IMLebanon

لماذا يُعدّ قانون الإيجارات مجحفاً؟

RentLaw3
هديل فرفور

لا يحرم قانون الايجارات المستأجرين حق السكن فقط، بل يحرمهم أيضاً التعويض «العادل»، الذي كرسته قوانين الإيجارات الاستثنائية السابقة. لم يأت هذا القانون في سياق تطبيق خطة سكنية متكاملة تضمن لهم البديل، بل اتى نتيجة ضغوط تكتلات المصالح في تجارة الاراضي، ورهانات المضاربين على جني الريوع الضخمة من جرّاء شراء الابنية القديمة وهدمها وبيع عقاراتها. يُقدّر عدد المستأجرين القدامى في بيروت، بنحو 100 ألف مستأجر، الا انه لا إحصاءات دقيقة بشأن عددهم الفعلي في كل لبنان، كذلك تغيب الإحصاءات بخصوص الوضعين الاجتماعي والاقتصادي للمالكين

في 9/5/2014 صدر قانون الإيجارات الجديد. نُشر في الجريدة الرسمية (ملحق العدد 27) في 26/6/2014 على أن يبدأ العمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره. في 11/7/2014 تقدّم عشرة نواب بمراجعة طعن أمام المجلس الدستوري للمطالبة بإبطال القانون ووقف العمل فيه. في 6/8/2014 أصدر المجلس الدستوري قرارا أبطل بموجبه مادتين ونصف مادة (7 و13 والفقرة ب من المادة 18)، وهي المواد التي تنص على إنشاء لجنة خاصة للنظر في استفادة المستأجرين ذوي الدخل المحدود من الصندوق الخاص للإيجارات السكنية.

لم يحدد المجلس الدستوري إذا كان القانون نافذا أم لا، ما أثار جدلاً واسعاً بين «طرفي النزاع»، اللذين يخوضان، اليوم، «معركة» حقيقية. وفي ظلّ الجدال الحاصل حول هذا القانون، يغيب الموقف الرسمي «العملي» عن أكبر أزمة اجتماعية يشهدها البلد، كما يغيب الموقف الشعبي حول هذا القانون الذي يعني مختلف الشرائح الاجتماعية.
في ما يلي توضيح لبعض النقاط الأساسية التي يثيرها القانون الجديد، والتي تمثّل موضوع الخلاف بين المستأجرين والمالكين.

■ ما هو بدل المثل؟
تحدد المادة 20 من القانون الجديد بدل المثل بـ5% من القيمة البيعية للمأجور. الربط بين بدل الإيجار والقيمة البيعية للمأجور لم يكن مطروحا في قانون الإيجارات القديم (60/1992). يرى رئيس لجنة المحامين المكلّفة الطعن المحامي أديب زخور أن «إرساء الربط بين القيمة البيعية للمأجور وبدل المثل يعد خطرا من شأنه أن يُحمّل المستأجر أكلافا ثقيلة». ويعزو زخور السبب الى «الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات نتيجة المضاربات العقارية وانتشار الاستثمار الريعي خلال السنوات المنصرمة، الأمر الذي يجعل من دفع الـ5% من قيمة هذه العقارات عبئا على المستأجرين ذوي الدخل المتوسط والمحدود». يُذكر أن بدل المثل في قانون الإيجارات القديم (60/1992) كان مرتبطا، بحسب ما يؤكد زخور، بـالحد الأدنى للأجور، «فكل زيادة كانت تطرأ على الحد الادنى للأجور كانت يضاف نصف نسبتها على بدل الإيجار».

■ كيف يجري تسديد الزيادات؟
بحسب المادة 15 من هذا القانون، تمدّد لغاية تسع سنوات من تاريخ نفاذ هذا القانون عقود الإيجار، على أن يُزاد بدل الإيجار المستحق سنويا وتباعا وفقا لما يلي:
– 15% من قيمة فارق الزيادة بين البدل المعمول به قبل نفاذ هذا القانون وبدل المثل المحدد وفق القانون الجديد، وذلك عن كل سنة من السنوات التمديدية الأربع الاولى التي تلي تاريخ نفاذ القانون.

