاقة. وانخفضت أسعار خام غرب تكساس المتوسط من أكثر من 100 دولار للبرميل في حزيران (يونيو) إلى أقل من 60 دولارا، مع اتباع أسعار خام برنت الأوروبي المسار النزولي نفسه. حتى أن المسار المتنامي الطفيف أخيرا لا يمكنه إخفاء المسار النزولي للأسعار.

بدلا من أن تؤدي التوترات السياسية في أوكرانيا والعراق إلى نقص في النفط وارتفاع السعر، على النحو المتوقع في سيناريو صندوق النقد الدولي، فإن العلاقة السببية تأخذ طريقا عكسيا من الاقتصاد إلى السياسة. الهبوط في أسعار النفط يهدد الآن مستويات المعيشة والمالية العامة في روسيا إلى الحد الذي ستبدأ فيه عام 2015 باعتبارها دولة ذات قيمة منخفضة وعدوانية ولديها أسلحة نووية. في الشرق الأوسط، تواجه صناديق تمويل الصراعات الشرسة في العراق وسورية ضغوطا أكبر. وتعد رغبة الولايات المتحدة أقل احتمالا في أن تلعب دور شرطي العالم، لأنها يمكن أن تلبي ما يقارب 90 في المائة من احتياجاتها من الطاقة من مصادر محلية، صعودا من نسبة 70 في المائة كانت تؤمنها حتى فترة متأخرة عند عام 2005.

في الأوقات العادية، الآثار الواسعة لانخفاض أسعار النفط على الاقتصاد العالمي معروفة جيدا. ينبغي أن تكون بمثابة حافز دولي يقوم رغم ذلك بإعادة التوزيع بكثافة من الدول المنتجة للنفط إلى المستهلكين وعلى طول الفترة التي تعاني فيها الأسعار الجديدة، والأمر الأكثر عمقا سيكون الآثار في هيكل الصناعات في جميع أنحاء العالم. لكن هذه المرة، يناقش الاقتصاديون بنشاط ما إذا كان العالم قد تغير والأجزاء الأخرى المتحركة – مثل انخفاض مستويات التضخم والدولار القوي – سوف تنعكس على العلاقات الاقتصادية المعتادة.

عندما تنخفض أسعار النفط، لا يوجد قانون أجور حديدي يجعلها تعزز النمو الاقتصادي العالمي. التأثير الرئيسي هو إعادة توزيع ضخم يسير من البلدان المنتجة للنفط، التي تحصل على أجر أقل مقابل جهدها لاستخراج الذهب الأسود، إلى المستهلكين الذين يستفيدون من النقل والطاقة الأرخص، ما يمكنهم من إنفاق المزيد من المال على السلع والخدمات الأخرى، أو ادخار الثروة المفاجئة التي هبطت عليهم.

معظم الاقتصاديين لا يزالون متفقين مع كريستين لاجارد، المديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي، التي قالت هذا الشهر إن ذلك يعد “بشرى سارة بالنسبة للاقتصاد العالمي”. تأثيره الإيجابي في النمو ينبغي أن ينشأ بسبب ميل مستهلكي النفط إلى إنفاق المزيد من مكاسبهم أكثر مما يقوم منتجو النفط بتخفيض استهلاكهم.

التأثير العالمي
يوضح ذلك غابرييل ستيرن، من أكسفورد إيكونومكس، قائلا إن “لدى المنتجين فوائض مالية ولا يميلون إلى خفضها، في حين تعيد الأسعار المنخفضة توزيع الدخل لأولئك الذين لديهم ميل أعلى للاستهلاك والاستثمار”. وسيكون حجم التأثير العالمي كبيرا، إذ تقدر أكسفورد إيكونوميكس أن كل تراجع بواقع 20 دولارا في سعر النفط يزيد النمو العالمي بنسبة 0.4 في المائة في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات. وتشير المحاكاة الأساسية لصندوق النقد الدولي إلى حجم مماثل من التأثير، لذا فإن انخفاضا بمقدار 40 دولارا في السعر قد يعوض ما هو أكثر من هبوط إجمالي بنسبة 0.5 نقطة مئوية في توقعات النمو الاقتصادية العالمية من صندوق النقد الدولي للفترة بين 2014 و2016 خلال العام الماضي. تلك الزيادة، يتم تعزيزها بعد ذلك إذا كانت تولد انتعاشا في الثقة لاحقا، ما يشجع الشركات على الاستثمار والإنفاق.

