IMLebanon

من الآن وحتى 30 حزيران 2025… (بقلم رولا حداد)

lozan

بدأت الاحتفالات بالتوصل الى اتفاق نووي مع إيران باكراً. قد يكون منطقياً اعتبار “الاتفاق- الإطار” الذي تمّ التوصّل إليه في لوزان “إنجازاً” بعد 18 شهراً من المفاوضات المضنية بين الدول الست من جهة وبين إيران من جهة ثانية. وثمة من يعتبر أن وصول حسن روحاني الى الرئاسة الإيرانية شكّل مؤشراً من المرشد الأعلى في طهران السيد علي خامنئي الى استعداد إيران للتراجع خطوات الى الوراء للتوصل الى اتفاق مع الغرب ينهي أزمتها الاقتصادية الخانقة. فلولا أن إيران كانت قادرة على التعايش اقتصادياً ومالياً مع العقوبات الدولية عليها لما كانت ربما اضطرّت لتقديم التنازلات المؤلمة التي قدّمتها في لوزان، بدءًا بالتفتيش الصارم الذي ستنتهجه الأمم المتحدة على منشآتها النووية للتأكد من سلمية ما يجري فيها، مرورا بحصر التخصيب في إيران بمنشأة واحدة وبـ6 آلاف جهاز طرد مركزي فقط، وصولا الى تسليم كميات اليورانيوم المخصّب الى الخارج.

ولكن، وإن كانت صياغة الاتفاق لتوقيعه في 30 حزيران المقبل باتت عملية تقنية سهلة نسبياً مقارنة بمجريات المفاوضات المعقدة، إلا أن العبرة تبقى في تنفيذ مضمون الاتفاق ومراقبة التنفيذ حتى 30 حزيران 2025.

ومن التاريخ أمثلة وعِبَر أكثر من أن تُحصى. فلو أن معاهدة فرساي بعد الحرب العالمية الأولى في العام 1918 تمّ احترامها وتنفيذ مضمونها لما كانت ألمانيا تمكنت من خوض حرب عالمية ثانية بعد حوالى 20 عاماً فقط! ولو أن الدول تحترم ميثاق الأمم المتحدة وشرعة حقوق الانسان العالمية التي وقعت عليها لكانت البشرية بحال أفضل بأشواط.

الأساس في تنفيذ أي اتفاق يبقى مرتبطاً حكماً بموازين القوى للاعبين والدول المعنية بالاتفاق. فحتى في لبنان لم يتم احترام تنفيذ اتفاق الطائف الذي وُقّع بمتابعة وإشراف عربيين ودوليين، وذلك لأن موازين القوى الداخلية والإقليمية والدولية تغيّرت ما بين توقيع الاتفاق في خريف العام 1989وما بين البدء بتنفيذه في ربيع العام 1991. داخلياً يومها وقعت حرب الإلغاء التي دمّرت مكامن القوة المسيحية عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وحتى اجتماعياً، فدخل المسيحيون الى “الطائف” منهكين بالكامل. أما خارجياً فوقعت حرب الخليج الثانية بعد احتلال الرئيس العراقي السابق صدام حسين الكويت وتشكيل ائتلاف دولي لتحرير الكويت شاركت فيه سوريا بقيادة حافظ الأسد رمزياً لتامين تغطية عربية له، وقبضت الثمن إطلاق يدها في لبنان فأصبح “الطائف” سورياً بالكامل بعد ان كان عربياً.

واليوم، وبعد التوصل الى الاتفاق النووي مع إيران، تبقى العبرة في التنفيذ بحسب موازين القوى. فإذا تمكنت إيران بعد تحرّرها مالياً واقتصادياً من تحقيق حلمها بـ”امبراطورية فارسية” تسقط حدود الدول العربية، تتحوّل دولة الفقيه قوة إقليمية يُحسب لها ألف حساب، يصبح تنفيذ اتفاق لوزان شبه مستحيل ويغدو المشروع النووي الإيراني تفصيلاً صغيراً سهل التحقّق على قاعدة معادلات القوة الجديدة التي قد تنشأ عندها.

الخلاصة الوحيدة الممكنة اليوم هي أن الأساس ليس في ما جرى وسيجري في لوزان، بل في ما سيتحقق على الأرض من اليمن الى لبنان مروراً بالعراق وسوريا. وعندها لكل حادث حديث!