IMLebanon

البنوك المصرية تدمن أرباح عطاءات أذون الخزانة…وحصدت 16 ‬مليار جنيه العام الماضى

EgyptCurrency1
حلمى الشرقاوى

جاء تحقيق البنوك المصرية ــ بخلاف المركزى ــ أرباحا اجماليها ‮٦١ ‬مليار جنيه خلال العام المالى ‮٣١٠٢ ‬ــ ‮٤١٠٢ ‬بحسب أحدث تقرير للبنك المركزى بزيادة قدرها ‮٣ ‬مليارات جنيه على العام المالى السابق التى بلغت حينها ‮٣١ ‬مليار جنيه فى ظل وضع اقتصادى استثنائى نتيجة اوضاع سياسية متوترة ليفتح الباب أمام تساؤلات عدة كيف استطاعت البنوك ــ بخلاف المركزى ــ تحقيق هذا الرقم؟ وأبرز القطاعات التى ذهبت اليها محافظ البنوك التمويلية،‮ ‬وهل من الممكن أن تشهد خارطة التمويلات تعديلا خلال العام المالى المقبل؟ هذه التساؤلات وغيرها‮ ‬يجيب عنها رؤساء بنوك وخبراء لـ‮ »‬الاقتصادى‮« ‬عبر السطور التالية‮..‬

التساؤلات التى وجهها‮ »‬الاقتصادى‮« ‬لرؤساء بعض البنوك استندت على رقم أورده المركزى فى أحدث تقرير صدر عنه‮ ‬يرصد حجم استثمارات البنوك العاملة بالسوق بخلاف المركزى فى أوراق مالية واستثمارات على أذون الخزانة حتى‮ ‬يونيو الماضى حيث وصلت إلى‮ ‬825‭.‬5‮ ‬مليار جنيه لنتبين هل هذه الأرباح جاء القاسم الأعظم منها جراء الاستثمار فى شراء الدين الحكومى أم أن هناك قطاعات أخرى حظيت باهتمام البنوك؟

رؤساء بنوك شملهم الاستطلاع اختاروا دور المدافع عن البنوك وكأن استثمارها لجزء كبير من أموال المودعين فى شراء الدين الحكومى‮ «‬عيبا‮» ‬كما‮ ‬يردد دائما معظم الخبراء،‮ ‬مطالبين البنوك بالاتجاه نحو التمويل للقطاع الخاص والابتعاد عن توجية النسبة الأكبر من محافظها لشراء الدين الحكومى باعتباره ربحا جيدا بمخاطر منعدمة بينما آثر بعضهم أن‮ ‬يمسك بالعصا من المنتصف فلا هو‮ ‬يلوم البنوك ولا هو‮ ‬يقف معها فى ذات الناحية للدفاع عنها بل تمسك برأى مفادة أن البنوك عليها الموازنة بين الأمرين وأن تقرض الباحثين من أصحاب الجدارة الائتمانية أموال مودعيها إلى جانب توظيف جزء من سيولتها فى قطاعات‮ ‬غير خطرة تضمن الحفاظ على أموال مودعيها التى ترتبط معهم بأسعار فائدة محددة مسبقا بينما الفريق الثالث الذى‮ ‬يتبنى اتجاها مختلفا تماما‮ ‬يؤمن بأن البنوك أمامها العام المقبل فرصا جدية لإتاحة التمويل لقطاعات‮ ‬غير شراء الدين الحكومى مستفيدة بالمشروعات العملاقة التى أعلنت عنها الدولة مثل محور قناة السويس وكذلك المؤتمر الاقتصادى مارس المقبل الذى سيشهد بالتبعية الإعلان عن حزم مشروعات تتطلب تمويلا وهو ما سيعيد ترتيب خارطة التمويل لدى البنوك فى‮ ‬2015‮ .‬

وخلال الشهور التسعة الاولى من العام الجارى لم تشهد القروض دفعة قوية بسبب انخفاض الطلب على التمويل ووفقا لبيانات البنك المركزى بلغ‮ ‬اجمالى التمويلات التى قدمتها البنوك فى نهاية سبتمبر الماضى‮ ‬597‮ ‬مليار جنيه من‮ ‬546‮ ‬مليار جنيه نهاية ديسمبر‮ ‬2013‮ ‬بزيادة نحو‮ ‬50‮ ‬مليار جنيه‮.‬

‮ ‬ووفقا لبيانات المركزى ــ الحديثة ــ من العام الحالى ‮٣١٠٢ ‬ـ ‮٤١٠٢ ‬فإن البنوك لعبت دور‮ »‬البطل‮« ‬فى تمويل الحكومة من خلال شراء الاوراق المالية والاستثمار فى أذون الخزانة التى بلغت قيمتها ‮٥.٥٢٨ ‬مليار جنيه مقابل حجم اقراض بلغ‮ ٨.٧٨٥ ‬مليار جنيه‮.‬

