IMLebanon

أسئلة وجودية تحاصر شركة «ياهو» من كل جانب

YahooMarissaMyar

هانا كوتشلر وريتشارد ووترز

لماذا ياهو؟ كان هذا السؤال الدائم بالنسبة لوادي السليكون خلال الأعوام الـ 15 منذ طفرة الدوت كوم، عندما لمعت بوابة الإنترنت لفترة قصيرة وأصبحت على مرأى من الجميع. كانت ياهو ذات مرة واجهة الإنترنت، بحيث كانت المكان الذي تحول إليه الجيل الأول من مستخدمي الإنترنت للحصول على المعلومات أو الترفيه.

ومنذ فترة طويلة وهي في حاجة إلى التجديد. تجاوزتها سلسلة من الابتكارات المرتبطة بالإنترنت، تشمل البحث وشبكات التواصل الاجتماعي والأجهزة المتنقلة، ولم تعلن أي نمو سنوي في الإيرادات منذ عام 2008. والآن، في الوقت الذي تستعد فيه لبيع حصتها التي تبلغ قيمتها نحو 32 مليار دولار في شركة التجارة الإلكترونية الصينية، علي بابا – وهي أحد الأصول التي تدعم سعر سهمها وتُبقي المستثمرين سعيدين لسنوات – عاد السؤال بكل قوة.

يقول ستيوارت بترفيلد، وهو صاحب مشاريع على شبكة الإنترنت باع موقع فليكر للصور على الإنترنت، الذي شارك في تأسيسه، إلى ياهو قبل عشرة أعوام، إن غيرها من شركات الإنترنت الرائدة وجدت طرقا لتجعل من نفسها شركات لا غنى عنها بالنسبة لمستخدميها. ويضيف “لا أعتقد أنه يمكنك أن تقول بالضبط ما هو هذا الشيء الذي يسمى ياهو”.

ويلاحظ أنه خلال كل هذه السنوات اللاحقة لا تزال ياهو تبحث عن هوية. “أعتقد أن المشكلة الأساسية هي، ما ياهو؟”. واقتراحه، بعد أن شاهد الشركة وهي تتصارع مع ذلك السؤال من الداخل، هو “تقسيمها”.

نايجل موريس، وهو مسؤول تنفيذي في شبكة دنتسو إيجيس الإعلانية، يعبر عن هذه الفكرة بدون مواربة ويقول: “ليست هناك حاجة لياهو”.

الأسئلة الوجودية المحيطة بالشركة تشعل فتيل واحد من أطول المسلسلات في وادي السليكون. لقد حاول الرؤساء التنفيذيون المتعاقبون إيجاد وسيلة لبناء أعمال نامية مما لا تزال واحدة من أكبر شركات الإنترنت جماهيرا ـ يبلغ عدد زائريها 575 مليون زائر في الشهر.

ماريسا ماير، مديرة المنتجات السابقة في جوجل التي أصبحت الرئيسة التنفيذية لياهو منذ سنتين ونصف، تقترب من لحظة الحقيقة. في الشهر الماضي، أفصحت عن خطط لشركة منبثقة معفاة من الضرائب من حصة شركتها في علي بابا، ما يعطي مساهمي ياهو حصة من مجموعة التجارة الإلكترونية الصينية. المساهمون في ياهو نادوا بقوة بمثل هذه الخطوة، التي تعتقد الشركة أنها يمكن أن توفر عليها فاتورة ضريبية قدرها 16 مليار دولار.

حصة علي بابا

على الرغم من أنه انزلق في الأيام الأخيرة، إلا أن التضخم السريع في سعر سهم علي بابا يُبقي قلق المساهمين عند حده ويمنع توجيه بعض الأسئلة الصعبة. لكن بيع حصة علي بابا في سبيله إلى أن يترك ماير تتعرض بشكل كامل لشكوك مزعجة بشأن الأعمال الأساسية في ياهو.

