IMLebanon

خاص IMLebanon: القصة الكاملة وبالأرقام لـ”مغارة” كازينو لبنان

casino-du-liban

عملياً تمّت التسوية في كازينو لبنان وفتحت صالاته من جديد. فما هي قصة الكازينو بالتفصيل؟

منذ العام 2007، كان ثمة قرار بعدم التوظيف في كل المؤسسات التابعة للدولة اللبنانية سواء مباشرة أو التي تملك الحصص الأكبر فيها كوضع كازينو لبنان الذي تتملك شركة أنترا فيه 52% من الأسهم، وشركة أنترا تملكها الدولة اللبنانية من خلال مصرف لبنان. عند هذا الحد ارتأى مجلس إدارة كازينو لبنان، ولحاجته لموظفين يومها، التعاقد مع شركة أبيلا (ATDC) من أجل أن توظف أشخاص لديها يعملون في الكازينو. وهذا ما حصل فعلا اعتباراً من العام 2007 ليصبح في كازينو لبنان أنواع عدة من العاملين: موظفون في ملاك الكازينو، موظفو أبيلا المتعاقدون بموجب عقد يتم تجديده سنويا، إضافة الى موظفي استقبال من شركة Chrysantheme، التي تملكها السيدة باسكال عقيقي المقربة من النائب السابق منصور البون، تم التعاقد معها لتأمين 17 عامل استقبال يوميا داخل الكازينو (تتقاضى عن كل موظف استقبال 50 دولاراً في الليلة وتدفع له 25 دولاراَ)!!!

بدأت “الأزمة” في كازينو لبنان تظهر الى العلن مع مطالبة العاملين المتعاقدين مع شركة “أبيلا”، وهم حوالى 250 شخصاً، بأن يصححوا أوضاعهم فلا يبقون متعاقدين مع “أبيلا”، ليصبحوا موظفين ضمن كازينو لبنان، بحيث يتقاضون كمثل موظفي الكازينو مع كل الضمانات والمكافآت التي ينالها موظفو الكازينو. وتجدر الإشارة الى أن هؤلاء الـ250 هم في أكثريتهم الساحقة يعملون فعليا وينتجون في الكازينو.

جوبهت مطالبهم بالرفض أولا، فقاموا بجملة تحركات ولقاءات سياسية مع مختلف المسؤولين ورؤساء الأحزاب المسيحية للضغط على مجلس إدارة الكازينو، وهؤلاء ينتمون الى الأحزاب والتيارات المسيحية بشكل كبير (قوات لبنانية، تيار وطني حر، كتائب لبنانية، مردة، حركة الاستقلال…) فأتى الوعد عبر حاكم مصرف لبنان بنقلهم الى ملاك الكازينو اعتبارا من مطلع العام 2015.

لكن تمثلت المشكلة في التراجع الذي شهدته مداخيل كازينو لبنان بحيث بلغت في العام 2010 حوالى 280 مليون دولار أميركي وتراجعت في الـ2014 الى 205 مليون دولار، أي بتراجع 75 مليون دولار.

عند هذا الحد تمّ الطلب الى شركة التدقيق العالمية Deloite & Touche بإجراء تدقيق شامل لمعرفة إمكانية تحمّل نقل هؤلاء المتعاقدين وجعلهم موظفي كازينو لأن مطالبهم محقة. وبموجب هذا التدقيق تبيّن أن ثمة 191 موظفاً في الكازينو من غير المنتجين نهائياً فثمة 19 منهم لا يحضرون نهائياً الى مركز العمل ومنهم من هم خارج لبنان بشكل دائم، إضافة الى أكثرية ساحقة تحضر فقط لتأكيد الحضور وتغادر. مع تسجيل وجود حوالى 15 حالة مرضية بين هؤلاء الموظفين تمنع حضورهم الى العمل وتستدعي أخذها بعين الاعتبار.

بناء على تقرير التدقيق تم اتخاذ القرار بصرف الـ191 موظفاً للتمكن من نقل الـ250 متعاقدا مع “أبيلا” الى ملاك الكازينو. عند هذا الحد، تحرّك الموظفون غير المنتجين، والمحسوبين أيضا على عدد كبير من القوى السياسية، في محاولة لإسقاط القرار.

وما شكّل مفاجأة نوعية أن القوى والأحزاب المسيحية تحرّكت لتغطية مطالب هؤلاء مع العلم أن متعاقدوا “أبيلا” هم أيضاً من مناصريهم!

