IMLebanon

الحوض الرابع: ردم الإرادة المسيحيّة؟!

Beirutport

في بكركي استغراب وجملة من علامات الاستفهام وصولاً الى الاستياء من عدم تجاوب رئيس الحكومة تمام سلام ابن صائب سلام بشأن مسألة ردم الحوض الرابع فيما تعلو عمودياً مسائل الرفض البطريركي وصولاً الى النقد العلني والممانعة للخطة من اساسها خصوصاً ان النائب البطريركي العام المطران بولس صياح الذي يمثل رغبة بطريرك الموارنة في هذا الموضوع أوضح علناً ما جرى خلال لقائه رئيس الحكومة بأن الاخير كان قد وعده بمعالجة الملف الا انه فوجئ اي المطران بأن الردم ما زال قائماً وكأن الوعود ذهبت سدى، هذا الكلام أوضحه النائب البطريركي العام أمام اجتماع وفد الاحزاب المسيحية الذي انعقد في بكركي منذ أربعة ايام وضم جميع التيارات على الساحة المسيحية مما سمح لاعضاء الوفد بعد سماع هذا الكلام برفع الصوت عالياً والتهديد بإقفال المرفأ والتظاهر ولم يتدخل الصياح في هذا الوعيد وكأنه موافق على الخطوة وقد نقل بدوره الى البطريرك مار بشاره بطرس الراعي الاجواء التي من المنتظر ان تطالها عظة الأحد اليوم خلال القداس في كنيسة السيدة.

وتوضح مصادر كنسية لـ”الديار” ان بكركي تعاطت مع هذا الملف على خلفية وطنية واضحة بعيداً عن المناطقية والمذهبية وهي التي هدأت منذ فترة من روع اصحاب الشاحنات والمخلصين الجمركيين قبل ان تتخذ موقفاً سبيلاً لدراسة الموضوع من النواحي التقنية كي يأتي الرد بعيداً عن اي تأويل وتفسير بل عمدت بكركي وفي سبيل وضوح الرؤية والاطلاع على الحقيقة كاملة الى تشكيل لجنة من المختصين لبناء موقف واضح. وذهبت بكركي الى ابعد من ذلك كي لا يكون قرارها في هذا المجال يأخذ عرضة والرد وذلك باعطاء المهل الزمنية لمعالجة الموضوع بعيداً عن التداول الاعلامي وذلك في غياب اي رد واضح من ادارة المرفأ التي زار رئيسها بكركي ووعد خيراً، ولكن الصرح البطريركي كان يدرس الامور من الناحية التقنية البحتة والجدوى الاقتصادية من ردم الحوض.

وتنقل هذه المصادر الكنسية عن بكركي ان اكثر ما أزعجها واعترضت عليه هو هذا العمل السري والتكتم الذي تتعامل به رئاسة الحكومة مع هذا الملف، متسائلة: هل يعقل بعد كل هذا الضجيج ان لا يوضح على الاقل مدير المرفأ حسن قريطم ويشرح لعموم اللبنانيين عن مشروعه والجدوى المعولة عليه والاسباب التي تؤدي الى دفع مبلغ بقيمة مئة وثلاثين مليون دولار الى شركة معنية (حورية) وبالتراضي من دون اجراء مناقصة؟

وبالتالي فان هذه المصادر وازاء هذا التكتم وسرية العمل دفعت الاحزاب المسيحية الى التكتل وراء بكركي والتفكير في أن هناك مشروعاً لتغليب فئة على أخرى في زمن «الشراكة» في الوطن وكأن ما حصل منذ الطائف وحتى اليوم غير كاف في الادارات التابعة للدولة ومن تهميش لدور المسيحيين في التعاون داخل السلطة التنفيذية لضمان وحدة الكلمة وبين اللبنانيين وعدم العمل وفق قاعدة: نحن سنقوم بما نريد ومهما علت اصوات المسيحيين فانهم غير قادرين على الاعتراض الجدي على اي مشروع وكأن هؤلاء غير معنيين بالوطن واقتصاده فيما تجري مشاريع ضخمة جداً لحساب شخصيات من خارج الوسط المسيحي ولا يعترض احد وكأن مشروع التمادي في تهميش المسيحيين مستمر بالرغم من رفع الصوت من اكبر مرجعية وطنية وهي البطريركية المارونية وهي تقابل بالتجاهل وعدم سماع صوتها. وهذا لا يمكن التمادي فيه مما يؤثر في بقاء قضايا التهميش والاستيعاب للمسيحيين وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية حسب هذه المصادر الكنسية التي تبدو غاضبة جدا من هذا التعامل خصوصاً مع الصرح البطريركي الذي تعامل مع القضية بالكثير من الموضوعية اذ رفض في البدء اتخاذ موقف منها ولكن بعد التجربة الحسية التي قامت بها بكركي بواسطة موفد للبطريرك الراعي بالذات بدأت الشكوك تتسلل الى العقول وبدأ معها سريان مفعول كلام الاحزاب المسيحية يدور في اروقة الصرح بكل سلاسة ومصداقية.

ومن جهة ثانية تبدو هذه الاحزاب المسيحية حسب اوساطها انها لن تدع هذا المشروع يمر حتى لو كانت الكلفة تعطيل المرفأ بكامله واقفاله الى حين التراجع عن هذا الردم الذي لم يعرف احد جدواه حتى الساعة، وكان الحري كما نقلت هذه الاوساط استماع المسؤولين في الدولة لصوت المسيحيين جميعا الذين اتفقوا موحدين على رفض المشروع بضغط شعبي يطال كل الفئات الشعبية التي تعمل هناك بحيث تحدث بعض النقابيين عن ان اكثر من مئة شاحنة ما زال اصحابها يعمدون الى تقسيط ثمنها للمصارف، فكيف سيكون مصير مئات العائلات التي تعتاش وتتناول اللقمة المغمسة بالعرق والدم؟ والى اين تذهب وتعمل في ظل هذه الضائقة الاقتصادية الخانقة التي لا توفر أحداً من اللبنانيين وأهل الدولة يعون جيداً الوضع المعيشي للمواطنين، وما زاد الطين بلة ان الوزراء المسيحيين في مجلس الوزراء حاولوا طرح هذا البند إلا ان رئيس الحكومة رفض ذلك مما يطرح علامات استفهام عديدة فيما كان الاجدى ان يناقش الرئيس تمام سلام هذا الموضوع لاقناع هؤلاء الوزراء بما يراه هو مناسباً للبلاد جميعاً بديلاً عن العمل بسرية واعتماد التعتيم سبيلاً لتمرير مشروع تهجير جديد.