– 20% من قيمة فارق الزيادة عن كل من السنتين الخامسة والسادسة من الفترة التمديدية حتى يبلغ بدل الإيجار في السنة التمديدية السادسة قيمة بدل المثل المشار اليه في القانون.
– يكون بدل الإيجار في السنوات الممددة السابعة والثامنة والتاسعة مساويا لقيمة بدل المثل المشار اليه على ان يصبح الايجار حرا بنهاية السنة التمديدية.
يجد المستأجرون ان هذه البدلات، وعلى الرغم من «زيادتها تدريجيا»، تفوق قدرات اكثريتهم، ذلك ان زيادتها تباعا لتمثل 5% من القيمة البيعية للمأجور تعدّ «تعجيزية» في ظل الارتفاع الجنوني لاسعار العقارات.
■ ما هو صندوق المساعدات؟
أُنشئ بموجب هذا القانون (المادة 3) صندوق «يرمي الى مساعدة جميع المستأجرين المعنيين الذين لا يتجاوز معدّل دخلهم الشهري (المعدلّ الشهري العائلي) ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور عبر المساهمة في دفع الزيادات كليا او جزئيا». تقتصر المساعدة إذا، على العائلات التي لا يتجاوز دخلها ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور. يقول زخور «إن جمع دخل فردين فقط من العائلة من شأنه ان يتجاوز ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور»، لافتا الى هذه المادة تؤدي دور «تضييق شريحة المستفيدين من المساعدات».

■ لماذا يطالب المستأجرون بتوسيع مروحة المستفيدين من الصندوق؟
لم يلحظ القانون في اي مادة من مواده حق التعويض للمستأجر، وربط مبدأ التعويض بصندوق المساعدات، فحصر حق التعويض بالمستأجرين الذين تتوافر فيهم شروط مساعدات الصندوق (لا يتجاوز معدّل الدخل الشهري العائلي ثلاثة أضعاف الحد الأدنى للأجور) والذين يخلون المأجور قبل سنوات التمديد (المادة 16 والمادة 27). أي اذا استمر المستأجر في إشغال المأجور طوال سنوات التمديد او اذا لم تتوافر فيه شروط مساعدات الصندوق فإنه يحرم حقه في التعويض.
أما التعويض، فهو عبارة عن نسبة مساوية لـ»رصيد مجموع ما كان سيدفعه الصندوق من مساهمات شهرية للمؤجر عن المستأجر (..) لو استمر الأخير في إشغال المأجور». من هنا، يقول زخور «ان للصندوق دورين: المساهمة في دفع بدلات الإيجارات وآخر متعلّق بالتعويضات للمستأجرين عند الإخلاء»، لافتا الى «أهمية توسيع فئة المستفيدين لكونها مرتبطة بالتعويضات التي هي من حق كل المستأجرين دون تمييز». يُذكر ان المستأجرين يطالبون بتوسيع فئة المستفيدين للأشخاص الذين لا يتجاوز معدل دخلهم الفردي سبعة أضعاف الحدّ الأدنى للأجور.

■ من يمّول الصندوق؟
في المادة 5 من القانون، جرى تحديد واردات هذا الصندوق بـ»المساهمات السنوية من الدولة تُلحظ في موازنة وزارة المالية»، فضلا عن «الهبات والتبرعات والوصايا بعد موافقة مجلس الوزراء عليها». يُجمع المعنيون في ملف قانون الإيجارات الجديد على «غياب الإيرادات الفعلية والجديّة للصندوق»، فيما يقول زخور ان «القانون لم يلحظ آلية واضحة ومعتمدة لتمويل الصندوق، وبالتالي فإن حق المستأجر بالتعويض قد سُلب باعتبار ان التعويض مرتبط بالصندوق». من هنا كانت مطالبة المستأجرين بفصل الصندوق عن تعويضات الإخلاء.
■ لماذا يرى المستأجرون أن المادة 29 من القانون خطيرة؟
تشير هذه المادة الى أنه في حال وفاة المستأجر أو تركه المأجور، يستفيد من عقد الإيجار الاساسي او الممدد عند الاقتضاء (…) : «زوج المستأجر او من يحل محله قانونا قبل تاريخ 23/7/1992» و»أنسباؤه الذين دخلوا معه الى المأجور عند بدء تنفيذ الإجارة وكانوا لا يزالون مستمرين في اشغاله بدون انقطاع». يرى المستأجرون أن هذا النص يحرم أولاد المستأجر المتوفّى بعد 1992 الاستفادة من التمديد. برأيهم، «ثمة كثير من العائلات المهددة بالطرد من جراء هذا القانون».

