IMLebanon

هذا هو واقع الاستثمار في لبنان ومقولة «لبنان هو جنة ضريبية» غير صحيحة !

Investments
ربى منذر
يبحث المستثمرون عن عوامل عدة قبل إقدامهم على أي مشروع استثماري خصوصاً وأن الرجوع فيه يكلف خسائر لا بد منها. تأتي نسب الضرائب المنخفضة التي يفرضها البلد المُراد الاستثمار فيه على لائحة المقومات المطلوبة، يُضاف إليها الاستقراران الأمني والسياسي، نمط الانتاج، التغيرات في مستوى الأسعار، السياسة الاقتصادية، ترابط القوانين وانسجامها وغيرها من العوامل التي تقودنا لسؤال: هل يُعتبر لبنان مكان جيد للاستثمار؟
لا يستطيع أي بلد الاستمرار من دون إستثمار، فهو شريان حيوي أساسي يوفر فرص عمل للشعب فيخفض البطالة، عدا عن أنه يزيد معدلات التكوين الرأسمالي للدولة، إضافة الى كونه ينتج السلع والخدمات التي تشبع حاجات المواطنين ويُصدًّر الفائض منها للخارج مما يوفر العملات الأجنبية اللازمة لشراء الآلات والمعدات وزيادة التكوين الرأسمالي.
ايلي يشوعي
في هذا السياق يؤكد «الخبير الاقتصادي» الدكتور ايلي يشوعي أن «الاستثمار لا بد منه وهو ركيزة من ركائز النمو الاقتصادي، لكن لهذا الأخير شروطاً معينة يجب توافرها كي يُنجز. الشرط الرئيسي لتشجيع الاستثمار هو كلفة الإقتراض، فمن النادر أن يكون لدى المستثمر كامل الرأس المال المطلوب للمشروع الذي ينوي إنجازه، فيلجأ الى المصارف لتتمة المبلغ وهنا يكمن دورها، أي المساهمة في تعزيز القطاعات المنتجة والاستثمارات، فدورها ليس تديين الدولة كما يحصل في لبنان»، مشدداً على أن «كلفة الاقتراض مرتفعة جداً في لبنان لأنه يعتمد منذ 22 سنة مبدأ الفوائد المرتفعة وتثبيت سعر صرف الليرة وكل الدلائل تشير الى أنه يربطهما ببعضهما، هذه الفوائد التي غالباً ما تتخطى الفوائد العالمية بـ6 أو 7 نقاط لا تعزز الاستثمار خصوصاً عندما يحتاج الاقتصاد له، فهناك بعض الاقتصادات المشبّعة التي ليست بحاجة لضخ الأموال بهدف تشجيع الاستثمار لأن ذلك قد يؤدي الى تضخم، أما الاقتصاد في لبنان فليس مشبعاً وبالتالي يحتاج للعديد من الاستثمارات والمشاريع وفرص العمل، الشرط الأول إذاً غير متوافر. من جهة أخرى يتم إدخال أي مستثمر في لبنان في فسادٍ إداريٍّ لا متناهي لإتمام مشروعه، يبدأ في دفع الرشاوى لبعض الموظفين لتسهيل إجراء المعاملات المطلوبة، إذاً هنا يدخل المستثمر في كلفة جديدة تضاف على لائحة التكاليف لإنجاز مشروعه. ثالثاً يحتاج الاستثمار الى أسواق، والتي هي منهمكة إذ أجورها متدنية وحقوقها مأكولة وتعاني من تطور كلفة المعيشة فيما دخلها المحدود، إذاً الأسواق أكانت محلية فهي ليست متاحة كما يجب أمام الاستثمار، وإن كانت إقليمية فالوضع سيء أيضاً، فلم يبقَ إلّا سوق الخليج مفتوح الى حدٍّ ما».
وأشار يشوعي الى أن «الاستثمار يتطلع على الأعباء الضريبية، فلا يجب الاستخفاف بهذا الموضوع هنا وإشاعة أن لبنان هو فردوس ضريبي فهذا الكلام غير صحيح، ناهيك عن أن على المستثمر تأمين كهرباء ومياه إلخ، إذاً لا بنية تحتية متوافرة، لا بنية اتصالات وانترنت كما يجب، لا أسواق متاحة أمامه، لا كلفة اقتراض معتدلة ولا كلفة إدارية أو ضريبية مقبولتين، فكيف لهذا الاستثمار أن ينمو؟». وعن الدور الذي يلعبه الاستقرار الأمني في هذا الموضوع، كشف يشوعي أنه «في عز الحرب اللبنانية عندما كانت حياة المواطنين تسلم، كانت جيوبهم تسلم كذلك، وكنا نشهد استثمارات آنذاك في منطق غير آمنة، إذاً العوامل المشار إليها سابقاً تؤثر أكثر في موضوع الاستثمارات». وختم قائلاً «مسألة البترول والغاز مثلاً تشجع الاستثمار إذ أنها تغري المستثمر بشرائها بسعر أوفر من دون ضرائب تصدير، إضافة الى الانتاج باستعمال طاقة متدنية، لكن هذا هو الواقع الاستثماري في لبنان للأسف».
من جهة أخرى وعن موضوع تعلق الاستقرار الأمني بوتيرة الاستثمارات، أكد «الخبير الاقتصادي» الدكتور لويس حبيقة أنه «كلما ارتفعت المخاطر يرتفع عائد الاستثمار بدوره، في لبنان المخاطر غير منخفضة ولكنها ليست مرتفعة أيضاً، والعائد يجب أن يتناسب مع المخاطر، إذاً لا قاعدة تقول مع ارتفاع المخاطر تنعدم الاستثمارات»، مضيفاً «المستثمر الذي يقصد لبنان لا يقارنه مع أميركا أو بريطانيا وإنما يقارنه بالدول الناشئة ذات المخاطر والعائدات المرتفعة».