IMLebanon

الصيدليات.. تسوّق من نوع آخر!

pharmacy
رولا فرحات
يفتح الباب الكهربائي على مساحات واسعة: إمرأة تجرّب مساحيق التجميل على وجهها، بينما تشتمّ أخرى العطور في الجهة المقابلة، وإحدى العاملات في زاوية أخرى تخرز أذن فتاة صغيرة لتضع لها قرطاً طبياً. وفي الطابق الأعلى حاجيات للأطفال، كالحفاضات والحليب وغيرها، كما تتوفر الألعاب أيضاً.
الى جانب الصندوق حيث تدفع المال تستوقفك المواد الغذائية التي تندرج تحت إطار “الدايت أو الحمية الغذائية”، وتتنوع من العسل الطبيعي الى السكر والشاي والبسكويت والشوكولا… هذا ليس وصفاً لمحل تجاري، وإنما لصيدلية.

توسّع عمل الصيدليات في لبنان في الآونة الأخيرة، فتحوّلت الى مؤسسات تجارية كبيرة. حيث بات الزبون إذا دخل ليشتري دواءً معيّناً خرج يحمل كيساً ممتلئاً بحاجيات ثانوية، أو على الأقل من إختصاص الأسواق وليس الصيدليات. ويحرص عدد كبير من الصيدليات على عرض أنواع مختلفة من المواد الاستهلاكية بغرض التوفير للزبون كل ما يحتاجه من ناحية، وإغرائه للشراء من ناحية ثانية. مما يدعو للتساؤل عن القانون المنظم لعمل الصيدليات، والمحدّد للمواد التي يحق لها بيعها.
المنتجات الملحقة بالصيدلية، والتي تشمل منتجات استهلاكية تندرج تحت خانة مصاريف العناية الشخصية والمعروفة بإسم parapharmaceuticals. ذكرها قانون مزاولة مهنة الصيدلة في لبنان، بأنها المواد ذات المزايا الطبية والعلاجية، وتتنوع بين منتوجات طبية طبيعية (Natural Medicinal Products)، متممـات غذائيـة (Food Supplements) ولوازم طبية (Medical Devices) وغيرها، على أن تنظم شروط تسجيل تلك المواد وإستيرادها، بموجب قرارات منفصلة عن تلك التي تُنظِّم تسجيل المستحضرات الصيدلانية وإستيرادها.

بعبارة أخرى، سُمح للصيدليات ببيع المواد المعدة للإستحمام، مواد التجميل، وكل ما يحتوي على مواد طبية علاجية. كذلك بالنسبة لحليب الرضع دون الستة أشهر، فقد سمح بعبوات لا تزيد عن نصف كيلوغرام. وبحسب المادة 52 من القانون المذكور تعتبر من المستحضرات الصيدلانية الخاصة، صبغات الشعر ومواد التجميل المحتوية على مادة سامة خطرة أو مواد طبية بمفعول علاجي. وتخضع لأحكام هذا القانون الادوية التي سبق تحضيرها وتجزئتها لبيعها أو عرضها للبيع بواسطة الصيدليات على مسؤولية منتجها. وتسجل جميع المستحضرات الصيدلانية الخاصة أو النظامية المرخص بها سواء أكانت مصنوعة في لبنان أو مستوردة من الخارج في سجل خاص في وزارة الصحة العامة. ويجب ان تؤخذ موافقة وزارة الصحة العامة عند نقل ملكية المستحضر أو تغيير منشئه.
الدكتور وليد سكرية في حديث لـ “المدن” أكد أنه “بحسب قانون مزاولة مهنة الصيدلة، لا يحق للصيدلية بيع سوى ما يندرج تحت اطار الدواء، وسبق تسجيله في وزارة الصحة. ويركز النظام الداخلي لنقابة الصيدلة على بيع الأدوية فقط. وهنا تبرز مسؤولية وزارة الصحة والتفتيش المركزي في الرقابة على الصيدليات، إذ أن الصيدلية باتت تتحوّل من مهنة إنسانية الى مهنة تجارية”. ويشرح سكرية تأثير تحوّل الصيدليات الى مؤسسات تجارية بحتة، إذ تكون أسعار المواد الاستهلاكية غير منضبطة لأن مسوّقيها يعتمدون على الترويج لها، الأمر الذي يساهم في زيادة أسعارها”.

وخلال جولة “المدن” على بعض الصيدليات، تبين أنّ بعضها يقدم حسومات على بعض مستحضرات التجميل، فيما يبقى بعضها الآخر على سعره الثابت. الأمر الذي يكرّس مبدأ التحوّل نحو التجارة الخالصة.
أما عن التأثير الصحي لذلك، فيقول سكرية: “هناك مواد تندرج تحت عنوان المتممات الغذائية، كأدوية التنحيف مثلاً. فقد اكتشف أن دواءً مثل “سيفن سليم” seven slim يتضمن مواداً سامة، منها مادة تدعى “سيبترامين” Sibutramine . وخطورة هذه المادة أنها قد تصيب الفرد بالجلطة والاسهال الشديد. اضافة الى المواد التي لا تستخرج من الطبيعة كالأعشاب، البابونج مثالاً، حيث تكون مركزة وقوتها مضاعفة. فاستخدام المريض الذي يعاني من عوارض صحية لتلك الأعشاب دون استشارة الطبيب، قد يسبب تفاعلات سلبية لديه إذا تناولها مع الأدوية الأساسية”. ويضيف سكرية: “في العام 1998 وبحسب المرسوم 11710، منعت وزارة الصحة من تداول سلع الأعشاب تحت سلطة القانون. الا أنه وللأسف زاد مبيعها 4 أضعاف عن السابق”.

من ناحية أخرى، هناك وجهة نظر تبرر بيع مواد كثيرة في الصيدليات، إستناداً الى متغيرات حصلت في واقع عمل الصيدليات. اذ لا يجد رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور زهير برو في حديث لـ “المدن” مانعاً من احتواء الصيدليات لمنتجات وسلع جديدة. ويحق لهذه الصيدليات أن تهدف الى الربح. فهي لا تؤذي المواطن الذي يملك حرية الشراء. ويرى برو أن مفهوم الصيدلي قد تغير. فقد كان الصيدليّ يركب داخل متجره الأدوية ويبيعها. أما عمله اليوم فيقتصر على التواجد داخل الصيدلية والبيع.

من جهته، يؤكد الصيدلي مازن البساط في حديثه لـ “المدن” أن ثلث الزبائن يشترون المنتجات الاستهلاكية اضافة الى الدواء. أما حسن وهو مالك لصيدلية فيقول أن نسبة الربح تتخطى الـ 50% من بيع الـ parapharmaceuticals وتلعب مساحة الصيدلية ومكانها والمستوى الاقتصادي للمنطقة المتواجدة فيها دوراً كبيراً في تحسين مستوى الربح. وفي حديثه لـ “المدن” يشرح الصيدلي حسن أن “الصيدليات لجأت الى بيع المواد الاستهلاكية بعد الخسارة التي تلحق بها جرّاء الاعتماد على الأدوية التقليدية من جهة، والمنافسة والمضاربة بين الصيدليات حول سعر الدواء من جهة ثانية. فكان بيع مستحضرات التجميل cosmetics ملاذاً للصيدليات، يؤمن لها ربحاً جيداً”. – See more at: http://www.almodon.com/economy/a979697c-a8e6-4f62-9c9f-92cc5b37f230#sthash.ocFti029.dpuf