IMLebanon

صناعة السيارات اليابانية تخفق في سباق القيادة الذاتية

JapaneseIndustryCars

كانا إناجاكي

“تويوتا” وشركات صناعة السيارات الأخرى في اليابان تخاطر بأن ينتهي بها الحال إلى مصير صناعة الإلكترونيات، بعدما تفوق عليها منافسون أجانب في مجال تكنولوجيا القيادة بلا سائق.

فحتى في الوقت الذي أخذت فيه الإلكترونيات تهيمن على صناعة السيارات، يسخر المديرون التنفيذيون في قطاع السيارات من فكرة أن يكون مصير صناعتهم هو مصير أجهزة الكمبيوتر الشخصية والهواتف الذكية.

لكن بالنسبة لليابان يعتبر هذا قصة مألوفة. فمجموعات الإلكترونيات في البلاد، ابتداء من “سوني” و”شارب” إلى “باناسونيك”، خسرت تقدمها في الأجهزة الاستهلاكية، في وقت طورت فيه نظيراتها الأجنبيات، مثل “أبل” و”سامسونج”، برمجيات، وجعلت الأدوات أسهل استخداما وأقل أسعارا. ويحذر محللون من أن “تويوتا” وعددا من شركات صناعة السيارات اليابانية الأخرى تخاطر بالتعرض للمصير نفسه، إذا لم تواكب التقدم التكنولوجي الذي يمكن أن يبلغ ذروته في السيارات ذاتية القيادة، الذي ينطوي في المدى القصير على نظم إلكترونية تؤدي مهام معينة في السيارة وتحسن السلامة.

يقول تاكاكي ناكانيشي، المحلل السابق لدى ميريل لينش، الذي يدير مجموعته البحثية الخاصة “صناعة الإلكترونيات في اليابان، التي كانت تتباهى ببراعة التصنيع الفريدة من نوعها، فقدت قدرتها التنافسية في نهاية المطاف”. ويضيف “الشيء نفسه يمكن أن يحدث (في صناعة السيارات) إذا ما بقيت الأمور على ما هي عليه الآن”.

ويضيف ماساهيرو إكيتا، المحلل في كريدي سويس “نحن لا نعرف ما إذا كان سيأتي اليوم الذي ستصبح فيه السيارة هاتفا ذكيا. لكن إذا حدث ذلك، فإن السيارة ستكون ببساطة وسيلة نقل. وستصبح العلامة التجارية بعد ذلك العامل الوحيد لتحديد قيمتها”.

وعلى غرار الابتكارات اليابانية في الهواتف المزودة بكاميرات وأجهزة القراءة الإلكترونية التي فشلت في تحقيق النجاح المرجو منها، كان لشركات صناعة السيارات والموردين في البلاد الريادة في تكنولوجيا السلامة في السيارات، لكن دون نجاح كبير. وهم متخلفون عن منافسيهم من الشركات الأوروبية في مجال أنظمة مساعدة السائق المتطورة، التي تساعد على الحد من الحوادث. وبحسب ناكانيشي، من غير المرجح لليابان اللحاق بالموردين الأوروبيين إلا بعد عام 2020.

في عام 2003 أدخلت “تويوتا” أول نظام سلامة باستخدام رادار يعمل بموجة ذات تردد بالغ السرعة millimetre-wave طورته موردة أجزاء السيارات “دينسو”. وهو يعطي تحذيرات وينفذ عملية الضغط على الفرامل قبل الاصطدام، لكن لم يصل إلى حد إيقاف السيارة بالكامل، الذي كان محظورا في ذلك الوقت بموجب القوانين التنظيمية اليابانية.