محمد الإتربى رئيس بنك مصر الذى سيتولى مهام منصبة‮ ‬يناير المقبل ــ‮ ‬يشغل حاليا الرئيس التنفيذى للبنك المصرى الخليجى ــ‮ ‬يقود الفريق الذى‮ ‬يرى أن البنوك ستحول دفتها عن التركيز بشكل رئيسى على شراء الدين الحكومى خاصة مع تراجع العائد على الأذون والسندات الحكومية ــ انخفض الي‮ ‬11٪‮ ‬خلال الاشهر الثلاثة الماضية ــ ثم عاد للارتفاع مرة أخرى حاليا،‮ ‬مشيرا إلى أن منح الائتمان للعملاء‮ ‬يحقق ربحية أعلى للبنوك عن الاتجاه لشراء أذون الخزانة‮.‬

الإتربى‮ ‬يؤكد أن حالة الاضطراب السياسى خلال السنوات التى أعقبت ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير مرورا بثورة‮ ‬30‮ ‬يوينو أفضت إلى ضعف ملحوظ فى الطلب على الاقتراض دفع البنوك إلى توجيه فوائضها المالية لشراء الدين الحكومى‮.‬

الإتربى قال البنوك ستغير خارطة استثماراتها فى العام الجديد بناء على توسعات تمويلية ستعقب الإعلان عن فرص استثمارية فى مؤتمر مصر الاقتصادى مارس المقبل إلى جانب المشروعات التى‮ ‬يتضمنها محور قناة السويس الجديد‮.‬

أكرم تيناوى الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لبنك المؤسسة المصرفية‮ ‬ABC‭ ‬‮ ‬يقود فريقا‮ ‬يدافع عن البنوك فى توجيه استثماراتها نحو شراء الأذون والسندات الحكومية مستندا فى ذلك إلى عدد من الأسباب أهمها هدوء الطلب على التمويل من القطاع الخاص فى أعقاب ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير باستثناء تمويلات لكبرى الشركات فى قطاعات كالاتصالات والبترول والخدمات فالبنوك لم تجد أمامها بدا من اللجوء لتوجيه جزء من محافظها لشراء الدين الحكومى‮.‬

تيناوى الذى‮ ‬يمتلك مصرفه استثمارات تربو على وتصل لنحو‮ ‬2‭.‬6‮ ‬مليار جنيه فى أذون الخزانة،‮ ‬فى حين تقدر محفظته للقروض بنحو‮ ‬3‮ ‬مليارات جنيه‮ ‬يرى أن شراء أدوات الدين ساعد البنوك على تجنب الوقوع فى أزمة مالية نتيجة ضعف فرص التمويل مع وجود التزامات بفوائد مستحقة لعملائها،‮ ‬مؤكدا أن معدلات السيولة بالبنوك تفوق التريليون جنيه إلى جانب تحقيق فائض سيولة‮ ‬يصل الى‮ ‬500‮ ‬مليار جنيه‮ ‬يذهب‮ ‬45٪‮ ‬فقط منها للقروض تبقى النسبة الأخرى تبحث عن التمويل‮.‬

وبحسب الإحصائيات الصادرة عن المركزى فإن نسبة امتلاك البنوك لأذون الخزانة بعد ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير ارتفعت بنهاية‮ ‬يونيو الماضى لتصل إلى‮ ‬74‭.‬8٪‮ ‬من إجمالى الرصيد القائم للأذون مقابل‮ ‬58‭.‬4٪‮ ‬نهاية ديسمبر‮ ‬2010‮ ‬أى قبل الثورة مباشرة‮.‬

ومن جانبة أكد طارق حلمى عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس أن البنوك حققت القاسم الأعظم من أرباح البنوك‮ ‬يأتى بسبب شراء الدين الحكومى وهو أمر لا‮ ‬ينكره أحد ولكن لابد من الإشارة إلى أن التوسع فى توظيف أموال المودعين فى شراء الأذون جاء نتيجة عدم وجود فرص ملائمة بالشكل الذى‮ ‬يمكن البنوك من الزج بأموالها فى القطاعات التمويلية الأخرى بخلاف الأذون والسندات الحكومية التى تضمن عائدا مميزا بمخاطر منعدمة‮ .‬

ويعدد حلمى القطاعات التى شهدت تراجعا فى الأداء فى أعقاب ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير وحتى الآن ــ كانت البنوك تعتمد عليها فى توجيه جزء من محافظها التمويلية ــ وعلى رأسها السياحة التى تعانى من أزمات متلاحقة نتيجة الاضطرابات السياسية رغم محاولات المركزى لإفاقتها عبر مبادرات تستهدف تأجيل الأقساط وجدولة المتعثرات‮.‬

