IMLebanon

السوريون يتخوفون من انهيار إضافي لليرة

SyriaCurrencyMoney2
رولا عطار
تحرك السوريون في يومياتهم على وقع ارتفاع الدولار أو انخفاضه، لاسيما حين يشهد سعر الصرف ارتفاعات حادة كما هو حاصل منذ حوالي الأسبوعين. حيث تجاوز سعر الصرف في السوق السوداء 248 ليرة سورية للدولار الواحد، وهذا الارتفاع يترجم بزيادة مباشرة في أسعار السلع والمواد الأساسية داخل الأسواق، كما أن له تأثيراً على الحركة التجارية في البيع والشراء.
وذلك دفع الكثيرين إلى تجميد أعمالهم وتجارتهم، ريثما يستقر سعر الصرف أو يعود إلى حدوده “المقبولة”. وما زاد من شدة مخاوف هؤلاء هو ارتفاع سعر الصرف في نشرة الصرف الرسمية، الصادرة عن “مصرف سوريا المركزي”، حيث سجل سعر الصرف 201 ليرة للدولار، وفي مرات سابقة ارتبط تراجع السعر بما يجري من تطورات عسكرية وأمنية.
“الدولار في ارتفاع مستمر، وعلى ما يبدو سنترحم على ليرتنا”، هذا لسان حال السوريين المتخوفين من الارتفاع الكبير في سعر الصرف، والمستمر يومياً بشكل تصاعدي. “الأمر مقصود كشكل من أشكال التضييق، ليضاف إلى ما سبقه من زيادات على أسعار السلع المدعومة من خبز ومازوت. وهذا سيدفع السوريين في مرحلة لاحقة للقبول بأي حل يمكن أن ينهي الأزمة”، كما يقول عامر، وهو أحد المواطنين السوريين، لـ “المدن”.
ويقول خالد الذي يعمل في مجال المحاسبة: “لم تعد لليرة السورية قيمة. أنفقت خلال ثلاثة أيام ما يقارب 15000 ليرة أي حوالي 62 دولاراً، على شراء خضار ولحوم وبعض الحاجيات الأساسية. اذ ارتفعت الأسعار بالتوازي مع ارتفاع الدولار”. يضيف خالد: “لم تعد الرواتب التي نتقاضاها تكفينا. وبرأيي الحل بأن تبدأ الشركات بتحويل رواتب موظفيها إلى الدولار”.
الإنعكاسات السلبية أصابت التجار أيضاً، ففضّل بعضهم “التوقف عن تصريف البضائع الموجودة لديه إلى حين تبيان حركة سعر الصرف. كما أن قسماً آخر بدأ بتحويل أمواله إلى الخارج تحسباً لما سيجري لاحقاً، لاسيما من الناحية الأمنية حيث تحولت دمشق في الأيام الأخيرة إلى منطقة غير آمنة، بعدما كانت الملاذ الوحيد أمام الصناعات والأعمال التجارية التي تضررت في مناطق الإشتباكات”، وفق ما أكّده علي، وهو أحد التجار في دمشق، لـ “المدن”.
“ما يجري ليس في صالحنا” يقول تاجر آخر، “ولا ندري ما إذا كان ما يحصل في سعر الصرف أمراً مقصوداً”، وفي الحالتين، فإن الخسارة واقعة، لأن التجار يقومون بحساباتهم وفق سعر صرف معين، وعندما ينخفض السعر فجأة، تقع الخسارة حتماً. وتفادياً للخسارة، “عمد البعض الى إجراء عمليات البيع والشراء بالدولار، على أن يكون الدفع نقداً”.
الى ذلك، وصل سعر صرف الدولار في الغوطة الشرقية خلال اليومين الماضيين إلى “230 مبيع” و”227 شراء”، وترافق ذلك مع ارتفاع في أسعار السلع والمواد الغذائية والمحروقات حيث وصل سعر ربطة الخبز الى 900 ليرة (أي ما يعادل 3 دولارات)، في حين أن سعر ربطة الخبز في دمشق 35 ليرة (أي ما يعادل أقل من دولار واحد). أيضاً، سعر ليتر البنزين وصل الى 1150 ليرة داخل الغوطة (4 دولارات) أما في دمشق فوصل الى 130 ليرة (0.52 سنتاً).
وكذلك الحال بالنسبة لبقية السلع التي تباع بأسعار مضاعفة داخل الغوطة الشرقية، بما فيها الغاز والحطب والكهرباء، حيث تبلغ كلفة تأمين ساعتين من الكهرباء، بقدرة أمبير واحد، 1100 ليرة أسبوعياً.
وفي محاولة للسيطرة على الوضع، طلب المصرف المركزي عدم بيع وشراء أو تحويل القطع الأجنبي إلا عن طريق المصارف ومؤسسات الصرافة السورية المرخصة أصولاً. وأشار في تعميم له، إلى أن مؤسسات الصرافة المسموح لها التعامل بالقطع الأجنبي تمارس عملها تحت اسم تجاري ملحق بعبارة “للصرافة”، ولا يجوز التعامل بالقطع الأجنبي مع أي شركة تمارس عملها دون ذكر هذه العبارة.
وأكد المصرف ان كل تعامل بالقطع الأجنبي مع غير المصارف ومؤسسات الصرافة المرخصة، يعرض المخالف للملاحقة القانونية بجرائم تهريب القطع وغسل الأموال ومصادرة القطع الأجنبي، الى جانب غرامة مالية تصل إلى 100 بالمئة من قيمة هذه المبالغ. وكان المصرف قد أعلن في وقت سابق عن رصد 65 مليون دولار أمريكي وبيعها في السوق لجميع الأغراض التجارية وغير التجارية، طيلة شهر شباط، كواحد من أجراءات التدخل التي يقوم بها بين الحين والآخر.
لكن واقع الحال، يشي بعدم تحسّن الأوضاع في الشارع السوري. لأن سياسات التدخل الحكومية لا تسمن ولا تغني من جوع. لاسيما أن المتنفذين في السلطة، هم من يدير لعبة السوق المالية، وغالبية الأسواق السوداء. وأمام هذه الصورة، لا يتضرّر سوى المواطن العادي، الذي لا ترحمه القذائف، ولا سياسات الدولة.