IMLebanon

الخلوي السوري.. نهب منظم لتمويل الحرب

SyriaTel
مروان أبو خالد

لم يكد ينقضي الربع الأول من العام الجاري، حتى أدرك السوريون معنى شعار (2015…عيشها غير) الذي ملأت به حكومة النظام شوارع العاصمة دمشق. فمنذ بدء العام ازداد النهب المنظم من قبل الحكومة وتجارها لتمويل نفقات الحرب من جيوب السوريين المفقرين، عبر رفع أسعار مختلف السلع والخدمات، وكان آخرها الاتصالات الخلوية التي سيبدأ العمل بتسعيرتها الجديدة اليوم الأربعاء، على الشكل الآتي: بالنسبة للخطوط مسبقة الدفع أصبحت دقيقة الاتصال من خلوي لخلوي 9 ليرات (0.033 دولار) بدلاً من 7.5 ليرة (0.027 دولار)، أما الخطوط لاحقة الدفع فدقيقة الاتصال من خلوي لخلوي أصبحت 6.5 ليرة (0.024 دولار) بدلاً من 5 ليرات (0.018 دولار). أما دقيقة الاتصال لهاتف ثابت أصبحت 12 ليرة (0.044 دولار) بدلاً من 9.5 ليرة لكل من الخطوط المسبقة واللاحقة الدفع، كما ارتفعت خدمة الإنترنت من 4 ليرات إلى 6 ليرات لكل 1 ميغا.

ولكن لم تجر الرياح بما تشتهيه سفن النهب الحكومي، فالسوريون قرروا تنظيم حملة لمقاطعة شركتي الخلوي ابتداء من اليوم الأول من نيسان. وذلك في محاولة منهم لكسر الاحتكار الذي يمارسه تحالف “ميقاتي- مخلوف” برعاية حكومة النظام، والذي حقق إيرادات مرتفعة جداً من جيوب السوريين خلال العام 2014. فإيرادات شركة “أم تي أن” التي تعود معظم أسهمها لأسرة ميقاتي اللبنانية بلغت 53 مليار ليرة (196.2 مليون دولار)، وفق ما ذكرته صحف حكومية في شباط الماضي، بينما لم تعلن شركة “سيريتل” التي يملك رامي مخلوف معظم أسهمها، إلا عن إيرادات الأشهر التسعة الأولى من العام 2014 والتي بلغت 52 مليار ليرة (192.5 مليون دولار). وجاء التأكيد شبه الرسمي لهذه الأرقام، على لسان وزير الإتصالات محمد الجلالي، حيث اعلن ان إيرادات الشركتين تجاوزت الـ 100 مليار ليرة (حوالي 370.3 مليون دولار).

“رفع أسعار المكالمات الخلوية قد جمع السوريين على اختلاف انتماءاتهم السياسية على قلب واحد، فالمؤيدون أو ممن يشكلون الكتلة الصامتة، قد رفعوا شعار الرفض الكامل لسياسات الحكومة بعد إدراكهم المتصاعد لمتاجرتها بهم، لاسيما أن رفع أجور المكالمات الخلوية سيؤثر على 12.5 مليون مشترك في الخلوي في سوريا، إضافة إلى 850 ألف مشترك بخدمة الإنترنت 3G”، وفق ما يقوله محمد لـ “المدن”، وهو خريج كلية الاقتصاد وأحد القائمين على حملة المقاطعة. وعن إمكانية نجاح هذه الحملة، يضيف: “لا نتوقع تراجع الشركتين عن الأسعار الجديدة، إذ لا بديل عنهما وهما يحتكران كامل السوق، فبحسب التقرير الصادر عن مجموعة المرشدين العرب في أكتوبر الماضي لقياس مستوى التنافس في أسواق الخلوي العربية لعام 2014، فقد احتلت سوريا المركز قبل الأخير بنسبة 34.45% تليها ليبيا بنسبة 31.12%، ولكن الأهم هو التعبير-عبر حملة المقاطعة- عن انحدار مزيد من القواعد الاجتماعية التي كان يستند إليها النظام، إلى مواقع المعارضة بسبب انهيار الظروف المعيشية”.

يأتي رفع الأسعار في ظل سوء الخدمات المقدمة وانعدام العروض الحقيقية التي تلبي حاجات الزبائن، فمعظم هذه العروض وهمية. ففي الآونة الأخيرة كان هناك عرض من قبل “أم تي أن” يقوم على منح 50 رسالة مجانية عند تعبئة الرصيد بمبلغ 200 ليرة (0.74 دولار)، ليفاجأ المشتركون بأن الرسائل التي أرسلوها ليست مجانية بل تم حسمها من قيمة الرصيد نفسه. وأكبر العروض الحقيقية التي تقدمها الشركتان لا تتجاوز 400 ليرة (1.4 دولار)، بمعنى أن يتم منح 200 ليرة مجانية عند تعبئة الرصيد بمبلغ 200 ليرة، والمفارقة بأن الرصيد المجاني مخصص ليوم واحد فقط، ويخصم ما بقى منه مباشرة بمجرد انتهاء اليوم. كما أن سوء تغطية الشبكة عامل يساهم في تكثيف نهب جيوب السوريين، فغالباً ما تتعطل الشبكة خلال فترات التقنين الكهربائي، وسوء الشبكة يجعل المتصل يعيد اتصاله أكثر من مرة، وفي كل محاولة يتم الخصم من رصيده، وفي كثير من الحالات عند محاولة إرسال رصيد لشخص يتواجد في منطقة ذات تغطية سيئة، ترسل الشركة إشعاراً لمرسل الرصيد بأنه تم تسليم الرصيد للمتلقي، في حين أن الرصيد لم يصله إطلاقاً. ويبلغ النهب ذروته في اعتماد نظام الثواني لاحتساب التكلفة، فعلى سبيل المثال لو أجريت مكالمة لمدة دقيقة وثانية، فإن هذه الثانية تحتسب على أنها دقيقة كاملة وتحسم من الرصيد بناء على هذا.

من جهتها أعلنت حكومة النظام أن رفع الأسعار سيؤدي إلى زيادة حصتها من إيرادات الشركتين بمقدار 10 مليار ليرة (37 مليون دولار تقريباً)، وذلك في محاولة منها للحصول على إيرادات لتغطية إفلاسها، لاسيما أن العجز المتوقع في موازنة العام الجاري لا يقل عن 3.6 مليار دولار حسب التصريحات الحكومية، بعد أن أهدرت خزينة الدولة لتمويل النفقات العسكرية. والجدير بالذكر أن قطاع الخليوي بات مجهول المصير، بعد أن حولت حكومة النظام مطلع العام عقودها مع الشركتين من صيغة “بوت” التي تقضي بعودة ملكية الشركتين للدولة بعد انتهاء مدة العقد، إلى صيغة التراخيص التي لا تعود فيها للدولة أي ملكية مقابل حصولها على تعويض مالي إضافة إلى نسبة متدنية من الإيرادات السنوية.وحتى الآن لم تفصح الحكومة عن بنود عقود التراخيص الجديدة، وما هي قيمة التعويض المالي والحصة السنوية التي حصلت عليها مقابل ذلك.