IMLebanon

“المستقبل” و”حزب الله” يلتقيان على “مكافحة الإرهاب”: لا بديل من حوارهما “مهما طال السفر إلى بعبدا”

hezeb-alla-future

 
كتب رضوان عقيل في صحيفة “النهار”:

حبس اللبنانيون أنفاسهم في الساعات الفاصلة بين خطابي الرئيس سعد الحريري والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله تخوفاً من كسر جرة الحوار بينهما والتي يحرص رئيس مجلس النواب نبيه بري على تماسك حجارتها وعدم تصدعها، اذ يوليها العناية المطلوبة ويضعها في رأس سلم اهتماماته نظراً الى تأثير هذا التطور بين “تيار المستقبل” والحزب على الحياة السياسية في البلاد في ظل المراوحة الدائرة في ملف استحقاق رئاسة الجمهورية وتعطل محركات حكومة الرئيس تمام سلام بسبب الخلاف المفتوح على آلية التصويت بين اركانها بعيداً مما يقوله الدستور في هذا الشأن، والذي جرى خرقه أكثر من مرة في جلسات مجلس الوزراء رغم النيات التوافقية التي يعمل سلام على ضخها في عروق أعضاء حكومته. وخيّم على الجلسة السادسة للحوار بين “تيار المستقبل” والحزب مساء امس “منخفض دافئ” على عكس التطورات المناخية والاصوات السياسية التي صدرت عن البعض والتي استهدفت خطاب نصرالله.

ولم تخرج الجلسة عن أجواء سابقاتها من حيث التخاطب الايجابي وطرح الافكار والملاحظات من موقع الطرفين المختلفين على نقاط عدة ليس أقلها مشاركة مقاتلين من “حزب الله” في الحرب الدائرة في سوريا والتي ارتفع لهيبها أكثر في الايام الاخيرة خصوصا في أرياف حلب ومحيطها.

واستكمل الطرفان في حضور وزير المال علي حسن خليل طرح الخطة الأمنية والايجابيات التي تم حصدها في بيروت وأكثر من منطقة وصولاً الى البقاع الذي رحب اهله بحضور القوى الأمنية. ولم يتوانَ بري عن القول امام زواره في معرض إبداء “سروره” بالخطة وتطبيقها على الارض: “أصبح في إمكان بريتال والجوار استقبال رحلات سياحية”، بسبب تواري الرؤوس الكبيرة من المطلوبين وعصابات الخطف والمهربين الى درجة عدم ظهور أي منهم في حفل تأبين أحد أبناء بريتال خلافا لمرات سابقة كانوا يتجولون خلالها بأسلحتهم ويتنقّلون في سياراتهم الداكنة الزجاج. “انها السلطة يا صديقي” بحسب بري.

ولم يتم في الجلسة “تشريح” الخطابين، بل عمل الطرفان على مقاربة أهم نقطة وردت فيهما هي: الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب التي ستُستكمل تفاصيلها في الجلسات المقبلة.

وكذلك لم يتمّ التطرق الى استحقاق رئاسة الجمهورية، في ما عدا تأكيد المجتمعين ان إطلاق هذه “الاستراتيجية” يصبح فاعلاً أكثر عند انتخاب رئيس للبلاد، وأصبح الموقف من الإرهاب وتشعباته قاسماً مشتركاً كبيراً بينهما، رغم اختلاف مقاربتهما له.

ويبقى المهم أن الفريقين تجاوزا في مناقشاتهما المضبوطة حرارة المنابر والمناسبتين اللتين أطل من خلالهما الحريري ونصر الله، وأنهما دخلا هذه المرة في العنوان الأخطر وهو الإرهاب الذي يهدد لبنان وبلدان المنطقة، ولطالما حذّر “حزب الله” من أخطار هذه الجماعات التي لا توفّر في أدبياتها “المستقبل” ولا الشارع السني الذي لا يلتقي مع أفكارها. وتبين أيضاً ان بعض المطبات على طريق الحوار لم تستطع الجولة السادسة تعطيله من دون أن تخفي أوساط في 8 آذار انزعاجها من كلام وزير العدل أشرف ريفي وهجومه على نصرالله، وان هذا الكلام يصدر من وزير أساسي في “المستقبل”، ولم يأت من النائب خالد الضاهر الذي بات يحلق في الأيام الأخيرة خارج سرب “التيار الأزرق”، علما ان ثمة أصواتاً ومواقف لا تزال تصدر من “المستقبل” وتنتقد، على عكس حال الصمت التي خيمت على كوادر الحزب بعد خطاب الحريري، حيث يلتزم جميعهم ما يقوله نصرالله والتحرّك تحت سقفه والعمل على ضرورة عدم الاكتفاء بالخطة الأمنية والمواجهة الكلاسيكية لجبه الارهاب والتصدي لمجموعاته، وهذا الأمر يتمثّل بحسب أوساط في 8 آذار في النقاط الآتية:

– التوقف عند ما أشار إليه نصرالله بعد ذوبان الثلوج على الحدود والتي تعوق عادة الحركة العسكرية، في إشارة منه إلى تطوّرات قد تحصل في الأيام المقبلة، وإقدام الجيش السوري ومن يسانده ويدعمه على مهاجمة أطياف مسلحي المعارضة من القنيطرة وصولاً إلى حلب.

– ضرورة قيام الجهات اللبنانية المعنية بدعم الجيش ومدّه بالسلاح المنتظر ولا سيما من الفرنسيين وترجمة الهبة السعودية. ولا يخفي قيادي في 8 آذار تقديره للولايات المتحدة الأميركية بعد مدها الجيش بأسلحة مناسبة تساعده في حربه على الإرهابيين وحماية الحدود.

 

– توفير الغطاء السياسي المطلوب للمؤسسة العسكرية وعدم إدخالها في الخلافات السياسية اليومية بين الأفرقاء، ولا سيما بعد الانعكاسات التي خلّفها التجديد للواء محمد خير.

– الخروج من التخبّط الذي يعيشه مجلس الوزراء والعودة إلى استئناف جلساته التي على جدول أعماله ملفات حساسة وعاجلة عدة أبرزها مناقشة الموازنة، وانجاحها لا سيما أن سلام وخليل كانا قد اتفقا قبل أسابيع على عقد جلسة مخصصة لها قبل نهاية شباط الجاري.

وفي خلاصة هذه الأجواء المشجّعة التي ترافق حوار “المستقبل” و”حزب الله” والمفتوحة على جهات أخرى وخصوصاً في الجانب المسيحي، يُجمع “الحواريون” في عين التينة على أن لا بديل من الحوار مهما طال سفر رئيس الجمهورية المقبل إلى قصر بعبدا.