IMLebanon

قانون الإيجارات الجديد : إجحاف بحق المستأجر والمالك

RentLaw3

ربى منذر

يتصاعد «الصراع» بين مالكي الأبنية القديمة المؤجرة والمستأجرين القدامى، وتقف القوى السياسية أمام هذا المشهد متفرجةً بكل هدوء.
في 9/5/2014 صدر قانون الإيجارات الجديد. نُشر في الجريدة الرسمية (ملحق العدد 27) في 26/6/2014 على أن يبدأ العمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره. في 11/7/2014 تقدّم عشرة نواب بمراجعة طعن أمام المجلس الدستوري للمطالبة بإبطال القانون ووقف العمل فيه. في 6/8/2014 أصدر المجلس الدستوري قرارا أبطل بموجبه مادتين ونصف مادة (7 و13 والفقرة ب من المادة 18)، وهي المواد التي تنص على إنشاء لجنة خاصة للنظر في استفادة المستأجرين ذوي الدخل المحدود من الصندوق الخاص للإيجارات السكنية. لم يحدد المجلس الدستوري إذا كان القانون نافذا أم لا، مما زاد حدة النزاع بين الطرفين.
وفي اجتماعٍ عقدته «الهيئة الإدارية في تجمع مالكي الأبنية المؤجرة»، للبحث في تطورات القانون الجديد، أصدرت بياناً للمستأجرين «الذين بادروا إلى توقيع اتفاقات رضائية مع المالكين وفق أحكام القانون الجديد للايجارات بتجاوب كامل مع المسار القانوني لهذا القانون النافذ ومع الضمير الإنساني الذي يأبى استمرار الظلم في حق المالكين عبر حرمانهم من حقهم الطبيعي بتقاضي بدلات إيجار عادلة»، متسائلين عن «ضمير المستأجرين الآخرين الذين يسعون للضغط على المالكين لبيع الملك بالمجان لهم أو لغيرهم ودفع تعويضات الإخلاء، في وقتٍ لا تكفي الايجارات التي يدفعونها لسد أبسط مستلزمات المالكين وعائلاتهم».
وأشار البيان الى «التجمعات التي تتاجر بقضية المستأجرين وهي التي تقدمت بمراجعة الطعن الموقعة من 10 نواب للطعن بالقانون، مما أدى إلى إلغاء صندوق دعم الفقراء منهم. إضافةً الى أن مطالب الأغنياء والميسورين في التجمعات التي تتاجر بقضية المستأجرين سوف تطيل الفترة الزمنية للبحث في تعديلات القانون داخل لجنة الإدارة والعدل ما قد يحول دون ترميم المواد وتأسيس الصندوق لمساعدتهم».
وطالب بـ«وجوب مضي لجنة الإدارة والعدل بترميم المادتين 7 و 13 والفقرة ب-4 من المادة 18 المبطلة في القانون الجديد للايجارات وعدم التوسع في تعديلات إضافية لمصلحة المستأجرين من الأغنياء والميسورين»، مؤكداً «أن تعويضات الإخلاء بعد 40 سنة من الإقامة المجانية هي خارج إطار البحث بالنسبة إلينا، وإن مجرد طرحها ستكون له تبعات خطيرة على الأمن الاجتماعي للمالكين والمستأجرين، وبخاصة أنه ابتزاز مكشوف للمالكين وتهديد واضح لهم بدفع «الفدية» لاسترداد المأجور المصادر والمحتل. وفي ما خص صندوق المساعدة المفترض إنشاؤه لمساعدة الفقراء من المستأجرين وليس الأغنياء والميسورين وفق إملاءات بعض النواب، نطالب بإصرار بفك ارتباطه بالمالك، وبخاصة أن هذا الأخير ملزم بدفع الرسوم البلدية والضرائب وفق البدلات الجديدة مع احتمال عجز الدولة عن دفع البدلات في حال أقرت لجنة الإدارة والعدل توسيع دائرة المستفيدين منه لتشمل الميسورين والأغنياء».
من جهتهم، يرفض المستأجرون تطبيق القانون الجديد إلا في حال أُخذ بمطالبهم التي اختصروها بـ«تحديد نسبة بدل المثل من 1% الى 1.5% كحد أقصى، مساهمة الصندوق لتشمل 5 الى 7 أضعاف الحد الأدنى للأجورعلى أن تحتسب على أساس مدخول المستأجر الأساسي فقط دون أن تشمل مداخيل أفراد العائلة، تعويض الإخلاء كحق مكتسب على ألا يقل عن 40 % من ثمن المأجور للضرورة العائلية و50% للهدم وألا يتناقص التعويض مع فترة التمديد، إضافة الى مساواة الأماكن المعتبرة فخمة بالأماكن العادية وتعديل كل من المادة 4 على أن يستفيد كافة المستأجرين اللبنانيين بمن فيهم حاملو بطاقة قيد الدرس ومكتومي القيد، المادة 29 بما يتعلق بالاستفادة من عقد الإيجار بعد وفاة المستأجر الأساسي والمادة 38 المتعلقة بالأماكن غير السكنية لتصبح النسبة 2% بدل 5%».
كما يطالبون بـ«تطبيق القانون الاستثنائي القديم على الدعاوى المقامة في ظلّه، تخفيض نسبة المشاركة في الأقسام المشتركة وحصرها بالإصلاحات الصغرى، الاحتكام الى القضاء بكافة درجاته مع رفض أي لجنة قضائية، وأخيراً اقرار الإيجار التملكي ليتزامن صدوره مع التعديلات العادلة والمنصفة المطلوبة وعلى أن يشمل الأبنية الموجودة التي يشغلها المستأجر». ويصر المستأجرون على «عدم التحرير بدون إيجاد البديل حتى لو انقضت مهلة التمديد».
تجدر الإشارة الى أن هذا القانون لم يأت في سياق تطبيق خطة سكنية متكاملة تضمن للمستأجرين البديل، بل أتى نتيجة ضغوط تكتلات المصالح في تجارة الأراضي، ورهانات المضاربين على جني الريوع الضخمة من جرّاء شراء الأبنية القديمة وهدمها وبيع عقاراتها.
في هذا السياق، يؤكد أحد المالكين القدامى الياس البيطار «أنه لو تمت معالجة هذه المشكلة منذ عام 1996 بدلاً من وضع هذا القانون في جارور مجلس النواب لكان الآن لا أحد يشعر بالظلم أو بالغبن، أكان مستأجراً أم مالكاً، وكان بالإمكان زيادة الايجار تدريجياً مع كل زيادة رواتب بنسبة مئوية معينة لا ترهق المستأجر وتفيد المالك من العقار الذي يملكه، فمن غير المنطقي أن يحصّل المالك 200 ألف ليرة بدل ايجار العقار. أما القانون الحالي فيؤجج الخلاف ولا يحل المشكلة»، محملاً المسؤولية المباشرة لـ «من وضع هذا القانون في الجارور طيلة هذه السنوات بدون ايجاد حلاً يرضي الطرفين.»
فبقانون جديد تشوبه عيوبٌ كثيرة، تدور حوله الكثير من التساؤلات ولا يمكن تطبيق نصف مواده، وفي ظل تصارع الطرفين المعنيين فيه وشعور كلٌّ منهم بظلمٍ كبير، ماذا تنتظر القوى السياسية لحل هذا النزاع الذي يؤجج الظلم أكثر كلما طال؟