IMLebanon

الاستثمارات العربية في قطاع الطاقة 685 بليون دولار حتى 2019

OilDollar
وليد خدوري

يتوقع أن يبلغ الاستثمار في قطاع الطاقة العربي (البترول والبتروكيماويات والكهرباء) نحو 685 بليون دولار بين عامي 2015 و2019، وفق دراسة أعدتها «الشركة العربية للاستثمارات البترولية» (أبيكورب)، التي أسستها منظمة «أوابك» عام 1975، ومقرها الخبر – الدمام. وقدمت «أبيكورب» دراستها الدورية في عنوان «آفاق الاستثمار في الطاقة العربية: الفرص والقيود والسياسات»، خلال مؤتمر الطاقة العربي العاشر الذي عقد في أبو ظبي منتصف كانون الأول (ديسمبر) 2014.
وكما هو متوقع، أخذت الدراسة في الاعتبار الاضطرابات السياسية الإقليمية منذ عام 2011، والتي ستؤدي إلى انخفاض الاستثمارات، واستمرار الأداء السلبي للاقتصاد العالمي منذ عام 2010، ما يؤدي إلى تقلص معدلات نمو الطلب على النفط. ومن ناحية أخرى، تطرقت الدراسة أيضاً إلى القفزة العلمية التي أدت إلى الازدياد الملحوظ والسريع في إنتاج النفط والغاز الصخريين المحصور في الولايات المتحدة وكندا، ناهيك عن الإنتاج النفطي البحري في البرازيل، وزيادة الإنتاج الروسي بحيث ارتفع إلى أكثر من 10 ملايين برميل يومياً (الأعلى عالمياً). وأدت هذه العوامل إلى زيادة الإمدادات وتقلص الطلب، ومن ثم إلى انخفاض الأسعار.
ونتج من هذه العوامل وتزامنها، تقليص الاستثمارات في قطاع الطاقة، مقارنة بالمعدلات السابقة. وأشارت الدراسة إلى أن احتمال انخفاض الاستثمار في قطاع الطاقة العربي خفف من حدته النمو الذي يشهده بعض القطاعات، بخاصة الكهرباء. كما انخفض معدل الاستثمار نظراً إلى ارتفاع كلفة المشاريع قيد التشييد أو المخطط لها، ما يزيد قيمة الاستثمارات، ناهيك عن الأخطار السياسية والأمنية الإقليمية.
وأشارت الدراسة إلى أن ما يزيد على ثلاثة أرباع إجمالي الاستثمارات يوجد في سبعة أقطار عربية، تتقدمها السعودية حيث يتوقع أن تصل استثمارات شركة «أرامكو السعودية» و «سابك» وشركاتها، و «الشركة السعودية للكهرباء» إلى نحو 173 بليون دولار، ثم الإمارات 113 بليوناً، فالجزائر والعراق، وقطر والكويت وليبيا. ويواجه كل من الكويت وقطر معضلة في الاستثمارات. فهناك في الأولى خلاف مزمن ومستمر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية يجمد المشاريع الكبرى أو يعرقلها، مثل مصفاة الزور.
وفي قطر، أدى وقف نشاط تطوير جديد في حقل الشمال البحري العملاق إلى تقليص معدلات الاستثمارات البترولية. وبخلاف العراق وليبيا حيث يرجح أن يأخذ معظم الاستثمارات في هذين البلدين مجاله للتنفيذ نهاية هذا العقد تقريباً. إلا أن الاستثمارات الأخرى ستجد طريقها إلى التنفيذ في الأقطار ذات الاستقرار السياسي والأمني.
تحول القيود السائدة في بعض الدول دون الاستفادة المثلى والرشيدة من تحقيق فرص الاستثمار. فهناك، على سبيل المثل، ضعف المناخ الاستثماري في بعض الدول، ما اعتبرته الدراسة العقبة الرئيسية في وجه الاستثمار. كما تواجه المستثمرين عقبات عدة أخرى أهمها ارتفاع التكاليف، ونقص إمدادات الغاز الطبيعي (على رغم توافر احتياطات غازية وافية عربياً)، والقيود على التمويل، ما أعطته الدراسة أهمية كبرى.
