IMLebanon

أزمة مازوت: أين تذهب الكميات؟

FuelTrucks
إيفا الشوفي

تستمر أزمة المازوت في المناطق الداخلية بالتفاقم، في ظل تبادل اتهامات بين «اللاعبين» في السوق النفطية المحلية، الذين يزعمون أن الكميات في الأسواق فائضة، رافضين في الوقت نفسه الإجابة عن سؤال واضح: أين تذهب هذه الكميات؟
منذ أسابيع يعيش البقاعيون والجنوبيون، على وجه الخصوص، أزمة مازوت، بلغت ذروتها في الأيام الأخيرة، إذ ارتفعت الأسعار وفق أهواء «المحتكرين» ليصل سعر الصفيحة في البقاع الى 17200 ليرة أي بزيادة 3000 ليرة عن السعر الرسمي. الجميع يتبادل الاتهامات ويتقاذف المسؤوليات: وزارة الطاقة تقول انها سلّمت اكثر من 5 ملايين ليتر في اليوم من المازوت الاحمر (وهي الحاجة الفعلية للاستهلاك)، تجمّع الشركات المستوردة للنفط يتحدث عن إخراج 9 ملايين وخمسمئة ألف ليتر في اليوم من المازوت الأخضر.

في المقابل ينفي أصحاب المحطات تسلّمهم الكميات التي يطلبونها، بينما تتابع وزارة الاقتصاد «تكثيف» الكشف على «المحتكرين». وحدهم المواطنون يدفعون ثمن ما يجري، حتى خلصوا الى نظرية واضحة «الجميع مستفيد ممّا يحصل».
لا شك ان هناك تخزينا واحتكارا واضحين لمادة المازوت بسبب ترقّب ارتفاع الأسعار بعدما انخفضت على نحو كبير في الفترة السابقة، وما معاناة الناس في البقاع والجنوب سوى دليل على هذا الاحتكار. يوضح أحد اصحاب الشركات النفطية انه في 30 كانون الثاني كان سعر طن المازوت الأحمر (تحتكره الدولة) 451 دولارا ليصبح أول من أمس 567 دولارا، وكذلك كان سعر طن المازوت الاخضر (تحتكره شركات خاصة) 469 دولارا وارتفع الى 582 دولارا. ما يجعل الدولة (منشآت النفط في الزهراني وطرابلس) والشركات الخاصة تتريث في توزيع الكميات الكبيرة المخزنة لديها الى أن يصبح السعر مناسبا لها. يؤكد عاملون في شركات التوزيع ان الدولة قننت الكميات المسلّمة في لعبة مشابهة لما تقوم به الشركات الخاصة.
يلفت مصدر معني الى ان الآلية التي تتبعها وزارة الطاقة والمياه لاحتساب السعر الرسمي للمشتقات النفطية لم تعد اليوم ترضي المستوردين، بعدما استفادوا منها سابقاً عندما كنت لمصلحتهم، إلا ان المعادلة الحالية تخفف من أرباحهم. لا يقتصر الاحتكار الحاصل على الاستفادة من ارتفاع الأسعار فقط، إنما من مصلحة الشركات ان تتفاقم الأزمة للضغط على الدولة من أجل فرض شروطها على السوق. أحد هذه الشروط زيادة 3000 ليرة على سعر الصفيحة، اذ تشير مصادر مقرّبة من أصحاب الشركات النفطية الى ان هذه الشركات طالبت وزير الطاقة والمياه ارتور نظريان برفع السعر 1500 ليرة اليوم، تتبعها زيادة مماثلة الأسبوع المقبل من أجل تعويض هامش الربح الذي خسروه جراء ارتفاع الاسعار؛ ما يعني ان المستهلك سيدفع 1600 ليرة إضافية كزيادة على السعر المفترض تحديده وفق الآلية المعتادة لوزارة الطاقة، الذي يبلغ 700 ليرة اليوم، وزيادة مماثلة الأسبوع المقبل، تبعا لمتوسطات الاسعار في الاسابيع الاربعة الماضية التي تستند اليها الالية المتبعة.
ينفي الوزير نظريان حدوث اي خلل في الآلية التي تعتمدها الوزارة، مؤكداً ان «الوزارة تسير على الآلية نفسها منذ سنوات». هل هذا يعني ان الزيادة اليوم ستكون 700 ليرة فقط؟ يرفض نظريان تأكيد ذلك او نفيه «لان ذلك يعدّ افشاءً لمعلومات يمكن ان تؤثر في السوق»، لكن ماذا عن تقنين الدولة للمازوت الأحمر؟ يؤكد نظريان انه أمس جرى تسليم أكثر من 5 ملايين ليتر مازوت احمر، مليونان و500 الف منها في الزهراني، ومليونان و900 الف في طرابلس، لكنه لا ينكر ان «هناك طمعا لدى بعض التجار الذين يخزنون الكميات، وهنا يبدأ دور وزارة الاقتصاد».
بدوره، يرى وزير الاقتصاد الان حكيم ان الاحتكار مرفوض على نحو كامل، «لذلك طلبنا الأسبوع الماضي جداول التسليم من كافة الشركات المستوردة خلال الأربعة اسابيع الماضية، ونحن في صدد دراستها على أن تصدر نتائجها خلال 48 ساعة». يشدد حكيم على أنه اذا تبيّن أن هناك تخزينا لكميات من قبل الشركات أو المحطات فستلاحَق قضائيا.
يقول أصحاب المحطات في البقاع إنهم لا يحصلون على الكميات المطلوبة، ويلفت احدهم الى انه لم يتسلّم سوى 5 الاف ليتر من المازوت الاخضر في وقت يحتاج فيه الى 25 الف ليتر، وهو حال الاغلبية وفق ما يقولون.
اما رئيس تجمع الشركات المستوردة للنفط اوسكار يمين، فيقول ان الشركات المستوردة أخرجت من مستودعاتها 9 ملايين وخمسمئة ألف ليتر من المازوت الأخضر في اليوم، أي أكثر من المعدل المعتاد في هذه الفترة بأربعة ملايين وخمسمئة ألف ليتر. تطرح هذه المعطيات تساؤلا جديا: أين هي هذه الكميات؟ يكتفي يمين بالقول «نحن لسنا جمارك ولا حرس حدود»، في إشارة منه إلى ان هذه الكميات قد تكون على الأرجح تُهرّب إلى سوريا لتباع بسعر اعلى من السعر المحلي.