إذا كان الأثر المعتاد على الاقتصاد العالمي يعتبر كبيرا، فإنه سيتضاءل دائما بسبب التأرجح الذي سيفيد بعض الدول ويضر بدول أخرى. الفائزون الكبار هم البلدان التي تعد من أكثر المستخدمين للطاقة وتعتمد إلى حد كبير على واردات النفط. موديز، وكالة التصنيف الائتماني، تقدر أن البلدان التي “تقوم بمحاربة التضخم المرتفع وفواتير دعم النفط الضخمة، مثل إندونيسيا والهند، تستفيد بأقصى درجة من بيئة انخفاض الأسعار”.

وبالنظر إلى 45 اقتصادا مختلفا، توافق أكسفورد إيكونوميكس على الرأي القائل إن من المرجح لمستوردي النفط بين الاقتصادات الناشئة أن يكونوا الفائزين الرئيسيين. معظم الاقتصادات المتقدمة ستكسب أيضا بشكل كبير، على الرغم من أن لديها اعتمادا أقل على النفط مقابل كل دولار من الناتج المحلي الإجمالي، حيث إن مكاسبها النسبية تعتبر أصغر. النعمة الأخرى بالنسبة لكثير من الاقتصادات الناشئة هي أن انخفاض الأسعار يسمح للدول بخفض دعم الوقود، وإزالة ضغط كبير عن المالية العامة. لورد شتيرن، من كلية لندن للاقتصاد، يقول “هذي هي بالضبط اللحظة المناسبة لإزالة الدعم عن الوقود الأحفوري وتكثيف تسعير الكربون”.

لكن بالنسبة للبلدان المصدرة للنفط الآفاق تعتبر قاتمة أكثر من قبل. تلك الدول التي تميل إلى الإنفاق بدلا من حفظ عائدات النفط لديها سوف تكون أقل قدرة على التكيف مع الواقع الجديد. وتشير تقديرات وكالة موديز إلى أن روسيا وفنزويلا ستكونان الأكثر تضررا، لأن لديهما “نفقات متكررة كبيرة الأمر الذي قد يكون تحديا سياسيا لتخفيض الإنفاق”. وبالنسبة لأكبر منتج للنفط، المملكة العربية السعودية، فهي تتمتع بعوامل وقاية في المالية العامة أكبر بكثير من غيرها، لأنها تملك مخزونا ماليا كبيرا. وكان رد فعل أسواق العملات قاسيا تماما بالفعل تجاه الدول التي تعتبرها ضعيفة، الأمر الذي دفع الروبل إلى الهبوط بنسبة 40 في المائة مقابل الدولار خلال الأشهر الستة الماضية، مثلا.

وحتى الآن، الأمور طبيعية جدا. لكن هذه المرة هناك أصوات أكثر من المعتاد تشير إلى أن التوقعات بوجود تعزيز للاقتصاد العالمي تعتبر خادعة. ستيفن كينج، كبير الاقتصاديين في HSBC، يعتقد أن ضعف الطلب في الصين واليابان وأوروبا خلال الصيف كان السبب الرئيسي للانهيار في الأسعار، حيث أصبحت القصة التقليدية التي تقول “انخفاض أسعار النفط أمر جيد، ارتفاع أسعار النفط أمر سيئ لم تعد صحيحة على ها النحو البدهي”. وهو يجادل بأن التفاؤل في التقديرات الاقتصادية في أعقاب انخفاض أسعار النفط يقوم على التطورات الإيجابية في جانب العرض بالنسبة للعالم الغربي المتقدم، لكن “هناك الكثير من الحالات التي يعتبر فيها تراجع أسعار النفط مجرد عرَض لمرض أوسع”.

المخاوف من الانكماش
ويجادل كينج بأن الكثير من المكاسب السابقة من أسعار النفط تأتي من انخفاض أسعار الفائدة المرتبطة بتراجع التضخم، التي لا يمكن أن تحدث عندما تقوم السياسة النقدية بشكل فعلي بتحفيز الاقتصادات بأقصى ما في وسعها. إذا شعرت الأسر في الصين وأوروبا واليابان بأن هناك أسبابا لحفظ أية ثروات مفاجئة تهبط عليها، سيتم تقييد تعزيز الطلب العالمي بشدة.

وأحد الأسباب في أن المستهلكين ربما يكونون أقل استعدادا لفتح محافظهم هذه المرة هو أن شبح التضخم المنخفض يطارد كثيرا من الاقتصادات المتقدمة. ومع أن الأسعار المستقرة أو المنخفضة تجعل الناس أفضل حالا، إلا أنها تهدد بفترة طويلة من الركود إذا فضلت الأسر أن “تنتظر وترى” قبل أن تنفق أموالها.

