IMLebanon

التنقل عبر الإنترنت دليل على جدارة المقترض الائتمانية

OnlineShopping1

تريسي ألوواي

في أواخر عام 2008، عاد كيفن جونسون إلى منزله في أتلانتا، جورجيا، بعد شهر عسل قضاه في الخارج ليجد النظام المالي منهارا، ورسالة من شركة بطاقته الائتمانية في صندوقه البريدي.

قلصت أمريكان إكسبريس الحد الائتماني لديه من 10800 دولار إلى 3800 دولار. والسبب، وفقا للرسالة، هو أن جونسون تسوق من محال يرتادها أناس تعتبرهم شركة بطاقة الائتمان أصحاب تاريخ ضعيف في السداد.

بالنسبة لجونسون الذي يعتز بأنه صاحب مشاريع في مجال وسائل الإعلام والإنترنت، فكرة أنه سيكون محدودا ماليا بسبب السلوك المفترض من زملائه المتسوقين ليست مقبولة لديه على الإطلاق. في ذلك الوقت، كما يقول، درجة فيكو للائتمان لديه – المقياس المرجعي للجدارة الائتمانية في الولايات المتحدة – كانت نحو 760، وهي مرتبة جيدة ضمن مجال الائتمان الجيد.

يقول جونسون “كان الأمر نوعا من الدعوة للاستيقاظ”. ويضيف “خلقت الأزمة المالية فرصة رائعة للشركات لتطبيق بعض الخوارزميات الماكرة الخبيثة لصد أبواب الائتمان في وجه أناس هم أحق بالائتمان”.

طرح جونسون، وهو أمريكي من أصل إفريقي، الرسالة للرأي العام، ما أدى إلى إثارة نقاش حول ما إذا كان مثل هذا التنميط الائتماني عادلا. “أمريكان إكسبريس” تخلت عن الأمر، وتم إدراج حكم يقضي بمزيد من الدراسة لهذه الممارسة في قانون بطاقة الائتمان أصدره الرئيس باراك أوباما في عام 2009.

بعد ست سنوات من ذلك، أصبح لدى الشركات المالية خيار استخدام التقنيات التي تستهلك كثيرا من البيانات التي تجعل من عملية مراقبة عادات التسوق تبدو بدائية. هناك عدد هائل من المعلومات التي تم جمعها من وسائل الإعلام الاجتماعية وسماسرة البيانات الرقمية ومسارات الإنترنت يمكن أن تستخدم لتحديد الجدارة الائتمانية للأفراد باستخدام الرياضيات، أو لتسويق المنتجات الموجهة خصيصا لهم.

إلى أي درجة تستخدم مثل هذه الخوارزميات من قبل المصارف الرئيسية وشركات بطاقات الائتمان يعتبر أمرا غير واضح، وكذلك مدخلاتها وحساباتها والأهداف الناتجة عن ذلك. وبينما تعرض عديد من أنواع الخوارزميات التي تعتمد على البيانات لانتقادات بسبب تعتيمها وتدخلها، فإن استخدام بطاقات الأداء الرقمية في مجال التمويل يثير مشكلات إضافية من حيث الإنصاف. استخدام مثل تلك المعلومات لبناء توقعات حول المقترضين يمكن، كما يقول النقاد، أن يؤدي إلى صلابة الخطوط الفاصلة بين الأغنياء والفقراء عن طريق حجب الائتمان عن أولئك الذين يرتبطون بالفعل بعدم إمكانية الوصول إليه.

يقول فرانك باسكوال، أستاذ القانون في جامعة ميريلاند، ومؤلف كتاب عن الخوارزميات بعنوان “مجتمع الصندوق الأسود”، “يمكنك الدخول إلى دوامة العنف والموت ببساطة عن طريق اتخاذ خطوة واحدة خاطئة، عندما تضخم الخوارزميات نقطة بيانات سيئة وتسبب تأثيرات متتالية”.

ويجادل مؤيدو هذه التكنولوجيا بأن القدرة على الحصول على نظرة شاملة للعملاء المحتملين – بناء على أصدقائهم وصاحب العمل وحتى العادات الممارسة لديهم – يمكن أن تساعد في نهاية المطاف على توسيع نطاق توافر الائتمان لأولئك الذين يعانون في سبيل فتح حسابات مصرفية أو الحصول على قروض عادلة.