يقول أحد كبار المصرفيين في نيويورك “كانت ياهو مثل متجر مصبغة الملابس العادية في الحي، ثم اكتشف صاحب المتجر ذات يوم أن هناك منجما للذهب تحته”. ويضيف “الآن وقد تخلصت من منجم للذهب، ستعود مرة أخرى لتصبح متجرا عاديا في الحي”.

كان هدف الشركة الأصلي تقديم العون لمتصفح الويب عديم الخبرة الذي يمكن أن يجد نفسه في الموقع وأمامه البريد الإلكتروني والأخبار والطقس والرياضة في مكان واحد. المتشككون العديدون في الشركة يسألون عن الغرض منها الآن بعدما أتت شركات مثل جوجل وأبل وفيسبوك أساليب أكثر قابلية للإدمان بالنسبة للناس، للتواصل أو للترفيه عن أنفسهم على الإنترنت. وبحسب موريس، حتى تضع ياهو نفسها مرة أخرى في طليعة شركات الإنترنت، تحتاج إلى اتخاذ خطوات جذرية لتصبح ذات صلة “بجيل الألفية”.

ولكن بالنسبة لأنصار ماير، الانتقادات مثل هذه تغيب عنها الفكرة المهمة. يقول أحد الأشخاص الذي قام بمراقبتها مباشرة، تكمن قيمة ياهو في التيار الرئيسي والمتوسط من الجمهور الذي غالبا ما يتم تجاهله من قبل وادي السليكون.

وكانت أكبر مشكلة بالنسبة لماير هي الحفاظ على هؤلاء المستخدمين سعداء، كما يقول هذا الشخص. ويضيف “حقيقة أن حركة المرور ارتفعت له دلالة كبيرة. من منظور الجوال، بدأت الأوضاع في التحسن بالنسبة إليهم، والإيرادات ستتبع”.

ويبدو أن مجال ماير للمناورة يتقلص بسرعة. وفي الوقت الذي ينظرون فيه إلى ما هو أبعد من بيع حصة علي بابا، بدأ المساهمون التركيز على كيفية اعتصار المزيد مما تبقى من ياهو.

الشركة الاستثمارية الناشطة ستاربورد فاليو طالبت ياهو بالنظر في الاندماج مع أمريكا أون لاين، وهي نجم آخر يتلاشى من طفرة الإنترنت الأولى، باعتبارها وسيلة لخفض التكاليف. وقد تم اقتراح هذه الفكرة عدة مرات، لكنها رُفضت: إقحام ياهو جنبا إلى جنب مع شركة ناضلت أيضا لمواكبة الاتجاهات على الإنترنت من شأنه ألا يكون له أي معنى، وفقا لأحد المحللين الذي درسها، لكن مجرد التهديد هو تذكير لماير بنفاد صبر المساهمين.

المصرفيون الاستثماريون ومجموعات الأسهم الخاصة الذين كانوا يحومون حول ياهو لسنوات، أملا في الحصول على فرصة استحواذ مربح أو صفقة شراء، يلعقون شفاههم بعدما وضعت حصة علي بابا الشركة بعيدا عن متناول معظم المشترين، لكن بعد خصم 32 مليار دولار هي قيمة تلك الحصة، إضافة إلى نحو سبعة مليارات دولار في ياهو اليابان، تصبح القيمة السوقية لأسهم ياهو التي تبلغ نحو 41 مليار دولار، ضمنيا قيمة لا تذكر بالنسبة لأعمالها الأساسية، على الرغم من أنها تولد نحو مليار دولار من التدفقات النقدية التشغيلية في السنة.

رؤى متنافسة

من الناحية العملية يناقش المساهمون رؤيتين للأعمال، ما إذا كان ينبغي عليها إعادة الاستثمار للنمو، أو حلب الممتلكات الحالية للحصول على النقد وخفض التكاليف وإعادة المال لمساهميها.

