IMLebanon

المالكون والمستأجرون إلى المواجهة في الشارع

RentLaw3
هديل فرفور
ينفّذ كل من المالكين والمستأجرين القدامى، الاثنين المقبل، تظاهرة احتجاجية على أداء لجنة الإدارة والعدل النيابية المكلفة دراسة اقتراحات تعديلات قانون الإيجارات الجديد. سيقام الاعتصامان في المكان نفسه، أمام المتحف الوطني، وعلى الأغلب في التوقيت نفسه أيضاً (بفارق نصف ساعة، المستأجرون دعوا إلى التجمع عند الخامسة من بعد الظهر، فيما دعا المالكون إلى التجمع عند الرابعة والنصف).

«ولعانة»، هكذا يصف رئيس نقابة المالكين جوزف زغيب، الوضع القائم بين المالكين والمستأجرين، لافتاً إلى «أن الوضع ما عاد يحتمل»، مضيفاً: «فليأتوا إلى المتحف ونحن بانتظارهم». صيغة التوعّد لصدام محتوم لا تقتصر على المالكين، ذلك أن المستأجرين أيضاً أعلنوا إصرارهم على إبقاء الاعتصام على توقيته ومكانه. يقول زغيب: «لو غير المستأجرون مكانهم سنلحقهم، وليتحمل المعنيون ما سيحصل». الواقع، أن ما قد يشهده المتحف الوطني هو نتاج طبيعي لسلوك القوى السياسية الممثلة في البرلمان، التي أشعلت بانحيازها إلى مصالح المضاربين العقاريين واحدة من أكبر الأزمات الاجتماعية، وغذّت في تجاهلها حق السكن النزاعات الحاصلة منذ أكثر من تسعة أشهر.
ما يتفق عليه طرفا النزاع، هو أن أداء لجنة الإدارة والعدل النيابية «غير موضوعي»، كلاهما يعتبران أن أداء اللجنة «لا يرتقي ومستوى الأزمة التي يعانيها كل منهما»، وكلاهما يحذّران من «الانفجار الاجتماعي» إن لم تتحمّل القوى السياسية المهيمنة على الدولة مسؤوليتها.
أثارت التعديلات التي أقرتها لجنة الإدارة والعدل النيابية على قانون الإيجارات الجديد، أول من أمس، جملة من الردود المستنكرة من قبل الجهات المعنية في هذا الملف. لم تلق هذه التعديلات قبولاً لدى طرفي النزاع، ففيما أعلنت لجنتا المتابعة للمؤتمر الوطني للمستأجرين ولجنة الدفاع عن حقوق المستأجرين «رفضهما التعديلات التي صدرت عن اللجنة»، رأى مجلس نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجرة أن «مداولات اللجنة لا ترقى إلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقها في رفع الظلم عن كاهل المالكين القدامى، لأن أعضاءها يتمادون في طرح التعديلات غير المحقة على القانون الجديد».

