IMLebanon

السفير: عرسال “تنتفض” على مستبيحي أمنها

arsal

رسمت عرسال الاربعاء مشهداً طغى على ما عداه. بدا، للوهلة الأولى، وكأن البلدة التي استباح المسلحون أمنها، بعدما احتلوا جرودها، قد انتفضت على من تعاملت معهم كـ”ضيوف” ودفعت من أجلهم ثمناً باهظاً في علاقاتها مع الجوار، كما في الاقتصاد والأمن والسياسة، منذ اندلاع الأحداث في سوريا.

دخلت عرسال مرحلة جديدة بإقدام نحو سبعين مسلحاً من أبنائها على خطف نحو 35 سورياً من بلدة قارة السورية، رداً على إقدام أفراد من بلدة قارة على اختطاف حسين سيف الدين، ابن حوش الرافقة، من عرسال.

ربما من المبكر وضع ما حصل، على أهميته، في إطار استرداد عرسال لقرارها وأمنها في مواجهة المسلحين، ولكن الأكيد أن ما قبل أمس لن يكون كما بعده في البلدة التي قفز أهلها، برد فعلهم، فوق الاصطفافات المذهبية.

أرسلت البلدة أكثر من رسالة، الأولى إلى محيطها وترفض فيها النيل من أي فرد من أهلها وجوارها مهما كان انتماؤه. والثانية إلى القوى الأمنية وتطالبها فيها بدخول عرسال فعلياً والتمركز فيها والإمساك بأمنها.

حتى لهجة رئيس بلدية عرسال علي الحجيري تغيرت. قال الرجل لصحيفة ”السفير” إنه “آن الأوان لتحييد عرسال وجوارها عما يحدث في سوريا، وليذهب من يريد القتال إلى هناك”.

وأكد ان لا حياة لعرسال ومحيطها من دون بعضهم البعض، مشددا على انه “لا يمكننا العيش منقطعين عن ابن اللبوة أو الهرمل أو غيرها من محيطنا، وأن عرسال كلها لن تسمح بأي حادث مشابه للخطف والقتل بعد اليوم”.

وليس تفصيلاً أن يقوم أفراد من عائلة نوح، وهي من أصغر عائلات بلدة عرسال (نحو 500 شخص فقط) بإقامة حواجز فيها وخطف سوريين من دون أن يعترضهم أي من عائلات عرسال الكبيرة وعلى رأسها الحجيري وفليطي وعز الدين. لا بل إن آل عز الدين أنفسهم أقاموا حواجزهم وخطفوا نحو 15 سورياً من بلدة قارة أفرجوا عنهم مساء، فيما احتفظ آل نوح بـ20 مخطوفا. حتى أن المعلومات أفادت عن مؤازرة العائلات الأخرى لآل عز الدين ونوح في ردة فعلهم.

وجاء رد عائلة نوح بعدما عُثر على السيارة التي خطفت حسين سيف الدين مركونة في “كاراج” مفتوح يعود لأحد أفرادها، ما جعلها تعتبر أنها معنية بالقضية بعدما تم تصوير أفرادها كمتورطين، الامر الذي يؤثر على علاقتهم بالجوار.

واندفع آل عز الدين إلى إقامة حواجز ومن ثم خطف بعض النازحين، كون سيف الدين خطف من أحد محالّهم، “وهو عمل لا يُسكت عنه في معايير الجيرة والعلاقات العائلية في المنطقة” حسب أحد وجهاء العائلة.

وعُلم ان مسلحين من أبناء عرسال تصدوا لمسلحين حاولوا مهاجمة عائلتي عز الدين ونوح في عقر دارهم، حيث قام آل عز الدين بنصب كمين للمهاجمين واستولوا على أسلحتهم وضربوهم ضربا مبرحا. كما نجح آل نوح في الاستيلاء على ثلاث بنادق من المسلحين الذين هاجموهم بعدما اشتبكوا معهم وطردوهم من منطقتهم.

يذكر أنه سبق للبلدة أن ذاقت الأمرّين من ارتكابات المسلحين الفاضحة. وتقول السجلات الأمنية إن شمس عرسال لا تغيب في أي يوم من دون اعتداء يراوح ما بين السرقة أو إطلاق النار مروراً بالخطف والقتل.

انتهى ليل عرسال بمنح مهلة لخاطفي سيف الدين بإعادته اليوم حداً أقصى، وإلا فإن مشهداً آخر سيرتسم في الساعات المقبلة، ليس أقله وضع مخيم أبناء بلدة قارة في دائرة الاستهداف!