IMLebanon

اقتصاد الأردن يتكيف مع الأخطار الإقليمية

DinarJordan

عدنان كريمة
يبدو أن الأردن اعتاد على التكيف مع حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة منذ سنوات طويلة، في ضوء التطورات الإقليمية وتأثرها بالصراع العربي – الاسرائيلي، واخيراً بتمدد النفوذ الإيراني وأخطار تداعياته.
وفي هذا المجال، تؤكد التقارير ان الاقتصاد الأردني تمكن من امتصاص التداعيات السلبية الناتجة من الاضطرابات الأمنية والعمليات العسكرية الدائرة في كل من العراق وسورية باعتبارهما بلدين جارين، بعدما تضرر من اللاجئين الفقراء واستفاد من الاستثمارات التي تدفقت الى مختلف قطاعاته.
ووفقاً لمعلومات البنك المركزي، فإن الاقتصاد الأردني حقق المستوى المستهدف للنمو بين 3.3 و3.4 في المئة لعام 2014، وهو قريب من المعدل المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي والبالغ 3.5 في المئة، على ان يرتفع الى 4 في المئة هذه السنة. وقد لقي الأردن إشادة من الصندوق على «حسن أدائة في ظل الظروف القائمة».
وكنتيجة طبيعية لتدفق الاستثمارات مع المساعدات العربية والدولية، زادت احتياطات النقد الأجنبي للمملكة بنسبة 18 في المئة الى مستوى قياسي بلغ 14.4 بليون دولار، وهو يكفي لتغطية حاجات الاستيراد لمدة سبعة أشهر ونصف الشهر، ما ينعكس ايجاباً على ثقة المستثمرين المحليين والعرب والأجانب في سياسات الاقتصاد الكلي للبلاد.
واذا كانت المنطقة العربية تشهد ظروفاً صعبة واضطرابات أمنية وسياسية أدت الى هروب كثير من الاستثمارات الى خارجها، فإن الأردن استطاع ان يوفر لجزء من هذه الاستثمارات «بيئة آمنة ومستقرة»، وقد ارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة (تشمل استثمارات عربية) بمقدار 1.1 بليون دولار عام 2013، ليصبح 18.7 بليون دولار. وفي رأي رئيس الوزراء عبدالله النسور «ان الأردن تخطى هذه المرحلة من خلال قيامه باجراءات إصلاحية سياسية واقتصادية سريعة وفاعلة، أعادت الثقة به كوجهة آمنة ومستقرة للاستثمارات». وهذا التطور يتماشى مع خطة الحكومة بزيادة نسبة نمو الاستثمار الأجنبي المباشر بمعدل 10 في المئة سنوياً حتى عام 2016.
ومع استمرار الحرب في سورية والتي دخلت عامها الخامس، تستمر أزمة النزوح الى الأردن، ويزداد عدد النازحين، وفي الوقت ذاتة تزداد شكوى الأردن من ضآلة قيمة المساعدات الدولية وبطء خطواتها التنفيذية، على رغم ارتفاع كلفة النزوح. وقدرت وكالات الأمم المتحدة كلفة استضافة 600 الف لاجئ سوري مسجل لديها في الأردن بـ 2.1 بليون دولار لعام 2013 ونحو 3.2 بليون دولار لعام 2014، فيكون المجموع للسنتين الماضيتين 5.3 بليون دولار. وفي كانون الأول (ديسمبر) الماضي، أطلقت حكومة عمّان خطة تحت عنوان «الاستجابة الأردنية للأزمة السورية لعام 2015»، وحددت الحاجة الى 2.87 بليون دولار لتمويلها، موزعة على دعم مباشر لموازنة الحكومة بمبلغ 1.061 بليون دولار، وتمويل برامج ومشاريع تنسجم مع أولويات التنمية الوطنية وخططها في القطاعات المتأثرة بوجود اللاجئين السوريين بقيمة 916 مليون دولار، وتنفيذ مشاريع وتدخلات انسانية تستهدف الأردنيين واللاجئين السوريين معاً بقيمة 889 مليون دولار.
وفي ظل كل هذه التطورات، أقر مجلس النواب الأردني موازنة الدولة لعام 2015 والبالغة 11.42 بليون دولار، وهي تحمل عجزاً يبلغ 987 مليون دولار، ونسبتة 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وقدرت النفقات الجارية بنحو 9.77 بليون دولار، والنفقات الرأسمالية بـ1.65 بليون. أما الايرادات المقدرة بـ10.44 بليون دولار، فستؤمّن من مصدرين رئيسيين: الايرادات المحلية المقدرة بـ8.85 بليون دولار، والمنح الخارجية 1.59 بليون.
ولتغطية العجز، ستطرح الحكومة أول اصدار من الصكوك الإسلامية بـ700 مليون دولار، لإتاحة المجال للمصارف الإسلامية العاملة في الأردن للاستفادة من السندات الحكومية، مع العلم ان لدى هذه المصارف فائض سيولة كبيراً يصل الى 1.83 بليون دولار.
ومن منطلق تفاؤلي، أطلق صندوق النقد الدولي توقعات ايجابية وفق الأرقام الآتية:
– نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي بنسبة 3.8 في المئة هذه السنة، ونحو 4.5 في المئة عام 2016، وتوقع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي الإسمي ليصل الى 38.6 بليون دولار في العام الحالي، والى 41.5 بليون دولار عام 2016.
– متوسط معدل التضخم السنوي 1.8 في المئة هذه السنة، ويرجح ان يرتفع 2.1 في المئة عام 2016.
– ارتفاع احتياطات البنك المركزي من العملات الأجنبية الى 17 بليون دولار بنهاية السنة، ثم الى 18.1 بليون دولار بنهاية عام 2016، ويذكر انها ارتفعت من 12 بليوناً بنهاية عام 2013 الى 14.07 بليون دولار بنهاية عام 2014.
اما بالنسبة للدين العام، فقد ارتفع من 26.8 بليون دولار بنهاية عام 2013 الى 28.8 بليون بنهاية عام 2014، وبما يعادل نحو 80 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي. ولكن مع الاقتراض بطرح اصدارات جديدة لتغطية عجز الموازنة، ينتظر ان ترتفع النسبة الى نحو 90 في المئة بنهاية العام الحالي، وهو رقم كبير مقارنة بـ “القاعدة الذهبية” التي حددها الاتحاد الأوروبي في «ميثاق ماستريخت» بمعدل 60 في المئة، ولكن عدداً قليلاً من دول الاتحاد يلتزم بهذا المعيار، اذ يبلغ المعدل 175 في المئة في اليونان، و129 في المئة في البرتغال، و123 في إرلندا، و93.5 في المئة في فرنسا، عام 2013.