ويقول اليكس سيون، رئيس شركة موفين التي توفر الحسابات المدينة للعملاء الذين يرغبون في متابعة أفضل لعادات إنفاقهم، “عندما يقوم المستهلكون بالإنفاق في نمط يؤدي بهم إلى فقدان قليل من السيطرة على مواردهم المالية، هل سيكونون قادرين على العودة إلى المسار الصحيح وكيف؟ هذا هو نوع البيانات التي يمكن الحصول عليها من عالم البيانات الكبير”.

ويوافق الجانبان على أن أساليب ضمان البيانات المركزية الجديدة والخوارزمية تثير مسائل قانونية في الوقت الذي أصبحت الفجوة بين الأغنياء والفقراء قضية سياسية ساخنة.

يقول جالين بك وولتر، العالم الذي ساعد على تطوير محرك مطابق لتأريخ موقع إي هارموني الذي يعمل حاليا في” باي أوف”، وهو مقرض بديل، “الأمر عبارة عن منطقة رمادية كبيرة غير واضحة المعالم في الوقت الراهن”. ويضيف، “خرج الجني من القمقم، وليس هناك عودة إلى الوراء من حيث سحب هذه المعلومات أو أن نقول للشركات إنه لا يمكنها تحليل أوقات النقرات، وحتى كتابة أنماط وأشياء من هذا القبيل”.

خريطة 1935 لأتلانتا الكبرى في الأرشيف الوطني تأتي في ظلال من اللون الأزرق والأصفر والأحمر. الرموز المخربشة باليد على الخريطة تنص على أن “الضوء الأزرق – الأفضل، والأزرق الداكن – لا يزال مستحبا، والأصفر – تدهور مؤكد، والأحمر – خطر”.

هذا تذكير صارخ بفترة مظلمة في تاريخ الولايات المتحدة، عندما تم تصنيف المقترضين المحتملين ليس بناء على خصائص الائتمان الفردية ولكن بناء على الأحياء التي يعيشون فيها.

وكانت الأحياء “التي خطت باللون الأحمر” في كثير من فقيرة وتهيمن عليها مجموعة عرقية أو عنصرية معينة. في حالة أتلانتا ومدن أخرى في الجنوب الذي كان يسيطر عليه التمييز العنصري، كان الهدف من هذه الممارسة في كثير من الأحيان الحفاظ على الأمريكيين من أصل إفريقي، بعيدا عن الأحياء التي يسيطر عليها البيض.

ومنذ ذلك الحين تم حظر ممارسة الخط الأحمر من خلال عدد كبير من القوانين التنظيمية، بما في ذلك الإقراض العادل وقوانين مساواة فرص الائتمان. لكن القلق هو أن الخط الأحمر في القرن الحادي والعشرين قد لا يتم رسمه بشكل علني بالحبر والورق ولكن بالمعلومات التي تتدفق من خلال أجهزة الكمبيوتر وعبر الإنترنت.

وفي حين إن القانون الأمريكي يحظر التمييز بين المقترضين على أساس عوامل مثل نوع الجنس أو العرق، إلا أن تحليل المعلومات المتاحة للجمهور على الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر أثبت أنها قادرة على التنبؤ بدقة بكل شيء، ابتداء من الميل السياسي للمستخدمين إلى العرق والتوجه الجنسي.

ومن أهم اهتمامات النقاد تأتي القدرة على استخدام أنواع جديدة من البيانات والخوارزميات المحوسبة لبناء “معلومات وسيطة” لا تميز بشكل صريح على أساس عوامل مثل العرق أو الجنس، ولكن قد تستخدم المعلومات المترابطة لبناء ملف شخصي متعمق لعميل معين.

ويقول ماكس جاسنر، مؤسس “وان فاينانشيال”، وهي شركة ناشئة للخدمات المالية للأفراد، “الآن لديك البيانات، يمكنك التكهن بأي شيء”. وأضاف، “يمكنك استخدام بياناتك على “فيسبوك” و”تويتر” لمعرفة عرقك (…) يمكنك التنبؤ بكثير من الأشياء التي يعتبر من غير القانوني استخدامها في الإقراض، ويمكنك أيضا أن تميز بشكل أكثر دقة بين الناس”.

