IMLebanon

المستقبل: “حزم” حكومي يصدّ زوبعة “حزب الله”

Serail-Ministerial-Council.

في سياق مكمّل لعاصفة “الحزم” الوطني في مواجهة رياح “الكراهية” للعرب التي أثارها “حزب الله”، أتت جلسة مجلس الوزراء لتصدّ بحزم تلك “الزوبعة” التي أطلقها الحزب في فضاء الموقف العروبي للبنان بحيث أظهرت وقائع الجلسة انحيازاً حكومياً غالباً لمضامين خطاب الرئيس تمام سلام في قمة شرم الشيخ بينما وجد الحزب نفسه أمام عزلة مُحكمة أطبقت على نزعته “الحوثية” وحجمّتها ضمن إطار هامشي اقتصر على الإعراب عن “فشة خلق وتسجيل موقف” داخل الحكومة وفق ما نقلت مصادر وزارية لـ”المستقبل”، فخلص النقاش الذي استغرق معظم وقت جلسة مجلس الوزراء إلى اعتبار اعتراض “حزب الله” على موقف لبنان الرسمي في القمة العربية لا يعدو كونه “زوبعة في فنجان” لا تأثير لها على التضامن اللبناني مع موقف العرب.

واعلنت المصادر الوزارية، أنه وبعدما أنهى رئيس الحكومة استهلاليته السياسية في بداية الجلسة مستعرضاً نتائج مشاركته في كل من قمة شرم الشيخ ومؤتمر الكويت للمانحين، بادر وزير الصناعة حسين الحاج حسن إلى إبداء اعتراض “حزب الله” على خطاب سلام في القمة العربية باعتباره لا يعبّر عن وجهة نظر الحزب حيال الأزمة اليمنية قائلاً في معرض انتقاده التحالف العربي لإنقاذ الشرعية في اليمن: “نحن نعتبر أنّ ما يحصل هو عدوان على اليمن لأنّ الحوثيين مواطنون يمنيون والصراع هناك يمني يمني يجب ألاّ تتدخل فيه لا السعودية ولا تركيا ولا باكستان”.

في المقابل، طلب وزير العدل أشرف ريفي الكلام فقال: “بدايةً أود توجيه تحية لدولة رئيس الحكومة تقديراً لخطابه أمام القمة العربية، ثم لا بد لي من أن أذكّر أننا نعيش في ظل نظام برلماني حيث ممثل السلطة التنفيذية هو رئيس الجمهورية لكنّ موقعه شاغر للأسف في الوقت الراهن، في حين أنّ رئيس الحكومة لا يحتاج لإذن من أحد للتعبير عن موقف حكومته ولا يوجد في لبنان مرشد للجمهورية”، متوجهاً في معرض تنويهه بأهمية الموقف العربي الأخير بالتحية إلى “السعودية ملكاً وحكومةً وشعباً وائتلافاً وسفيراً في لبنان”.

وأضاف ريفي: “نحن حريصون على استقرار لبنان لكن لم يعد من الجائز اتباع سياسة “النعامة” إزاء الأحداث العربية، فالبعض يتساءل عن دور السعودية وباكستان وتركيا في اليمن ويتعامى في المقابل عن الدور الإيراني هناك”، وأردف: “فليسمح لي الوزير الحاج حسن الذي قال إنّ الصراع هناك يمني يمني لأنّ مجموعة “أنصار الله” في اليمن تعني إيران، تماماً كما يعني “حزب الله” في لبنان والمليشيات المسلّحة في العراق”، محذراً من أنّ “طهران تقوم بأخطر دور في المنطقة حيث تنبش أحقاداً من 1400 سنة وتثير صراعاً مذهبياً خطيراً يسعى إلى تحوير الصراع من عربي إسرائيلي إلى عربي إيراني”. وقال: “نحن نرفض اعتبار الصراع الحالي سنياً شيعياً في المنطقة لأنّ هناك الكثير من أبناء الطائفة الشيعية العرب ليسوا مع إيران ولا يؤمنون بولاية الفقيه، وأي تعامٍ عن هذا الواقع هو في الحقيقة هروب من الواقع، علماً أنّ البعض بات يذكرنا بمقولة “تحرير القدس يمرّ من جونية” حين يحاول تبرير التمدد الإيراني في المنطقة العربية بالقول إنّ تحرير فلسطين يمرّ من دمشق وبغداد ولبنان وصنعاء”.