هذا الموقف تم تشجيعه بسبب احتمال أن يشجع انخفاض الأسعار غدا الشركات على تأجيل الاستثمار والأسر على تأخير الاستهلاك، وتوليد نبوءة ذاتية التحقق تتعلق بنمو خفيف وانخفاض أسعار بلطف.

ينبغي عدم أن تكون هناك استهانة أو استخفاف بهذا التهديد. فبحسبت تقديرات أكسفورد إيكونوميز، مع بلوغ سعر النفط 60 دولارا للبرميل ستشهد 13 دولة أوروبية هبوطا في معدلات التضخم إلى ما دون الصفر، على الأقل مؤقتا، في عام 2015.

وقال بيتر برايت، كبير الاقتصاديين في البنك المركزي الأوروبي، الذي يعتبر على بينة من خطر أن النفط يمكن أن يوجد خيبة أمل مستمرة وليس تأثيرا إيجابيا، إن السياسة النقدية في أوروبا لا تتمتع بالترف الطبيعي الذي يخولها أن تفترض ببساطة أن انخفاض أسعار النفط من شأنه أن يعزز الدخل والإنفاق هذه المرة. وقال: “في هذه الظروف تحتاج السياسة النقدية إلى أن تقدم رد الفعل”.

العوامل الأخرى التي تفسر السبب في أن الدعم المتوقع للطلب قد يكون أكثر تحفظا، تشتمل على الارتفاع الحاد في الدولار، الذي يضمن أن أسعار النفط المحلية خارج الولايات المتحدة لم تنخفض بأي حال بنسبة 40 في المائة الواردة في عناوين الأخبار. بعض الدلائل بخصوص صحة المخاوف الجديدة يزودنا بها التاريخ. في عام 1986، انخفض سعر النفط إلى أكثر من النصف بعد أن فشلت أوبك في السيطرة على العرض، ما أثار موجة اقتصادية عالمية أدت إلى تسارع النمو العالمي إلى ذروة بلغت 4.6 في المائة في عام 1988، وهو المعدل الذي لم يتحقق مرة أخرى حتى عام 2000.

في عام 2008، أدى الضعف الحاد في الطلب العالمي إلى تراجع أسعار النفط من 133 دولارا للبرميل إلى 40 دولارا للبرميل، ولكن حتى مع وجود مخاوف من الانكماش، ساعد النفط الأرخص على توليد انتعاش في النمو في عام 2010.

التاريخ، إذن، يعتبر لطيفا بالنسبة إلى وجهة النظر التقليدية حول مدى فاعلية النفط الرخيص في تحفيز الاقتصاد العالمي في السراء والضراء. لكن الاقتصاديين يعرفون أيضا أن التاريخ لم يكن دليلا جيدا بخصوص كثير من الاتجاهات الاقتصادية على مدى السنوات الست الماضية. وعلى الرغم من أن تعزيز الاقتصاد العالمي أمر أكثر ترجيحا الآن مما كان عليه الوضع سابقا، إلا أنه لا يوجد ضمان على أن النفط الرخيص سيلقي هذه المرة بالوصفة السحرية التي كانت لديه دائما في الماضي.

الولايات المتحدة
قد يبطئ تراجع أسعار النفط من ثورة النفط الصخري، لكن لا تزال أسعار النفط المتراجعة تشكل بشرى سارة بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، في الوقت الذي يعمل فيه المال المتوافر من تعبئة السيارة بسعر أقل على نفخ محافظ مئات الملايين من المستهلكين. وانخفاض أسعار النفط حتى الآن، يوفر للجمهور الأمريكي نحو 75 مليار دولار سنويا للإنفاق على سلع أخرى – نحو 0.7 في المائة من مجموع الاستهلاك في الولايات المتحدة. ويتوقع محللون انخفاضا في الاستثمارات النفطية، لكن بنك جولدمان ساكس يحدد ذلك بما لا يزيد على 0.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وانخفاض أسعار النفط جعل الاقتصاديين أكثر ثقة بشأن التوقعات لعام 2015، مع رفع HSBC توقعات النمو في العام المقبل من 2.6 في المائة إلى 2.8 في المائة. ويؤثر النفط الأرخص في معدل تضخم منخفض أصلا، لكن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يعامل ذلك التأثير على أنه يحدث لمرة واحدة فقط.

