IMLebanon

“التعميم 331”: مصرف لبنان يبادر نحو “اقتصاد المعرفة”

Banque-du-Liban-2
حنان حمدان
يعتمد الإقتصاد التقليدي في عملية الإنتاج على عنصرين أساسيين، هما الموردان المادي والبشري. ولكن الإقتصاد الحديث، يثبت أن “إقتصادات المعرفة” القائمة على توافر تكنولوجيا المعلومات والإتصال، واستخدام الإبتكار والأرقام في عالم الأعمال، هي المحرك الرئيسي للنمو الإقتصادي، والمسؤول الأول عن تطور الدول وتقدمها.
عالمياً، شهدت العديد من الدول تحولات جذرية في مجال عالم الأعمال والأرقام، وباتت المعرفة ضرورة في مواكبة التطورات العصرية. لبنانياً، أصبح لافتاً إهتمام أصحاب الشأن الإقتصادي، بخلق فرص تسهم في قيام بعض المشاريع التكنولوجية، على اعتبار أن البنية التحتية في لبنان أصبحت مهيأة لاحتضان الإقتصاد الرقمي. وفي هذا الإطار، كانت مبادرة مصرف لبنان، بإصدار التعميم الرقم 331، الذي يسمح للمصارف والمؤسسات المالية، بالمساهمة ضمن حدود 3 في المئة من أموالها الخاصة، في رسملة مشاريع ناشئة، وحاضنات أعمال، وشركات مسرّعة للأعمال، يكون نشاطها متمحوراً حول قطاع المعرفة.
إنطلقت فكرة المشروع عبر وزارة الإتصالات، في عهد الوزير نقولا صحناوي، في العام 2013، والغاية منها كانت الحد من هجرة الشباب اللبناني وتشجيعهم على الإستثمار داخل لبنان، من خلال خلق فرص عمل جديدة، وخلق مساحة تمكّن الرواد من الإبداع والإبتكار في مجال الأعمال. ونظراً لأهمية هذا المشروع، وانعكاساته الإيجابية المتعددة، فقد حلّ موضوعاً بارزاً في الجلسة الختامية لفعاليات مؤتمر “عرب نت” 2015، بإصداره السادس، والذي عقد على مدى يومين في بيروت.
تناول المشاركون في المؤتمر قضايا ذات صلة بالتجارة الإلكترونية والإعلام الرقمي والإبتكار، وتأثير المنصات الرقمية في القطاعات الإقتصادية وخدمة العملاء والتسويق وتركيب الخدمات والسلع الجديدة، بحضور أكثر من 700 محترف ورائد أعمال في المجال الرقمي.

وأعلن نائب حاكم مصرف لبنان رائد شرف الدين، في سياق الحديث عن التعميم الرقم 331، عن ضمان الإستثمارات المخصصة لإنشاء شركات لبرامج تسريع النمو بنسبة 100 في المئة، كخطوة متقدمة لدعم وتمكين رواد الأعمال، مشيراً الى أن ما يشهده العالم العربي اليوم هو “إشراقة النهضة الرقمية العربية”.
وقد توقعت المديرة التنفيذية لدى حاكمية مصرف لبنان ماريان حويك، أن يساهم مبلغ الـ 400 مليون دولار، الذي خصصه مصرف لبنان لدعم الإستثمارات في الشركات التكنولوجية الناشئة في لبنان، من خلال التعميم ذاته، “بنسبة واحد في المئة كبداية من إجمالي الناتج المحلي”. وبما أن العالم اليوم تحكمه التكنولوجيا، كانت مبادرة مصرف لبنان، التي تقوم وفق حويك، “على إستثمار المصارف كشريكة في شركات تكنولوجية ناشئة، فيما يوفر مصرف لبنان الضمان لـ 75 في المئة من هذا الإستثمار”، مشيرة الى أن “الإستفادة من الـ 400 مليون دولار محصورة فقط بالشركات والصناديق الإستثمارية اللبنانية، الموجودة في لبنان”.
مبادرة مصرف لبنان، لا تزال جديدة بالنسبة الى المصارف الموجودة في لبنان، لاسيما أن القطاع المصرفي اللبناني، ونتيجة للأحداث التي شهدها لبنان خلال الحرب الأهلية، تحول عن التخصص في تقديم الخدمات التي يحتاجها المحيط، من سلع وخدمات، وفق ما رآه الخبير الإقتصادي غالب أبو مصلح في حديث لـ “المدن”، مشيراً الى وجود العديد من شركات المعلوماتية في لبنان، لكنها لم تتمكن من الإنتشار والتوسع في المنطقة، على عكس فروع الشركات الأجنبية الموجودة أصلاً. وعليه، فإن مساهمة هذه الشركات ستكون ضئيلة في خلق فرص عمل جديدة.
شكلياً، يُعد البحث عن آليات ووسائل مستحدثة في إستثمار وإدارة الموارد البشرية والمادية والمعلوماتية، أمراً مهماً، ولكن ما يفوقه أهمية، هو تنفيذ تلك الآليات على أرض الواقع. فعلياً، “التعميم 331” صدر عن مصرف لبنان منذ ما يقارب العام، ومع ذلك، لم نشهد حتى الآن أي تطور في مجال الإستثمار المعلوماتي والتكنولوجي في لبنان.