كذلك سجلت جلسة الحكومة جملة مواقف عبّر فيها غالبية الوزراء عن تأييد خطاب سلام في القمة العربية، إذ أشاد وزيرا “الحزب التقدمي الاشتراكي” وائل أبو فاعور وأكرم شهيب بهذا الخطاب بوصفه “خطاباً موزوناً صيغ بأفضل ما يمكن من عبارات”، كما أثنى معاون رئيس مجلس النواب وزير المالية علي حسن خليل على شخص رئيس الحكومة قائلاً: “نحن نعرف جيداً كم أنّ دولة الرئيس سلام يعمل بجهد للحفاظ على الحكومة والبلد”، وأشاد بدوره نائب رئيس حزب “الكتائب” وزير العمل سجعان قزي بكلمة سلام العربية واصفاً إياها بالكلمة “الموزونة والمدروسة”.. حتى أنّ وزير الخارجية جبران باسيل دافع عن نصّ الخطاب الذي أدلى به رئيس الحكومة أمام قمة شرم الشيخ وخاض في تفسير الحيثيات التي دفعت إلى اتخاذ هذا الموقف.

من جهتهم بادر وزراء “تيار المستقبل” إلى إبداء التأييد لخطاب سلام في قمة شرم الشيخ، بحيث أكد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أهمية هذا الخطاب وسعى في الوقت عينه إلى تهدئة الأجواء من خلال الدعوة إلى تحييد الحكومة عن الغوص في تداعيات الأزمة اليمنية. في حين تطرّق وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس إلى ما حُكي على مدى خمس عشرة سنة عن “هلال شيعي” وما يُحكى حالياً عن تكوّن “هلال سنّي” في المنطقة فلفت الانتباه إلى أنه “عندما يصطدم الهلالان ببعضهما لا يصبّ هذا الاصطدام إلا في مصلحة نجمة داوود” في إشارة إلى استفادة إسرائيل من تحوير الصراع في المنطقة من عربي إسرائيلي إلى صراع مذهبي سني – شيعي. بينما أعرب وزير التنمية الإدارية نبيل دي فريج عن استغرابه تريّث “حزب الله” حتى مساء الاثنين ليسجّل اعتراضه على موقف رئيس الحكومة السبت الفائت أمام القمة العربية، مشيراً إلى أنّه كان قد حلّ صباح الأحد مع النائب علي فياض ضيفين على أحد البرامج الحوارية وحين سألت المذيعة فياض عن رأي “حزب الله” بموقف سلام في قمة شرم الشيخ أجابها بأنه خطاب مدروس لكي لا يزعج أحداً، وسأل دي فريج إزاء ذلك ما الذي حصل حتى غيّر الحزب رأيه في اليوم اللاحق فأقدم على انتقاد هذا الخطاب؟.

وبعدما أدلى كل من الوزراء بدلوه في هذا الموضوع، أنهى رئيس الحكومة النقاش بالقول: “ما عملتُه هو لصالح لبنان وليس الموقف الذي أعلنته في قمة شرم الشيخ سوى موقف لبنان التقليدي في كل القمم العربية”، مضيفاً: “قمتُ بالمستحيل كي أحيّد لبنان، وأنا إذ أشكركم على إبقاء النقاش داخل مجلس الوزراء إلا أنني أتمنى ألا يشكك أحد بموقفي لأنني أزين عباراتي “بالقيراط” من منطلق حرصي على البلد”، وختم سلام قائلاً: “عندما أرتأي اتخاذ موقف مناسب حيال أي قضية لست بحاجة إلى إذن من أحد لأعلن هذا الموقف”.