IMLebanon

الكهرباء:800 مليون دولار وفر من انخفاض النفط و بناء معامل جديدة ومحطة تسييل غاز

electricite-du-liban

سلوى بعلبكي

انهيار اسعار النفط هو أفضل ما كانت تطمح اليه الدول المستوردة لهذه المادة، ومنها لبنان الذي شكلت فاتورته النفطية خلال الاعوام الماضية ما بين 13 و16.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
ولئن قسماً كبيراً من هذه الفاتورة نتج من ما تستهلكه “مؤسسة كهرباء لبنان”من نفط، نظرا الى الدعم الذي توفره الدولة لهذه المؤسسة والذي بلغ نحو مليارين و300 مليون دولار عام 2014، فإن الانظار تتجه الى الوفر الذي ستحققه “الكهرباء” نتيجة انخفاض اسعار النفط، والمشاريع التي يمكن القيام بها للتخفيف من العجز الذي تعانيه المؤسسة.
فالدولة التي كانت تشتري برميل النفط بسعر يراوح بين 100 و110 دولارات وتبيعه الى “مؤسسة الكهرباء” بسعر يراوح بين 24 و30 ودولاراً، تأمّن لخزينتها وفر كبير مع انخفاض اسعار النفط الى 50 دولاراً للبرميل.
لكن السؤال الذي يطرحه الخبير الاقتصادي سمير الضاهر هو: ما هي السياسة التي ستتبعها السلطات اللبنانية وادارة الكهرباء في ما يتعلق بهذا القطاع؟ علما انه يؤكد أن انخفاض اسعار النفط أدى الى وفر هائل للخزينة اللبنانية قد يفوق 800 مليون دولار سنويا، لذا يجب أن تقرر الدولة، وبطريقة واعية، السياسة التي يجب أن تتبعها.
مصادر في مؤسسة الكهرباء اكدت ان الوفر سيعود الى خزينة الدولة، والتي يحق لها التصرف فيه. “إذ يمكن ان يستخدم لخفض مساهمة وزارة المال في دعم المؤسسة، أو بناء معامل جديدة للكهرباء”، إلا أنها لفتت الى ان العجز الذي تتحمله مؤسسة الكهرباء يقدر بنحو 2.3 ملياري دولار، وتاليا فإن قسماً من هذا الوفر يجب أن يستخدم لسد هذا العجز، خصوصا أن الفارق بين كلفة الانتاج والمبيع لا يزال على حاله (سعر تعرفة الكيلواوط الواحد وضع عام 1994 على اساس ان سعر برميل النفط 15 دولاراً).
من جهتها، اشارت مصادر وزارة المال الى انها تلقت كتابا من ادارة مؤسسة الكهرباء تقترح فيه أن يكون سقف المساهمة المالية للفيول ما قيمته 1,4 مليار دولار، وواقفت الوزارة على هذا الاقتراح. وإذ لم تحدد المصادر قرار الوزارة في مسألة الوفر الذي حققته المؤسسة، اعتبرت إن خفض الفاتورة النفطية يخفف الاعباء عن كاهل الخزينة لمصلحة المواطن والدولة على حد سواء.
إلا أن للضاهر وجهة نظر مختلفة حول ما يمكن المؤسسة والدولة القيام به للافادة من هذا الوفر. فيشير الى ان لبنان يعاني ومنذ انتهاء الحرب الاهلية، من نقص في انتاج الطاقة الكهربائية، لذا تستطيع المؤسسة بناء محطة كهربائية جديدة بحجم محطة الزوق، وبـ 650 ميغاواط، لزيادة الانتاج. ويؤكد أن لبنان لا يزال يستخدم الفيول أويل في انتاج الكهرباء بكلفة مرتفعة جداً، علماً أن المحطات الحرارية التي تم بناؤها أخيراً مثل دير عمار والزهراني، يمكنها أن تستهلك الغاز الطبيعي بكلفة انتاج أقل بكثير. وبما أنه لا يمكننا الافادة من انتاج حقول النفط والغاز الموعودة في لبنان الا بعد سنوات عدة، يقترح الضاهر الافادة من قسم من الاموال (الوفر) لإنشاء محطة لتسييل الغاز واستقباله بكلفة تصل الى نحو 300 مليون دولار، ما يمكننا من خفض كلفة انتاج الكهرباء بنسبة عالية.
الأمر الآخر الذي يقترحه الضاهر يتعلق بتعرفة للكهرباء والكلفة التي يتكبدها المواطن، علماً أن تعرفة الكهرباء الحالية مدعومة بأكثر من 55 إلى 60 في المئة. فالمواطن اللبناني يملك مصدرين للحصول على الطاقة الكهربائية، هما مؤسسة الكهرباء (يحصل على الكيلوواط/ ساعة من المؤسسة بـ 150 ليرة أي 9 سنتات)، والمولدات الكهربائية الخاصة (تصل تعرفتها إلى الف ليرة اي 66 سنتاً).
وبما أن الكلفة الاساسية للانتاج هي الفيول الذي انخفضت اسعاره الى النصف تقريبا، يقترح الضاهر على الدولة أن تفرض على اصحاب المولدات خفض اسعار تعرفتهم في موازاة رفع مؤسسة الكهرباء لسعر التعرفة بطريقة تبقي الفاتورة الاجمالية للمواطن هي نفسها. ويعتبر ان “القرارات الاقتصادية يجب أن تتخذ في مكان محدد. حالياً لدينا الفرصة لأن نقوم بهذا الامر، ولكن بعد ستة أشهر قد لا يعود بإمكاننا القيام به”.
ثمة من يقول إن الاسعار انخفضت مرحلياً ولكنها ستعود الى مستواها الطبيعي بعد فترة. ولكن الضاهر يعتبر أن هذا الانحدار في سعر النفط ليس تدنياً دورياً ناتجاً من انخفاض الطلب، ولا بسبب الاقتصاد المتعثر في اوروبا وتباطؤ معدلات نمو الاقتصاد الصيني، ولكن الامر يعود الى أن ثمة تحولاً في هيكلية انتاج النفط، وانتاجاً جديداً وكميات هائلة من الموجودات النفطية التي اكتشفت، فيما اكتشفت في مقابلها تكنولوجيا جديدة (تكنولوجية النفط الصخري).