التوزيع السياسي للمصروفين

ما هي انتماءات الموظفين الـ191 المنوي صرفهم؟ هم موزعون كالآتي: 38 لحركة “أمل”، 26 للرئيس ميشال سليمان، 19 للتيار الوطني الحر، 17 للقوات اللبنانية، 13 للكتائب اللبنانية، 13 للنائب السابق منصور البون، 10 للنائب السابق فريد هيكل الخازن،  8 للمردة، 5 للحزب التقدمي الاشتراكي، 6 لتيار المستقبل، 3 للعميد وديع الغفري، 3 للوزير السابق فارس بويز، وواحد لكل من: حركة الاستقلال، البطريرك بشارة الراعي، الوزير ميشال فرعون، الوزير بطرس حرب، فؤاد أبو ناضر، القاضي جوزف فريحة والعميد صلاح جبران.

وكان لافتاً بين الأسماء وجود كل من: ابن شقيق البطريرك بشارة الراعي وهو موظف منذ العام 1996، ابن شقيقة الرئيس نبيه بري بري وشقيق مرافقه. زوجة النائب زياد اسود. شقيق النائب إيلي كيروز، ابن شقيق زوجة الوزير وائل بو فاعور، وشقيق العميد وديع الغفري وابنه وابن شقيقته!

مع قرار الطرد عرض مجلس الإدارة أن يتصرّف مع المصروفين غير المنتجين عمليا بموجب قانون العمل ودفع تعويضات لكل منهم تبلغ في حدّها الأقصى 12 شهراً، ثم عرض مجلس الإدارة رفعها لتصل الى 36 شهراً، قبل أن يكرّس حاكم مصرف لبنان رفع التعويضات لتبلغ 60 شهرا لكل موظف مصروف. هكذا تم القبول بالتسوية مع مراجعة كل حالة بمفردها وإحالة الحالات المرضية على لجنة مختصة وإبقاء الاستشفاء لها. إضافة الى التأكد من وجود حالات قليلة قد يكون أصحابها مظلومين بفعل أن عدم إنتاجيتهم نتج عن قرارات إدارية خاطئة وعدم تكليفهم بعمل محدد.

لماذا لم يعيّن مجلس ادارة جديد؟

ومن مفارقات أزمة الكازينو أن مجلس الإدارة الحالي المعيّن في العام 2009 لمدة 3 سنوات انتهت ولايته في العام 2012 ولم يتم تعيين بديل له. ومن المعروف أن تعيين رئيس مجلس إدارة الكازينو يتم تقليديا بالتوافق بين رئيس الجمهورية وحاكم مصرف لبنان وشركة “إنترا”. وبالتالي فإن مجلس الإدارة الحالي يستمر في مهامه ضمن منطق تسيير المرفق العام لعدم تعيين بديل عنه حتى اليوم.

ومن المفارقات المذهلة أن معاشات موظفي الكازينو كانت تصل لأكثر من 10 ملايين ليرة لبنانية، ويضاف إليها المكافآت (Bonus) التي كان يتم احتسابها لموظفي ألعاب الميسر بـ130 في المئة سنويا (يتقاضون 50 في المئة شهريا و80 في المئة دفعة كاملة آخر كل سنة) و70 في المئة للموظفين الآخرين (يتقاضونها كل 6 أشهر). وهذا ما جعل معاشات موظفي الكازينو تبلغ 80 مليون دولار سنوياً! (على سبيل المثال يبلغ ما يتقاضاه نسيب أنطون المحسوب على “التيارالوطني الحر” ما يناهز الـ14 مليون ليرة شهرياً بين أساس راتبه والمكافآت)!

تبقى أسئلة الإجابات عنها غير واضحة، ومنها: لماذا قبلت الأحزاب المسيحية وبكركي بمنطق إقفال الكازينو الذي كاد يهدد حوالى 1300 موظف يعملون إرضاءً لـ191 موظفاً لا يعملون؟ وهل شعار الإصلاح الذي ترفعه الأحزاب يتوقف عندما تصل الأمور الى مناصريهم؟ وإذا كان مجلس الإدارة الحالي غير غارق في الفساد كمجالس إدارة سبقته كما يؤكد المتابعون، إنما لماذا سكت عن وضع الموظفين غير المنتجين وغير الموجودين حوالى 5 أعوام؟!

وللملف تتمة…