منطقة اليورو
تبلغ واردات الاتحاد الأوروبي 88 في المائة من احتياجاته من النفط، لكن احتفاءه بانخفاض الأسعار كان خافتا. للوهلة الأولى، انخفاض أسعار الطاقة يعد موضع ترحيب بالنسبة للصناعة الأوروبية كونها تكافح للاحتفاظ بالقدرة التنافسية مقارنة بالولايات المتحدة. ومن وصف الأسعار الاستهلاكية، دعا ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، النفط الأرخص بأنه “إيجابي بشكل لا لبس فيه”. ووصفه يينس فايدمان، عضو مجلس إدارة البنك، بأنه “مثل صفقة تحفيز مصغرة “.

لكن دراجي سارع أيضا إلى تحديد المخاطر في الوقت الذي يخشى فيه الاتحاد الأوروبي بشكل فعلي من أن التضخم منخفض بشكل مقلق، ويمكن أن يتجه نحو الانكماش. ويتطلع كثير من البلدان إلى معدل التضخم للتخفيف من عبء الديون التي تقيد قدرتها على الإنفاق.

وحذر دراجي من أن انخفاض أسعار النفط يمكن أن يصبح “جزءا لا يتجزأ” من انخفاض الأجور. وضرب السقوط الحر للنفط أيضا الأسهم الأوروبية، خاصة مؤشر فاينانشيال تايمز المثقل بأسهم شركات الطاقة في لندن. ويتوقع محللون أن المشاريع الكبرى في أوروبا، كما هي الحال في بحر الشمال البريطاني، سيتم وضعها على قائمة الانتظار. الاقتصاد الألماني، الأكبر في أوروبا، يتحول نحو الطاقة المتجددة، لكن لا يزال النفط يشكل نحو ثلث استهلاكه من الطاقة.

ومع ذلك، تعززت ثقة الشركات من خلال النفط الرخيص وانخفاض اليورو. ومن المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الألماني بنسبة 1.5 في المائة في عام 2015، بحسب معهد إيفو الذي يوجد مقره في ميونيخ.

وقال المعهد إن انخفاض أسعار النفط يعزز النشاط الاقتصادي العام “خصوصا من خلال الزيادة في القوة الشرائية المحلية”.

روسيا
بالنسبة للاقتصاد الروسي، الانخفاض في أسعار النفط والأزمة الأوكرانية أثارا عاصفة مدمرة. وبما أن النفط والغاز يمثلان 75 في المائة من صادرات البلاد وأكثر من نصف إيرادات ميزانيتها، فإن عملتها تتحرك خطوة بخطوة مع أسواق النفط. الروبل، الذي كانت قيمته تقل بالفعل بسبب ضغط المخاطر الجيوسياسية، تراجع منذ أن أخذ الانخفاض في سعر النفط يكتسب الزخم. نتيجة لذلك، العبء البالغ 600 مليار دولار الذي تدين به المصارف والشركات الروسية إلى الدائنين الأجانب يصبح أكبر يوماً بعد يوم – وهو قلق أكثر خطورة بكثير لأن العقوبات الغربية حظرت معظم هؤلاء المقترضين من إعادة تمويل هذه الديون من خلال المصارف الأمريكية أو الأوروبية. ومع اعتماد روسيا على الواردات في كل شيء تقريباً باستثناء السلع الأساسية، فقد ارتفع التضخم إلى 9.4 في المائة ومن المتوقع أن يصل إلى 10 في المائة بنهاية العام.

تركيا
محمد شيمشك، وزير المالية التركي، يجادل بأن بلاده ينبغي ألا تُعتبر بعد الآن واحدا من الاقتصادات الناشئة “الخمسة الهشة” – لأن انخفاض أسعار النفط ساعد على تقليص حجم العجز في الحساب الجاري لأنقرة، الذي يعد نقطة ضعف اقتصادي سيئة السمعة. تركيا تعتمد كثيراً على الوقود الخارجي – كانت فاتورة واردات الطاقة العام الماضي 65 مليار دولار – لكن مسؤولين يقولون إن العجز يتقلّص بمقدار يزيد على 400 مليون دولار مقابل كل انخفاض بمقدار عشرة دولارات في سعر النفط. إلا أن التأثير في المستهلكين أقل، لأن تركيا لديها بعض ضرائب البترول الأعلى في العالم. وحذّر صندوق النقد الدولي من أن الاقتصاد سيبقى “حساسا للتغيرات في ظروف التمويل الخارجي” وأن الإصلاح الأساسي يتطلب ادخارا أعلى وإصلاحات هيكلية طموحة. وأعلنت أنقرة أرقام نمو مُخيبة للآمال الأسبوع الماضي، في حين أن الليرة تراجعت إلى أدنى مستوياتها مقابل الدولار وسط المخاوف بشأن سيادة القانون والبيانات الاقتصادية القوية في الولايات المتحدة. والعامل الأخير بمثابة تذكير بأن الارتفاع في أسعار الفائدة الأمريكية، وما يُرافقه من تحوّل التمويل من الأسواق الناشئة، يمكن أن يتفوّق على أية فائدة لتركيا من تراجع النفط.

