IMLebanon

“14 آذار” تتهيّأ لإطلاق “معركة العيش المشترك”

march 14 2015

لأن اللحظة الجيو- سياسية لـ 14 آذار 2005 انتهت، ولأنّ المنطقة دخلت في “حلقة جهنّمية” من صراع مذهبي يلفّ دولاً عدة بـ “طوق نار”، ولأن التوازنات الاقليمية والعربية باتت تخضع لعملية “إعادة ترسيم” بالقوة ومن فوق كل “الخطوط الحمر” التي أطاحتها الوقائع المرعبة التي أفرزها انفلاش تنظيم “داعش”، كما مقتضيات “الاستماتة” الأميركية لإبرام اتفاق نووي مع ايران التي يتمدّد نفوذها في أكثر من ساحة، تبدو قوى “14 آذار” اللبنانية على مشارف الذكرى العاشرة لانطلاقتها، وكأنها أمام محطة مفصليّة لاستخلاص العِبر في مسيرة “العقْد” إضافة الى “فك شيفرة” لحظة 2015 وتحوّلاتها الهائلة.

وهذه “الأجندة” التي يفرضها الزمن المتغيّر تشكّل حجر الزاوية في الورشة السياسية التي دخلتها “14 آذار” منذ انعقاد خلوة “ترتيب الذاكرة” (الإثنين) التي وضعت السياق العام لمرحلة ترتيب القراءة السياسية التي ستفضي الى وثيقة سياسية تُعلن في 14 الجاري، وصولاً الى “الإفراج” عن “المجلس الوطني” الذي بقي “فكرة” منذ العام 2011، كما تحضّر في إطار “المكاشفات” التي يجريها قادة في هذا الفريق مع حلقات إعلامية ضيّقة.

من “البيال” الذي احتضن خلوة شاركت فيها اكثر من 100 شخصية وتخلّلتها مراجعة لمحطات العقْد الاوّل لـ “انتفاضة الاستقلال”، الى مقر رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع (في معراب) الذي التقى، مجموعة منتقاة من الصحافيين والإعلاميين، كانت بينهم “الراي”، توصيف واحد للمشهد المتحوّل في المنطقة.

نقاش الساعات الخمس في “البيال” عكس حاجة “14 آذار” الى “إعادة صوغ خياراتها السياسية (أنجزت الانسحاب السوري العام 2005 وولادة المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري) وليس معاودة تأسيس القضية التي ما زالت من ذهب، وذلك على قاعدة مثلثة الأضلاع هي: “تحديد كيفية حماية لبنان من خلال توحيد أبنائه على قاعدة ان الدولة هي الضمانة لكل الجماعات، وقطع الطريق على محاولة (حزب الله) إعادة اللبنانيين الى مجموعة طوائف وأحزاب و(محليين) بحيث تعيش كل طائفة همومها بمعزل عن الأخرى وتبحث عن حلّ خارج الحل الوطني الجامع، ومواجهة من يكرّرون (حزب الله) معادلة “أعطونا جزءاً من السيادة وخذوا جزءاً من الاستقرار”.

وفي ظل ملامح “انهيار النظام العربي القديم ودخول المنطقة مرحلة غير مسبوقة من الاقتتال المذهبي المكشوف”، تبدو “14 آذار” امام تفكير في إعادة تحديد القضية “مع مراعاة الواقع المستجد في الغرب والعالم العربي وما يطرحه مجدداً من قضية العيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين في الغرب والشرق، وبين السنّة والشيعة في العالم العربي، وهو ما يستدعي تبني خوض “معركة العيش المشترك” في لبنان والمنطقة، وذلك انطلاقاً من وجوب حضّ الغرب على طي صفحة الصراع العربي – الإسرائيلي، وإبداء الاستعداد لتسوية تاريخية مع ايران تنهي صراعاً عمره مئات الأعوام بين الفرس والعرب.

وفي موازاة التحضيرات لذكرى 14 آذار، كان جعجع يرسم من مقره صورة بالغة القتامة للوضع في المنطقة “الذاهب الى مزيد من التصعيد” ليستخلص ان “الحكمة تقتضي علينا كحركة سياسية ان نبقى هادئين لان الزمن ليس لاستعادة الثورة وأي خطأ قد يوصل الى داهية”، مؤكداً وجوب الحفاظ على احتواء “حزب الله” سياسياً “ولكن مع الإبقاء على خطوط الحمر السياسية كأجراس إنذار نطلقها كلما أخطأ كما لم نفعل بعد العملية العسكرية الأخيرة التي نفّذها في مزارع شبعا”.

واذْ اكد جعجع في الشقّ الداخلي، اطمئنانه الى ان “لا خطر عسكرياً على لبنان من المجموعات المسلحّة عند الحدود الشرقية مع سورية نظراً الى انتشار الجيش اللبناني في الجرود وفي وضعيات ممتازة”، لفت الى “بحث في تزويده بما بين 6 و 12 طائرة يمكن ان يتم استئجارها من الامارات”، مشيراً الى انه “متمسك بالحوار حتى النهاية مع تيار العماد ميشال عون”، ومعرباً في الوقت نفسه عن اعتقاده ان “ايران لا تريد انتخابات رئاسية في لبنان الآن الا اذا كان الرئيس محسوباً عليها”، وكاشفاً ان “طهران كانت ابلغت قبل نحو شهرين الموفد الفرنسي فرانسوا جيرو ان (حزب الله) التزم تأييد الجنرال عون وهم لا يستطيعون فعل شيء”.

وفي قراءة جعجع ان طهران نجحت في ان “تسبق” اللاعبين الآخرين في المنطقة بسياستها الهجومية والثورية وهو ما تجلى في اليمن والعراق وسورية، فيما دول الثقل العربي منشغلة بترتيب أوضاعها (مصر والسعودية) وفي ظل رئيس اميركي ينذر بعقيدته السياسية الخارجية ان يؤسس لمزيد من الأزمات في المنطقة، ومحذراً من “حلقة جهنّمية” جراء مقاربة الواقع العراقي الذي بات “أسوأ” فـ “ما يحصل في تكريت سيعيدنا عشرات الأعوام الى الوراء اذ كان على القوى السنية المعتدلة والعشائر ان تدخلها، وما يجري سيقوي داعش”.