تمحيص البيانات من خلال “سلوك تدفق النقر” أو استخدام “إرشادات الويب” التي تسمح للشركات بتتبع حركة المستخدمين عبر الإنترنت يمكن أن تقدم أدلة قيمة حول هوية الشخص أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي ببساطة من خلال مراقبة كيفية الوصول والتنقل عبر شبكة الإنترنت. مثلا، وجدت دراسات من مركز بيو للأبحاث ومن مجلس الاحتياطي الفيدرالي أن السود واللاتينيين أكثر عرضة بكثير للوصول إلى الحسابات المصرفية باستخدام الهاتف المحمول، وهو ما يعطي دلالة على الهوية العرقية ببساطة من خلال النظر في كيفية تصفح الناس للويب.

وكتب المركز القومي لقانون المستهلكين في ورقة حديثة حول البيانات الكبيرة “لأن البيانات الكبيرة تهدف إلى استخدام خوارزميات لم يكشف عنها، فمن المستحيل تحليل خوارزمية لأثر تمييز عنصري محتمل”.

وإضافة إلى الخوارزميات نفسها، القوانين التي تحكم البيانات الكبيرة التي تستخدم في الإقراض لا تزال غامضة.

ويقول أناند رامان، الشريك في شركة سكادين أربس للمحاماة “عندما يتعلق الأمر بالبيانات الكبيرة، ليس هناك حظر واضح على استخدام البيانات من أجل الضمان”. ويضيف، “لكن يمكن أن يصبح الأمر قضية إقراض عادلة إذا نتج عن استخدام تلك البيانات نتائج سلبية غير مناسبة لأعضاء فئة محمية”.

هذا هو الخوف من التدقيق التنظيمي الذي ترك كثيرا من المصارف الكبرى وشركات بطاقات الائتمان التي يُعتقَد أنها تقوم بتجريب البيانات الجديدة مترددة في الغوص بكل إخلاص في عالم المعلومات الائتمانية غير التقليدية.

وقال عامل سابق في التنقيب في البيانات في واحدة من أكبر شركات بطاقات الائتمان، “كل شركات بطاقات الائتمان تم جذبها فعلا للبيانات الاجتماعية، وهي تشعر بالخوف منها على حد سواء”. وقال “إن المجموعات المالية التي تقوم علنا باستخدام البيانات الكبيرة قد تواجه خطرا مباشرا أو يمكن أن يُفسَّر تصرفها على أنه يميز بين فئة وأخرى”، بطريقة مشابهة للتداعيات الناجمة عن خطاب جونسون في عام 2008.

بدلا من ذلك، استخدام المعلومات غير التقليدية تم حتى الآن إجراؤه بصورة علنية بالدرجة الأولى من قبل مجموعة الشركات الناشئة التي تقول “إن هدفها هو استخدام المعلومات المنوعة المتاحة الآن لتوسيع الائتمان بطريقة أكثر كفاءة، أو لأولئك الذين يفتقرون إلى معلومات الائتمان التقليدي”.

مقرضو النظير للنظير الذين يستخدمون الإنترنت لترتيب اتصال المقترضين مباشرة بالمقرضين هم مثال بارز. كثير منهم يستخدم وسائل الإعلام الاجتماعية وغيرها من أنواع البيانات غير التقليدية لزيادة عمليات الضمان أو منع الغش – مثلا، التحقق بصورة تلقائية من العمالة لدى طالب القرض على الملف الشخصي لهم الموجود في “لينكد ـ إن”.

تحليل الشبكات الاجتماعية قد يسمح للمقرضين ليس فقط بتخمين عرق طالب القرض ووضعه الاجتماعي والاقتصادي، ولكن أيضا الولاء النسبي للعملاء. وبالمثل، دراسة الطريقة التي ينقر بها المتقدمون من خلال صفحات الويب يمكن أن تعطي تلميحات حول السمات الشخصية، مثل الاندفاع. واستخدام التقنيات القابلة للارتداء، التي يمكنها تتبع كل شيء ابتداء من عادات ممارسة الرياضة لمعدل ضربات القلب، تفتح أيضا الباب لعالم آخر من المعلومات بالنسبة للمقرضين الجائعين للبيانات.