وكانت لجنة الإدارة والعدل قد أدخلت أمس تعديلاً جديداً على المادة 34، «بحيث يسقط حق المستأجر بالتمديد في حال تملّكه منزلاً سكنياً ضمن 20 كلم» (كانت 10 كلم)، إضافة إلى خفضها بدل المثل من 5% إلى 4%، وإقرارها توسيع شريحة المستفيدين من صندوق المساعدات لتشمل كل عائلة يقلّ دخلها عن خمسة أضعاف الحد الأدنى للأجور بدلاً من ثلاثة أضعاف.
لجنة المحامين المكلفة بالطعن وصفت تعديل المادة 34 بـ»الهرطقة والمهزلة القانونية»، لافتةً إلى «أن القانون 160/92 حصر هذه المسافة بـ 7 كلم وأعطى الحق للمستأجر بالتملك أو إذا شغر له ملك بعد هذه المسافة وأصبح حقاً مكتسباً للحفاظ على مأجوره ضمن النية الحسنة وعدم الغش في التشريع». وأضافت اللجنة: «كنا قد طالبنا في تعديلاتنا بإعادتها إلى ما كانت عليه، أي 7 كلم، فنُفاجأ برفعها من قبل لجنة الإدارة والعدل إلى 20 كلم بعكس مطالبنا. وخلافاً للقوانين والحقوق المكتسبة، وبغياب عدد كبير من أعضائها».
من جهتهم، أعرب المستأجرون عن «رفضهم القاطع لإضافة أبواب تهجير فوري جديدة». برأيهم، إن تعديل المسافة إلى 20 كلم بين مكان السكن الحالي والمكان الذي يمكن أن يمتلك فيه المستأجرون غرفة، يشكل إلى جانب المادة 29 «عملية تهجير قسري لعشرات آلاف العائلات دون وجه حق (…)». فيما قال المالكون إن هذا التعديل «هو أقل الواجب كي تثبت اللجنة نيتها إعادة التوازن بين الطرفين ومنع التعديات المستمرة منذ 40 عاماً على أملاك المالكين من أصحاب الأملاك والثروات».
في ما يتعلّق بخفض بدل المثل إلى 4% من القيمة البيعية للمأجور، لفتت لجنة المحامين إلى أن خفض البدل «رمزياً» إلى 4% «سيؤدي حكماً إلى خفض التعويض المقرر عند إخلاء المأجور»، وذكّرت اللجنة بالدراسة التي كانت قد أعدتها حول ضرورة اعتماد نسبة 1% من القيمة البيعية للمأجور كحد أقصى للزيادة على بدلات الإيجار السنوية. فيما أكد المستأجرون رفضهم تحديد قيمة البدل على أساس قيمة المأجور، «وفق نسب تتجاوز قدرات المستأجرين وتشكل تعجيزاً لهم وسبباً لتهجير وتشريدها عائلاتهم، خصوصاً أن النسب التي يجري التداول بها، تؤدي إلى بدلات تفوق بكثير البدل الرائج حاليا في سوق الإيجارات الذي لا يتجاوز 2%، خلافاً لكل دعاوى بعض المالكين». أما المالكون، فانتقدوا خفض البدل واعتبروه تعديلاً غير محق «ما دام الميسورون من المستأجرين هم من سيدفع البدل وأن الفقراء سيدفع عنهم الصندوق».
من جهته، قال عضو لجنة الإدارة والعدل النائب زياد أسود، أمس، إن «الغالبية العظمى من الشعب اللبناني غير قادرة على دفع الأربعة بالمئة التي أقرتها لجنة الإدارة والعدل كبدل مثل عن قيمة المأجور»، مشيراً إلى أن «ما أقر يؤكد أن القانون تهجيري»، ولافتاً إلى أن «المادة الرابعة والثلاثين لم تكن ضمن المواد المبطلة في المجلس الدستوري». أضاف: «إن لجنة الإدارة والعدل لا تبحث قانون الإيجارات المطعون فيه بموضوعية وواقعية، ما يدل على انحيازها مع المالكين ضد المستأجرين لنزع حقوقهم».
وجدد المستأجرون مطالبهم المتمثلة بالتمسك بحق التعويض، وبتوسيع مروحة المستفيدين، على أن يتجاوز معدل الدخل الشخصي 7 أضعاف الحد الأدنى للأجور، وطالبوا بتمديد العمل بالقانون الاستثنائي «إلى حين إقرار قانون عادل ومتوازن للايجارات». يُذكر أن المستأجرين سيجتمعون اليوم، لدراسة «الخطوات التصعيدية رفضاً للمنهج المعتمد من لجنة الإدارة والعدل ولمساعي فرض هذا القانون الجائر». فيما قال مجلس نقابة المالكين: «نضع دعوات التمرد على القانون الجديد النافذ للإيجارات برسم النيابة العامة، ونطلب إحالة أصحابها على التحقيق بتهم التحريض ضد المالكين القدامى وضد نواب شرفاء في لجنة الإدارة والعدل، ونطلب التعاطي مع هذه الدعوات بجدية كاملة من قبل الأجهزة الأمنية لأنها تهديد مباشر للسلم الأهلي، وستؤدي في نهاية المطاف إلى إشكالات كبرى لا تحمد عقباها بين المالكين والمستأجرين».