IMLebanon

النروج تؤازر لبنان مجدداً في ملف النفط

OilMapLebanon
هلا صغبيني
وفدان من النروج متخصصان بملف النفط والغاز يبحثان اليوم في بيروت مواضيع ضريبية مرتبطة بهذا القطاع والتخطيط لادارة الموارد بطريقة سليمة، وذلك في اطار مؤتمر داخلي ينعقد في فندق فينيسيا على مدى اربعة ايام ويضم متخصصين في عدد من الوزارات لا سيما الطاقة والمالية والبيئة، وهيئة ادارة قطاع البترول، وعددا من الخبراء المعنيين بمسائل النفط والغاز.

اهتمام النروج، بلبنان في مساعدته على استخراج نفطه، ليس جديدا، وهي الدولة الرائدة في موضوع التنقيب عن النفط في المياه. اذ بدأت بهذه العملية منذ اوائل الستينات، الى ان حققت اول اكتشاف في نفط بحر الشمال خلال أواخر الستينات من القرن الماضي، لتصبح لاحقا نموذجا يحتذى به من حيث حسن ادارة الموارد النفطية، وتحاشيها ما يعرف بـ»المرض الهولندي»او «لعنة الموارد»، اي الاثار السلبية التي تؤثر في بناء اقتصاد صحي مبني على التخطيط الإستراتيجي لإدارة الثروة. فقد نجحت، بتخطيط واستراتيجية دقيقين، في تفادي تحويل نعمة الثروة النفطية لديها الى نقمة كما حدث في هولندا بعدما اصيب الشعب بالكسل بفعل تدفق الموارد المتأتية من النفط.

وكان لبنان يسعى جاهدا للافادة من معرفة النروج وخبرتها في إدارة الموارد النفطية، وذلك لضمان أفضل الممارسات الدولية في قطاع النفط. وتحقق ذلك حين قدم الى بيروت رئيس الوزراء النروجي، ينس ستولنبرغ، لتقديم المساعدة للبنان بعد عدوان 2006. وابدى رئيس الوزراء النروجي – بناء على طلب الحكومة اللبنانية انذاك – خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة في حينه، فؤاد السنيورة، رغبة بلاده في مساعدة لبنان في مجال النفط نظرا للخبرة الكبيرة التي تتمتع بها في هذا الشأن.

ومنذ ذلك الوقت، بات للنروج دور أساسي في تقديم المساعدة الإنمائية لقطاع النفط في لبنان، من خلال برنامج «النفط من اجل التنمية« (OFD). هذا البرنامج الذي قسم الى مرحلتين:

المرحلة الاولى ومدتها ثلاث سنوات، والتي تتلخص بتقديم النروج الدعم للحكومة اللبنانية في تطوير الإطار القانوني لقطاع النفط، وبناء القدرات في المؤسسات العامة المعنية بإدارة الموارد النفطية. وقد ساهم هذا الدعم التشريعي في التوصل لوضع قانون الموارد النفطية الذي يحمل الرقم 132 والخاص بالأنشطة النفطية ضمن المياه البحرية اللبنانية، وكل القضايا المتعلقة بالانشطة النفطية والتي صدرت بمرسوم في مجلس الوزراء.

المرحلة الثانية ومدتها ثلاث سنوات ايضا، وتتخلص بتقديم النروج دعما تقنيا لهيئة ادارة النفط اللبنانية والوزارات المختصة، لاسيما وزارات الطاقة والمياه والمالية والبيئة، على ان تلتزم الحكومة اللبنانية ضمان الإدارة المستدامة للموارد النفطية، وتعزيز المساءلة والشفافية في قطاع النفط. وكان تم التوقيع على هذه المرحلة في 27 كانون الثاني الماضي بين وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ووزير الطاقة والمياه آرتيور نظريان من جهة، وبين سكرتير الدولة في وزارة الخارجية النروجية لشؤون الطاقة، بارد غلاد بيدرسون، من جهة اخرى.

وبحسب البرنامج المذكور، يأتي دعم النروج في مسارين، تشريعي وتقني، لاسيما كيفية التحضير لعمليات التنقيب من جهة، وادارة المعلومات من جهة اخرى. وهي مواضيع جوهرية واساسية لاطلاق دورة التراخيص. فعملية دعوة الشركات الراغبة للاستثمار في قطاع النفط والغاز في لبنان، تتضمن شقين، الاول مالي يحدد حصة الدولة من النفط المستخرج وحصة الشركة، والثاني تقني يحدد خطة العمل التقنية التي ستعتمدها الشركة (من حيث عدد الابار التي ستحفرها، الاعماق والمسوحات…) قبل اي اكتشاف.

وكانت بدايات الدعم النروجي للبنان بمثابة «اتفاق شرف» ومن دون توقيع اتفاق رسمي. فالدعم التقني الذي قدمته النروج للبنان بلغ ما لا يقل عن 5 ملايين دولار، واهمه تدريب الكوادر البشرية من خلال دورات امتد بعضها الى نحو 8 اسابيع، الى أن تم التوصل الى اتفاق رسمي (الذي وقع في 27 كانون الثاني). وبموجب هذا الاتفاق، بات هناك تفصيل للمسارات التي سيتم الاعتماد عليها، والتوافق على تنظيم دورات تثقيفية لشرح التشريعات المرتبطة بالنفط والغاز، تخصص للنواب والمجتمع المدني والقطاع الخاص، اضافة الى الوزارات المعنية.

يذكر في هذا الاطار، ان هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان، وبالتعاون مع برنامج النفط للتنمية النروجي، نظمت دورتين تدريبيتين حول «الإمتثال لضوابط الصحة، السلامة والبيئة في قطاع النفط« في شباط الماضي. وقام فريق عمل نروجي مؤلف من خبراء من الوكالة النروجية للبيئة وهيئة سلامة النفط، بتقديم عدد من المحاضرات حول المبادئ المتعلقة بحوكمة الصحة السلامة والبيئة، ومهام وهيكلية الوكالات النروجية، والوسائل المختلفة لمراقبة الامتثال بضوابط الصحة السلامة والبيئة، وأساليب التدقيق والتفتيش المتعلقة بالصحة السلامة والبيئة خلال مختلف مراحل استكشاف واستخراج النفط والغاز، ونظم الابلاغ والمراقبة الذاتية للشركات، الحالات المتعلقة بعدم الامتثال بهذه الضوابط.

في خلاصة هذا التعاون مع النروج، ان لبنان يستهدف الولوج الى الهيئات النروجية للافادة القصوى من خبرات المؤسسات المعنية بالاشراف والتنقيب ومتابعة الانشطة النفطية، لاسيما هيئة ادارة النفط النروجية، ووزارتي البيئة والمكتب الضريبي، والمكتب البيئي. وهي خبرات سوف تكون في متناول المعنيين بالقطاع النفطي في لبنان، مما سيمنح الدولة الامان والثقة عند بدئها بالقيام بعمليات تلزيم.

هذا الاطمئنان سيتبلور قريبا من خلال الدراسات التي ستتمخض عن مؤتمر فينيسيا، والتي ستسمح للبنان بالسير قدما، وبثبات، في عملية التلزيم، ان على المسار الضريبي ام من حيث التخطيط لادارة الموارد النفطية وكيفية التحضير للسيناريوات المحتملة لتقويم عملية التلزيم.