وقال أندي ون، نائب رئيس العلوم السلوكية في “باي أوف”، “إذا كنت شخصا منظما وتتصرف بدافع الضمير ولديك عادات جيدة فإنك ربما ستقوم بأداء جيد في الائتمان”. وأضاف، “هذه الأمور تميل إلى الارتباط، وإذا كنت تستطيع رؤية السلوك المنظم في أحد مجالات الحياة، فإنك قد تعتقد أن ذلك ينقل إلى الائتمان”.

هذه الشركات مصرة على أن استخدام البيانات السلوكية سيوسع الائتمان لأولئك الذين قد يحرمون منه خلاف ذلك. وعلاوة على ذلك، يقول كثيرون “إن استخدام تلك المعلومات يمكن أن يزيل التحيز من عملية الضمان التي تشارك تاريخيا في تخمين المعلومات بشكل شخصي عن طريق موظف القرض في مبنى فرع البنك الذي يقدم الخدمات التقليدية”.

ويقول رامان، “إذا نظرتَ إلى ما هي البيانات الكبيرة، فإنها أساسا استخدام معلومات موضوعية، يمكن للمرء أن يجادل بالتأكيد حول أنه من الأفضل من منظور خطر الإقراض العادل استخدام هذا النوع من المعلومات الموضوعية بدلا من الاعتماد على الحكم أو التقدير”.

ويرى بعضهم أن البيانات الكبيرة والخوارزمية المحركة لتصنيف المستهلكين قد تجد أعظم استخدام لها في تسويق المنتجات المالية، بدلا من ضمانها. شركة نيلسن بريزم تنظر إلى الرموز البريدية لتصنيف العملاء إلى فئات تراوح بين “الطبقة العليا” و”المعيشة المنخفضة التي هي في حالة ارتفاع” – مجموعة توصف بأنها عالم “عابر” من “التنوع العرقي” للعزاب والعزاب من الآباء والأمهات. استخدام هذا الاستهداف الدقيق يعني أن الفئات التي وضعت ضمن جماعة غير مرغوب فيها قد لا تحصل على فرصة في قرض معين أو منتج مالي. ووجد تقرير مركز القانون القومي للمستهلكين أن المنتجات الائتمانية باعت على أساس العمليات التي تقودها بيانات غير تقليدية عرضت معدلات النسبة المئوية السنوية من 134 في المائة إلى 748 في المائة – الأرقام من ثلاث خانات أكثر أنموذجية لقروض يوم الدفع من بطاقات الائتمان. ويقول باسكال “هذه التقنيات دائما ما تتم فوترتها باعتبار أننا وجدنا طريقة جديدة لجلب أناس لديهم تاريخ ائتماني رفيع في النظام. لدي شكوك حول ذلك. شعوري هو أنك سترى فقط تصلب طبقات الائتمان الحالية”.

سيون، من موفين، يقول “إن استخدام المعلومات من الشبكات الاجتماعية ومصادر البيانات الأخرى غير التقليدية قد تخصص الخوارزميات التي تعتمد خلاف ذلك على بيانات منفصلة أكثر للحكم على سلوك المقترض الفردي”. ويضيف “البيانات الاجتماعية تجلب الأمر مرة أخرى إلى الشخص (…) في نهاية اليوم إذا كنتَ تشكل مخاطرة كبيرة، فإنك ستعتبر مخاطرة كبيرة”.

في أتلانتا، يقول جونسون “إنه يأمل في نهاية المطاف أن يكون بالإمكان استخدام التكنولوجيا الجديدة لخلق فرص للمقترضين دون تفاقم التحيز ضدهم”.

ويضيف “هناك الجانب الإيجابي وهناك الجانب السلبي، تجربتي هي قصة حقيقية جدا لكيفية أن هناك جانبا سلبيا وكيف أن الناس، في كثير من الأحيان، لا يعرفون حتى أن هناك جانبا سلبيا”.