IMLebanon

رائحة الفساد تتسرب من سد القيسماني ـحمانا قبل تسرّب مياه الكارثة

HammanaDamn

رائد الخطيب
ثمَّة انتظار واحتباس للأنفاس في بلدة حمانا، حول مآل سد القسيماني-المغيتة، إنْ للجهة البيئية والأخطار المحدقةِ بهِ، أو لجهةِ المخاطر التي يمكن أن تنجم عنه، أو رائحة الفضائح المالية التي بدأت تتسربُ قبل تسربِ المياه من السد الذي بُدِءَ العملُ بهِ.

لمْ تنفعُ كل الوقفات الاحتجاجية، ولا كل الخطابات البيئية، ولا المطالعات القانونية التي تنذرُ بحدوث كارثةٍ على كل المستويات، ولا بالخلافات التي أنشأها السد قبل اكتمال ملامحهِ، فقد اختلفت تكلفة البناء وفقا لمصادر متعددة بين 21 الى 25 مليون دولار والمصادرات من 8 الى 10 ملايين دولار(200000 متر مربع)، لكنَّ المؤكد ان كلفة المتر المكعب ارتفعت من 19 دولاراً للمشروع الاساسي الى 33 دولاراً، كما لوحظت انتهاكات عدة صارخة للقوانين والمراسيم المتعلقة بوزارة البيئة والطاقة والمياه.

إذاً هي بضعة أيام تفصلنا قبل سقوط الفأس على رأس سكان حمانا والقرى المجاورة لنهر بيروت والكل ينتظر قرار مجلس شورى الدولة المتوقع خلال الشهر الجاري، إذ انَّ سلسلة المخالفات والإهمال تعتري أعمال هذا المشروع منذ بدايته.

فقد كان الموقع الأصلي للسد في منطقة تدعى القيسماني ومن دون الرجوع او استشارة أبناء بلدة حمانا فقد تم نقل السد من المنطقة المحددة له الى منطقة سهل المغيتة المطل والمشرف على بلدة حمانا ومع نقل هذا السد سيتم بناء خزان بسعة مليون متر مكعب فوق المياه الجوفية لنبع الشاغور والتي تزود مياه الشفة لحمانا، كل هذا سيؤدي الى انخفاض 59 في المئة من منسوب المياه في افضل الظروف والأحوال والوصول الى الجفاف التام للنبع والتصحر للمنطقة، وبحسب الوثائق فإنَّه لأول مرة في تاريخ بناء السدود، لا وجود لدراسة جدية للناحية الهيدروجيولوجية لبناء السد، كما تقول نائبة الرئيس لمشروع وطن كلاوديا بريتي.

جبران باسيل والسد

كانت فكرة انشاء السد لوزير الطاقة والمياه السابق جبران باسيل وتم تلزيم المشروع لشركة LIBANCONSULT AG. وهي الشركة التي أشرفت على تنفيذ مشروع سد شبروح الذي عانى من مشاكل كبيرة، ويشار الى أن المشروع تمت معارضته بشدة من قبل المدير العام للوزارة الدكتور فادي قمير والعديد من الخبراء الاخرين.

وتلفت بريتي، الى أنه وفقا للدراسات التي قام بها أساتذة بارزون بينهم سبعة خبراء من الجامعة الأميركية والبروفسور ولسون رزق والدكتور انطوان جبر يتبين لنا ثلاث مشاكل رئيسية:

– تلوث المياه

– الطبيعة الجيولوجية والهيدروجيولوجية للتربة

-الفيالق الزلزالية

ويشكل تلوث المياه وعواقبه الصحية الجزء الأقل خطورة في هذا المشروع . ختم اعمال الحوض يتم باستخدام الاسفلت بيتومو، وهي مادة بلاستيكية ما زالت (Beton Bitumineux). وهي قيد الدرس داخل الاتحاد الأوروبي، لانها مادة حساسة للغاية تتأثر بتقلبات درجات الحرارة، فإنها تتحلل تحت تأثير اشعة الشمس والحرارة وتسبب تلوثا يمكن ان يكون سرطانيا. ان المخاطر تتزايد مع تراكم الرواسب ونمو الطحالب وهذا ما شاهدناه بالفعل في سد القرعون، اننا لمتأكدون ان هذا السد لن يكون صالحا لتزويد 35 قرية بمياه الشفة بل بالعكس سيلوث المياه الجوفية ومياه نبع الشاغور فتصبح غير صالحة للاستهلاك البشري.

ومن ناحية ثانية، ان نوعية الأرض هي كارستية تتكون من صخور قابلة للذوبان في الماء ومن احجار كلسية والأرض الكارستية هي بطبيعتها مفتتة، ومليئة بالثغرات، التي تتيح عملية تسرب سريع للمياه في التربة وتدفق المياه (سيول ووحول)، ان تحت هذا الحجر الكلسي تتكون طبقات من الحجر الرملي والطين والبازلت وهنالك العديد من الكسور والثقوب، ولأن جرف حمانا هو هش وغير مستقر وهو كتلة تتحرك باستمرار حسب مجلة جيو ساينس وورد لذلك نحن نواجه خطر كبيرا ناجما عن تسييل التربة او الانهيار الكامل للجرف والسهل والتلال فكيف اذا تم اضافة الوزن الإضافي للمشروع وهو مليون متر مكعب من المياه و 1,3 مليون طن. بالاضافة الى ذلك يقع السد على فيلق اليمونة، وتقاطع فيالق فالوغا وضهر البيدر وقد لوحظ تحركات كتلة كبيرة بسبب الزلازل في الماضي لاسيما عام 1924 و1956و1984 وفقا لمركز بحنس لرصد الزلازل وقد رصد نشاط تكتوني قوي في هذه المنطقة والتي تعد اكثر المناطق خطورة في لبنان ولقد تم رصد خمسة زلازل تتراوح قوتها بين 4,5و5,2 درجة على مقياس رختر خلال العامين 2012 و 2013. وكل هذه العوامل فضلا عن دراسات الاستقرار ومعايير الاسس ونفاذية التربة لم تؤخذ بعين الاعتبار من قبل شركة ليبان كونسول ومع ذلك تم الموافقة عليه من وزارة المياه والطاقة.

