IMLebanon

فقراء لبنان: “بعدك غالي يا دهب!”

Goldtrade
حنان حمدان
منذ ما يقارب العام، وأسعار الذهب تشهد إنخفاضاً ولو نسبياً. فقد بلغ سعر أونصة الذهب 1280 دولار، بعد أن كان 1800 دولار منذ عام.
يعتبر الذهب سلعة عالمية، تستخدم كوسيلة للإدخار والزينة، كما تدخل في بعض الصناعات، وتخضع أسعارها لعدة عوامل سياسية وإقتصادية. “تعتبر روسيا ودول جنوب إفريقيا من أكبر منتجي الذهب في العالم. وتمارس على الدول المنتجة، خصوصاً روسيا، بعض الضغوط، لتخفيض أسعار الذهب بغية تحقيق أهداف سياسية وإقتصادية، من قبل مراكز الإقتصاد العالمي، ما يسمح بتقلب مستمر لأسعار الذهب وفي الإتجاهين”، وفق ما قاله الخبير الإقتصادي غالب أبومصلح، لـ”المدن”.
لا علاقة بين تراجع أسعار الذهب، وانخفاض أسعار النفط وإن حصلا بالتزامن، وفق “أبو مصلح”. هذا في وقت يطرح انخفاض أسعار الذهب تساؤلات عدة، حول مدى انعكاس انخفاض الأسعار، على زيادة الطلب؟
فعلياً لا قيمة لإنخفاض أسعار سلعٍ، تعد أصلاً من “الكماليات”، على زيادة الطلب، في حين يتقاضى الأفراد متوسط دخل منخفضاً، ويعجزون عن تأمين حاجاتهم الأساسية، فما بالك بالكماليات!
باختصار، القدرة الشرائية للفرد، هي التي تحدد إرتفاع الطلب وزيادة الإستهلاك أو انخفاضهما، وليس الأسعار، بحسب ما أكدته، مسؤولة قسم مراقبة وسلامة الغذاء في جمعية حماية المستهلك ندى نعمة، لـ”المدن”.
في سوق الذهب في منطقة البربير- نويري، التي تضم 200 محل، من أصل 3000 محل للذهب في لبنان، وفق نقيب تجار الذهب والمجوهرات نعيم رزق، لا زبائن، باستثناء القليل من الأفراد ممن تخولهم قدرتهم المادية شراء ذهب للزينة، أو بقصد الإدخار. حركة البيع والشراء ضعيفة هنا، والمشهد العام يظهر مدى تراجع القدرة الشرائية لدى معظم اللبنانيين، ما ينعكس سلباً على تجّار الذهب في المنطقة، كما في مختلف المناطق اللبنانية، باستثناء تلك التي توجد فيها أعداد مرتفعة من النازحين السوريين، كالبقاع، حيث يزداد الطلب على الذهب، كوسيلة للإدخار، نتيجة منع السوريين من إدخال عملات أجنبية الى بلدهم، وفق مالك إحد المحال في السوق.
“الجمل بليرة وما في ليرة”، مثل قديم يحاكي واقع اليوم، واقع يعاني أزمات أمنية، سياسية وإقتصادية بالجملة، وبالتالي كيف له ألا ينعكس سلباً على الإقبال على الذهب، يتساءل، فيصل الكوش، وهو مالك محل للمجوهرات في السوق عينه، مضيفاً، “التوتر الأمني سواء في الجنوب أو الشمال له تداعياته على المنطقة ككل”. أما عن الحركة التجارية فإنها “تنشط في فتراتٍ تشهد زحمة المناسبات، كالأعياد والأعراس في فصل الصيف”.
يُعتبر الذهب ملاذاً آمناً لجميع الأفراد، وإن اختلفت مستوياتهم الطبقية، فيما يطغى على حركة الشراء إقبال ذوي الدخل المنخفض بغية الإدخار، وفق محمد مزيَك مالك أحد المحال. فإحدى زبائنه، وهي سيدة تبيع الورود على الطريق، “استطاعت إدخار بعض المال لشراء قطعة ذهب بقيمة 800 ألف ليرة لبنانية”.

“لم أعد أذكر المرة الأخيرة حين قمت بشراء الذهب” تقول لطيفة، وهي سيدة صودف وجودها في سوق الذهب. وتضيف: “كان ذلك قبل فترة طويلة، الوضع الإقتصادي الراهن لا يسمح بالبحث عن الكماليات لا بل يكتفي الفرد بالضروري”. أمّا لينا (اسم مستعار)- وهي أتت برفقة والدتها، لإلقاء نظرة على أسعار الذهب، تحضيرا لزفافها، فتقول لـ”المدن”، لا زالت الأسعار مرتفعة رغم انخفاضها، إلا أنها لا تتناسب وقدرتنا الشرائية، لذلك أنوي شراء القليل لأتفادى التكلفة المرتفعة. وسيدة أخرى رفضت الإفصاح عن إسمها، تقول: “أجمع مدخراتي من الأموال، لأشتري بقيمتها ذهبا غير مصاغ، للإحتفاظ به إلى وقت الضيق”.

في المحصلة، يتبين أن انخفاض أسعار الذهب لم ينعكس إيجاباً على حركة البيع والشراء، التي تعتمد بمعظمها على زبائن من المغتربين، وفق ما أكده النقيب رزق، مشيراً الى أن “النقابة ومنذ إنشائها عام 1982، تسعى لإيجاد آليات مراقبة تشمل الأسعار. ويتم اليوم بالتنسيق مع وزارة الإقتصاد، إرسال دوريات لمراقبة الأسعار والعيارات، كما يجري التعاون مع قوى الأمن الداخلي، لمكافحة أي غش”.و في الإطار عينه، “تم أول من أمس وبالتعاون مع القوى المعنية، تسليم مجموعة تقوم بتزوير الذهب وبيعه في الأسواق”، وفق رزق.