وكانت شركة فولفو السويدية لصناعة السيارات هي التي كشفت النقاب في اليابان عن نظام كبح مستقل في حالات الطوارئ عام 2009، باستخدام أجهزة استشعار صنعتها شركة كونتيننتال في ألمانيا. وجاء الإطلاق بعد 18 شهرا من التفاوض مع الأجهزة المنظمة اليابانية التي كانت تشعر بالقلق من أن السائقين سيعتمدون كثيرا على الكبح الذاتي وسيصبحون غير مبالين. وبعد سنة تقريبا، أطلقت فوجي هيفي، الشركة التي تنتج سيارات سوبارو، شرارة ازدهار أنظمة الكبح التلقائي في البلاد مع تدشينها نظاما يسمى آي سايت. وتم تسليط الضوء على حجم التحدي الذي يواجه شركات صناعة السيارات اليابانية الآن، من خلال بيانات لشركة سيميكاست للأبحاث أظهرت أن كلا من كونتننتال وبوش، والأخيرة أيضا شركة ألمانية موردة لقطع السيارات، تسيطران على نحو 40 في المائة من سوق إلكترونيات السيارات في اليابان.

وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أعدت “تويوتا” خططا لتركيب نظامين لمنع الاصطدام في سياراتها في الولايات المتحدة واليابان وأوروبا بحلول نهاية عام 2017. أحد النظامين – الذي سيتم استخدامه في سيارات تويوتا الصغيرة – يعتمد على رادار كونتيننتال. والآخر – للسيارات الكبيرة – يستخدم رادار وكاميرا دينسو. وأعلنت “هوندا” في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي نظاما لمساعدة السائق يتضمن وظيفة الكشف عن المشاة. وكشفت شركة نيسان هذا الشهر أنها تعمل مع “ناسا”، وكالة الفضاء الأمريكية، لتعزيز تكنولوجيا القيادة الذاتية التي تأمل في تقديمها للمستهلكين بين 2016 و2020. وتسعى شركة نيسان التي لديها تحالف مع رينو الفرنسية، إلى إنتاج سيارة ذاتية القيادة خلال خمس سنوات قادرة على التنقل بين المدن، وهو ما يطابق هدفا حددته “فولفو”. ومع أن كلا من “تويوتا” و”هوندا” تعمل على تطوير التكنولوجيا، يبدي التنفيذيون حذرا بشأن احتضان وتبني السيارات بدون سائق بالكامل. وفي إشارة إلى شعار الثمانينيات الذي أعاد رئيس “تويوتا”، أكيو تويودا، وضعه في عام 2011، يقول موريتاكا يوشيدا، الرئيس التنفيذي لتكنولوجيا السلامة في الشركة “الرئيس لدينا يحب متعة القيادة، حتى إنه قد لا يكون مولعا بشكل خاص بالقيادة المستقلة”. ويضيف “إذا كانت مجرد وسائل للنقل، فلا ينبغي لها أن تكون مَرْكبة”.

ويرى يوشيهارو ياماموتو، الرئيس التنفيذي في وحدة البحث والتطوير التابعة لـ “هوندا”، أن تجربة القيادة يجب أن تكون “مريحة وممتعة” على حد سواء. ويضيف “نحن لا نريد أن نقدم صندوقا متحركا”. ولن تصبح السيارات بسهولة سلعا، مثلما هو الحال مع الهواتف الذكية أو أجهزة التلفزيون. فالقوانين الخاصة بالمرور على الطرق تختلف في كل بلد، والتقدم في التكنولوجيا يسير ببطء، فضلا عن وجود اختبارات مطولة لضمان السلامة. وتعتبر السيارات بدون سائق غير قانونية في معظم أنحاء العالم، إضافة إلى أن التأمين والمسؤولية القانونية من الأسئلة التي لا تزال بلا حل، فيما يبقى أداء أجهزة الاستشعار والكاميرات هشا، خاصة في الظروف الجوية السيئة.

لكن الإمكانات من السيارات ذاتية القيادة – التي تقدر قيمتها السوقية بـ 87 مليار دولار سنويا بحلول عام 2030، وفقا لمجموعة بيانات لوكس للبحث – تعتبر كبيرة جدا بصورة لا يمكن تجاهلها، خاصة في بلد مثل اليابان التي تتصارع مع شيخوخة سريعة بين السكان.

ويقول إيجل جوليوسون، المحلل في IHS للسيارات، “إن بعض الشركات اليابانية ربما تحتاج إلى الاستفادة من خبرة برنامج جوجل للسيارات ذاتية القيادة لمواكبة التقدم في سباق القيادة المستقلة”، في حين إنها يمكن أن تساعد مجموعة التكنولوجيا الأمريكية في فن صناعة السيارات.