IMLebanon

روسيا هل تركع في الحرب الاقتصادية؟

RussiaRubleDown
انيس ديوب
في خضم الحرب الاقتصادية، التي تتعرض لها روسيا، حالياً والمتمثلة في سلسلة العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة والدول الغربية على موسكو، وأيضاً في تراجع أسعار البترول، وفي التراجع الكبير لسعر صرف الروبل الروسي، وكذلك في تخفيض تصنيف روسيا الائتماني، يبرز سؤال ملح هو: هل تركع روسيا؟.

بداية أستطيع القول، أن من الصعب جداً الإجابة على سؤال كهذا، وبالأخص في المرحلة الراهنة. فحتى اللحظة الراهنة، نرى أن روسيا، الساعية بقيادة رئيسها فلاديمير بوتين، إلى استعادة مجدها القيصري، لم تبد أية علامة على التراجع عن سياساتها، سواء منها تلك المتعلقة بأزمة أوكرانيا، أو بأزمة سورية، أو بالملف النووي الإيراني، وصولاً إلى باقي الملفات الإقليمية والدولية الأخرى، التي تتواجه فيها مصالح الروس مع الأمريكيين خصوصا، ومع الغرب عموماً.

لا بل أن لهجة التحدي والرفض، لا زالت هي اللهجة المهيمنة على تصريحات المسئولين الروس من كبيرهم إلى صغيرهم. بالأمس فقط، وتحديداً بتاريخ 13 يناير 2014، أعلنت الخارجية الروسية أن “موسكو قد تعيد النظر في تنفيذ معاهدة تقييد الأسلحة الاستراتيجية الهجومية بسبب الممارسات الأمريكية غير الودية إزاء موسكو”. ومما قاله بهذا الصدد، مدير قسم الأمن ونزع الأسلحة في الخارجية الروسية ميخائيل أوليانوف، أن «واشنطن قد تجبرنا على تغيير سياستنا في هذا الاتجاه…هذا الأمر (إعادة النظر في تنفيذ معاهدة تقييد الأسلحة الاستراتيجية) سيكون طبيعياً إذا أخذنا بعين الاعتبار العلاقة غير الودية تجاه روسيا التي تمارسها الولايات المتحدة». هذا تهديد واضح وصريح ولا لبس فيه بأن موسكو سترفض من الآن وصاعداً، التقيد ببنود إتفاقية تقييد الأسلحة الهجومية، إذا لم تتوقف الولايات المتحدة عن ممارساتها ضد روسيا.

وفي الواقع فإن هذا الموقف الروسي هو بمثابة إعلان حرب بكل معنى الكلمة. فتعبير الأسلحة الاستراتيجية الهجومية، ليس شيئأً بسيطاً، بل إنه الحرب بعينها، إن لم يكن مقدمة لإعلان الحرب.

وبتاريخ 20-12-2014 أي قبل أقل من شهر من الآن، دعا الرئيس بوتين المخابرات الروسية إلى “رفع كفائتها لمواجهة التهديدات والتحديات في المواجهة مع أمريكا والغرب”. وقبل ذلك بأيام، وتحديداً بتاريخ 5 ديسمبر 2014، أكد بوتين، في رسالته السنوية أمام مجلسي “الدوما” (النواب) و “الفيديرالية” (الشيوخ) أن “روسيا لن تهزم في المواجهة المفروضة عليها من الغرب، ولن تسمح لأي طرف، بتحقيق تفوق عسكري عليها”.

وركز بوتين على قدرة روسيا على مواجهة الصعوبات التي تمر بها حالياً، والتغلب عليها. كما أفرد جزءاً واسعاً من كلمته لشئون الاقتصاد وآليات النهوض من الأزمة الاقتصادية الخانقة بسبب العقوبات الغربية الكبيرة التي فرضها الغرب على روسيا. ودعا القيصر الجديد كما يسميه البعض، إلى اتخاذ سلسلة تدابير بينها العفو عن الرساميل المهربة، وتوفير مجالات أوسع لنشاط قطاع الأعمال الصغير والمتوسط، وتشجيع الاستثمارات عبر تخفيف القيود البيروقراطية عنها، إضافة إلى دعم الروبل عبر إنهاء المضاربات. وفي الواقع فقد دفع الانخفاض المتواصل لقيمة الروبل أمام الدولار واليورو، التجار إلى الامتناع عن بيع السيارات الأجنبية، والمصارف إلى تجميد منح القروض. ويؤكد الخبراء على أن انخفاض العملة الروسية بنسبة 70 % أمام الدولار واليورو أدى إلى تبعات سلبية كثيرة في الاقتصاد الروسي وعلى المواطنين الروس، وكذلك على البنوك الروسية التي يقول العارفون بأمورها أنها مذعورة ومعها أسواق المال، مما يحدث، لاسيما أن أسهمها بدأت بالهبوط كما أنها اضطرت لتخفيض القروض.

هذه كلها مؤشرات قوية على الجروح التي مني بها ولايزال، الاقتصاد الروسي. كل هذا صحيح، لكن تصريحات ومواقف المسئولين الروس، لا تنبئ حتى الآن، بأن روسيا ستركع.