IMLebanon

أزمة الحليب مستمرة… والمزارعون يشكون غياب “الزراعة”

MilkProducers2
لوسي بارسخيان
لا ينتج لبنان اكثر من 30 في المئة من حاجة معامل الالبان والاجبان للحليب الطبيعي، ومع ذلك، لم يسبق لمربي الابقار ان أمّنوا اكتفاءهم المادي من انتاج الحليب. ووفقا للاتحاد التعاوني لمنتجي الحليب، يعتاش من القطاع نحو الفي مزارع، يتوزعون من عكار الى الجنوب ويتركزون خصوصا في البقاع، وتصل كميات انتاجهم اليومي الى نحو 250 طناً.
ومع ان حاجة معامل الالبان والاجبان للحليب تفوق هذه الكمية بأربعة اضعاف، إلا أن هذه المعامل تتحكم بكلفة استلام الانتاج، وتفرض على المزارع تسليمه بسعر لا يتجاوز الـ 800 ليرة للكيلوغرام الواحد، علما بان كلفة الانتاج وفقا لدراسة منظمة الاغذية العالمية الـ FAO ووزارة الزراعة، تتراوح بين 925 و975 ليرة. فمن اين تملك هذه المعامل إذا القدرة على التنصل من اتفاقاتها السابقة على سعر كيلوغرام الحليب الطبيعي المسلم اليها، والتي ترعاها وزارة الزراعة، حتى بعد أن خفض وزير الزراعة أكرم شهيب سعره مئة ليرة إضافية؟

ابحثوا عن حليب البودرة المستورد. فهو وفقاً لرئيس اتحاد تعاونيات الحليب خير الجراح، ورئيس الاتحاد العام للتعاونيات الزارعية ثائر زغيب، العائق الاول بوجه تصريف الانتاج المحلي، وبالتالي “سبب نكسة القطاع المتفاقمة، خصوصا منذ ثلاثة اشهر”، على اثر “انخفاض سعر الحليب البودرة عالمياً، وتشريع الابواب امام الحليب المعالج حرارياً (UHT)، وضعف الرقابة على منتجات الالبان والاجبان والتحقق من نوع الحليب الذي تستخدمه، وعدم التزام المعامل بعقود التعاون مع تعاونيات الحليب، واخيراً حملة وزارة الاقتصاد التي اقفلت عدداً من معامل الانتاج، واتخاذ ذلك ذريعة اضافية للتحكم بسعر الحليب الطبيعي المنتج، وفوضى الاجبان البيضاء المهربة الى لبنان من سوريا والتي تعلب على اساس أنها لبنانية”.
هذه “النكسة” دفعت بالعاملين في القطاع صباح اليوم للنزول الى الشارع مجددا، وتبديد كميات اضافية من انتاجهم برميه ارضاً، تعبيراً عن استيائهم من “غياب دور وزارة الزراعة الفاعل، في تحديد الاسعار والزام المؤسسات الصناعية بها” .
لم يتوقف المعترضون كثيراً عند قرار وزير الزراعة الاخير بتخفيض السعر المحدد سابقاً من 1100 الى 1000 ليرة، لأن المعامل بحسب هؤلاء، “لم تلتزم بالتسعيرة السابقة حتى تلتزم بالحالية”، وانما ما طالبوا به هو وضع استراتيجية بمدى أبعد، تمنع استبدال الحليب الطازح بحليب البودرة في منتجات الالبان والاجبان، وبالتالي تحد من تحكم المنتجين بسلعة الحليب سريعة الفساد.
من هنا يطالب الجراح بدور فاعل للوزارات المعنية في حماية القطاع، بدءا من مصلحة حماية المستهلك التي عليها التأكد من صحة المعلومات الواردة على المنتج، الى وزارة الزراعة في تتبع كميات الاطنان التي تصل الى لبنان يوميا، وصولاً وزارة الصحة. ويتفق الجراح وزغيب على الحاجة الى اعادة تفعيل العمل بالموافقة المسبقة على البودرة المستوردة مع دراسة تعرفة جمركية عليها يجعلها بكلفة الحليب الطبيعي نفسها.
حل يجزم الجراح لـ “المدن” انه اذا طبق خلال ستة اشهر، فمن شأنه حماية قطاع انتاج الحليب في لبنان، وخصوصا اذا ترافق مع سلسلة اجراءات اخرى، يوردها في مذكرة سيتم رفعها غدا الخميس الى وزير الزراعة خلال اجتماع يعقد معه لمناقشة الأزمة المتكررة لقطاع الحليب.
وتوافق على المذكرة ممثلو 15 تجمعا وتعاونية لمزارعي الحليب خلال اجتماع عقدوه في 25 كانون الثاني الماضي. وتطالب المذكرة بتنظيم استيراد الحليب المعالج حراريا UHT وربط استيراده برزنامة زراعية. علما انه في لبنان، بحسب الجراح، ثلاثة معامل تنتج نوع الحليب UHT وهذه قادرة على استهلاك ما لا يقل عن 10 اطنان من الحليب المنتج يوميا، اذا ما جرت حمايتها من انواع المنتج نفسه المستوردة بكلفة اقل، ولا سيما من السعودية.

كما ورد في المذكرة إلحاح على انشاء لجنة من وزارة الزراعة والمديرية العامة للتعاونيات واصحاب الاختصاص والمعامل والاتحاد التعاوني لمنتجي الحليب للعمل على وضع جدول تصاعدي وبالعكس لتسعير الحليب، على ان تاخذ في الاعتبار كلفة الاعلاف. على ان يحصر استلام الحليب بالتعاونيات حفاظا على جودة الانتاج، ويوضع جدول لاستلام الحليب مع المعامل والزامهم به.
هذه خطوات اذا ما ترافقت مع ما تضمنته المذكرة ايضا حول ضرورة متابعة وزارة الزراعة كشفها على جميع معامل الانتاج المسجلة وغير المسجلة وضبط جودة انتاجها، بالاضافة الى حصر محاسبة المعامل بالعينات التي تأخذها وزارتا الاقتصاد والصحة مباشرة من المعمل وبشكل مفاجئ، يمكنها ربما ان تستكمل حملة حماية الغذاء ومنع الغش، وتحافظ في الوقت نفسه على طبقة المزارعين، “الاضعف” في حلقة الانتاج.