وتكتسب الحجة الثانية قبولا متزايدا، ويشيد المساهمون بكين جولدمان، كبير الإداريين الماليين في ياهو، ويأملون في أن يساعد على دفع جدول أعمال يشتمل ليس فقط على إعادة أموال علي بابا إلى المساهمين، ولكن أيضا الاستفادة من الميزانية العمومية من خلال إصدار سندات أو ديون قابلة للتحويل وتمرير تلك الأموال إلى المساهمين.

ويقول أحد المساهمين “أنا لا أعرف أن الإدارة تتحدث بصوت واحد”. ويضيف “كين يدفع باتجاه عمليات إعادة شراء الأسهم وماير تركز حقا على النمو. إنها تستشهد بستيف جوبز، ولاري بيج – الرئيس التنفيذي لجوجل. إنها لا تستشهد بالمديرين التنفيذيين لشركات الإعلام الذين قاموا بإنشاء قيمة من خلال زيادة الرفع المالي ودمج، أو إنشاء شركات منبثقة عن الشركات الأم”.

ولعكس المسار العام للأحداث يجب على ماير حل اللغز الذي أعاق ياهو منذ نهاية طفرة الدوت كوم، ما إذا كانت في جوهرها من شركات الإعلام أم شركة تكنولوجيا. تيري سيميل، التنفيذي السابق في هوليوود الذي كان يديرها بعد انهيار الدوت كوم، دفع ياهو نحو التحول إلى شركة إعلامية كاملة الأهلية. وحاولت ماير سحبها والعودة بها إلى جذورها في قطاع التكنولوجيا، إلا أنها اضطرت إلى إيلاء اهتمام متساو لاحتياجات أعمال وسائل الإعلام، والاستثمار بكثافة في جلب قوة النجوم لتعزيز خدمتها الأخبارية.

واستخدمت سلسلة من عمليات الاستحواذ الصغيرة لتوظيف مواهب المطورين الذين تحتاجهم ياهو لإعادة اكتشاف موقعها المهم. ومنذ تعيينها حولت تركيز مطوري البرامج إلى الهاتف الجوال، وأعادت تصميم كل تطبيق، وأنفقت 1.6 مليار دولار على عمليات استحواذ بما في ذلك شراء موقع التدوين تمبلر.

يقول روبرت بيك، المحلل في صن تراست روبنسون همفري “طفرة التكنولوجيا توشك أن تضر بها”. ويضيف “لا يمكن القيام بعملية استحواذ أو ابتكار بنفس سرعة بعض هذه الشركات الناشئة. لو لم تكن هناك طفرة تكنولوجيا ربما يمكنها أن تستخدم مهارات المنتجات التي لديها، والاستحواذ على الشركات الصغيرة وعدم وقوعها في القصور أمام تلك الشركات، لكن هناك الكثير من رأس المال”.

إثبات أنها يمكن أن تعيد تحقيق النمو في الإيرادات إلى ياهو هو أمر مُجهِد بالقدر نفسه. أعمال ياهو التقليدية في الإعلانات التي تعرض على الإنترنت تلاشت أمام أشكال جديدة مثل الفيديو ووسائل الإعلام الاجتماعية. وتشير ماير إلى مجالات رئيسية أربعة – الجوال والفيديو والإعلان الأصلي (تدفق الإعلانات المصممة لتقليد المحتوى) ومجالات التواصل الاجتماعية – التي نمت بمعدل 100 في المائة في الربع الماضي، ويتوقع أن تسهم بـ 1.5 مليار دولار في الإيرادات في عام 2015 .

تقول كاثي سافيت، كبيرة إداريّ التسويق في ياهو ورئيسة قسم الإعلام “لقد قمنا ببناء هذه الأعمال من الألف إلى الياء، في الوقت نفسه الذي كنا نزيد فيه حركة المرور وكذلك وجودنا على الساحة العالمية”. وهذا يرقى لأن يكون عامين “غير عاديين” جعلا ياهو تشعر وكأنها “أكبر شركة ناشئة في العالم”.

وقالت ماير إن هذه المصادر الجديدة للدخل يمكن أن توازن الانخفاض في عائدات الإعلانات المعروضة هذا العام.

