IMLebanon

مؤتمر مستقبل الاقتصاد العربي: انخفاض سعر النفط يقلّص القدرات التمويلية

ArabEconConference
باسكال صوما
تعيش البلدان العربية في السنوات الأخيرة أحداثاً سياسية وأمنية طالت بنيتها الاقتصادية وهزّت العديد من القطاعات الأساسية، ما يطرح أسئلة مثيرة حول مستقبل هذه البلدان، وآفاق الاستثمار والنمو فيها.
لأجل ذلك افتتحت أمس، في «مبنى عدنان القصّار للاقتصاد العربي» فعاليّات اليوم الأوّل من الدورة الـ 42 للمؤتمر العام لـ «اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة»، برعاية رئيس الحكومة تمام سلام ممثلاً بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، تحت عنوان «مستقبل الاقتصاد العربي والتحولات الإقليمية والدولية»، والتي ينظّمها اتحاد الغرف العربيّة، بالتعاون مع كل من «اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان»، ومصرف لبنان، والمؤسسة العامّة لتشجيع الاستثمارات في لبنان «إيدال»، وبدعم من «فرنسبنك» وشركة «اتحاد المقاولين» (CCC).
دراسة
وفق «المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات» تراجع النشاط الاقتصادي في المنطقة العربية في العام 2014، حيث انخفض معدل نمو الناتج المحلي العربي إلى 1.7 في المئة، مقارنةً مع 2.8 في المئة في العام 2013، مع توقعات المؤسسات المالية الدولية بأن يرتفع معدل النمو الحقيقي الى 4.7 في المئة في العام 2015. وشكل لبنان 1.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العربي في 2014. وعلى صعيد معدلات النمو الاقتصادي المحققة في كل دولة عربية على حدة خلال العام 2014، فقد سجلت جميع الدول العربية معدلات نمو إيجابية، ما عدا ثلاث دول. وقد تصدرت موريتانيا الدول العربية كافة بمعدل نمو 6.8 في المئة، وسجل لبنان 1.3 في المئة. أما دخل المواطن العربي فقد شهد نمواً واضحاً من 4307 دولارات سنوياً في المتوسط بين العامين 2005 و2010 الى 8447 دولاراً العام 2014، مع توقعات بمواصلة التحسن الى 8722 دولاراً في العام 2015. وصنف لبنان في مجموعة الدول الخمس (سلطنة عمان، البحرين، السعودية، ليبيا) ذات الدخل المرتفع (أقل من 45 الى 9 آلاف دولار)، بعد الدول الثلاث ذات الدخل المرتفع جداً (قطر، الامارات، الكويت).
التحولات الإقليمية
وتحدّث في المؤتمر الرئيس الفخري لاتحاد الغرف العربيّة عدنان القصّار، فأشار إلى أنّه «في خضم التحولات الإقليمية والدولية التي نمر بها، يأتي هذا المؤتمر ليفتح نافذة نتطلع من خلالها إلى دور متجدد وخلاّق للقطاع الخاص العربي، لتوسيع الآفاق المستقبلية أمام الاقتصادات العربية، وتجاوز الصعوبات ومواكبة الحداثة والتطور، ورسم تطلعات مشرقة للأجيال المستقبلية»، معتبراً أنّ «المرحلة التي تشهدها منطقتنا العربية اليوم هي الأدق في تاريخها الحديث. ولا ريب في أن تأثيرات ما يحصل على الصعيد الاقتصادي لن تكون أقل أهمية من التأثيرات على الصعيد السياسي».
ثم كانت كلمة لرئيس الاتحاد العام للغرف العربيّة محمّدو ولد محمّد محمود، نوّه فيها بانعقاد الدورة الثانية والأربعين للمؤتمر في بيروت التي لطالما كانت وتبقى مركزاً للإشعاع والفكر والمحور الديناميكي الدائم للعمل الاقتصادي العربي المشترك، والرمز المشرق للقطاع الخاص العربي وقدراته المبدعة والخلاّقة».
