IMLebanon

الفاتورة الدوائية في لبنان ناهزت المليار و472 مليون دولار …فتّشوا عن المافيا!

MedicinePrice2
سلوى بعلبكي

عندما تقارب فاتورة الدواء في لبنان عام 2014 المليار و472 مليون دولار، وهي الأعلى عالمياً قياساً بالحجم السكاني، يستشف أن ثمة عوامل تؤدي الى هذه النتيجة، لعل أبرزها غياب سياسة دوائية، وتحكم 10 مستوردين فقط بنحو 90% من السوق، علماً أنهم يشكلون اللوبي الاقوى في البلد وفق توصيف رئيس الهيئة الوطنية الصحية اسماعيل سكرية.
فسوق الدواء في لبنان مفتوحة على الكثير من أبواب الشطارة والتحايل ممن ينظرون الى مادة الدواء كسلعة تجارية تحقق أرباحاً هائلة، وفق سكرية الذي يعتبر أن “اللاسياسة الدوائية” أدت الى نتائج كارثية منها وجود 7365 دواء مسجلاً في لبنان (5147 في السوق و2118 في سجلات الوزارة، 92% مستوردة و8% وطنية)، مشيرا الى أنه في مستشفى الجامعة الاميركية 400 سرير وأكثر من 300 طبيب يعالج كل الامراض وصيدليته تحتوي 811 دواء فقط). ولا عجب في هذا العدد اذا ما علمنا ان عشرات الادوية تسجل احيانا في جلسة واحدة للجنة الفنية (103 ادوية سجلت ما بين 4 و27 كانون الثاني 2014)، وسجل لهذه السنة 617 دواء جديداً.
ومن نتائج “اللاسياسية الدوائية” التي يلفت اليها سكرية، أن اكثر من 500 صنف دوائي غير مسجل (ألغي توقيع وزير بعد فضيحة مدوية منذ عامين)، وأن نحو 1600 دواء بصفة (حكم الدواء). هو دواء، ولا يعتبر دواء، للتحايل على القانون وعدم تسجيله في الوزارة، واخطرها الادوية المنمية Anabolics للرياضيين.
استغلال صفة دواء “جينيريك” من البعض ككلمة حق يراد بها باطل، اذ ان السعر ارخص قليلا، ولكن النوعية مجهولة في القيمة الدوائية لبعضها، في غياب مختبر للرقابة!. وخير دليل ان ثمة ادوية جينيريك لامراض السرطان لا يعترف بها اخصائيو مرض السرطان في لبنان.
اما المفارقة الكبرى، فانه وبالرغم من ان استهلاك الدواء اصبح عبئا على الفاتورة الصحية، ووصل الى 37% من مجملها وهي النسبة الاعلى في العالم، فإنه في المقابل، لم يلحظ تقدما مماثلا في مستوى الصحة العامة والعلاج.

المستوردون
انطلاقا من معرفته بالدكتور سكّرية لفترة تقارب العشرين سنة، لم يسع رئيس نقابة مستوردي الادوية واصحاب المستودعات آرمان فارس إلاّ أن يعترف له بثباته وتصميمه وعزمه على قول ما يراه حقاً وفضح ما يراه غير سوي. وإذ يقر أن حجم اعمال 10 مستوردين قد يناهز الـ 80% من حجم استيراد الدواء، إلا أنه لا يعتبر أن هذه الظاهرة تضعف سلطة الدولة وقدرتها على مراقبة القطاع. لا بل العكس هو الصحيح، لأن ثمة مستوى ادنى من حجم الاعمال قد لا تتوافر من دونه تقنيات العمل المتطورة والمتفوّقة المطلوبة والقدرة على ضبط الكلفة وخفض الفاتورة الدوائية.
في عدد الادوية، يلفت فارس الى ان الكلام على أن من أصل 7365 دواء مسجلاً في لبنان ثمة 5147 موجوداً في السوق، يوحي أن هذا الرقم مرتفع في حين أن عدد الادوية في فرنسا يناهز الـ 11 ألفاً كما يبينه التقرير عن بيع الادوية فيها خلال 2012، الذي اعدته الهيئة الوطنية لأمن الأدوية والمستحضرات الصحية في فرنسا ANSM
(Agence nationale de sécurité des médicaments et des produits de santé).
اما كلام سكرية عن أن هناك اكثر من 500 صنف دواء يدخل الى البلاد بتوقيع وزير ومن دون تسجيل، فهذا الرقم وفق فارس مبالغ فيه جداً مع التأكيد أن الحالات التي يدخل دواء الى البلاد قبل أن يتم تسجيله هي حالات أصبحت نادرة وكلها خاضعة لرقابة نظامية دقيقة.
في ما يخص المستحضرات المصنّفة “بحكم الدواء”، ليس من “تحايل” على القانون في هذا الامر لأن ما يحصل هو – وبقرار من اللجنة الفنية- إخضاع مستحضرات خارجة كلياً عن التصنيف الدوائي لرقابة اللجنة الفنية ودائرة الاستيراد، وليس تحرير ادوية ما من التصنيف الدوائي.
وفيما يقدر سكّرية حجم سوق الدواء في لبنان لعام 2014 (مليار و472 مليون دولار)، فإن مصادر نقابة مستودري الادوية التي تعتمد وحدة القياس العالمية لتحديد حجم اسواق الدواء وهي “سعر المبيع للسوق” تقدّر سوق الدواء في لبنان لعام 2014 لن تتخطّى المليار دولار (ما يقارب الـ 980 مليون دولار) موزّعة في ما بين البيع عبر الصيدليات (76%) والمستشفيات (12%) والمؤسسات العامة (12%)، أي ما بين 190 و240 دولاراً للفرد وفق العدد الذي نقدره لمجموع السكان في لبنان في ما بين 4 و5 ملايين في ما استهلاك الدواء في فرنسا على سبيل المثال هو 740 دولاراً للفرد. وبعد خفض اسعار ادوية الجينيريك بفضل قرار التسعير رقم 728/1 (تنفيذ نيسان 2014)، وخفض اسعار ادوية الشريحة E بفضل القرار 796/1 (تنفيذ ايار 2014) يقدر فارس أن لا ترتفع سوق الدواء في لبنان سنة 2015 كثيراً عن مستوى 2014/2013، وقد تقارب المليار دولار في أقصى الحالات.
ويشاطر فارس تخوف سكّرية من “آفة استهلاك الادوية المؤثرة عقليا والمهدئة”، إلا أنه لا يشاطره الرأي عندما يمزج بين تلك الادوية والاصناف – التي ليست ادوية- والتي تتسلل الى الثانويات والجامعات وتصطاد شباب اليوم، وتقدم باشكال خادعة سهلة الاستعمال (علكة وشوكولا وبونبون و”سوسيت” ونسكافيه وغيرها…).