تتوقع الدراسة أن يتقلص حجم التمويل الداخلي طالما استمر انخفاض سعر النفط الخام. وتعتبر مستوى التراجع، إذا بقي سعر نفط خام الإشارة (برنت) أقل من 105 دولارات للبرميل، وهو السعر الذي يحقق التوازن لموازنات أقطار «أوبك». كما ستواجه التمويل الخارجي صعوبات، لأن القروض ستكون على الأرجح مقومة بالدولار الذي «سيواجه أيضاً تحدياً طالما أن سوق القروض المشتركة في المنطقة لم تتعافَ تماماً».
يعزى السبب في عدم تدهور سعر النفط قبل منتصف عام 2014، على رغم ارتفاع الإمدادات منذ فترة، إلى انخفاض الإنتاج النفطي الليبي والإيراني الذي تم تعويضه بالإنتاج السعودي والنفط الصخري. لذا، بقي ميزان العرض والطلب في الأسواق مستقراً. أما بالنسبة للمستقبل، فتشير الدراسة إلى أن سعر النفط سيعتمد على مدى انتعاش إنتاج النفط الليبي والإيراني ليصل إلى مستوياته السابقة (نحو 1.6 مليون برميل يومياً للنفط الليبي و3.8 مليون للنفط الإيراني). وهنا سيعتمد الأمر على مدى التوصل إلى اتفاق ضمن «أوبك» لاستيعاب النفوط المتزايدة من البلدين، في وقت تستمر زيادة الإنتاج من خارج «أوبك» (الولايات المتحدة وكندا والبرازيل)، وهو تفاهم ليس من السهل تحقيقه.
ما هي النتائج المترتبة على تقويم دراسة «أبيكورب» للأوضاع الراهنة؟
هناك ضرورة ملحة لتحسين مناخ الاستثمارات على المسؤولين تأمينها، والعمل على خلق بيئة أفضل للأعمال في مجالات تطوير الصناعات البترولية والطاقة الكهربائية، خصوصاً في الدول التي عانت من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية، لأنها ستكون في أمس الحاجة لجذب المستثمرين إليها. والضرورة الثانية هي الاهتمام بخفض كلفة المشاريع، بخاصة لأن سعر عقود الهندسة وتوريد المعدات والإنشاء تعتبر مكونات رئيسية لهذه التكاليف. والضرورة الثالثة هي تشجيع المتعاقدين لمراجعة شروط التعاقد السائدة وفحصها، وهي تعاقدات بنظام التسليم الجاهز الثابت للمشروع، ووضع استراتيجيات لتخفيف الأخطار من أجل خفض التكاليف.
ومن نتائج الدراسة أيضاً، التعامل مع عدم توازن العرض والطلب على الغاز الطبيعي في المنطقة، إذ إن الغاز يشكل الوقود الرئيسي، بخاصة في توليد الكهرباء، لكنّ هناك نقصاً في الإمدادات، على رغم توافر الاحتياطات. ويفرض هذا العجز استجابة المسؤولين لمقتضيات العرض والطلب، خصوصاً نحو إصلاح منظومة أسعار الطاقة المحلية للحد من الاستهلاك المفرط للغاز الحاصل حالياً، وأيضاً تعزيز الحوافز المقدمة للمستثمرين في مجالات التنقيب لتنمية موارد الغاز الطبيعي.
مع انخفاض أسعار النفط، ومن ثم تقلص موازنات الدول المنتجة، يصبح التمويل التحدي الأكبر، في المديين المتوسط والطويل الأجل، بالنسبة إلى المسؤولين عن المشاريع. فمع ضغوط الأولويات، قد تصبح الموارد المالية الحكومية غير متاحة لتغطية النقص في التمويل الداخلي المطلوب. من ثم، يقترح تشجيع الحصول على مصادر تمويلية أكثر استدامة وغير مرتبطة بسعر النفط، ما يعني إعطاء أهمية أكبر لأسواق رأس المال.