وتابع‮: ‬مع الاستمرار الواضح فى تراجع الطلب على الائتمان لجأت البنوك إلى توظيف أموالها فى الأذون والسندات الحكومية باعتباره أقرب البدائل‮ ‬المتاحة أمامها إلا أن التغييرات الاقتصادية المتوقعة مثل مؤتمر مارس الاقتصادى وتمويلات قناة السويس تعدل من خارطة البنوك التمويلية مستقبلا إذ لا‮ ‬يمكن للبنوك أن تغض الطرف عن مشروعات ذات جدارة تطلب تمويلا‮.‬

وتوقع عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس أن تغير البنوك نظرتها للسندات والأذون بدافع من تركيز الحكومة على ترشيد النفقات الحكومية وكذلك عملية إعادة الهيكلة التى شهدتها الموازنة العامة الأمر الذى سيقلص من حجم عجز الموازنة وما‮ ‬يتبعه من تراجع فى إصدارات الحكومة من أدوات الدين‮ .‬

وأكد محمد البيك مستشار رئيس مجلس الإدارة،‮ ‬رئيس قطاع الخزانة والمراسلين بالبنك العقارى المصرى العربى أن البنوك تعتمد فى جزء كبير من أرباحها على شراء الأذون والسندات وذلك نتيجة تراكم الفوائض المالية لديها التى لم تجد ما‮ ‬يستوعبها من المشروعات والتمويلات منذ ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير وحتى الآن،‮ ‬مشيرا إلى أن الطلب على التمويل لا‮ ‬يوازى حجم السيولة المتراكمة لدى الجهاز المصرفى‮. ‬

وتابع البيك‮: ‬استثمارات البنوك فى أذون الخزانة لها وزن نسبى بالغ‮ ‬الأهمية فى ظل عجز الموازنة وتخطى الدين المحلى حاجز الـ‮ ‬2‮ ‬تريليون جنيه،‮ ‬الأمر الذى‮ ‬يدفع الحكومة إلى البنوك فى سيل تغطية معدلات نمو الدين المحلى عن طريق شراء الأذون والسندات‮.‬

وتابع‮: ‬رغم التخفيض فى العائد على الأذون والسندات الحكومية فإن البنوك ركزت القاسم الأكبر من فوائضها المالية للاستثمار بالأذون والسندات الحكومية بتخفيض العائد على أوعيتها الادخارية بهدف الحفاظ على هامش العائد المناسب بين عائد الأذون والسندات وتكلفة الودائع للحفاظ على معدلات نمو لصافى أرباحها التى حققتها خلال الأعوام الماضية‮.‬

وفى نفس السياق أكد عز الدين محمد خبير مصرفى أن البنوك لم تجد أمامها بدا من اللجوء لتمويل عجز الموازنة وشراء الدين الحكومى فى ظل طلب ــ متواضع ــ على الائتمان الموجه للقطاع الخاص الا عبر شركات كبيرة تساهم فيها جهات حكومية بشكل اساسى‮. ‬

وتابع عز الدين‮: ‬وفقا لبيانات البنك المركزى بلغ‮ ‬اجمالى التمويلات التى قدمتها البنوك فى نهاية سبتمبر الماضى ‮٧٩٥ ‬مليار جنيه مقابل ‮٦٤٥ ‬مليار جنيه نهاية ديسمبر ‮٣١٠٢ ‬بزيادة قدرها ‮٠٥ ‬مليار جنيه‮.‬

واشار الى أن استثمارات البنوك بأذون الخزانة لها النصيب الأكبر فى التمويلات رغم أن العائد عليها تراجع بشكل كبير الا أنها لاتزال تمثل عائدا مضمونا بعيدا عن المخاطر التى تنجم عن اقراض القطاع الخاص‮.‬

احدث بيانات المركزى عن ارباح البنوك المصرية بخلاف‮ »‬المركزى‮« ‬يوضح حجم استثمارها بالاذون وحجم الاقراض‮.‬

وفى نفس السياق أكد محمد الغنام الخبير المصرفى أن استثمارات البنوك المطردة فى أذون الخزانة سببها انخفاض الطلب على الائتمان فى ظل ظروف سياسية كانت مضطربة بعض الشىء،‮ ‬مشيرا الى أن هذا الوضع سيتغير خاصة مع ما نلمسه جميعا كرجال اقتصاد من تحسن أداء الاقتصاد نتيجة الاستقرار السياسى‮.‬

وتابع خفض الجزء الخاص بالدعم الذى كان مهددا سيقلل من اعتماد الحكومة على البنوك فى سداد الدين الحكومى مستقبلا‮.‬