إيران
في الأصل كانت طهران تعاني تأثير العقوبات الغربية المفروضة بسبب برنامجها النووي قبل أن يبدأ النفط الانخفاض. وتسعى حكومة حسن روحاني إلى إعادة توازن الاقتصاد للحد من اعتمادها على النفط في ميزانية العام المقبل البالغة 93.6 مليار دولار من نحو 50 في المائة إلى ما يُقارب الثُلث – الذي قد يكون أدنى مستوى منذ عقود. ومع عدم وجود أي احتمال لارتفاع أسعار النفط في المستقبل القريب، هناك ضغوط إضافية لعقد اتفاق نووي قبل الموعد النهائي في حزيران (يونيو). وكلفن العقوبات المصرفية الأمريكية إيران نصف إيراداتها من النفط. لكن أي اتفاق من المحتمل أن يسمح للبلاد، التي تحتفظ برابع أكبر احتياطي في العالم، ببيع المزيد من النفط الخام والوصول إلى نحو 100 مليار دولار من احتياطيات الصرف الأجنبي المجمدة. والفشل في ذلك قد يؤدي إلى انكماش الاقتصاد وإلى اضطرابات اجتماعية.

السعودية
تملك السعودية – أكبر دولة مُصدِّرة في العالم – واقيات على صعيد المالية العامة لتعويض تأثير أي عجز محلي محتمل، لكنها تظل من بين دول الخليج المتأثرة بانخفاض أسعار النفط. لكن احتياطياتها الهائلة من الصرف الأجنبي، المُقدّرة بـ 740 مليار دولار، سوف تعمل على تعويض بعض الآثار السلبية لأسعار النفط المنخفضة جداً. وبحسب موديز شكلت العائدات النفطية 85 في المائة من صادرات المملكة و90 في المائة من إيراداتها المالية عام 2013.

اليابان
تعتبر اليابان من البلدان الفائزة بوضوح من تراجع أسعار الخام. في السنة المالية الماضية، المنتهية في آذار (مارس) 2014، أنفقت اليابان، الأمة الفقيرة بالطاقة، 28.4 تريليون ين (236 تريليون دولار) على أنواع الوقود، منها أكثر من 90 في المائة مرتبطة بالإنفاق على النفط. وتراجع الأسعار بنسبة 30 في المائة يعيد إلى اليابان أموالا نقدية تعادل المبالغ التي جمعتها الحكومة هذا العام، حين رفعت الضريبة الاستهلاكية بنسبة 3 في المائة. بالتالي، التراجع في عجز ميزانية اليابان “تم تسديد نفقاته بالكامل من الخارج”، بحسب هيديو هاياكاوا، الذي كان يشغل في السابق منصب كبير الاقتصاديين في بنك اليابان. لكن التراجع في أسعار النفط يعتبر سلاحا ذا حدين بالنسبة لبنك اليابان، على اعتبار أن هذا التراجع يمكن أن يجعل من الصعب على البنك تحقيق هدفه في رفع التضخم إلى مستوى 2 في المائة.

الصين
تستفيد الصين أقل مما هو متوقع من تراجع أسعار النفط، على الرغم من كونها أكبر مستورد للنفط في العالم. ويعود السبب في ذلك جزئيا إلى أن الاعتماد المكثف على الفحم الحجري يعني أن معظم الاقتصاد منكشف على أسعار النفط من خلال قطاع النقل. أسعار الديزل والبنزين، التي تحددها الدولة، تتوقف عن متابعة أسعار النفط العالمية عند نحو 80 دولارا للبرميل. هذا يعتبر بشرى سارة لمعملي التكرير التابعين للدولة، وهما CNPC وساينوبك، لكنه ليس كذلك بالنسبة للشركات والسائقين. كما أن المصارف الصينية معرضة بصورة قوية للغاية لعدد من البلدان الكبيرة المنتجة للنفط، مثل فنزويلا، ما يجعل بكين مكشوفة حين تضر أسعار النفط المتراجعة بقدرة هذه البلدان على تسديد قروضها.