IMLebanon

في “الضاحية”.. تجّار حي ماضي يتذمّرون من “الأمر الواقع”

ShopsSouthSuburb
حنان حمدان

منذ بدء مسلسل التفجيرات الانتحارية في لبنان، وارتفاع وتيرة التدابير الأمنية المتخذة للحماية منها، وإقفال العديد من الطرق في الضاحية الجنوبية لبيروت، أقفلت، حتى اليوم، 8 محال أبوابها في منطقة حي ماضي، وانتقلت الى مناطق أخرى، فيما تعاني المحال الباقية من انخفاض حركة البيع، مقابل إرتفاع ملحوظ في قيمة الإيجارات، لتتراوح بين 850 و1200 دولار.

عند تقاطع مار مخايل في الضاحية الجنوبية لبيروت، أزمة سير خانقة، تطغى على المشهد العام، والسبب حاجز للقوى الأمنية على بعد مئة متر تقريباً. على الجانب الأيمن يقع مدخل حي ماضي، المدخل الثاني لسوق معوض. بمحاذاة محل “شوبان” للحلويات وضعت حجارة لمنع دخول السيارات إلى الحي. وبالقرب من مطعم خليفة أقيم حاجز أمني آخر، يؤمن خروج السيارات الآتية من سوق معوض دون دخولها.
من يعرف المنطقة جيداً، يدرك أنها شهدت انتعاشاً اقتصادياً لفترة عامين قبل “الأحداث”. تم افتتاح العديد من محال الألبسة، الأحذية، والمواد الغذائية، وكذلك العديد من المطاعم، الكافتيريات وغيرها. إلا أن التدابير الأمنية المتخذة، أضعفت هذا الإنتعاش، وساهمت في تراجع حركة البيع، ما أدى الى تدني متوسط الإيرادات اليومية للمحال، من مليون ليرة إلى مئة ألف ليرة تقريباً، وفق ما قالته صاحبة محل لبيع “البياضات”.
يطغى السكون، هنا، على المشهد العام. يخلو الطريق إلا من بعض المارة، بعضهم من الزبائن، والبعض الآخر من سكان الحي. في الكافتيريا، عند الحادية عشرة صباحاً، لا يوجد غير زبون واحد. “شغل ما في”، يقول الموظف. وعلى مقربة من الكافتيريا، “استديو” للتصوير، تقول الموظفة فيه: “أحياناً تمر أيام، لا نقوم إلا بتظهير صور للباسبورات”. في محل البياضات أيضاً الحركة شبه معدومة، فحال المصالح واحدة، وكلّها تعاني شللاً تاماً، والجميع يتفقون على ضرورة تأمين الحماية الأمنية، ولكنهم يسألون: لماذا هذا الطريق بالذات؟ ما هو الحل؟ إلى متى سنبقى على هذه الحال؟
وقد جال أصحاب المصالح على المعنيين في المنطقة، لعلهم يجدون جواباً شافياً لتلك الأسئلة، أو حلاً ولو مؤقتاً للأزمة التي يعيشونها. بدأت الجولة من البلدية التي نفت أي علاقة لها بالأمر، مروراً بالأجهزة الأمنية، التي عللت قطع الطريق بأنه “جاء بطلب من حزب الله”، والطرف الأخير أكد عبر لجنته المولجة حماية أمن “الضاحية”، أنّ “القوى الأمنية هي التي قطعت الطريق”، لكن اللجنة وعدت بإيجاد حل للأزمة قريباً. و”عالوعد يا كمون”، الحال لم تتغير، إلا إلى الأسوأ، وفق ما قاله أحد أصحاب المصالح هناك.
من الواضح أنه قد فرض أمر واقع جديد في المنطقة، وعلى الجميع الإلتزام به. كلما مضى الوقت ألقى هذا الوضع بتبعاته السلبية على مستأجري وأصحاب المصالح هناك، في ظل غياب أي بوادر للإنفراج الأمني في وقت قريب. ولكي لا تبقى الحال على ما هي عليه، كان تحرك بعض أصحاب المصالح في “الضاحية”، برفع لافتات على أبواب محالهم، كتب عليها: “سكّرتو لتحمونا، موّتوا المنطقة وموّتونا”، “قطع الأرزاق، من قطع الأعناق”، “إذا ما متنا بإنفجار، ما تموتونا إنتحار”. لكنها أزيلت بعد ثلاثة أيام من قبل عناصر اللجنة التابعة لـ”حزب الله”.

التحرك جاء كتعبير عن رفض للواقع أولاً، وللضغط على مالكي المحال، كي يتم تخفيض كلفة الإيجار لتتناسب والأوضاع الراهنة، ثانياً. الأمر الذي لاقى آذاناً صاغية لدى بعض المالكين، وفق ما قاله صاحب “الأستديو”، الذي خُفّض إيجار محله من 1200 دولار إلى 900 دولار، إلا أن قيمة الإيجار لا تزال مرتفعة، في الوقت الذي امتنعت النسبة الأكبر من المالكين عن خفض ايجاراتها.
لا تقتصر المعاناة على أصحاب المصالح الذين يتكبدون خسائر جمة، فالسكان أيضاً يضطرون يومياً للدخول من مدخل سوق معوض الخلفي للوصول الى مكان سكنهم. تقول صاحبة محل البيضات، والتي تقيم على مقربة من مكان عملها، “الشعور بلذة الحياة فُقِد في هذه المنطقة. سكون يخيم في الليل والنهار”. أما بالنسبة إلى منى (اسم مستعار)، والتي تعاني من إعاقة جسدية تمنع تنقلها بسهولة، فوجود الحجارة على مقربة من المبنى الذي تسكن فيه، يعيق تنقلها في المنطقة، وفق ما قالته لـ”المدن”.
في حين لا تزال تلك الأسئلة، معلقة في انتظار الإجابة عليها، تضيع الصلاحيات بين “حزب الله” والقوى الأمنية والبلديات، وتضيع معها مصلحة الكثيرين ممن يرفضون حتى الإفصاح عن أسمائهم، عند الحديث عن معاناتهم، خوفاً أو تردداً.