وأكد النائب الأوّل لرئيس الاتحاد العام للغرف العربيّة، رئيس اتحاد الغرف اللبنانيّة محمّد شقير، أنّ «المطلوب إطلاق العنان للقطاع الخاص العربي للعب دور ريادي وطليعي في تحقيق التكامل الاقتصادي العربي، لذلك نرى لزاماً على حكوماتنا تسهيل هذه المهمة بإقرار الإجراءات والخطوات المطلوبة، وهنا نعدّد أبرزها: تسهيل انتقال الأفراد عبر تسهيل إعطاء تأشيرات الدخول وإلغائها في مرحلة لاحقة بين الدول العربية، تسهيل استثمارات القطاع الخاص العربي في أي دولة عربية، تسهيل حركة رؤوس الأموال بين الدول العربية، إزالة المعوقات من أمام انسياب السلع ذات المنشأ العربي إلى أي دولة عربية، إنشاء صناديق لدعم المؤسسات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، وتحفيز المصارف والمؤسسات المالية العربية على زيادة تمويلاتها لهذه المؤسسات».
تأثير انخفاض النفط
وأوضح سلامة أنّ «انخفاض سعر النفط وتراجع أسعار المواد الأولية ومنها الزراعية، سوف يقلّص الإمكانات التمويلية لدى الدول العربية، في حال واصلت هذه الأسعار انخفاضها لمدة طويلة. كما أنّ التحركات الحادة في أسعار العملات العالمية الأساسية والتي ستستمر، ستزيد المخاطر التجارية».
ورأى أنّ «التحوّلات السياسية والأمنية التي تعيشها المنطقة العربية لا تساعد في إرساء سياسة إصلاحية فعالة نحن بأمسّ الحاجة إليها، مثل انفتاح أكبر بين أسواقنا وتطوير أنظمة الدفع الإقليمية»، موضحاً أنّ «لبنان يمرّ بمرحلة دقيقة من تاريخه، إذ تتجسّد الأزمة السياسية باستحالة انتخاب رئيس للجمهورية، مما أدّى إلى تباطؤ عمل المؤسسات الدستورية الأخرى وتأخير في إقرار قوانين يحتاج إليها لبنان، ولكن رغم هذه الصعوبة، بقيت الحركة الاقتصادية مقبولة إذ حقق لبنان في سنة 2014 نمواً حقيقياً يقارب الـ2 في المئة وبقيت نسب التضخم ما دون الـ4 في المئة».
وقال: «إنّ انخفاض أسعار النفط سوف يؤثر إيجاباً على القدرة الشرائية لدى اللبنانيين ويعزز الطلب الداخلي، مما يبشّر بنسب نمو تساوي النسب المحققة في سنة 2014 أو تفوقها. ومن هذا المنطلق قام مصرف لبنان بمبادرات حساسة من أجل تعزيز الطلب الداخلي والإبقاء على نمو اقتصادي إيجابي. فالرزم التحفيزية التي أطلقناها بين 2013 و2015 تقارب الـ4 مليارات دولار. وكانت لهذه الرزم التحفيزية آثارها على النمو الاقتصادي إذ إنها ساهمت بأكثر من 50 في المئة من النمو المحقق خلال هذه الأعوام».
ورأى أنّ «مستقبل لبنان الاقتصادي سيرتكز إلى حدّ كبير على قطاع اقتصاد المعرفة، فضلاً عن القطاع المالي وقطاع الغاز والنفط»، لافتاً إلى أنّ «لدى القطاع المصرفي في لبنان إمكانيات مهمة لتمويل القطاعين الخاص والعام».
جلسات عمل
إلى ذلك عقدت جلستا عمل، الأولى بعنوان «آفاق الاقتصاد العربي في ضوء المستجدات الإقليمية والدولية»، والثانية «احتياجات تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ومستقبل التكامل الاقتصادي العربي».