وتشرحُ بريتي، المخاطر التي يمكن أن تنجم عن انشاء هذا السد:

الخطر الاول المحتمل:

واحدة من أسوأ الكوارث التي يمكن ان تواجه المنطقة وهو الانهيار الكامل للسد كما حدث في سد مالبيست في فرنسا، ان نوعية التربة الرديئة ووجود فيالق ستحول جرف المياه الجوفية الى موجات عملاقة او تسونامي ستكون العواقب وخيمة ولا تقدر بثمن، ولا احد يمكنه، تحديد قوة الموجة ولا كمية المياه والصخور المتدفقة في نهر بيروت غامرة كل شيء في طريقها.

الخطر الثاني المحتمل

انهيار السد تحت ثقل هيكل البناء عندها ستشكل المياه المتدفقة من السد، موجات عملاقة تجتاح في طريقها سهل المغيتة وكل المناطق المجاورة.

وتشير هذه الناشطة، الى أنه «وخلال تحقيقنا وبعد مراجعة كل الوثائق التي في حوزتنا نجد التالي:

1-ان وزارة المياه والطاقة ومجلس الانماء والاعمار حصلوا على قرض بقيمة 21 مليون دولار من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، رغم عدم وجود اي دراسات جدية سواء عن الزلازل او الطبيعة الهيدروجيولوجية او البيئية والاقتصادية والاجتماعية وكانت الارقام غير واضحة بحيث اختلفت كلفة البناء وفقا لمصادر متعددة بين 21 الى 25 مليون دولار والمصادرات من 8 الى 10 ملايين دولار(200000م مربع )، وما هو مؤكد ان تكلفة المتر المكعب ارتفعت من 19 دولاراً للمشروع الاساسي الى 33 دولاراً.

2-كما لوحظ عدة انتهاكات صارخة للقوانين والمراسيم المتعلقة بوزارة البيئة والطاقة والمياه، فالمادة الاولى من القانون 221 تنظم قطاع المياه والصادر في 25 ايار 2000 التي تعتبر حماية الموارد المائية وتنميتها هي مصلحة عامة. والمرسوم 214 من قانون البناء الذي نشر في 11-12-2002 نص صراحة على ان مراحل البناء والمصادرة وهدم المباني يجب ان يكون وفقا لمبادئ حماية البيئة واستدامة الموارد الطبيعية طبق النحو المحدد في القانون 444 بتاريخ 29-7-2002 وعلى وجه التحديد المرسوم 8633 وعلى المرسوم 14293 في 11-3-2005 الذي يحدد الشروط لضمان السلامة العامة في المباني والمرافق مع الاخذ بعين الاعتبار مخاطر الزلازل، لم يأخذ بالاعتبار في بناء هذا السد المياه الجوفية للشاغور، ووجود عدد كبير من جيوب المياه غير المستغلة.

3-هنالك بدائل كثيرة بأقل كلفة تحترم البيئة والحياة وتؤمن مياه الشرب والري لجميع القرى المجاورة، مثلا هناك اقتراح يقضي بحفر بئر في حمانا على عمق 450 م مزودا بمضخة يمكنها تزويد القرى المحيطة بمعدل 12 ليترا بالثانية، كما أن هناك اقتراحا ثانيا يقضي بتجميع 5 ملايين متر مكعب من المياه النظيفة والمتجددة في اسفل نهر الشاغور، التي تذهب هدرا في البحر حسب تأكيد مستشاري وزارة الطاقة زياد مخول وانطوان كعدي خلال اجتماع في بكركي تحت رعاية وحضور البطريرك الراعي في 28-1-2013.

وعلى الرغم من ان العمل هو بالكاد بدأ، فقد تحركت الجبال وظهرت تصدعات جديدة في سهل المغيتة وكانت النتيجة المباشرة الاولى تعرض المياه الجوفية في الشاغور لبكتيريا ايكولي (فحص الصلاحية للمياه في مختبرات غرة ). وهل هناك حادث أكثر خطورة قد يجرى قبل مما كان متوقعا من قبل خبراء؟

من يتحمل المسؤولية؟

تقول بريتي «الكل كان على دراية بالموضوع ولا احد تحرك خلال سنة 2013 من ممثلي وزارة الطاقة ومعاوني ومستشاري الوزير جبران باسيل مع المعنيين وقد تعاملوا بوقاحة وخفة مع هذا الموضوع من دون الاخذ بالاعتبار مخاوف اهل حمانا، وذلك (مراسلة بين مجلس الانماء والاعمار وبلدية حمانا في 13-12-2013 ونسخة من هذه المراسلة سلمت الى رئاسة الجمهورية في 5-1-2014). وتضيف «سيكون شهر كانون الثاني حاسما، ستكون معركة بين داوود وجالوت، بين المصالح الشخصية والعدالة والانسانية سيكون الخيار بين الحياة والموت المبرمج»….