IMLebanon

في ظل اقتصاد صيني أكثر مرونة…على العالم التحرر من “عقدة السرعة”

ChinaMoney

ندى تشن
قرر بنك الشعب الصيني، البنك المركزي، خفض نسبة احتياطي الودائع بالعملة الصينية لدي المؤسسات المالية بواقع 0.5 نقطة مئوية هذا الأسبوع ، في تحرك يمثل من وجهة نظر المراقبين والمحللين الأجانب خطوة هامة تهدف إلى تحفيز نمو الاقتصاد وتأتي بعدما كشفت إحصاءات محلية ودولية عن تباطؤ متوقع للاقتصاد الصيني.
فقد جرت نقاشات عريضة داخل أروقة جهات مختصة في المجتمع الدولي حول معدل نمو الصين وتكهنت بأنه سيكون أقل من7 % في عام 2015. ولكن المحللين الاقتصاديين الأجانب ، الذين يعكفون على دراسة سلسلة التحركات والتغيرات التي يشهدها الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، لم يتعودوا على ما يبدو بعد على الوتيرة الجديدة لنمو اقتصاد الصين، بل ويظنون أن بطء النمو الاقتصادي لثاني أكبر اقتصاد في العالم سيترك تأثيره على الاقتصاد العالمي.
وما كشف عن نظرة تشاؤمية إزاء الاقتصاد الصيني تصدر صفحات الجرائد الغربية لعناوين مثل “نمو اقتصاد الصين يبلغ أدني مستوى له في 24 عاما” و”اقتصاد الصين يسجل أدنى سرعة نمو منذ ربع القرن” و”نهاية الطفرة الصينية”.
وهذا أمر ليس بالغريب لأن تسجيل الصين لمعدل نمو أعلى من عشرة في المائة خلال العقود الثلاثة الماضية كان بمثابة أمر لا يصدق بالنسبة للدول الغربية التي لم تكن على ما يبدو مستعدة لرؤية هذا التباطؤ وفوجئت بما يسمى بـ”الوضع الطبيعي الجديد” الذي تسعى الصين من خلاله إلى تعديل سرعة النمو من مرتفعة إلى متوسطة، وتحديث هيكل الصناعات ورفع كفاءته، وتحسين الرفاه الاجتماعية .
بيد أنه على النقيض من ذلك، أشارت تقارير نشرتها بعض وسائل الإعلام الأجنبية المعتدلة إلى أن التباطؤ هو “ثمن” لابد من دفعه مقابل إدخال إصلاحات على هيكل الاقتصاد من شأنها أن تسهم في خفض التكاليف الإيكولوجية عبر التنمية، وتضييق خطر انفجار “الفقاعة الاقتصادية”، وتفادي اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
ولا يمكن لأحد أن ينكر أن الأرقام عادة ما تشرح وتفسر قضايا اقتصادية عدة ومنها تحديدا الناتج المحلي الإجمالي الذي يعد بمثابة مؤشر هام لتقييم اقتصاد ما بشكل كلي. بيد أن الارتكاز على دراسة الأرقام وحدها لا يمثل أسلوبا دقيقا عندما يتعلق الأمر باقتصاد الصين، لأنه من الضرورة بمكان البحث بطريقة دينامية وعميقة في الأسباب وراء التغيرات الحاصلة في تلك الأرقام .
فإذا ما أمعن المراقبون النظر سيدركون أن هذه الجولة من خفض سرعة النمو لم تحدث بمحض الصدفة وإنما استعدت لها الصين قبل سنوات، أي منذ اطلاق الخطة الخمسية الـ12 في عام 2011. لهذا، تبدى الصين الآن جاهزيتها للسيطرة على تباطؤ وتيرة النمو دون إحداث أية تقلبات، بل وقدرتها التامة على تحقيق ذلك وفقا للخطة التي رسمتها للمستقبل.
ويكمن الدليل على ذلك في أن قطاع التوظيف بالصين لم يتأثر بالوضع الجديد، إذ تم خلق فرص عمل جديدة بمناطق الحضر الصينية ليتجاوز عددها 13 مليونا خلال العام الماضي، وهو العام الذي شهد في حد ذاته تباطؤا في وتيرة نمو الاقتصاد الصيني وانخفض فيه الناتج المحلي الإجمالي إلى 7.4%، الأمر الذي يدحض تماما النظرية التي يصر عليها الخبراء وتفيد بأن تسجيل الصين لمعدل نمو قدره 8 % هو وحده الذي سيمكنها من خلق 9 ملايين فرصة عمل تشكل في حد ذاتها عاملا رئيسيا لتأمين استقرارها المجتمعي.
كما أعرب السيد هوانغ يي بينغ، نائب مدير معهد الدراسات التنموية بجامعة بكين، عن اعتقاده بأنه لن تبرز مشكلة كبيرة في خلق فرص العمل في الصين حتى في حال انخفاض نسبة النمو إلى 6%، قائلا إن “تأثر التوظيف بالنمو الاقتصادي ليس أشبه بمعادلة ثابتة بأيه حال من الأحوال”.
وهنا ينبغي الإشارة إلى أنه حتى إذا ما تراجعت نسبة نمو اقتصاد الصين إلى أقل من 7% في ظل “الوضع الطبيعي الجديد”، فلن يشكل ذلك على الإطلاق “كابوسا” للصين والعالم، ومن ثم حان الوقت لكي يتخلص العالم من “عقدة السرعة” التي تتملكه كلما ينظر إلى اقتصاد صيني بات الآن أكثر مرونة.