IMLebanon

لا “14 آذار” من دون البطريرك صفير (بقلم طوني أبي نجم)

sfeir-1

كتب طوني أبي نجم

تحيي قوى “14 آذار” الذكرى العاشرة لانطلاقتها. الخيبات تطبع مسيرتها. تنازلات. مساومات. صفقات، ولعبة مصالح لا تنتهي.

في الأساس سياسيو 14 آذار في الـ2005 سرقوا الثورة. هم لم يقوموا بها. حاولوا فقط تبنّيها. ثورة اللبنانيين في “14 آذار” 2005 قامت ضد المحتل السوري وضد حسن نصرالله الذي سخر من اللبنانيين قبل أسبوع داعيا الاعلام الى أن يعمل “Zoom out” ليشاهد العالم أين هي أكثرية اللبنانيين.

سياسيو ذلك الوقت، في معظمهم، لم يكونوا ليجرؤوا على الانتفاضة ضد السوري و”حزب الله”. هم لم يجرؤوا طوال 15 عاماً بعد الحرب. الشعب اللبناني فعلها. قال كلمته نزل الى ساحة الحرّية متحديا كل المخاطر. لم ينتظر دعوة من سياسي او زعيم أو حزب. السياسيون أنفسهم لم يكونوا يتوقعون ردّ فعل الشعب اللبناني. خافوا من الدبلوماسيين الذين نصحوهم بالاستسلام بعد تظاهرة “8 آذار”.

لكن رجلاً وحيداً كان يؤمن بهذا الشعب. رجلٌ لطالما شكّل ضمير هذا الشعب بكل فئاته وطوائفه وأحزابه ومناطقه. رجلٌ على كتفيه قامت “ثورة الأرز” منذ أطلق ذلك النداء الشهير في أيلول من العام 2000.

بنى الثورة نداءً تلو نداءً، عظةً تلو عظة، موقف بعد موقف. لم يكن يكثر منهم على الإطلاق. لكنه مع كل كلمة أو موقف أو عظة أو نداء، كان يدق مسماراً في نعش الاحتلال ويبني مدماكاً في كيان الثورة.

ذلك الثابت كصخور وادي قنوبين، الشامخ كأرز لبنان، والوديع المتواضع كقلب معلّمه. ذلك السادس والسبعون من سلسلة بطاركة حفروا لبنان بإيمانهم في صخور جبال لبنان. ذلك البطريرك الذي اتكأت عليه بكركي مرتاحة الى صخرتها.

إنه الذي أُعطي له مجد لبنان عن الحق: مار نصرالله بطرس صفير أطال الله بعمره.

الذكرى العاشرة لـ”14 آذار” لا معنى لها إن لم تكن لاستلهام صلابة البطريرك صفير.

من ميزات “آخر البطاركة الموارنة الملتحين” أنه كان مقلاً في الكلام، لكنه متى قال كلمة أحدث ارتدادات مدويّة، من أيلول الـ2000 على الأقل وحتى 5 حزيران 2009، و”14 آذار” تعرف أنها تدين للبطريرك صفير بانتصارها في انتخابات الـ2009 يوم قال كلمته الشهيرة الى مجلة “المسيرة”!

هل هي مفارقة أن تكون “14 آذار” شهدت أسوأ تراجعاتها اعتباراً من العام 2011، يوم اضطر البطريرك صفير الى تقديم استقالتها تحت وطأة ضغوط وظروف لا نريد الدخول فيها الآن؟

في الذكرى العاشرة لانطلاقة “14 آذار”، لا يمكن استعادة الثورة من دون العودة الى روح ملهمها البطريرك مار نصرالله بطرس صفير. لا يمكن أن نستعيد الثورة بمنطق المساومات والتنازلات والصفقات. حين سُئل البطريرك صفير متى يزور قصر المهاجرين، أجاب بضحكة سائلا: “وأين يقع قصر المهاجرين؟”… وفهم الجميع الرسالة!

أين بعض قادة “14 آذار” من هذا الأداء؟ أين هم من هذا العنفوان وتلك الصلابة وذاك الإيمان بلبنان؟

14 آذار في ذكراها العاشرة أمام خيارين لا ثالث لهم: إما العودة الى ثورة البطريرك صفير الهادئة إنما الحازمة، المقلة في الكلام والفاعلة في التغيير الفعلي، المنفتحة على الجميع إنما التي لا تقبل الدخول في أي مساومة أو صفقة.

14″ آذار” تدين للبطريرك صفير بكل شيء، فإما تعود الى إرثه وإرشاداته لتستعيد أنفاسها، وإما يكون أتى وقت رفع البخور عن روحها!

في الذكرى العاشرة لـ”14 آذار” ألف تحية لملهمها أطال الله بعمره.