وهناك فرصة كبيرة لزيادة الدخل يمكن أن تكون في متناول اليد. ففي وقت لاحق هذا الشهر، سيكون لدى ياهو أول فرصة لمحاولة إعادة التفاوض حول اتفاق أبرم قبل خمس سنوات مع شركة مايكروسوفت، تزود بموجبه شركة البرمجيات خدمة البحث التابعة لياهو بلوازم التكنولوجيا وخدمات أخرى.

لقد فشل هذا الترتيب في أن يرتقي إلى مستوى آمال ياهو، وتبين أن مايكروسوفت أقل فعالية في بيع إعلانات البحث من جوجل. وقد يضطر ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لمايكروسوفت، لتقديم تنازلات كبيرة لتوسيع العلاقة، بدلا من المخاطرة بأن يرى ياهو تخرج عن مايكروسوفت وتلجأ إلى جوجل، وفقا لأحد أنصار ماير.

ويمكنها منذ الآن أن تشير إلى الزخم في أعمال البحث. ففي كانون الأول (ديسمبر)، حصة ياهو من عمليات البحث في الولايات المتحدة قفزت أكثر من 10 في المائة، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2009، بعد أن حلت محل جوجل لتصبح محرك البحث الافتراضي في متصفح فاير فوكس.

وعلى الرغم من هذا التقدم، تواجه ماير في نهاية المطاف المشكلة نفسها التي أنهكت أسلافها منذ سنوات، وهي كيفية تحويل ياهو مرة أخرى إلى رائدة في هذه الصناعة. قبل عقد من الزمن، كان ينظر إلى عملية شراء موقع مثل فليكر باعتبارها السبيل لحقن الطاقة والأفكار الجديدة. ويقول بترفيلد، الذي واصل تشغيل فليكر بعد أن تم ابتلاعها لكنه استقال في عام 2008 “كان من الصعب للغاية بالنسبة لنا العمل على نمو الموارد”. ويقول موظفوها التسعة إنهم غرقوا في البيروقراطية والاقتتال الداخلي ضمن شركة قوامها عشرة آلاف موظف.

مشكلة العلامة التجارية

يقول المتشككون إن ماير تحتاج أيضا إلى حل مفارقة فشِلَ أسلافها في التصدي لها. العلامة التجارية لياهو، على الرغم من أنها أحد أشهر أصول الشركة، ربما تكون أيضا واحدة من أكبر العوائق. وبحسب موريس “لديها هذا الإرث من العلامة التجارية القديمة التي تبلغ من العمر 20 عاما، وهذا يعني أنها من التسعينيات وهي لا تزال تحاول الاستفادة منها اليوم”. بدلا من ذلك، كما يقول، ينبغي أن تكون شركة “تبحث في الأصول التي استحوذت عليها، التي تستطيع الاستحواذ عليها لتفعل شيئا مختلفا جدا بها”. ولم تسدد ماير بعد الضربات القاضية التي تم توظيفها من أجلها. ويجادل أنصارها بأن الوقت ما زال مبكرا لإحداث انقلاب تام، وأن استقرار الأعمال هو الخطوة الأولى.

وألمحت ماير إلى أن الشركة لديها تطبيق الدردشة الخاص بها قيد الإعداد – وهو أمر من شأنه أن ينافس خدمتين من فيسبوك، هما واتس آب وسناب تشات. كذلك تقوم ياهو في الوقت الحاضر بتجربة مجال أصبح يكتسب رواجا بصورة متزايدة، هو “البحث الاستباقي”، حيث يتم تغذية المعلومات بصورة آلية إلى المستخدمين في الأوقات التي ربما يحتاجونها.

وإذا حدث فتح مهم في مبادرة من هذا القبيل، فمن شأنه أن يحقق عجائب ويعزز وما تنادي به ماير من أن مساهمي ياهو بحاجة فقط إلى بعض الصبر. لكن بعد خيبات الأمل الأخيرة لا يوجد حتى الآن، من هو على استعداد لقبول حجتها والانتظار أكثر.