■ لماذا هذا القانون يعني مختلف الشرائح الاجتماعية؟
يقول عضو لجنة الإدارة والعدل النائب غسان مخيبر في حديث لـ»الأخبار»: «من الخطأ حصر النقاش في قانون الإيجارات الجديد بالمالكين والمستأجرين القدامى، ثمة شبان وشابات مقبلون على الاستئجار، وحق السكن مكرس في الدستور». ويضيف مخيبر: «لا أحد يخفي الارتفاع الجنوني لأسعار العقارات وانتشار الاستثمار الريعي لها، وبالتالي يجب الحرص على حماية حق المستأجر في السكن»، لافتا الى «وجوب تحصيل حقوق المستأجرين والمالكين على حد سواء». يؤكد مخيبر ان قانون الإيجارات ليس إلا «جزءا من الخطة الإسكانية التي يجب ان توضع على نحو علمي وعملي، وهي مرتبطة بخطط انمائية تتطلب تضافر جهود جميع المعنيين كخطة النقل العام المشترك وغيرها».

مطالب المستأجرين

يرى رئيس لجنة دعم حقوق المستأجرين المهندس انطوان كرم أن القانون تشوبه عيوب كثيرة، ولا يمكن تطبيقه، وهو مرفوض كلياً، الا اذا أُخذ بالمطالب التالية:
1 – تحديد نسبة بدل المثل من 1% الى 1.5% كحد أقصى.
2 – مساهمة الصندوق لتشمل 5 الى 7 أضعاف الحد الأدنى للأجور، على أن تحتسب على أساس مدخول المستأجر الأساسي فقط دون أن تشمل مداخيل أفراد العائلة.
3 – تعويض الإخلاء هو حق مكتسب، على ألا يقل عن 40 % من ثمن المأجور للضرورة العائلية و50% للهدم، على ألا يتناقص التعويض مع فترة التمديد.
4 – مساواة الأماكن المعتبرة فخمة بالأماكن العادية
5 – تعديل المادة 4، على أن يستفيد كافة المستأجرين اللبنانيين بمن فيهم حاملو بطاقة قيد الدرس ومكتومي القيد.
6 – تعديل المادة 29 بما يتعلق بالاستفادة من عقد الإيجار بعد وفاة المستأجر الأساسي.
7 – تعديل المادة 38 المتعلقة بالأماكن غير السكنية لتصبح النسبة 2% بدل 5%.
8 – تطبيق القانون الاستثنائي القديم على الدعاوى المقامة في ظلّه.
9 – تخفيض نسبة المشاركة في الأقسام المشتركة وحصرها بالإصلاحات الصغرى.
10- الاحتكام الى القضاء بكافة درجاته مع رفض أي لجنة قضائية.
11- اقرار ألإيجار التملكي ليتزامن صدوره مع التعديلات العادلة والمنصفة المطلوبة وعلى أن يشمل الأبنية الموجودة التي يشغلها المستأجر .
12- لا تحرير بدون إيجاد البديل حتى لو انقضت مهلة التمديد .

كيف سيرتفع بدل الإيجار

يسكن جوزف ك. في مأجور في الأشرفية منذ 1967، وهو عبارة عن غرفتي نوم وصالون وسفرة وتوابعها، بمساحة 120متر مربع. ويدفع بدلاً سنوياً قيمته 750 الف ليرة. ووفقاً للقانون الجديد فإن البدل السنوي لمأجوره سيصبح كالتالي:
– جرى تخمين المأجور من قبل الخبيرين بقيمة 250000 الف دولار
– قيمة بدل المثل 5% هي قيمة بدل الإيجار الجديد لتصبح: 250000 × 5% = 12500 دولار، أي ما يعادل 18750000 ليرة سنوياً، او 1562500 ليرة شهريا بحلول السنة السادسة من نفاذ القانون.
– سيرتفع بدل الايجار السنوي في السنوات الست الاولى من 750 الف ليرة الى 18750000 ليرة، وفقا للالية التي نص عليها القانون:
* السنة الأولى : 750000 + (18750000-750000)×15% = 3450000 ل.ل.
* السنة الثانية : 750000 + (18750000-750000)×30% = 6150000 ل.ل.
* السنة الثالثة : 750000 + (18750000-750000)×45% = 8850000 ل.ل.
* السنة الرابعة : 750000 + (18750000-750000)×60% = 11550000 ل.ل.
* السنة الخامسة: 750000 + (18750000-750000)×80% = 15150000 ل.ل.
* السنة السادسة: 750000 + (18750000-750000)×100% = 18750000 ل.ل