IMLebanon

أزمة المازوت: من رفع الدعم في سوريا.. الى صعوبة ضبط التهريب

DieselTrucks

عدنان الحاج

تزداد عملية تهريب المازوت إلى سوريا نتيجة عوامل عدة، إضافة إلى عنصر تغير الطقس وموجة البرد التي تجتاح المنطقة.
فحاجة السوق السورية إلى مادة المازوت، رفعت حجم الاستهلاك والتوزيع اليومي من خزانات المنشآت ومن خزانات الشركات، من حوالي 3 ملايين ليتر يومياً إلى حوالي 14 مليون ليتر يومياً، يذهب معظمها إلى سوريا نتيجة عنصرين أساسيين:
1ـ العنصر الأول يتعلق بإفادة التجار والمهربين من فارق السعر الذي يصل إلى حوالي 80 دولاراً في الطن عن السعر الرسمي للمادة، والذي يتراوح بين 575 دولاراً للمازوت الأحمر وحوالي 600 دولار للمازوت الأخضر.
فالدولة تستورد المازوت الأحمر لحاجة السوق المحلي وحاجة معامل الكهرباء، في حين تستورد الشركات المازوت الأخضر. فاستهلاك لبنان من مادة المازوت يقدر حالياً بحوالي 3,4 ملايين طن، منها حوالي 600 ألف طن تستوردها المنشآت وحوالي 1,2 مليون طن حاجة الكهرباء، إضافة إلى حوالي مليون و400 ألف طن تستوردها الشركات.
فالدولة تستورد المازوت الأحمر بينما الشركات تستورد المازوت الأخضر.
2ـ العنصر الثاني يتعلق بصعوبة إيصال المازوت من بانياس إلى مختلف المناطق السورية، نتيجة الظروف الأمنية وتقطع الأوصال في بعض المناطق مما يسهّل عملية نقل المازوت من لبنان إلى المناطق السورية القريبة من الحدود اللبنانية. وتختلف عملية نقل المازوت، بين التهريب من معابر معينة، تهرباً من موضوع الحدود الرسمية، وبين الكميات التي تخرج من المعابر الرسمية، والكميات الكبرى تخرج من المناطق غير الرسمية.
فعندما تصل الكميات المهرّبة وحجم التوزيع اليومي إلى حوالي 14 ألف طن يومياً، فهذه الكميات تفوق حاجة لبنان اليومية بأربعة أضعاف تقريباً (3 ملايين أو 4 ملايين ليتر يومياً الاستهلاك اللبناني).
وهذا عنصر يستهدف الأسعار المرتفعة التي يدفعها التجار والجهات السورية عن كلفة الاستيراد إلى لبنان.
الجزء الأهم في هذا الأمر أن سوريا كانت تدعم المازوت بنسب كبيرة ما كان يجعل سعر المازوت في سوريا أرخص من أسعار المازوت اللبناني.
إلا أن قيام الدولة السورية برفع الدعم عن المازوت نتيجة الظروف الاقتصادية والمالية للدولة السورية جعل التهريب ينشط باتجاه سوريا، بعدما كانت عمليات تهريب المازوت تتم من سوريا باتجاه لبنان عندما كانت كلفة الدعم تعكس انخفاض الأسعار في سوريا مما يجعل التهريب مربحاً لفارق الأسعار الكبير.
إن الحديث عن مكافحة تهريب المازوت إلى السوق السورية، يبقى من الصعوبة بمكان، نتيجة تعدد المعابر الشرعية وغير الشرعية المفتوحة بين لبنان وسوريا وصعوبة ضبط السوق عن طريق الاستيراد فقط.
من ناحية ثانية ان تزايد الطلب والاستهلاك يمكن لوزارة النفط أن تضبط عملية الاستيراد إلى لبنان بشكل محدود عن طريق الإجازات التي تصدرها الوزارة، إلا أن استمرار إصدار الإجازات في ظل تزايد الطلب، لا يمنع الاستيراد لإعادة التصدير كما يحصل في بعض مناطق التخزين والمنشآت.
التعرفة والتسعير الثابت
العنصر الأهم لضبط السوق يتعلق بموضوع التسعير من قبل الوزارة، والتي تصدر بشكل أسبوعي لمدة أربعة أسابيع، وهذا أمر يجب أن يتغيّر باتجاه فرض سعر المحروقات لفترة محددة مدتها شهر على الأقل، بمعنى أن يبقى السعر ثابتاً لمدة شهر. فهنا يمكن حماية المستهلك الذي يستفيد من موضوع خفض الأسعار في حال حصوله خلال الشهر الذي يلي شهر التسعيرة. وإذا ارتفع السعر فإن المستهلك يحتفظ بسعر ثابت على مدى الشهر وهذا ما يجعل إمكانية التخزين والتلاعب أقل كلفة على المستهلك.
فموضوع التسعيرة الأسبوعية ونتيجة المعرفة المسبقة بتطور الأسعار للمشتقات النفطية يمكن للمحطات أو التجار التريث في بيع مخزونهم بانتظار رفع الأسعار، وهذا ما يحصل حالياً، حيث يتقلص التوزيع مع تزايد الطلب مما يساهم برفع الأسعار وانتشار السوق السوداء كما يحصل.
يُضاف إلى ذلك العنصر الخاص بالطبيعة وقطع الطرقات بسبب الثلوج، مما يحرم المناطق الأكثر حاجة للمحروقات خلال الشتاء والبرد، فتتعرّض لأزمات في عز الحاجة مع انتشار رفع الأسعار غير الطبيعي.
من هنا يُفترض أن تقوم الدولة بفعالية بتحديد تعرفة ثابتة لفترة أطول، أي شهر وليس أسبوعياً، وهذا يمكن أن يساهم بتنظيم السوق الداخلي على الأقل. ويبقى العنصر الأخير والأهم وهو ضبط عمليات التصدير الشرعي وغير الشرعي لمادة المازوت خلال فترات اشتداد الطلب على المازوت في الشتاء وفي الصيف حيث تزداد الحاجة إلى التدفئة وإلى التبريد. أما عنصر ضبط عمليات الاستيراد فلا يمكن معالجته في ظل حالة تزايد الطلب وتداخل السوق وبحث التجار عن السعر الأعلى للإفادة من فوارق الأسعار، وهذا أمر يزداد مع تزايد الأزمات الأمنية والسياسية وحتى الطبيعية.