IMLebanon

«استراتيجية إدارة الدين العام»: لمصلحة من ؟

MinistryFinance
فراس أبو مصلح
انخفض معدل كلفة الدين العام كثيراً منذ عام 2009 حتى اليوم، وذلك بسبب انخفاض أسعار الفائدة في الأسواق العالمية على نحو أساسي، قال المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني يوم أمس في «عرض الاستراتيجية المتوسطة الأمد لإدارة الدين العام عن الفترة من 2014-2016 والروزنامة الجديدة لإصدارات سندات الخزينة بالعملة اللبنانية»، مشيراً إلى انخفاض نسبة الدين العام للناتج المحلي «بسبب مؤتمرات الدعم»، و»دخول رؤوس أموال كثيرة إلى السوق المحلي بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية» بين عامَي 2008 و2010.

إعلان تنظيم إصدار سندات الخزينة بالليرة اللبنانية، ونشر جدول زمني بالإصدارات، خبر مفرح بالنسبة إلى المصرفيين، ذلك أنه «يعزز ثقة المستثمرين (أي دائني الدولة)» ويتيح لهم إدارة السيولة (الفائضة) لديهم على نحو أفضل، بحسب ما ادلى به المدير العام للمالية العامة الان بيفاني. وثمة سبب آخر لتفرح المصارف، إذ تنص «الاستراتيجية» الجديدة لإدارة الدين العام على تمديد آجال استحقاق سندات الدين، ما يعني معدلات فوائد أعلى، بحسب مديرة الدين العام في وزارة المال رانيا الشعار.
غير أن ما تقدم لم يكن كافياً لإرضاء رئيس جمعية المصارف فرنسوا باسيل، الذي تقدم في ختام العرض من وزير المال علي حسن خليل قائلاً: «الـdebt taxation على المصارف (الضريبة على الفائدة التي تجنيها المصارف من أموالها الخاصة) بتطلعها من غير شي»(!)، ليضيف رفيق له إن «البنك الدولي خائف منها»!
تحدث خليل عن «توقعات» متشائمة حول وضع المالية العامة في السنة الجديدة، مشيراً إلى «تراكمات» سلبية على مر السنين الماضية، زادت من وطأتها «النتائج الكارثية لحجم النزوح السوري» والركود الاقتصادي في دول الإقليم. برغم ذلك، عبّر خليل عن نية لـ»الاستمرار في تقليص الإنفاق» وزيادة إيرادات الجمارك والإدارات العقارية (عبر حملة «النزاهة») وتنفيذ إجراءات لضبط الهدر، تعززها المفاعيل الإيجابية لتدهور أسعار النفط عالمياً، ما يخفض فاتورة تغطية عجز مؤسسة كهرباء لبنان بحوالي 400 أو 500 مليون دولار سنوياً. وعن إجراءات تحسين إدارة المال العام، شرح بيفاني أن إنشاء مديرية الدين العام فتح الباب أمام إعادة تنظيم الإصدارت (سندات الخزينة) بالليرة اللبنانية وجدولتها والتحكم في آجال سندات الدين وعمليات استبدالها، مشيراً إلى فجوة كانت تقليدية بين حساب الخزينة وآجال السندات، حيث كان «فائض السيولة لا يبرر الإصدارات الإضافية». بات وجود مديرية للدين العام يسمح للدولة بتحديد حاجتها من الاقتراض، وبالتالي فرض سقوف على إصدارات سندات الخزينة، ما يسمح نظرياً بوضع حد لظاهرة استدانة الدولة بما يفوق حاجتها؛ برغم أن مسيرة الولادة المتعثرة لهذه الإدارة التي قُدم مشروع قانون إنشائها سنة 2004 وأقره المجلس النيابي عام 2008، ولم تصدر مراسيمه التطبيقية إلا عام 2012، لا يبعث على التفاؤل بوجود إرادة سياسية لضبط الافراط في الاستدانة لمصلحة المصارف، وعلى حساب المالية العامة.
«في ظل عدم إقرار موازنة عامة، وتطبيقاً للاستراتيجية (لإدارة المالية العامة بين عامَي2014-2016)، من الضروري إقرار قانون جديد بقيم مالية محددة يرفع سقف الاقتراض بالعملة الأجنبية» (ذات الفوائد الأدنى من الاقتراض بالعملة المحلية) إلى نسبة 30% من الحاجات التمويلية السنوية، بما يغطي استحقاقات أصل الدين والفوائد بالعملات الأجنبية»، ينص الملخص التنفيذي للاستراتيجية الذي يحدد «المخاطر الرئيسية التي تواجه محفظة الدين العام (بـ)مخاطر تجديد الاكتتاب في الديون المستحقة، إضافة إلى مخاطر التقلبات المحتملة في معدلات الفوائد». ولإدارة مخاطر ارتفاع الأخيرة، تقوم الاستراتيجية على «تمديد آجال استحقاق سندات الدين، وبفوائد ثابتة… (و) على الرغم من أن تمديد آجال الاستحقاق يترافق مع ارتفاع في التكاليف المتوقعة، فإنه يوفر الحماية من مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة في المستقبل»، إذ يتخوف البعض من عودة معدلات الفوائد للارتفاع بعد بدء ما يعدونه انتعاشاً للاقتصاد الأميركي وبداية خروجه من الركود.